الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولو
قال إن خطته اليوم فبدرهم وإن خطته غدا فبنصف درهم
، فإن خاطه اليوم فله درهم، وإن خاطه غدا فله أجر مثله عند أبي حنيفة رحمه الله لا يجاوز به نصف درهم. وفي " الجامع الصغير ": لا ينقص من نصف درهم ولا يزاد على درهم.
ــ
[البناية]
الجارية بمائة دينار أو زوجتك أمتي هذه بمائة درهم أو ابنتي فلانة بمائة دينار فقال قبلت كان باطلا.
[قال إن خطته اليوم فبدرهم وإن خطته غدا فبنصف درهم]
م: (ولو قال إن خطته اليوم فبدرهم وإن خطته غدا فبنصف درهم، فإن خاطه اليوم فله درهم، وإن خاطه غدا فله أجر مثله عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: لأن الشرط الأول جائز، والثاني فاسد، ولهذا يجب المسمى في الأول وأجر المثل في الثاني م:(لا يجاوز به نصف درهم) ش: أي لا يجاوز بأجر المثل نصف درهم، لأنه هو المسمى في اليوم الثاني.
م: (وفي " الجامع الصغير ": لا ينقص من نصف درهم ولا يزاد على درهم) ش: ذكر هذا تنبيها على اختلاف الرواية عن أبي حنيفة رحمه الله فيما إذا خاطه في اليوم الثاني فالأول ما ذكره القدوري وهو الصحيح، والثاني ما ذكره في " الجامع الصغير "، لأن التسمية الأولى لا تنعدم في اليوم الثاني فتعتبر لمنع الزيادة، وتعتبر التسمية الثانية لمنع النقصان، فإن خاطه في اليوم الثاني يأتي بيانه عن قريب.
وقال الكرخي: رحمه الله في " مختصره " فإن خاطه من بعد الغد فله أجر مثله في قولهم جميعا. واختلف عن أبي حنيفة رحمه الله في أجر المثل على ما حكاه في الوجه الأول يزاد على أجر الأول ولا ينقص من الأجر الثاني. وروي عنه إن كان أجر مثله أقل من الأجر الثاني فله الأقل من الأجر الثاني. وقال في الإملاء: في هذه المسألة له أجر مثله لا يتجاوز به درهما، انتهى.
وقال القدوري في " شرحه ": واختلفت الرواية عن أبي حنيفة رحمه الله إذا خاطه في اليوم الثاني، فقال في إحدى الروايتين له أجر مثله لا يزاد على درهم ولا ينقص من نصف درهم، وهذا رواية الأصل والجامع الصغير. ورواية محمد في الأصل وإحدى الروايتين عن ابن سماعة عن أبي يوسف في نوادره وإحدى روايتي ابن سماعة أيضا عن محمد في نوادره. وروى ابن سماعة عن أبي يوسف عن أبي حنيفة رحمه الله في نوادره رواية أخرى أن له في اليوم الثاني أجر مثله لا يزاد على نصف درهم وهي الرواية الصحيحة، انتهى.
وقال فخر الإسلام في شرح " الجامع الصغير " عن أبي حنيفة رحمه الله في " النوادر ": أنه يجب في شرط الثاني أجر مثله لا يجاوز به نصف درهم وينقص عنه وهو اختيار الكرخي.
وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله -: الشرطان جائزان. وقال زفر رحمه الله: الشرطان فاسدان؛ لأن الخياطة شيء واحد، وقد ذكر بمقابلته بدلان على البدل، فيكون مجهولا، وهذا لأن ذكر اليوم للتعجيل وذكر الغد للترفيه فيجتمع في كل يوم تسميتان. ولهما أن ذكر اليوم للتأقيت وذكر الغد للتعليق فلا يجتمع في كل يوم تسميتان. ولأن التعجيل والتأخير مقصودان فنزل منزلة اختلاف
ــ
[البناية]
م: (وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله -: الشرطان جائزان) ش: ففي أيهما خاط يستحق المسمى فيه م: (وقال زفر رحمه الله: الشرطان فاسدان) ش: وبه قال الشافعي ومالك وأحمد رحمهم الله في ظاهر مذهبه والثوري وإسحاق وهو القياس م: (لأن الخياطة شيء واحد) ش: لأنه استأجره على مطلق الخياطة فالفعل غير مختلف وإنما يختلف الزمان م: (وقد ذكر بمقابلته بدلان على البدل) ش: أي بمقابلة شيء واحد الذي هو الخياطة، وأراد بالبدلين هو درهم ونصف درهم. وأراد بقوله على البدل على الطريق البدل م:(فيكون مجهولا) ش: أي فيكون البدل الذي هو الأجر مجهولا فصار كأنه قال: خطته بدرهم ونصف دراهم وهو باطل، فكذا هذا.
م: (وهذا) ش: توضيح لما قبله م: (لأن ذكر اليوم للتعجيل) ش: لا للتوقيت لأنه خال إفراد العقد باليوم بقوله: خطته اليوم بدرهم كان للتعجيل لا للتوقيت حتى لو خاطه في الغد استحق الأجر فكذا هما م: (وذكر الغد للترفيه) ش: لا للإضافة والتعليق ولهذا لو أفرد العقد في الغد بأن قال خطته غدا بنصف درهم ثبت هذا العقد في اليوم حتى لو خاطه اليوم استحق نصف درهم م: (فيجتمع في كل يوم تسميتان) ش: فيبطل العقد للجهالة بيان ذلك أما في اليوم الأول فلأن ذكر الغد للترفيه كان العقد المضاف إلى غد ثابت اليوم مع عقد اليوم وأما في الغد فلأن العقد المنعقد في اليوم باق لأن ذكر اليوم للتعجيل فيجتمع مع المضاف إلى غد فهذا بيان اجتماع التسميتين في كل يوم.
م: (ولهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - م: (أن ذكر اليوم للتأقيت) ش: لأنه حقيقة، فكان قوله: إن خطته اليوم فبدرهم مقتصرا على اليوم فبانقضاء اليوم لا يبقى إلى الغد، بل ليقضي بانقضاء الوقت م:(وذكر الغد للتعليق) ش: أي للإضافة، لأن الإجارة لا تقبل التعليق، لكن تقبل الإضافة لم يكن العقد ثابتا في الحال. وقال الكاكي: ولهذا ذكر في بعض النسخ وذكر الغد للإضافة م: (فلا يجتمع في كل يوم تسميتان) ش: فيصح الشرطان م: (ولأن التعجيل والتأخير مقصودان) ش: دليل آخر لهما، ومعناه أن المعقود عليه واحد وهو العمل ولكن بصفة خاصة فيكون مراده التعجيل لبعض أغراضه في اليوم من التجمل والبيع بزيادة فائدة فيفوت ذلك ويكون التأجيل مقصودا م:(فنزل) ش: باختلاف الغرض م: (منزلة اختلاف
النوعين ولأبي حنيفة رحمه الله أن ذكر الغد للتعليق حقيقة ولا يمكن حمل اليوم على التأقيت لأن فيه فساد العقد لاجتماع الوقت والعمل. وإذا كان كذلك يجتمع في الغد تسميتان دون اليوم فيصح الأول ويجب المسمي ويفسد الثاني ويجب أجر المثل
ــ
[البناية]
النوعين) ش: من العمل كما في الخياطة الفارسية والرومية.
فإن قلت: قد جعلا ذكر اليوم في مسألة خبز المخاتيم للتعجيل فما لهما لم يجعلا كذلك هاهنا.
قلت: هنالك حملا على المجاز تصحيحا للعقد، وهاهنا حملا على الحقيقة للتصحيح أيضا إذا لو عكس الأمر في الفصلين يلزم إبطال ما قصد العاقدان في صحة العقد، والأصح تصحيح تصرف العاقل ما أمكن.
م: (ولأبي حنيفة رحمه الله أن ذكر الغد للتعليق) ش: أي للإضافة، ويجوز أن يقال عبر عن الإضافة بالتعليق إشارة إلى أن النصف في الغد ليس بتسمية جديدة لأن التسمية الأولى باقية وإنما هو يحط النصف لأمر التأخير فيكون معناه ذكر الغد للتعليق أي لتعليق الحط بالتأخير وهو يقبل التأخير م:(حقيقة) ش: أي من حيث الحقيقة، فإذا كان حقيقة وأمكن العمل بها لا يصار إلى المجاز فلا يجتمع تسميتان في اليوم م:(ولا يمكن حمل اليوم على التأقيت) ش: الذي هو حقيقة اليوم م: (لأن فيه فساد العقد لاجتماع الوقت والعمل) ش: فإذا نظرنا إلى ذكر العمل كان الأجير مشتركا.
وإذا نظرنا إلى ذكر اليوم كان أجيرا واحدا، وهما متنافيان لتنافي لوازمهما، فإن ذكر العمل يوجد عدم وجوب الأجرة ما لم يعمل. وذكر الوقت يوجب وجوبها عند تسليم النفس في المدة، وتنافي اللوازم يدل على تنافي الملزومات ولذلك عدلنا عن الحقيقة التي هي للتأقيت إلى المجاز الذي هو التعجيل م:(وإذا كان كذلك يجتمع في الغد تسميتان دون اليوم فيصح الأول) ش: أي الشرط الأول م: (ويجب المسمى ويفسد الثاني) ش: أي الشرط الثاني م: (ويجب أجر المثل) ش: لا مقتضى الإجارة الفاسدة.
قيل: في جعل اليوم للتعجيل صحة الإجارة الأولى وفساد الثانية، وفي جعله للتوقيت فساد الأولى وصحة الثانية، ولا رجحان لأحدهما على الآخر فكان تحكما.
أجيب بأن فساد الإجارة الثانية يلزم في ضمن صحة الأولى، والضمان غير معتبرة.
قيل: هذا يشكل على قول أبي حنيفة بمسألة المخاتيم، فإنه جعل فيها ذكر اليوم للتأقيت وفساد العقد، وهاهنا التعجيل وصححه.
لا يجاوز به نصف درهم لأنه هو المسمى في اليوم الثاني وفي " الجامع الصغير " لا يزاد على درهم ولا ينقص من نصف درهم لأن التسمية الأولى لا تنعدم في اليوم الثاني، فتعتبر لمنع الزيادة وتعتبر التسمية الثانية لمنع النقصان، فإن خاطه في اليوم الثالث لا يجاوز به نصف درهم عند أبي حنيفة رحمه الله -وهو
ــ
[البناية]
أجيب: بأن ذكر اليوم للتأقيت حقيقة فلا يترك ما لم يمنع مانع كما نحن فيه، فإن الحمل على الحقيقة مفسد للعقد فمنع لذلك وقام الدليل على المجاز وهو نقصان الأجر للتأخير بخلاف حالة الانفراد فإنه لا دليل ثمة على المجاز فكان التأقيت مرادا وفسد العقد.
ورد بأن دليل المجاز قائم وهو تصحيح العقد على تقدير التعجيل فيكون مرادا نظرا إلى ظاهر الحال.
وأجيب: أن الجواز بظاهر الحال في حيز النزاع فلا بد من دليل زائد على ذلك، وليس بموجود بخلاف ما نحن فيه، فإن نقصان الأجر دليل زائد على الجواز بظاهر الحال م:(لا يجاوز به نصف درهم) ش: أي بأجر المثل قد قلنا فيما مضى: إن هذا إسناد الفعل بالجار والمجرور على رأي الكوفيين فيكون الثاني محل الرفع ونصف درهم منصوب على المفعولية وقال زفر والثلاثة: يجب أجر المثل بالغا ما بلغ م: (لأنه) ش: أي نصف درهم م: (هو المسمى في اليوم الثاني) ش: فإن قلت: فالدرهم أيضا سمي في اليوم الثاني لأن اليوم جعل للتعجيل فصار وجوده كعدمه في الغد فلا يكون راضيا بحط نصف من الدرهم.
قلت: هذا مسلم، لكن ذكر النصف في الغد بطريق التصريح بخلاف ذكر الدرهم فهو مصرح في اليوم دون الغد.
م: (وفي الجامع الصغير لا يزاد على الدرهم ولا ينقص من نصف درهم) ش: لما أعاد لفظ الجامع لبيان الدليل على اختلاف الرواية، ولكن لو ذكره هناك كان أولى وأبعد من التكرار ظاهرا وقال الأترازي: إنما أعاد لفظ الجامع للمخالفة الظاهرة بين رواية الجامع والرواية الأولى.
قلت: هذا وقوع فيما هرب عنه، لأنه بين هناك تلك المخالفة وإنما الإعادة لما ذكرنا م:(لأن التسمية الأولى لا تنعدم في اليوم الثاني فتعتبر لمنع الزيادة، وتعتبر التسمية الثانية لمنع النقصان) ش: منع الزيادة عن الدرهم ومنع النقصان عن نصف درهم.
م: (فإن خاطه في اليوم الثالث لا يجاوز به نصف درهم عند أبي حنيفة رحمه الله وهو