الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهبة اللبن في الضرع والصوف على ظهر الغنم والزرع والنخل في الأرض، والتمر في النخيل بمنزلة المشاع؛ لأن امتناع الجواز للاتصال وذلك يمنع القبض كالمشاع.
قال: وإذا كانت العين في يد الموهوب له ملكها بالهبة وإن لم يجدد فيه قبضا؛ لأن العين في قبضه والقبض هو الشرط،
ــ
[البناية]
[ما لا تجوز هبته]
[هبة اللبن في الضرع والصوف على الظهر]
م: (وهبة اللبن في الضرع، والصوف على ظهر الغنم والزرع والنخل في الأرض والتمر في النخيل بمنزلة المشاع) ش: يعني لا يجوز كما في المشاع، وعند الثلاثة يجوز، ثم عندنا إذا حلب اللبن وجز الصوف وسلمه وقبضه الموهوب له جاز استحسانًا كما في المشاع إذا وهبه وسلمه، وكذا لو قطع الثمر والزرع وسلمها م:(لأن امتناع الجواز للاتصال) ش: أي يملك الواهب لا لكون هذه الأشياء معدومة بدليل أن الصوف على ظهر الغنم واللبن في الضرع محل التمليك حتى يجوز الصلح عليه عند أبي يوسف رحمه الله وبالفصل ينعدم الشيوع.
والأصل في حسم هذه المسائل أن اشتغال الموهوب بملك الواهب يمنع تمام القبض، والقبض الناقص يمنع صحة الهبة، فعلى هذا إذا وهب دارًا فيها متاع الواهب أو جرابًا أو جرة ألقى فيها طعام الواهب فالهبة فاسدة، ولا معتبر بالشغل وقت العقد إذا وقع التسليم فارغًا صغرت أو يعتبر الإذن بالقبض بعد التفريغ.
ولا يكفي قوله سلمتها إليك مع الشغل، فلو وهب ما في الدار وما في الجراب أو الجوالق من الطعام فالهبة تامة؛ لأن الموهوب هنا شاغل لملك الواهب وليس بمشغول بملكه، وقيام اليد على التبع لا يوجب قيام اليد على الأصل، بخلاف المسألة الأولى، ونظير ما لو وهب جارية وعليها حلي فوهبها دون حليها وسلمها فالهبة تامة، وكذا الدابة وعليها سرج أو لجام، أو وهب السرج أو اللجام دون الدابة م:(وذلك) ش: أي الاتصال م: (يمنع القبض كالمشاع) ش: ففي الشائع يمنع، فكذا في الاتصال.
[ما تملك به الهبة]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وإذا كانت العين في يد الموهوب له) ش: بأن كانت وديعة أو عارية أو نحوها م: (ملكها بالهبة وإن لم يجدد فيه؛ لأن العين فيه قبضا والقبض هو الشرط) ش: وهو موجود الأصل في ذلك تجانس القبضين يجوز نيابة أحدهما عن الآخر، وتغايرهما يجوز نيابة الأعلى عن الأدنى دون العكس، فإن كان الشيء وديعة في يد شخص أو عارية فوهبه إياه لا يحتاج إلى تجديد قبض؛ لأن كلا القبضين ليس ضمانًا فكانا مجانسين. ولو كان بيده مغصوبًا أو ببيع فاسد فوهبه إياه لم يحتج إلى تجديده؛ لأن الأول أقوى فينوب عن الضعيف؛ لأن في الأعلى ما في الأدنى وزيادة فوجد القبض المحتاج إليه وزيادة شيء.
ولو كانت وديعة فباعه منه فإنه يحتاج إلى قبض؛ لأن قبض الأمانة ضعيف فلا ينوب عن قبض الضمان هذا الذي ذكره في " الذخيرة " وغيره.
بخلاف ما إذا باعه منه؛ لأن القبض في البيع مضمون فلا ينوب عنه قبض الأمانة، أما قبض الهبة فغير مضمون فينوب عنه. وإذا وهب الأب لابنه الصغير هبة ملكها الابن بالعقد؛ لأنه في قبض الأب فينوب عن قبض الهبة. ولا فرق بين ما إذا كان في يده أو في يد مودعه؛ لأن يده كيده بخلاف ما إذا كان مرهونا أو مغصوبا أو مبيعا بيعا فاسدا؛ لأنه في يد غيره أو في
ــ
[البناية]
وذكر أبو نصر في شرحه: لو كان مضمونًا في يده أو بالمثل بغيره كالمبيع والمرهون لا ينوب عن قبض الواهب بالهبة، ولا بد من تجديد القبض. ولو كان مضمونًا في يد بالقيمة أو بالمثل كالمقبوض على سوم الشراء والمغصوب فوهب له ثبت الملك ولا يحتاج إلى تجديد القبض لوجود أصل القبض وزيادة.
فإن قلت: ما معنى تجديد القبض؟.
قلت: هو أن ينتهي على موضع فيه العين ويمضي وقت يتمكن فيه من قبضها.
م: (بخلاف ما إذا باعه منه؛ لأن القبض في البيع مضمون فلا ينوب عنه قبض الأمانة، أما قبض الهبة فغير مضمون، فينوب عنه) ش: أي ينوب قبض الأمانة عن غير المضمون وهو الهبة، وقد مر مستوفى.
م: (وإذا وهب الأب لابنه الصغير هبة ملكها الابن بالعقد) ش: أي بمجرد العقد، وهذا من مسائل القدوري م:(لأنه) ش: أي لأن الذي وهبه م: (في قبض الأب فينوب عن قبض الهبة) ش: فلا يحتاج إلى قبض آخر ولا يشترط فيه الإشهاد إلى أن فيه احتياطًا للتحرز عن جحود الورثة بعد موته، أو جحود بعد إدراك الولد. وقال ابن عبد البر: أجمع الفقهاء على أن هبة الأب لابنه الصغير في حجره لا يحتاج إلى قبض جديد، أما هل يحتاج إلى القبول لابنه الصغير، فقال الشافعي والقاضي الحنبلي: لا بد أن يقول - بعد قوله: وهبته له -: قبله، وظاهر مذهب أحمد لا يحتاج إلى هذا كقولنا. وقال مالك: لو وهبه بمال لا يعرف بعينه كالأثمان لم يجز إلا أن يضعها على يد غيره ويشهد عليه وعند القاضي لا فرق بين الأثمان وغيرها.
م: (ولا فرق بين ما إذا كان في يده أو في يد مودعه؛ لأن يده كيده) ش: أي لأن يد المودع كيد المودع بالكسر حكمًا فيمكن أن يجعل قابضًا لولده باليد التي هي قائمة مقام يده.
فإن قلت: لو وهب الوديعة من المودع يجوز، فلو كانت يده كيده لم يكن قابضًا لنفسه.
قلت: يده كيده ما دام عاملًا له وذلك قبل الهبة، وأما بعدها فهو عامل لنفسه.
م: (بخلاف ما إذا كان) ش: أي الموهوب للابن م: (مرهونًا أو مغصوبًا أو مبيعًا بيعًا فاسدًا؛ لأنه في يد غيره) ش: أي غير الأب فلا ينوب قبض المرتهن والغاصب عن قبض الهبة للولد م: (أو في
ملك غيره، والصدقة في هذا مثل الهبة وكذا إذا وهبت له أمه وهو في عيالها والأب ميت ولا وصي له، وكذلك كل من يعوله.
ــ
[البناية]
ملك غيره) ش: وفي " الذخيرة ": أرسل غلامه في حاجة ثم بعد الإرسال وهبه صحت الهبة؛ لأنه في يده حكمًا، فلو لم يرجع حتى مات الأب فهو للولد ولا يصير ميراثًا، وكذا لو وهب عبدًا آبقًا من ابنه الصغير، فما دام مترددا في دار الإسلام تجوز الهبة والأب قابض له بنفس الهبة.
وفي " فتاوى أبي الليث ": وهب لابنه الصغير دارًا مشغولًا بمتاع الواهب جاز، وفي " المنتقى " عن محمد: لو وهب داره لابنه وفيها ساكن بأجر لا يجوز، ولو كان بغير أجر يجوز؛ لأن في الأول يتبع قبض غيره فيمنع تمام الهبة بخلاف الثاني م:(والصدقة في هذا مثل الهبة) ش: أراد أن الصدقة في الحكم المذكور كحكم الهبة فيما إذا تصدق على ابنه الصغير ملكها الابن بعقد الصدقة، فلو تصدق عليه بما عند مودعه جاز، بخلاف ما إذا تصدق بما في يد المرتهن والغاصب والمشتري بالشراء الفاسد، والتعليل هو التعليل.
م: (وكذا إذا وهبت له أمه وهو) ش: أي والحال أنه م: (في عيالها والأب ميت ولا وصي له) ش: هاتان الجملتان أيضًا حال، قيد بقوله: في عيالها؛ ليكون لها عليه نوع ولاية، وقيد بموت الأب وعدم الوصي لأن عند وجودهما ليس لها ولاية القبض م:(وكذلك كل من يعوله) ش: يعني كل من يعول الصغير إذا قبض الهبة له يصح كالأخ والعم والأجنبي، وعند الثلاثة إذا وهب للصبي غير الأب من الأولياء لا بد أن يوكل من يقبل له ويقبضه له فيكون الإيجاب منه والقبول والقبض من غيره كما في البيع.
وقال ابن قدامة في " المغني ": والصحيح عندي أن الأب وغيره في هذا سواء، قيل: أطلق جواز قبض هؤلاء.
ولكن ذكر في " الإيضاح " و " مختصر الكرخي ": أن ولاية القبض لهؤلاء إذا لم يوجد واحد من الأربعة وهو الأب ووصيه، والجد أبو الأب بعد الأب ووصيه. فأما مع وجود واحد منهم فلا، سواء كان الصبي في عيال القابض أو لم يكن، وسواء كان ذا رحم محرم منه أو أجنبيا؛ لأنه ليس لهؤلاء ولاية التصرف في ماله، فقيام ولاية من يملك التصرف في المال يمنع ثبوت حق القبض له، فإذا لم يبق واحد منهم جاز قبض من كان الصبي في عياله لثبوت نوع ولاية له حينئذ. ألا ترى أنه يؤدبه ويسلمه في الصنائع، فقيام هذا القدر يطلق حق قبض الهبة لكونه من باب المنفعة.
قلت: هذا ليس بإطلاق، وإنما هو اقتصر في التقييد، وذلك؛ لأن قوله: وكذا كل من يعوله عطف على قوله: وكذا إذا وهبت له أمه، وهو مقيد بقوله: والأب ميت ولا وصي له، فيكون هذا في
وإن وهب له أجنبي هبة تمت بقبض الأب؛ لأنه يملك عليه الدائر بين النافع والضائر، فأولى أن يملك النافع. وإن وهب لليتيم هبة فقبضها له وليه وهو وصي الأب أو جد اليتيم أو وصيه جاز؛ لأن لهؤلاء ولاية عليه لقيامهم مقام الأب. وإن كان في حجر أمه فقبضها له جائز؛ لأن لها الولاية فيما يرجع إلى حفظه وحفظ ماله، وهذا من بابه لأنه لا يبقى إلا بالمال، فلا بد من ولاية التحصيل وهو من أهله.
ــ
[البناية]
المعطوف أيضًا، لكنه اقتصر على ذكر الجد ووصيه للعلم بأن الجد الصحيح مثل الأب في أكثر الأحكام، ووصيه كوصي الأب.
م: (وإن وهب له) ش: أي للصغير م: (أجنبي هبة تمت بقبض الأب؛ لأنه يملك عليه الدائر بين النافع والضائر، فأولى أن يملك النافع) ش: الضائر فاعل من ضار يضير والضير والضرر، وهو لغة من الضور. وفي بعض النسخ الضار بتشديد الراء، وكلاهما واحد.
م: (وإن وهب لليتيم هبة فقبضها له وليه وهو) ش: أي وليه م: (وصي الأب أو جد اليتيم أو وصيه جاز؛ لأن لهؤلاء ولاية عليه لقيامهم مقام الأب. وإن كان) ش: أي اليتيم م: (في حجر أمه) ش: أي كنفها وتربيتها م: (فقبضها له) ش: أي قبض الهبة لليتيم م: (جائز لأن لها الولاية فيما يرجع إلى حفظه وحفظ ماله، وهذا من بابه) ش: أي قبض الهبة له من باب الحفظ م: (لأنه لا يبقى إلا بالمال) ش: أي لأن حفظ اليتيم لا يبقى بقاؤه إلى بقوت وملبوس م: (فلا بد من ولاية التحصيل) ش: فلا بد أن يكون بسبيل من التحصيل في حقه، فصار ذلك من ضروراته. وكذا إذا كان في حجر أجنبي يربيه؛ لأن له عليه يدًا معتبرة، ألا ترى أنه لا يتمكن أجنبي آخر من أن ينزعه من يده فيملك ما يتمحض نفعًا في حقه؛ لأنه صار كالخلف، والخلف يعمل عمل الأصل عند عدم الأصل.
وإن قبض الصبي الهبة بنفسه جاز، معناه إذا كان عاقلا؛ لأنه نافع في حقه م:(وهو من أهله) ش: أي الصبي من أهل التصرف فيما يتمحض نفعا له.
وفي " المبسوط ": هذا جواب الاستحسان وهو قولنا، أما في القياس لا يجوز قبضه بنفسه وإن كان عاقلا، وهو قول الشافعي. وفي رواية عن أحمد إن قبضه بإذن الولي صح، وعنه كقولنا.
فإن قيل: عقل الصبي إما أن يكون معتبرا أولا، فإن كان الثاني وجب أن لا يصح قبضه، وإن كان الأول وجب أن لا يجوز اعتبار الخلف مع وجود أهليته.
فالجواب: أن عقله فيما نحن فيه من تحصيل ما هو نفع معتبر لتوفير المنفعة عليه، وفي اعتبار الخلف توفيرها أيضا؛ لأنه ينفتح به باب آخر في تحصيلها فكان جائزا نظرا له، وهذا لم
وفيما وهب للصغيرة يجوز قبض زوجها لها بعد الزفاف لتفويض الأب أمورها إليه دلالة. بخلاف ما قبل الزفاف ويملكه مع حضرة الأب. بخلاف الأم وكل من يعولها غيرها حيث لا يملكونها إلا بعد موت الأب أو غيبته غيبة منقطعة في الصحيح؛ لأن تصرف هؤلاء للضرورة لا بتفويض الأب، ومع حضوره لا ضرورة.
ــ
[البناية]
يعتبر في المتردد بين النفع والضر لباب المضرة عليه؛ لأن عقله قبل البلوغ ناقص فلا يتم به النظر في عواقب الأمور، فلا بد من الأخذ برأي الولي.
م: (وفيما وهب للصغيرة يجوز قبض زوجها لها بعد الزفاف) ش: بكسر الزاي مصدر من زففت العروس إلى زوجها، أي هديتها م:(لتفويض الأب أمورها إليه دلالة) ش: حيث زفها إليه وهي صغيرة وأقامه مقام نفسه في حفظها وحفظ مالها وقبض الهبة من حفظ المال، لكن لا تبطل بذلك ولاية الأب حتى لو قبضها جاز. وذكر المصنف الزفاف وذكر في " الإيضاح " الدخول.
وفي " الذخيرة ": شرط في قبض الزوج على زوجته الصغيرة أن يكون يجامع مثلها حتى لو لم يجامع مثلها لا يصح قبض الزوج عليها عند بعض أصحابنا، والصحيح أنه إذا كان يعولها صح قبضه عليها، يجامع مثلها أو لا لما ذكرنا. ولو أدركت لم يجز قبض الزوج والأب لأنها صارت ولية نفسها حين بلغت عاقلة، كذا في " المبسوط ".
م: (بخلاف ما قبل الزفاف) ش: لأنه قبل الزفاف لا يكون عليها بل مستحقه م: (ويملكه) ش: أي يملك الزوج قبض الهبة م: (مع حضرة الأب) ش: احترز به عما ذكر في " الإيضاح ": أن قبض الزوج لها إنما يجوز إذا لم يكن الأب حيا م: (بخلاف الأم وكل من يعولها غيرها) ش: أي غير الأم م: (حيث لا يملكونها) ش: أي قبض الهبة لها م: (إلا بعد موت الأب أو غيبته غيبة منقطة في الصحيح) ش: قيل الصحيح متعلق بقوله ويملكه مع حضرة الأب. قال صاحب " النهاية ": وإنما قلت هذا؛ لأن في قوله بخلاف الأم وكل من يعولها غيرها حيث لا يملكونه إلا بعد الموت، أو غيبته غيبة منقطعة ليست رواية أخرى حتى يقع قوله: في الصحيح احترازا عنها.
قلت: كان حق الترتيب في التركيب أن يقول ويملكه مع حضرة الأب في الصحيح، بخلاف الأم وعبارته لا تخلو عن الإبهام م:(لأن تصرف هؤلاء للضرورة لا بتفويض الأب، ومع حضوره لا ضرورة) ش: احترز بقوله لا بتفويض الأب عن تصرف الزوج لما ذكرنا أن ولاية الزوج بتفويضه أمورها دلالة إليه، أما قبض غير الأب عليه إنما يصلح للضرورة، ولا ضرورة عند حضور من له ولاية.