الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإذا هلك بسبب يمكن الاحتراز عنه كالغصب والسرقة كان التقصير من جهته فيضمنه كالوديعة إذا كانت بأجر، بخلاف ما لا يمكن الاحتراز عنه كالموت حتف أنفه والحريق الغالب وغيره؛ لأنه لا تقصير من جهته، ولأبي حنيفة رحمه الله أن العين أمانة في يده؛ لأن القبض حصل بإذنه، ولهذا لو هلك بسبب لا يمكن الاحتراز عنه لا يضمنه. ولو كان مضمونا يضمنه كما في المغصوب، والحفظ مستحق عليه تبعا لا مقصودا، ولهذا لا يقابله الأجر، بخلاف المودع بالأجر؛ لأن الحفظ مستحق عليه مقصودا حتى يقابله الأجر.
ــ
[البناية]
[هلاك العين المؤجرة بسبب يمكن الاحتراز عنه]
م: (فإذا هلك بسبب يمكن الاحتراز عنه كالغصب والسرقة كان التقصير من جهته فيضمنه كالوديعة إذا كانت بأجر) ش: لأنه صار بالتقصير تاركا ذلك الحفظ المستحق فيضمن، فصار مثل الدق، فالمستحق بالعقد دق سليم عن عيب التحرق، فإذا انحرق كان ضامنا م:(بخلاف ما لا يمكن الاحتراز عنه كالموت حتف أنفه والحريق الغالب وغيره) ش: مثل بسيل الغالب والفار على بلد هو فيه م: (لأنه لا تقصير من جهته) ش: فلم يكن متعديا فلا يضمن.
م: (ولأبي حنيفة رحمه الله أن العين أمانة في يده، لأن القبض حصل بإذنه) ش: لإقامة العمل فيه فلا يكون مضمونا عليه كالمودع وأجير الواحد م: (ولهذا) ش: توضيح لما قبله م: (لو هلك بسبب لا يمكن الاحتراز عنه لا يضمنه ولو كان مضمونا) ش: يعني ولو كان المتاع مضمونا في يده م: (يضمنه كما في المغصوب) ش: أي كما يضمن في المغصوب في الحالين م: (والحفظ مستحق عليه تبعا) ش: هذا جواب عن سؤال مقدر تقريره أن يقال: الاعتبار غير صحيح، لأن ما نحن فيه الحفظ مستحق عليه تبعا م:(لا مقصودا) ش: أي غير معقود عليه، لكنه وسيلة إليه وذلك، لأن العقد وارد على العمل لكونه أجيرا مشتركا، والحفظ ليس بمقصود أصلي بل لإقامة العمل، فكان تبعا فلم يكن مقصودا م:(ولهذا) ش: أي ولكون الحفظ مستحقا عليه تبعا لا مقصودا م: (لا يقابله الأجر) ش: أي لا يقابل الحفظ الأجر.
م: (بخلاف المودع بالأجر، لأن الحفظ مستحق عليه مقصودا) ش: لأن المقصود بالذات هو الحفظ م: (حتى يقابله الأجر) ش: أي حتى يقابل الحفظ فيها مقصودا بخلاف الأجير المشترك، فإن المقصود فيه العمل فلا يكون عقد معاوضة فلا يقتضي السلامة.
قيل: هذه المسألة مختلفة بين الصحابة رضي الله عنهم فلهذا اختار المتأخرون الفتوى بالصلح على النصف، لأن فيه عملا بأقوال الصحابة وفيه نظر، لأن هذا قول خارج عن أقوال الصحابة وترك للعمل بأقوالهم أن الصحابة اختلفوا على القولين لا غير إما الضمان أو عدم الضمان.
وفي " الخلاصة ": بعض العلماء أفتوا بقولهما، وأئمة سمرقند أفتوا بالصلح على
قال: وما أتلف بعمله كتخريق الثوب من دقه وزلق الحمال وانقطاع الحبل الذي يشد به المكاري الحمل وغرق السفينة من مده مضمون عليه.
ــ
[البناية]
النصف. وكان الإمام المرغيناني يفتي بقول أبي حنيفة رحمه الله فقيل له: من قال بالصلح هل يجبر لو امتنع؟، قال: لا. وقال: كنت أفتي زمانا بالصلح فرجعت لهذا، القاضي الإمام قاضي خان يفتي بقول أبي حنيفة رحمه الله.
وقال تاج الشريعة: ذكر الفقيه أبو الليث أن الفتوى على قول أبي حنيفة رحمه الله ثم عندهما إن شاء المالك ضمنه المقصور وأعطى الأجرة غير مقصورة ولا أجر له.
م: (قال: وما أتلف بعمله) ش: أي بعمل الأجير المشترك م: (كتخريق الثوب من دقه وزلق الحمال وانقطاع الحبل الذي يشد به المكاري الحمل، وغرق السفينة من مده) ش: من مد الملاح السفينة، فالمصدر مضاف إلى مفعوله، والفاعل مطوي ذكره، والغرق بفتح الراء مصدر غرق في الماء إذا غار.
م: (مضمون عليه) ش: أي على الأجير المشترك، ورفع مضمون على أنه خبر المبتدأ وهو قوله وما به. قال مالك وأحمد والشافعي رحمهم الله في قول: وروي ذلك عن عمر وعبيد الله بن عتبة وشريح والحسن والحكم.
وقال الكرخي في " مختصره ": وأجمع أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وابن أبي ليلى أنه مضمون بالعمل الذي يأخذ عليه الأجر فيضمن القصار ما تحرق في دقه أو من عده أو من غمزه أو من بسطه.
وكذلك الصباغ في ذلك كله. ويضمن أيضا في طبخ الثوب إذا كان مما يطبخ، وكذلك الملاح يضمن ما كان في مدة أو خدمة أو ما يعالج به السفينة للمسيرة. وكذلك الحمال إذا أسقط ما حمله من رأسه أو يده أو عثر فسقط ما معه فإنه يضمن ذلك كله، وكذلك المكاري إذا كان من سوقه أو من قوده وانقطع الحبل الذي شده على المتاع وفسد كل هؤلاء يضمنون ما يفسد به المتاع من فساد يلحقه منه عند حمله سفينة أو بسوقه لدابة عليها المتاع أو قوده.
وقال حماد بن أبي سليمان وزفر والحسن بن زياد: هو مؤتمن في ذلك لم يضمن إلا إن تعدى.
وفي " التحفة " وإن تخرق بدق أجير القصار لا ضمان عليه، ولكن يجب الضمان على الإسناد. وفي " شرح الكافي ": ولو وطئ الأجير على ثوب القصار مما لا يوطأ فخرقه كان ضمانه عليه.
وقال زفر والشافعي - رحمهما الله -: لا ضمان عليه؛ لأنه أمره بالفعل مطلقا فينتظمه بنوعيه المعيب والسليم وصار كأجير الواحد ومعين القصار. ولنا أن الداخل تحت الإذن ما هو الداخل تحت العقد وهو العمل المصلح؛ لأنه هو الوسيلة إلى الأثر وهو المعقود عليه حقيقة. حتى لو حصل بفعل الغير يجب الأجر فلم يكن المفسد مأذونا فيه. بخلاف المعين؛ لأنه متبرع فلا يمكن تقييده بالمصلح؛ لأنه يمتنع عن التبرع، وفيما نحن فيه يعمل بالأجر فأمكن تقييده. وبخلاف الأجير الواحد على ما نذكره إن شاء الله تعالى، وانقطاع الحبل من قلة اهتمامه فكان من صنيعه.
ــ
[البناية]
م: (وقال زفر والشافعي - رحمهما الله -: لا ضمان عليه) ش: قال الربيع هذا مذهب الشافعي رحمه الله وروي ذلك عن عطاء وطاووس م: (لأنه أمره) ش: أي لأن صاحب المتاع من الأجير المشترك م: (بالفعل مطلقا) ش: بأن استأجره ليدق الثوب ولم يرد على ذلك ما يدل على السلامة.
م: (فينتظمه بنوعيه) ش: أي فينتظم المطلق بنوعي الفعل م: (المعيب والسليم) ش: بالجر فيهما على أنه عطف بيان أو بدل، ويجوز الرفع فيهما على تقدير أحدهما المعيب والآخر السليم م:(وصار كأجير الواحد ومعين القصار) ش: حيث لا ضمان عليهما.
م: (ولنا أن الداخل تحت الإذن ما هو الداخل تحت العقد وهو العمل المصلح) ش: وفي بعض النسخ الصالح م: (لأنه هو الوسيلة إلى الأثر) ش: الحاصل في العين من فعله م: (وهو المعقود عليه حقيقة) ش: لكونه هو المقصود م: (حتى لو حصل بفعل الغير يجب الأجر) ش: وإذا كان كذلك كان الأمر مقيدا بالسلامة م: (فلم يكن المفسد) ش: من العمل م: (مأذونا فيه) ش: كما لو وصف نوعا من الدق فجاءه بنوع آخر.
م: (بخلاف المعين) ش: أي معين القصار م: (لأنه متبرع فلا يمكن تقييده) ش: أي تقييد عمله م: (بالمصلح، لأنه يمتنع عن التبرع وفيما نحن فيه يعمل بالأجر فأمكن تقييده) ش: أي بالمصلح قبل الملتزم أن يلتزم جواز الامتناع عن التبرع فيما يحصل به المضرة لغير من تبرع له.
ولو علل بأن التبرع بالعمل بمنزلة الهبة وهي لا تقتضي السلامة كان أسلم م: (وبخلاف الأجير الواحد على ما نذكره إن شاء الله تعالى) ش: أي أجير المستأجر الواحد، وسيأتي في آخر الباب.
م: (وانقطاع الحبل) ش: جواب عما عسى أن يقال انقطاع الحبل ليس من صنع الأجير، فما وجه ذكره من جملة ما تلف بعمله، فأجاب بقوله: م: (من قلة اهتمامه فكان من صنيعه) ش: أراد أنه إنما انقطع من قلة افتقاده كل ساعة، لأنه ربما ينحل انبرامه أو يبلى من كثرة الاستعمال ولا