الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استئجار على عمل معلوم بأجر معلوم فيقع جائزا.
قال: ولا يجوز
أخذ أجرة عسب التيس
، وهو أن يؤاجر فحلا لينزو على الإناث لقوله عليه الصلاة والسلام:«إن من السحت عسب التيس» ، والمراد أخذ الأجرة عليه.
قال: ولا الاستئجار على الأذان والحج
ــ
[البناية]
ولمسلم: ولو كان سحتا لم يعطه. والأحاديث التي وردت في تحريمه منسوخة م: (ولأنه) ش: أي ولأن الاستحجام م: (استئجار على عمل معلوم بأجر معلوم فيقع جائزا) ش: كما في سائر الإجارات الصحيحة.
[أخذ أجرة عسب التيس]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ولا يجوز أخذ أجرة عسب التيس، وهو أن يؤاجر فحلا لينزو على الإناث) ش: عسب الفحل ضرابه، يقال: عسب الفحل الناقة يعسبها عسبا من باب فعَل يفعِل بالفتح في الماضي والكسر في الغابر وفسره المصنف بقوله: وهو
…
إلى آخره، وهذا بلا خلاف بين الأئمة الأربعة. وخرج أبو المطالب الحنبلي وبعض أصحاب الشافعي وجهين في جوازه، لأنه انتفاع مباح.
والحاجة تدعو إليه فيجوز كإجارة الظئر للإرضاع، والبئر للاستقاء.
وحجة الجمهور الحديث، أشار إليه بقوله م: (لقوله عليه الصلاة والسلام «إن من السحت عسب التيس» ش: الحديث صحيح ولكن بغير هذا اللفظ، أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي عن علي بن الحكم عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن عسب الفحل» ووهم الحاكم حيث قال بعد إخراجه أنه على شرط البخاري ولم يخرجاه. وأعجب منه زكي الدين المنذري عزاه في " مختصره " للترمذي والنسائي ولم يعزه للبخاري.
وأخرج البزار في مسنده عن أشعث بن سوار عن ابن سيرين عن أبي هريرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب وعسب التيس» . وعزاه عبد الحق للنسائي وليس في سننه م: (والمراد أخذ الأجرة عليه) ش: أشار به إلى تفسير الحديث، لأن نفس العسب ليس من السحت، وإنما المراد أخذ الأجر عليه فالمضاف محذوف تقديره: إن من السحت كري عسب التيس.
[الاستئجار على الطاعات كالأذان والحج ونحوها]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ولا الاستئجار على الأذان والحج) ش: أي ولا يجوز، وبه قال أحمد وهو قول عطاء والضحاك والزهري والحسن وابن سيرين وطاووس والنخعي والشعبي. وفي حاوي الحنابلة: ولا يصح الاستئجار على الأذان والإقامة والإمامة وتعليم القرآن والفقه والنيابة في الحج. وعنه يصح ويباح أجره.
كما لو أجره أعطي لذلك شيئا بلا شرط، نص عليه كالرزق من بيت المال لمن نفعه منهم متعد وكالرقبة، وقيل: يجوز تعليم الفقه والحديث والفرائض فقط، ويجوز إجارة كتب العلم المباح للقراءة والنسخ، وفي صحة إجارة المصحف وجهان، ويباح نسخه بأجرة، انتهى.
وكذا الإمامة وتعليم القرآن والفقه
والأصل أن كل طاعة يختص بها المسلم لا يجوز الاستئجار عليه عندنا، وعند الشافعي يصح في كل ما لا يتعين على الأجير؛ لأنه استئجار على عمل معلوم غير متعين عليه فيجوز. ولنا قوله عليه الصلاة والسلام:«اقرءوا القرآن ولا تأكلوا به»
ــ
[البناية]
م: (وكذا الإمامة وتعليم القرآن والفقه) ش: أي وكذا لا يجوز. قال الأترازي: خلافا للشافعي وقال الحاكم في " الكافي ": ولا يجوز أن يستأجر رجل رجلا أن يعلم ولدا القرآن والفقه والفرائض، أو يؤمهم في رمضان، أو يؤذن، وفي " خلاصة الفتاوى " ناقلا عن الأصل: لا يجوز الاستئجار على الطاعات كتعليم القرآن والفقه والأذان والتذكير والتدريس والحج والقر ويعني الأجر.
وعند أهل المدينة يجوز وبه أخذ الشافعي وعصام وأبو نصر والفقيه أبو الليث، ثم قال وكذا لا يجوز. وفي الخلاصة الحيلة أن يستأجر المعلم مدة معلومة ثم يأمره بالتعليم، قيد بالفقه لأنه يجوز الاستئجار لأجل قراءة العلوم الأدبية كاللغة والنحو والتصريف ونحوها والعلوم الحكمية كالطب والمعقول ونحوهما.
م: (والأصل) ش: أي الأصل الذي بني عليه حرمة الاستئجار على هذه الأشياء م: (أن كل طاعة يختص بها المسلم لا يجوز الاستئجار عليها عندنا) ش: لأن هذه الأشياء قربة تقع على العامل، قال الله تعالى:{وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39](النجم: الآية 39) ، فلا يجوز أخذ الأجرة من غيره كالصوم والصلاة، قيد بقوله:" يختص بها المسلم " يعني تختص بملة الإسلام، لأنه إذا لم يختص يجوز كما إذا استأجر مسلم ذميا على تعليم التوراة يجوز؛ لأن تعليمها لا يختص بملة الإسلام.
م: (وعند الشافعي يصح في كل ما لا يتعين على الأجير، لأنه استئجار على عمل معلوم غير متعين عليه فيجوز. ولنا قوله عليه الصلاة والسلام «اقرءوا القرآن ولا تأكلوا به» ش: وبه قال مالك وأحمد في رواية وأبو ثور وأبو قلابة، قيد بقوله ما لا يتعين، فإنه أخرج هذا الحديث أحمد في مسنده أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن هشام الدستوائي حدثني يحيى بن أبي كثير عن أبي راشد الحبراني قال: قال عبد الرحمن بن شبل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اقرؤوا القرآن ولا تأكلوا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه، ولا تستكثروا به» ورواه إسحاق بن راهويه وابن أبي
وفي آخر ما عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام إلى عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه: «وأن اتخذ مؤذنا لا يأخذ على الأذان أجرا» :
ــ
[البناية]
شيبة في مصنفه، وعبد الرزاق في مصنفه، ومن طريق عبد الرزاق رواه عبد بن حميد وأبو يعلي الموصلي والطبراني.
وروي هذا الحديث عن عبد الرحمن بن عوف وأبي هريرة رضي الله عنهما.
أما حديث عبد الرحمن بن عوف فأخرجه البزار في مسنده عن حماد بن يحيى عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عبد الرحمن بن عوف مرفوعا نحوه سواء.
وأما حديث أبي هريرة: فأخرجه ابن عدي في الكامل عن الضحاك بن نبراس البصري عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه.
وأسند عن ابن معين أنه قال في الضحاك بن نبراس هذا: ليس بشيء. وعن النسائي قال: متروك الحديث. قوله: «ولا تأكلوا به» أي: بالقران مثل أن يستأجر رجلا يقرأ على رأس قبر، قيل: هذه القراءة لا يستحق بها الثواب لا للميت ولا للقارئ، قاله تاج الشريعة.
م: (وفي آخر ما عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام إلى عثمان بن العاص رضي الله عنه: «وأن اتخذ مؤذنا لا يأخذ على الأذان أجرا» ش: هذا الحديث أخرجه أصحاب السنن الأربعة بطرق مختلفة وأبو داود والنسائي عن حماد بن سلمة عن سعيد الجريري عن أبي العلاء عن مطرف بن عبد الله عن عثمان بن أبي العاص قال: قلت: «يا رسول الله اجعلني إمام قومي، قال: " أنت إمامهم، واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا» وكذلك رواه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك وقال: على شرط مسلم.
وأخرجه الترمذي وابن ماجه عن أشعث بن سوار عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص قال: «إن من آخر ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا» قال الترمذي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
حديث حسن.
وأخرج البخاري في تاريخه عن شبابة بن سوار حدثني المغيرة بن مسلم عن سعيد بن طهمان القطيعي عن مغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: «قلت: يا رسول الله اجعلني إمام قومي، قال: " قد فعلت " ثم قال: " صل بصلاة أضعف القوم ولا تتخذ مؤذنا يأخذ على الأذان أجرا» قوله: عهد معناه أوصى يقال عهدت أي أوصيت. قال الله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ} [يس: 60](يس: الآية 60) و {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: 124](البقرة: الآية 124) .
فإن قلت: استدل الشافعي بأنه «عليه السلام زوج رجلا بما معه من القرآن» متفق عليه.
وبقوله عليه السلام «أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله» حديث حسن صحيح.
وبما روي من حديث أبي سعيد الخدري قال: «بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة وأتينا على رجل لديغ في جبهته فداووه فلم ينفعه شيء فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذي نزلوا بكم لعله يكون عندهم شيء ينفع فأتونا فقالوا أيها الرهط، إن سيدنا لديغ، فابتغينا له كل شيء فلم ينفعه، فهل عندكم من شيء؟
فقال بعضهم: نعم ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا، لا نأتي حتى تجعلوا لنا جعلا، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق فجعل يتفل عليه ويقرأ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] فكأنما نشط من عقال، فقام يمشي فآتوهم جعلهم فقال بعضهم: اقسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فتذكروا له الذي كان فننظر ما يأمرنا به فدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له ذلك فقال: (قد أصبتم اقتسموا واضربوا لي معكم بسهم» قلت: الجواب عن الأول ليس فيه تصريح بأن التعليم صداق، إنما قال:«زوجتكها بما معك من القرآن» فيحتمل أنه زوجها إياه بغير صداق إكراما له وتعظيما للقرآن كما روى أنس «أنه عليه السلام زوج أم سليم أبا طلحة على إسلامه» .
وسكت عن المهر، لأنه معلوم أنه لا بد منه؛ لأن الفروج لا تستباح إلا بالأموال لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: 24] ولذكره تعالى في النكاح الطول وهو المال، والقرآن ليس بمال.
ويجوز أن تكون الباء مكان اللام، أي لما معك من القرآن؛ لأن ذلك سبب للاجتماع بينهما، ولعل المرأة وهبت مهرها له باعتبار ذلك.
ولأن القربة متى حصلت وقعت على العامل ولهذا تعتبر أهليته، فلا يجوز له أخذ الأجر من غيره كما في الصوم والصلاة، ولأن التعليم مما لا يقدر المعلم عليه إلا بمعنى من قبل المتعلم، فيكون ملتزما ما لا يقدر على تسليمه فلا يصح. وبعض مشايخنا استحسنوا الاستئجار على تعليم القرآن الكريم اليوم؛ لأنه ظهر التواني في الأمور الدينية، ففي الامتناع تضييع حفظ القرآن
ــ
[البناية]
وعن الثاني المراد منه الجعالة في الرقية، لأن ذكر ذلك في سياق حديث الرقية وهو حديث الذي ذكرناه آنفا عن أبي سعيد الخدري. والرقية نوع مداواة، والمأخوذ عليه جعل، والمداواة يباح أخذ الأجر عليها، وبهذا أخرج الجواب عن الحديث الثالث وقال ابن الجوزي: قد أجاب أصحابنا عن هذين الحديثين بثلاثة أجوبة:
أحدها: أن القوم كانوا كفارا فجاز أخذ أموالهم.
والثاني: أن حق التضييف واجب ولم يضيفوهم.
والثالث: أن الرقية ليست بقربة محضة فجاز أخذ الأجرة عليها. وقال القرطبي في شرح مسلم: ولا نسلم أن جواز الأجر في الرقى يدل على جواز التعليم بالأجر، والحديث إنما هو في الرقية.
م: (ولأن القربة متى حصلت وقعت عن العامل ولهذا تعتبر أهليته) ش: أي أهلية العامل ويشترط نيته لا نية الآمر، ولو انتقل فعل المأمور إلي الآمر بشرط أهليته ونيته كما في الزكاة حتى لو كان المأمور كافرا يصح أداء الزكاة، لأن المؤدي هو الأمري هنا بخلافه م:(فلا يجوز له أخذ الأجر من غيره كما في الصوم والصلاة) ش: أي كما لا يجوز الاستئجار وأخذ الأجر في الصوم والصلاة بلا خلاف.
م: (ولأن التعليم مما لا يقدر المعلم عليه) ش: بكسر اللام، عليه أي على التعليم م:(إلا بمعنى من قبل المتعلم) ش: لأن المعلم يلقن الصبي وهو يتلقن بفهمه الثاقب ويتعلم بذهنه الرائق، وهذا يتفاوت بين الصبيان في التعليم وإن كان التعليم واحدا.
وفي بعض النسخ من قبل المعلَّم بفتح اللام المشددة م: (فيكون) ش: أي المعلم الذي يوجد نفسه لتعليم القرآن م: (ملتزما ما لا يقدر على تسليمه فلا يصح) ش: والتسليم شرط في الإجازة فيفسد بعدمه. وقوله ما لا يتقدر مفعول لقوله: ملتزما الإيفاء، فلا يصح في النتيجة.
م: (وبعض مشايخنا) ش: وهم أئمة بلخ رحمهم الله م: (استحسنوا الاستئجار على تعليم القرآن اليوم لأنه ظهر التواني) ش: أي الفتور والكسل م: (في الأمور الدينية، ففي الامتناع تضيع حفظ القرآن) ش: لأن المتقدمين منعوا ذلك لرغبة الناس في التعليم حسبه ومروءة في