الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وليس للمستعير أن يؤجر ما استعاره، فإن أجره فعطب ضمن؛ لأن الإعارة دون الإجارة، والشيء لا يتضمن ما هو فوقه.
ــ
[البناية]
المستعير لا يضمن بالشرط أيضًا، ولكن صفوان كان يومئذ حربيًا، ويجوز بين المسلم والحربي من الشرائط ما لا يجوز بين المسلمين، وقد تقدم الآن أن العارية بشرط الضمان مضمونة في رواية، وأخرج عبد الرزاق في " مصنفه " عن عمر عن بعض أصحاب أبي صفوان «عن صفوان أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه عاريتين: إحداهما بضمان، والأخرى بغير ضمان» .
والحديث الثاني: قال ابن القطان: المانع من تصحيحه أن شريكا وقيس بن الربيع مختلف فيهما، ولم يحكم الترمذي أيضًا بصحته، ولئن سلمنا أنه صحيح فهو يقتضي وجوب رد العين ولا كلام فيه.
والحديث الثالث: رواه الحسن عن سمرة والحسن لم يسمع منه، وقيل: لم يسمع منه غير حديث العقيقة، وأكثر أهل العلم رغبوا عن رواية الحسن عن سمرة، وأيضًا الأداء فرض ولا يلزم منه الضمان، ولو لزم من هذا اللفظ الضمان المهم أن يضمنوا أهون الودائع؛ لأنها مما قبضت اليد وإذا لم يدل الحديث على الضمان ولم ينسبه أيضًا.
وقال البيهقي رحمه الله في " باب من قتل عبدًا " بعد ذكر حديث الحسن عن سمرة من قتل عبدًا قتلناه. قال قتادة: ثم إن الحسن نسي الحديث، وقال: لا يقتل حر بعبد، يشبه أن يكون الحسن لم ينس الحديث لكن رغب عنه، وهذه العلة موجودة في الحديث المتقدم أيضًا، فافهم.
[إجارة العارية]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وليس للمستعير أن يؤجر ما استعاره، فإن أجره فعطب) ش: أي هلك م: (ضمن؛ لأن الإعارة دون الإجارة) ش: لأن الإجارة عنده لازم دون الإعارة م: (والشيء لا يتضمن ما هو فوقه) ش: أي لا يستتبع ما هو فوقه؛ لأن القوي لا يجعل تابعًا للضعيف. وقال الحاكم في كافيه: إذا استعار الرجل من الرجل على أن يذهب بها حيث شاء ولم يحتم مكانًا ولا وقتًا ولا ما يحمل عليها فذهب بها إلى الحيرة أو أمسكها بالكوفة شهرًا يحمل عليها أو يؤجرها.
قال: لا ضمان عليه، أي في شيء من ذلك إلا في الإجارة خاصة، فإنه حيث أجرها صار ضامنًا ويتصدق بالغلة؛ لأن أمره بالانتفاع مطلقًا، والمطلق يتناول أي انتفاع شاء وإليه اليقين بفعله إن شاء استعملها في الركوب أو في الحمل عليها وأي ذلك فعل لا يمكن أن يفعل غيره بعد ذلك؛ لأن المطلق إذا تعين بقيد فلا يبقى مطلقًا، ولكن لا يملك الإجارة أصلًا؛ لأنه عقد لازم، والعارية عقد جائز، وبناء الجائز على اللازم لا يجوز.
ولأنا لو صححناه لا يصح إلا لازما؛ لأنه حينئذ يكون بتسليط من المعير، وفي وقوعه لازما زيادة ضرر بالمعير لسد باب الاسترداد إلى انقضاء مدة الإجارة فأبطلناه. فإن أجره ضمنه حين سلمه؛ لأنه إذا لم تتناوله العارية كان غصبا، فإن شاء المعير ضمن المستأجر؛ لأنه قبضه بغير إذن المالك لنفسه، ثم إن ضمن المستعير لا يرجع على المستأجر؛ لأنه ظهر أنه أجر ملك نفسه، وإن ضمن المستأجر يرجع على المؤجر إذا لم يعلم أنه كان عارية في يده دفعا لضرر الغرور، بخلاف ما إذا علم.
ــ
[البناية]
وقال الأسبيجابي في شرح " الكافي ": وقد قال بعض أصحابنا فإنه يملك الإجارة وتنعقد جائزة لا لازمة، ثم قال: والصحيح أنه لا تنعقد الإجارة. وفي " تحفة الفقهاء ": وليس للمستعير أن يؤاجر، فإن فعل فهو ضامن حين يسلمه إلى المستأجر، ويكون المعير بالخيار إن شاء ضمن المستعير.
م: (ولأنا لو صححناه لا يصح إلا لازمًا) ش: تعليل ثان، ويمكن أن يكون جواب الشبهة ذكرها السائل، وهو ينبغي أن يملك المستعير الإجارة؛ لأنه مالك للمنفعة، ولا ينقطع حق المعير في الاسترداد، بل يصير قيام حق المعير في الاسترداد عذرًا في نقض الإجارة.
فأجاب عنها بقوله: ولأنا لو صححناه عقد إجارة المستعير لا يصح إلا لازمًا؛ لأنه لا يصح أن يكون غير لازم؛ لأنه خلاف مقتضى الإجارة، فإنه عقد لازم فانعقاده غير لازم عكس الموضوع فهذا لا سبيل إليه، وكذا لا سبيل إلى كونه لازمًا: م: (لأنه حينئذ يكون بتسليط من المعير) ش: لأن اللزوم لا يكتسب إلا منه فيكون من مقتضيات عقد العارية.
م: (وفي وقوعه لازمًا زيادة ضرر بالمعير لسد باب الاسترداد إلى انقضاء مدة الإجارة) ش: لعدم قدرته عليه إلى الانقضاء فحينئذ يكون عقد الإعارة عقدا لازمًا، وهو أيضًا خلاف المشروع م:(فأبطلناه) ش: أي عقد الإجارة م: (فإن أجره ضمنه) ش: أي ضمن المعير ما أجره م: (حين سلمه) ش: أي المستأجر م: (لأنه) ش: أي لأن عقد الإجارة م: (إذا لم تتناوله العارية كان غصبًا، فإن شاء المعير ضمن المستأجر؛ لأنه قبضه بغير إذن المالك) ش: وحكم الغصب الضمان وفي بغير إذن المالك م: (لنفسه) ش: اللام في لنفسه تتعلق بقبضه. م: (ثم إن ضمن المستعير لا يرجع على المستأجر؛ لأنه ظهر أنه أجر ملك نفسه) ش: لأنه ملكه بالضمان م: (وإن ضمن المستأجر يرجع) ش: أي إن ضمن المعير المستأجر يرجع المستأجر م: (على المؤجر) ش: وهو المستعير م: (إذا لم يعلم أنه كان عارية في يده دفعا لضرر الغرور) ش: أي عن المستأجر؛ لأن هذا الغرور في ضمن العقد م: (بخلاف ما إذا علم) ش: أي المستأجر بكونها عارية في يد المؤجر حيث لم يرجع عليه؛ لأنه لم يوجد منه الغرور. وقالت الثلاثة: لا يرجع مطلقًا لأنه غاصب ثان فيضمن بفعله.