الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووجه الفرق على هذه الرواية أن الصدقة يراد بها وجه الله تعالى وهو واحد، والهبة يراد بها وجه الغني وهما اثنان. وقيل هذا هو الصحيح والمراد بالمذكور في الأصل الصدقة على غنيين.
ولو
وهب لرجلين دارا لأحدهما ثلثاها وللآخر ثلثها
لم يجز عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - وقال محمد رحمه الله يجوز. ولو قال: لأحدهما نصفها وللآخر نصفها عن أبي يوسف رحمه الله فيه روايتان. فأبو حنيفة رحمه الله مر على أصله، وكذا محمد رحمه الله.
ــ
[البناية]
م: (ووجه الفرق) ش: أي بين الهبة من اثنين حيث لا يجوز عند أبي حنيفة، وبين الصدقة على اثنين حيث يجوز م:(على هذه الرواية) ش: أي رواية الجامع الصغير م: (أن الصدقة يراد بها وجه الله تعالى وهو واحد) ش: لا شريك له فيقع جميع العين لله تعالى على الخلوص، فلا شيوع فيها، وإنما يصير الفقير نيابة عن الله تعالى بحكم الرزق المودع، فصار كالهبة إذا وقعت الواحد وقبضها اثنان بحكم الوكالة عن الموهوب له م:(الهبة يراد بها وجه الغني وهما اثنان) ش: لأن فرض المسألة فيه م: (وقيل هذا هو الصحيح) ش: أي المذكور في الجامع الصغير من جواز الصدقة على فقيرين هو الصحيح، فإذا كان هذا هو الصحيح يحتاج ما ذكر في الأصل إلى التأويل، أشار إليه بقوله م:(والمراد بالمذكور في الأصل الصدقة على غنيين) ش: فيكون مجاز الهبة والمجنون ما ذكرناه فعلى هذا التأويل لا مخالفة بين الروايتين، فلا يحتاج إلى الفرق.
[وهب لرجلين دارا لأحدهما ثلثاها وللآخر ثلثها]
م: (ولو وهب لرجلين دارا لأحدهما ثلثاها وللآخر ثلثها لم يجز عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - وقال محمد رحمه الله: يجوز) ش: وبه قالت الثلاثة، التفضيل في الهبة إن كان ابتداء لم يجز بلا خلاف، سواء كان التفصيل بالصاد المهملة بالتفضيل كقوله وهبت ثلثيه الآخر أو بالتساوي كقوله للشخص وهبت لك نصفه ولآخر كذلك هذا لم يذكره في الكتاب وإن كان بعد الإجمال لم يجز عند أبي حنيفة سواء متفاضلا أو متساويا بناء على أصله، وجاز عند محمد مطلقا بناء على أصله.
وفرق أبو يوسف بين المساواة والمفاضلة، ففي المفاضلة لم يجوز. وفي المساواة جوز في رواية، أشار إليها بقوله: م: (ولو قال لأحدهما نصفها وللآخر نصفها عن أبي يوسف رحمه الله فيه روايتان) ش: هذا ظاهر كلام المصنف. وجعل السغناقي هذا - أعني: قوله: ولو قال إلى آخره - تفضيلا ابتدائيا. ونقل عن عامة النسخ من " الذخيرة " و " الإيضاح " وغيرهما: أنه لم يجوز بلا خلاف وليس بظاهر؛ لأن المصنف عطف ذلك على التفصيل بعد الإجمال فالظاهر أنه ليس ابتدائيا.
م: (فأبو حنيفة رحمه الله مر على أصله وكذا محمد رحمه الله) ش: أي وكذا محمد
والفرق لأبي يوسف رحمه الله أن بالتنصيص على الأبعاض يظهر أن قصده ثبوت الملك في البعض فيتحقق الشيوع، ولهذا لا يجوز إذا رهن من رجلين ونص على الأبعاض.
ــ
[البناية]
مر على أصله؛ لأن هذه هبة واحد من رجلين نص على التفاضل أو التساوي أولا، ألا ترى أن في البيع من رجلين يجعل بيعا واحدا منهما نص على التفاضل أولا فكذا هنا م:(والفرق لأبي يوسف رحمه الله أن بالتنصيص على الأبعاض يظهر أن قصده ثبوت الملك في البعض فيتحقق الشيوع) ش: هذا دليل على صورة التفصيل بالمهملة بالتفضيل. وعلى صورة بالتساوي على رواية عدم الجواز. وأما رواية الجواز فلكونها غير معدولة عن أصله وهو أصل محمد رحمه الله فليست محتاجة إلى الدليل.
وبهذا التوجيه يظهر خلل ما قاله السغناقي أن في قوله: إن بالتنصيص على الأبعاض يظهر أن قصد ثبوت الملك في البعض نوع إخلال حيث لا يعلم بما ذكر موضع خلافه من الأبعاض وما ليس فيه خلافا من الأبعاض فإنه لو نص على الأبعاض بالتنصيص بعد الإجمال، كما في قوله: وهبت لكما هذه الدار نصفها، ولهذا نصفها جاز، وإنما لا يجوز عند التنصيص على الأبعاض بالتنصيف إذا لم يتقدمه الإجمال، ووجهه ظهور خلله أنه إنما يستدل على ما عدل فيه عن أصله، والمذكور في الكتاب يدل عليه، وأما صورة الجواز فليست بمحتاجة إلى الدليل لجريانها على أصله.
م: (ولهذا) ش: توضيح لدلالة التنصيص على الأبعاض على تحقيق الشيوع في الهبة بالتنصيص على الأبعاض في الرهن، فقال وهذا م:(لا يجوز إذا رهن من رجلين ونص على الأبعاض) ش: بأن قال: رهنتكما هذا الشيء على أن يكون النصف رهنا عند هذا، والنصف الآخر عند هذا كان فاسدا؛ لأن بالتفصيل يتفرق العقد، فكذا هاهنا، أما إذا نص على التناصف فقد أمكن تصحيح العقد يجعل هذا مجازا عن موجب العقد؛ لأن مطلق العقد يقتضيه، فلا يكون حاله التفصيل مخالفا لحالة الإجمال فيصير التفصيل لغوا فلا يختلف العقد، فلم يعتبر شيوعا في العقد، بخلاف ما إذا نص على التفاوت في العقد حيث يفسد العقد؛ لأن التفصيل يخالف الإجمال فيجب اعتباره فيفرق العقد.
وفي " الأسرار ": وكلام محمد أوضح لأن افتراق الملك في الهبة ثابت بنفس العقد هاهنا ولا يثبت بالتفصيل كما لو قال نصفين وإنما يثبت بالتفصيل التفاضل في النصيب والمبطل للهبة نفس الشيوع لا شيوع بأنصبة متفاوتة.
قال الكاكي: وتأخير دليل محمد رحمه الله في " المبسوط " دليل على اختياره قول محمد رحمه الله وفي " نوادر ابن رستم " عن محمد رحمه الله: لو دفع درهمين فقال:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
أحدهما لك هبة والآخر يكون عندك وديعة فضاعا جميعا يضمن درهما، وهو في الآخر أمين، وإنما ضمن الدرهم الهبة لأنه أخذ على فساده؛ لأن الهبة كانت غير مقسومة، وهكذا نقل في " الأجناس " من " النوادر " وهذا يشعر بأن الهبة الفاسدة مضمونة لا يملكها الموهوب. ألا ترى إلى ما ذكر في المضاربة الكبيرة، ولو دفع ألف درهم إلى رجل وقال نصفه هبة ونصفه مضاربة لم يجز الهبة؛ لأنه مشاع، ولو هلك عند القابض ضمن النصف وهو خمسمائة درهم.
وقال الولوالجي في " فتاواه ": رجل معه درهمان قال لرجل لك نصف هذا وقال آخر لك درهم منهما فالمسألة على وجهين إن كانا مستويين لا تجوز الهبة، وإن كانا مختلفين تجوز والفرق في (......) تناولت الهبة أحدهما وهو مجهول. وفي الثاني تناولت قدر درهم منهما مشاع لا يحتمل القسمة. وقال فيها أيضا رجلا وهب لرجلين درهما صحيحا تكلموا فيه، قال بعضهم: لا يجوز؛ لأن تنصيف الدراهم لا يضر، فكان مشاعا يحتمل القسمة، والصحيح أنه لا يجوز لأن الدرهم الصحيح لا يكسر عادة، فكان مشاعا لا يحتمل القسمة.
وفي " التقريب " للقدوري: قد روى ابن سماعة عن أبي يوسف فيمن قال لرجلين وهبت منكما هذه الدار لهذا نصفهما صحت الهبة ولو قال وهبتك منك نصف هذه الدار ومن الآخر نصفها لم تصح الهبة؛ لأن في الأول أوقع العقد صفقة، ثم فسر مقتضى الصفقة في القسمة وفي الثاني فرق أحد الإيجابين عن الآخر.
وفي " التحفة ": هبة رجل من رجلين على أربعة أوجه، أحدها: أن يكون العقد مختلفا، والقبض مختلفا. ثانيا: أن يكون العقد معا والقبض مختلفا وكلاهما لا يجوز، وثالثها: أن يكون العقد مختلفا والقبض مغاير. ورابعا: أن يكون كلاهما معا فإن يقولا قبلناها وقبضناها فهما لا يجوز عند أبي حنيفة خلافا لهما، وهبة العين الواحدة لاثنين من اثنين لا يجوز عنده خلافا لهما. ولو كان من واحد لثلاثة جاز عنده خلافا لهما. قال صاحب " المجتبى ": وفيه نظر. ولو وهب لابنيه صغير وكبير لا يجوز بالاتفاق لتفرق القبض.