الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وتنعقد الهبة بقوله وهبت ونحلت وأعطيت؛ لأن الأول صريح فيه، والثاني مستعمل فيه، قال عليه الصلاة والسلام:«أكل أولادك نحلت مثل هذا» ، وكذلك الثالث يقال: أعطاك الله ووهبك الله بمعنى واحد، وكذا ينعقد بقوله أطعمتك هذا الطعام وجعلت هذا الثوب لك، وأعمرتك هذا الشيء، وحملتك على هذه الدابة إذا نوى بالحمل الهبة. أما الأول فلأن الإطعام إذا أضيف إلى ما يطعم عينه يراد به تمليك العين، بخلاف ما إذا قال أطعمتك هذه.
ــ
[البناية]
جاز له أن يسترده ويحبس الثمن.
الجواب عن الأول أن الإيجاب من البائع شطر العقد وهو لا يتوقف على ما وراء المجلس، وفي الهبة وجد عقد تمام وهو يتوقف على ما وراءه. وعن الثانية فإنا لا نسلم أن مقصود البائع من عقد البيع ثبوت الملك للمشتري، بل مقصوده منه تحصيل الثمن لا غير، وثبوت الملك له ضمني فلا يعتبر به.
[ما تنعقد به الهبة وما لا تنعقد]
[انعقاد الهبة بلفظ النحلة والعطية]
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (وتنعقد الهبة بقوله وهبت ونحلت وأعطيت؛ لأن الأول) ش: أي قوله وهبت م: (صريح فيه) ش: أي في عقد الهبة م: (والثاني) ش: أي قوله نحلت م: (مستعمل فيه) ش: أي في عقد الهبة، أراد به مجاز فيه وهو أيضا صريح؛ لأن المجاز المتعارف كالصريح.
إلا أن قوله وهبت لما كان صريحا حقيقة ونحلت وإخوته صريحا مجازا فرق بينهما م: (قال عليه الصلاة والسلام: «أكل أولادك نحلت مثل هذا» ش: هذا الحديث أخرجه الأئمة الستة «عن النعمان بن بشير قال: إن أباه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أكل ولدك نحلت مثل هذا "؟ قال لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فأرجعه» . أخرجه البخاري ومسلم في " الهبة " وأبو داود في " البيع " مختلفا والمعنى واحد. والعجب من الكاكي مع ادعائه أن له اطلاعا في الحديث أنه لما ذكر هذا الحديث قال: كذا في " المبسوط "، فهذا قول من لم يحم حول كتب الحديث ولا طرق في سمعه اسم البخاري ومسلم ولا غيرهما.
م: (وكذلك الثالث يقال أعطاك الله ووهبك الله) ش: يعني أراد بالثالث قوله أعطيت أي هو أيضا مستعمل في عقد الهبة مجازا كما يقال أعطاك الله ووهبك الله م: (بمعنى واحد، وكذا ينعقد بقوله أطعمتك هذا الطعام وجعلت هذا الثوب لك، وأعمرتك هذا الشيء وحملتك على هذه الدابة إذا نوى بالحمل الهبة) ش: هذه أربعة ألفاظ، ثلاثة تنعقد بها الهبة مطلقا، والرابع وهو حملتك لا ينعقد به إلا بالنية على ما يجيء الآن.
م: (أما الأول) ش: يعني قوله أطعمتك هذا الطعام م: (فلأن الإطعام إذا أضيف إلى ما يطعم عينه، يراد به تمليك العين) ش: بغير عوض، فيكون هبة م: (بخلاف ما إذا قال أطعمتك هذه
الأرض حيث يكون عارية؛ لأن عينها لا يطعم فيكون المراد أكل غلتها. وأما الثاني فلأن حرف اللام للتمليك. وأما الثالث فلقوله عليه الصلاة والسلام: «فمن أعمر عمرى فهي للمعمر له ولورثته من بعده» وكذا إذا قال: جعلت هذه الدار لك عمرى، لما قلنا. وأما الرابع فلأن الحمل هو الإركاب حقيقة فيكون عارية،
ــ
[البناية]
الأرض، حيث يكون عارية لأن عينها لا يطعم) ش: أي لأن الأرض، والتذكير باعتبار المذكور، وفي بعض النسخ لأن عينها وهو الأصوب، فيكون المعنى أطعمتك ما يحصل منها، فكان تمليكا لمنفعة الأرض دون عينها م:(فيكون المراد أكل غلتها) ش: أي إذا كان كذلك يكون من قوله أكل غلة الأرض وهو ريعها. وقال الأترازي رحمه الله: ولنا في تقرير صاحب " الهداية " نظر؛ لأنه قال إن الإطعام إذا أضيف إلى ما يطعم عينه يراد به تمليك العين، فعلى هذا ينبغي أن يكون المراد من الإطعام في الكفارة التمليك لا الإباحة كما هو مذهب الخصم؛ لأن المراد من الإطعام إطعام الطعام، والطعام يؤكل عينه، فكان الإطعام في الآية مضافا إلى ما يطعم عينه فافهم.
قلت: لا نسلم أنه أضيف إلى ما يؤكل عينه بل هو مضاف إلى عشرة مساكين، فافهم.
م: (وأما الثاني) ش: يعني قوله جعلت هذا الثوب لك م: (فلأن حرف اللام للتمليك) ش: فكان معناه ملكت هذا الثوب لك. ألا ترى أن في التمليك ببدل لا فرق بين لفظ الجعل والتمليك، فكذا في التمليك بغير بدل، وكسوتك هذا الثوب بمعناه لأنه لتمليك العين قال الله تعالى:{أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [المائدة: 89] والكفارة لا تتأدى إلا بتمليك الثوب.
م: (وأما الثالث) ش: يعني قوله وأعمرتك هذا الشيء م: (فلقوله عليه الصلاة والسلام «فمن أعمر عمرى فهي للمعمر له ولورثته من بعده» ش: هذا الحديث أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن جابر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من أعمر رجلا عمرى له ولعقبه فقد قطع قوله حقه فيها وهي لمن أعمر ولعقبه» .
م: (وكذا إذا قال جعلت هذه الدار لك عمرى) ش: يقال أعمرته داري أو أرضا أو إبلا إذا أعطيته إياها وقلت " هي لك عمري أو عمرك، فإذا مت رجعت إلي، والعمرى اسم م:(لما قلنا) ش: أشار به إلى قوله فلأن حرف اللام للتمليك.
م: (وأما الرابع) ش: يعني قوله وحملتك على هذه الدابة م: (فلأن الحمل هو الإركاب حقيقة فيكون عارية) ش: قيل كيف يستقيم هذا القول وقد قال في العارية إن حملتك والتمليك العين.
قلت: قدر هذا النظر هناك.