الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذا إذا
استأجر حمارا يحمل عليه طعاما بقفيز منه
فالإجارة فاسدة؛ لأنه جعل الأجر بعض
ــ
[البناية]
فيكون النص وارد فيه دلالة، فمتى تركنا العمل بدلالة هذا النص في الحائك علمنا في قفيز الطحان كان تخصيصا لدلالة النص لا تركا للنص أصلا، انتهى. فهذا صريح أن دلالة النص تخص، والتخصيص لا يكون إلا في العموم، على أنا نقول إن هذا الحديث الذي يتمسكون تارة بعمومه وتارة بخصوصه غير صحيح.
قال ابن قدامة في " المغنى ": وهذا الحديث لا نعرفه ولا يثبت عندنا صحته. وقال الشيخ شمس الدين ابن القيم: هذا الحديث لا يثبت بوجه، مع أن لفظ الحديث «نهي عن عسب الفحل وعن قفيز الطحان على ما نبينه عن قريب» .
وقوله: نهي مبنى لما لم يسم فاعله، ولا يلزم أن يكون الناهي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأي فرق بين أن يستأجره ليطحن له حنطة بقفيز حنطة أو بقفيز من طحين غيرها، بل هذا فرق صوري لأنا ننزله ولا يتعلق بذلك مفسدة قط لا جهالة ولا ربا ولا عذر ولا منازعة ولا ضرر. وأي غرر أو مفسدة في أن يدفع إليه غزله لينسجه ثوبا بذراع أو زيتونا ليعصرها زيتا بجزء معلوم منه وأمثال ذلك
مما هو مصلحة للمتعاقدين
فقد لا يكون معه أجرة سوى ذلك الغزل أو الحب، ويكون الأجر محتاجا إليه وقد تراضيا بذلك فجوزناه.
وقال القياس: وحاجة الناس وهو قول عطاء والزهري وأيوب ويعلى بن حكيم وقتادة وأحمد وإسحاق. واحتج أحمد بحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم «أعطى خيبر على الشطر» .
ولم يثبت عن الشارع ما يمنع ولا يترتب عليه شيء من الفساد بل هو
مصلحة محضة،
والمصنف أيضا لم يقم دليلا على ما ادعاه من الفساد سوى أن المستأجر عاجز عن تسليم الأجر وهو بعض المنسوخ أو المحمول، وحصول بفعل الأجير فلا بعد هو قادر بفعل غيره، وهذا لا يعول، فإن المزارع يأخذ جزءا من الخارج والمضارب جزءا من الربح. والمعنى المذكور موجود في كل منهما، بل هذا أولى بالجواز من المضاربة والمزارعة، فإن الذي يأخذ منه الجزء هنا محقق الوجود وهناك معدوم على خطر الوجود لم يكن هذا المعنى مانعا من جواز المزارعة والمضاربة، فهنا أحق وأولى أن لا يمنع.
[استأجر حمارا يحمل عليه طعاما بقفيز منه]
م: (وكذا إذا استأجر حمارا يحمل عليه طعاما بقفيز منه فالإجارة فاسدة، لأنه جعل الأجر بعض
ما يخرج من عمله فيصير في معنى قفيز الطحان، وقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام عنه وهو أن يستأجر ثورا ليطحن له حنطة بقفيز من دقيقه، وهذا أصل كبير يعرف به فساد كثير من الإجارات لا سيما في ديارنا، والمعنى فيه أن المستأجر عاجز عن تسليم الأجر وهو بعض المنسوج أو المحمول
ــ
[البناية]
ما يخرج من عمله فيصير في معنى قفيز الطحان) ش: فإذا صار في معناه صار حكمه كحكمه م: (وقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام عنه) ش: أي نهى النبي عليه السلام عن قفيز الطحان. وأخرجه الدارقطني ثم البيهقي في " سننيهما " عن عبيد الله بن موسى، ثنا سفيان عن هشام بن أبي كليب، عن عبد الرحمن بن أبي نعم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:«نهي عن عسب الفحل وعن قفيز الطحان» . وأخرجه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " عن ابن المبارك ثنا سفيان به، وذكره عبد الحق في " أحكامه " من جهة الدارقطني قال فيه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا مبنيا للفاعل كما قاله المصنف، وتعقبه ابن القطان في كتابه، وقال: إني تتبعته في كتاب الدارقطني من كل الروايات فلم أجده إلا هكذا: «نهي عن عسب الفحل وقفيز الطحان» مبنيا للمفعول.
م: (وهو) ش: أي قفيز الطحان، أي تفسيره م:(أن يستأجر ثورا ليطحن له حنطة بقفيز من دقيقه) ش: وكذا لو استأجر رجلا ليطحن له هكذا، والحنطة في جواز ذلك أن يشترط صاحب الحنطة قفيزا من الدقيق الجيد ولم يقل من هذا الحنطة، لأن الدقيق إذا لم يكن مضافا إلى حنطة بعينها يجب في الذمة. ثم إذا جاز يعطيه من دقيق هذه الحنطة م:(وهذا أصل كبير) ش: أي جعل الأجر بعض ما يخرج من عمل الأجير أصل عظيم م: (يعرف به فساد كثير من الإجارات) ش: كما إذا استأجر أن يعصر له سمسما بمن من دهنه، وكذا إذا دفع أرضه ليغرس شجرا على أن تكون الأرض والشجر بينهما نصفان لم يجز ذلك والشجر لرب الأرض وعليه قيمة الشجر وأجر ما عمل.
وكذا لو استأجر امرأة لتقول هذا القطن وهذا الصوف برطل في الغزل وكذا عجن الطحن بالنصف، ودياس الدخن بالنصف، وحصاد الحنطة بالنصف ونحو ذلك، وكل ذلك لا يجوز م:(لا سيما في ديارنا) ش: أي خصوصا في ديارنا ودياره بلاد فرغانة وراء جيحون ومدينة مرغينان، وهي من بلاد فرغانة.
م: (والمعنى فيه) ش: أي في النهي عن قفيز الطحان م: (أن المستأجر عاجز عن تسليم الأجر) ش: لأن المسمى غير مقدور التسليم عند العقد م: (وهو بعض المنسوج) ش: في مسألة الحائك م: (أو المحمول) ش: أي وبعض المحمول في مسألة استئجار الحمال لحمل الطعام وليس له حكم
وحصوله بفعل الأجير فلا يعد هو قادرا بقدرة غيره، وهذا بخلاف ما إذا استأجره ليحمل نصف طعامه بالنصف الآخر حيث لا يجب له الأجر؛ لأن المستأجر ملك الأجر في الحال بالتعجيل فصار مشتركا بينهما. ومن استأجر رجلا لحمل طعام مشترك بينهما لا يجب الأجر؛ لأنه ما من جزء يحمله إلا وهو عامل لنفسه فيه فلا يتحقق تسليم المعقود عليه
ــ
[البناية]
الوجود لأنه غير واجب في الذمة فكان معدوما فيعجز عن تسليمه، لأن وجوده م:(وحصوله بفعل الأجير فلا يعد) ش: أي المستأجر م: (هو قادرا بقدرة غيره) ش: إذ العبرة بقدرة نفسه.
وفي " مبسوط صدر الإسلام وجامعه " معنى النهي في قفيز الطحان، ونظائره أنه جعل شرط صحة العقد بناء على حكم العقد، لأنه لا يمكنه تسليمه إلا بعد العمل، وشرط العقد لا يجوز أن يكون حكم العقد، لأنه خلاف وضع الشرع إذ الشرط يسبقه والحكم يعقبه.
م: (وهذا) ش: أي وهذا الذي ذكرنا من فساد الإجارة فيما إذا استأجر حمارا ليحمل طعاما بقفيز منه م: (بخلاف ما إذا استأجره) ش: أي الحمار م: (ليحمل نصف طعامه بالنصف الآخر حيث لا يجب له الأجر) ش: هذا من مسائل إجارات " الجامع الكبير ".
وهنا مسألة أخرى وهي ما إذا استأجر رجلا ليحمل له كر حنطة إلى بغداد مثلا بنصفه كانت الإجارة فاسدة وله أجر مثله إن بلغ بغداد لا يجاوز قيمته نصف الكر عندنا. والفرق بينهما أن الحنطة هنا صارت محمولة بعمل الأجير فكان في معنى قفيز الطحان فيكون فاسدا فيجب أجر المثل.
وأما في مسألة الكتاب فلما أشار إليه بقوله م: (لأن المستأجر) ش: بفتح الجيم وهو الأجير م: (ملك الأجر في الحال بالتعجيل) ش: لأن تسليم الأجرة بحكم التعجيل يوجب الملك في الأجرة م: (فصار مشتركا بينهما. ومن استأجر رجلا لحمل طعام مشترك بينهما لا يجب الأجر، لأنه ما من جزء يحمله إلا وهو عامل لنفسه فيه فلا يتحقق تسليم المعقود عليه) ش: وفيه خلاف الشافعي رحمه الله.
قيل: هاهنا نظير أن الأول في قوله حيث لا يجب الأجر كيف يقول لا يجب، لأنه قد وجب وقبض وهو نصف الطعام، ثم يقول لأن المستأجر ملك الأجر.
والثاني في قوله لأن ما من جزء يحمله إلا وهو عامل لنفسه نظر، فإن هذا ممنوع، لأن صورة المسألة أن الطعام مشترك بينهما، فكيف يقال إن كل جزء منه يكون الشريك الحامل له عاملا لفسد، وإن كان مراده أن ما من جزء إلا وهو مشترك بينهما فيكون بهذا الاعتبار عاملا لشريكه يعكس عليه ويقال: إنه إذا كان ما من جزء إلا وهو مشترك ببينهما فيكون بهذا الاعتبار عاملا لشريكه.