الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل قال: وإذا ولدت المكاتبة من المولى فهي بالخيار إن شاءت مضت على الكتابة وإن شاءت عجزت نفسها وصارت أم ولد له؛ لأنها تلقتها جهتا حرية عاجلة ببدل وآجلة بغير بدل فتخير بينهما ونسب ولدها ثابت من المولى وهو حر؛ لأن المولى يملك الإعتاق في ولدها وما له من الملك يكفي لصحة الاستيلاد بالدعوة.
ــ
[البناية]
[فصل في بيان مسائل في الكتابة]
م: (فصل) ش: أي هذا فصل في بيان مسائل أخرى من هذا الباب، وأتى بها في فصل لكونها نوعا من جنس مسائل الباب.
م: (قال: وإذا ولدت المكاتبة من المولى، فهي بالخيار إن شاءت مضت على الكتابة، وإن شاءت عجزت نفسها، وصارت أم ولد له) ش: سواء صدقته المكاتبة في ذلك أم كذبته، لأن للمولى في رقبتها حقيقة الملك، وللمكاتب حق الملك، فترجحت الحقيقة على الحق، فيثبت من غير تصديق، بخلاف ما لو ادعى ولد أمة المكاتبة، فإن ثمة لا يثبت النسب إلا بتصديق المكاتبة، لأن للمولى حق الملك في اكتسابها دون حقيقته، فيحتاج إلى التصديق م:(لأنها) ش: أي لأن الشأن، وهذا إشارة إلى دليل المتخير م:(تلقتها) ش: أي المكاتبة.
وفي بعض النسخ تلقاها م: (جهتا حرية) ش: أي جهتان للحرية، فبالإضافة سقطت النون وارتفاعها بالفاعلية بقوله تلقتها م:(عاجلة ببدل) ش: أي أحد الجهتين عاجل ببدل وهو المضي على الكتابة م: (وآجلة بغير بدل) ش: أي الأخرى آجل بلا بدل، وهو أن تعجز نفسها وتصير أم ولد فتعتق بعد موته م:(فتخير بينهما) ش: أي إذا كان أمرها دائر بين الجهتين فتخير بينهما م: (ونسب ولدها ثابت من المولى) ش: سواء جاءت به لستة أشهر أو لأكثر من ستة أشهر م: (وهو حر) ش: أي الولد لا يعلم فيه خلاف.
م: (لأن المولى يملك الإعتاق في ولدها) ش: لأن الدعوة من المولى كالتحرير، وإنه يملك تحرير ولدها من غيره قصدا، فلأن يملك ذلك ضمنا للدعوة بالطريق الأولى م:(وماله) ش: بفتح اللام، أي والذي له م:(من الملك) ش: في الجارية م: (يكفي لصحة الاستيلاد بالدعوة) ش: هذا في الحقيقة جواب عما عسى أن يتوهم أن ملك المولى في المكاتبة ناقص. فلا تصح دعوته، فقال الذي له من ملك الرقبة فيها كان لصحة الاستيلاد، وإن لم يكن له ملك اليد، وملكه فيها أقوى من ملك المكاتب في مكاتبته بدليل جواز إعتاق المولى مكاتبته دون المكاتب، والمكاتب إذا ادعى نسب الولد من مكاتبته يثبت نسبه، فلأن يثبت من المولى أولى.
وإذا مضت على الكتابة أخذت العقر من مولاها لاختصاصها بنفسها وبمنافعها على ما قدمنا، ثم إن مات المولى عتقت بالاستيلاد وسقط عنها بدل الكتابة، وإن ماتت هي وتركت مالا تؤدي منه مكاتبتها وما بقي ميراث لابنها جريا على موجب الكتابة. فإن لم تترك مالا فلا سعاية على الولد لأنه حر. ولو ولدت ولدا آخر لم يلزم المولى إلا أن يدعي لحرمة وطئها عليها،
ــ
[البناية]
م: (وإذا مضت على الكتابة) ش: أراد أنها إذا اختارت الكتابة ومضت عليها م: (أخذت العقر من مولاها) ش: أي مهر المثل، وبه قال مالك وأحمد والشافعي في قول م:(لاختصاصها بنفسها وبمنافعها على ما قدمنا) ش: أشار به إلى قوله في فصل الكتابة الفاسدة أنها صارت أخص بأجزائها.
م: (ثم إن مات المولى) ش: يعني بعد مضيها على المكاتبة م: (عتقت بالاستيلاد وسقط عنها بدل الكتابة) ش: ولا خلاف فيه؛ لأنها التزمت المال لتسلم لها رقبتها بجهة الكتابة ولم تسلم بهذه الجهة فلم يجب البدل.
فإن قلت: كان الواجب أن لا يسقط، لأن الأكساب تسلم لها وهذا آية بقاء الكتابة.
قلت: الكتابة تشبه المعاوضة، فبالنظر إلى ذلك لا يسقط البدل، ويشبه الشرط فبالنظر إليه يسقط، ألا ترى أنه لو قال لامرأته: إن دخلت الدار فأنت طالق ثم طلقها ثلاثا تبطل، فلما عتقت بالاستيلاد بطلت جهة الكتابة فعملنا بالشبهين. وقلنا بسلامة الإكساب عملا يشبه المعاوضة. وقلنا بسقوط بدل الكتابة عملا بشبه الشرط.
م: (وإن ماتت هي وتركت مالا؛ تؤدي منه مكاتبتها) ش: أي بدل كتابتها م: (وما بقي ميراث لابنها جريا على موجب الكتابة) ش: وقال أحمد: ما في يدها للسيد، وبه قال الشافعي في قول لبطلان الكتابة. فيكون العتق باستيلاد، فلا يكون ما في يدها للسيد ميراثا لابنها.
وقال مالك: من كان معها في كتابتها من ورثتها يؤدي ما بقي من الكتابة ويرث من ذكرنا ممن كان في الكتابة على قسمة الميراث، ولا يرث منها وارث آخر. قال ابن حزم: هذا قول لم يعرف من أحد وخلاف القرآن والسنة والمعقول.
م: (فإن لم تترك مالا فلا سعاية على الولد؛ لأنه حر. ولو ولدت ولدا آخر لم يلزم المولى) ش: بالسكوت؛ لأنه بسبب ولد أم الولد إنما يثبت بالسكوت إذا لم تكن محرم الوطء. وهذا محرم وطؤها م: (إلا أن يدعي لحرمة وطئها عليها) ش: وفي " مبسوط شيخ الإسلام " هذا إذا مضت على المكاتبة، أما لو عجزت بنفسها ولم تمض ثم ولدت فإنه يلزم المولى دون الدعوة لحل وطئها حينئذ.