الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: ولا يصح الرجوع إلا بتراضيهما أو بحكم الحاكم؛ لأنه مختلف بين العلماء،
ــ
[البناية]
في النصف بلا عوض.
فإن قيل: قد تقدم أن العوض لإسقاط الحق فوجب أن يعمل الكل لئلا يلزم تجزؤ الإسقاط كما في الطلاق.
أجيب: بأنه ليس بإسقاط من كل وجه لما تقدم أن فيه معنى المقابلة، فيجوز التجزي باعتباره، بخلاف الطلاق.
[لا يصح الرجوع في الهبة إلا بالبتراضي]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ولا يصح الرجوع) ش: أي في الهبة م: (إلا بتراضيهما) ش: أي بتراضي الواهب والموهوب له م: (أو بحكم الحاكم) ش: أراد أن الواهب يرفع أمره إلى الحاكم ليحكم على الموهوب له بالرد إليه، حتى لو استردها بغير قضاء ولا رضاء كان غاصبا، ولو هلك في يده يضمن قيمته للموهوب له.
وقال الشافعي وأحمد - رحمهما الله -: يجوز الرجوع في موضع له الرجوع بدون القضاء أو الرضى.
وقال شيخ الإسلام الأسبيجابي في شرح مختصره " الكافي ": ليس للواهب أن يرجع في هبته عند غير قاض؛ لأن العقد انعقد بتراضيهما، فلا ينفرد بالفسخ لعدم ولايته، وإذا فسخ لا ينفسخ إلا بتراضيهما على الفسخ، فيلزمهما بتراضيهما. انتهى.
واختلف المشايخ في معنى قولهم: لا يصح الرجوع إلا بقضاء أو تراض، فمنهم من قال: لأن الرجوع في الهبة مختلف فيه، كما ذكره المصنف، ومنهم من قال: إنما لم يكن للواهب أن يرجع بغير قضاء أو تراض؛ لأن الموهوب له ملك الهبة بالقبض رقبة وتصرفا، فلا يثبت إلا بهما، كما في الرد بالعيب بعد القبض، بخلاف من له خيار الرؤية، حيث ينفرد بالفسخ بعد القبض؛ لأن ما ثبت لفوات مقصود من مقاصد العقد.
ومنهم من قال: بأن الواهب في الرجوع مستوف بدل حقه بعد وقوع الملك للموهوب له رقبة وتصرفا لا يكون إلا بقضاء أو رضاء كما في الرد بالعيب، وكصاحب الدين إذا أراد أن يأخذ دينه من جنس آخر من مال المديون لا يملك إلا بقضاء أو رضاء، بخلاف خيار الرؤية وخيار الشرط، فإن من له الخيار ينفرد بالفسخ من غير قضاء ولا رضى لأنه بالفسخ مستوف عين حقه؛ لأنه لم يثبت هذا الخيار لفوات مقصود من مقاصد العقد، كذا في " المبسوط ".
م: (لأنه) ش: أي لأن الرجوع في الهبة م: (مختلف بين العلماء) ش: قال بعض الشراح منهم تاج الشريعة: لأن له الرجوع عندنا خلافا للشافعي فكان ضعيفا، فلم يعمل بنفسه في
وفي أصله وهاء.
ــ
[البناية]
إيجاب حكمه وهو الفسخ ما لم ينضم إليه قرينة ليتقوى بها.
وقال صاحب " العناية ": فيه نظر، والمخلص حمله على اختلاف الصحابة إن ثبت.
قلت: نظيره وارد؛ لأن مذهب أبي حنيفة بالرجوع قد تقرر قبل الشافعي وأمثاله، وكيف يكون اختلاف من لم يوجد وقت اجتهاد المجتهد سببا لكونه ضعيفا، ولكن قوله إن ثبت منه وكيف يقول ذلك بالشك وهو مذهب جماعة من الصاحبة كعمر وعثمان وعلي وأبي الدرداء وغيرهم رضي الله عنهم.
وأخرج ابن أبي شيبه في مصنفه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: هو أحق بها ما لم يعوض منها الهبة، يعني الهبة، وصححه ابن حزم، وقال: لا مخالف لهم من الصحابة.
وأخرج البيهقي من حديث حنظلة عن سالم عن أبيه عن عمر - رضى الله عنه -: من وهب هبة فهو أحق بها، ثم كلام ابن حزم يخدش كلام صاحب " العناية " أيضا؛ لأنه ادعى أنه لا مخالف من الصحابة فمن ذهب منهم إلى الرجوع فحينئذ يتعين على كلامه مختلف بين العلماء من التابعين.
م: (وفي أصله) ش: أي وفي أصل الرجوع م: (وهاء) ش: أي ضعف؛ لأنه ثبت بخلاف القياس لكونه تصرفا في ملك الغير، وهذا يبطل بالزيادة المتصلة وبغيرها من الموانع.
قال السغناقي وتبعه الأترازي والكاكي ناقلين عن " المغرب ": إن وهاء بالمد خطأ وإنما هي الوهي مصدر وهى الجمل وهى وهيا إذا ضعف. وقال صاحب " العناية ": وهو خطأ؛ لأن من المقصور السماعي ليس بخطأ وتخطئة ما ليس بخطأ خطأ.
قلت: قال الجوهري: وهى السقاء وهى وهيا إذا تخرق وانشق. وفي السقاء وهي بالتسكين ووهية على التصغير، وهو خرق قليل وهى الحائط إذا ضعف وهم بالسقوط انتهى.
فهذا كما ترى من باب فعل يفعل بفتح العين في الماضي وكسرها في المضارع نحو رمى يرمي، ومصدر هذا الباب يأتي على وزن فعل بفتح الفاء وسكون العين نحو رمى يرمي رميا، ووعى يعي وعيا.
فصاحب " المغرب " يصيب من وجه في قوله وإنما هي الوهي يعني بتسكين العين، ومخطئ من وجه في قوله وهاء بالمد خطأ؛ لأن هذا أيضا مصدر على وزن فعال كما تقول في قلى يقلي قلاء فقلاء على وزن فعال، ووهاء كذلك، وقد قال الجوهري القلي البعض، فإن فتحت القاف مددت نقول قلاه يقليه قلى وقلاء.