الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وما أدى المكاتب من الصدقات إلى مولاه ثم عجز فهو طيب للمولى لتبدل الملك، فإن العبد يتملكه صدقة والمولى عوضا عن العتق
ــ
[البناية]
الكتابة معنى على نفوذ القضاء ولزومه، وذلك لصيانة القضاء عن البطلان، وفي صيانته بطلان ما يجبر عليه وهو الكتابة رعاية لحق المكاتب وليس أحد البطلانين أرجح.
أجيب: بما ذكرنا آنفا من أن صيانة القاضي.... إلى آخره.
ثم اعلم أن في مسألة الإرث إذا ظهر للولد ولاء من قبل الأب عند أداء البدل، فهو إلى الأم لا يرجعون بما عقلوا من جناية الولد في حياة المكاتب على موالي الأب؛ لأنه إنما حكم بعتقه في آخر جزء من أجزاء حياته فلا يستند عتقه إلى أول عقد الكتابة، فكان موالي الأم عند حياته مواليه حقيقة، فلم يرجعوا بما عقلوا، إنما يرجعون بما عقلوا عن جناية بعد موت الأب قبل أداء البدل؛ لأن عتق الأب لما استند إلى حال حياته بين أن ولاءه كان لموالي الأب في ذلك الوقت، وموالي لا يجبرون على الأداء فيرجعون بما أدوا.
وذكر التمرتاشي هذا الذي ذكرنا فيما إذا مات عن وفاء، فإن مات لا عن وفاء قال الإسكاف رحمه الله: تنفسخ الكتابة، حتى لو تطوع إنسان بأداء بدل الكتابة لا يقبل منه. وقال أبو الليث رحمه الله: لا تنفسخ ما لم يقض بعجزه، حتى لو تطوع قبل القضاء يقبل منه.
[حكم ما أدى المكاتب من الصدقات إلى مولاه]
م: (قال) ش: أي في " الجامع الصغير ": م: (وما أدى المكاتب من الصدقات إلى مولاه) ش: أراد أن المكاتب إذا أخذ شيئا من الزكاة وأداه إلى مولاه من بدل الكتابة م: ثم عجز) ش: أي عن الكتابة م: (فهو طيب للمولى لتبدل الملك) ش: أي لتغير الملك بتغير السبب م: (فإن العبد يتملكه صدقة) ش: أي حال كونه صدقة م: (والمولى عوضا عن العتق) ش: أي يتملكه المولى حال كونه عوضا عن العتق، وفي بعض النسخ عوضا عن العين.
فإن قلت: إن ملك الرقبة للمولى فإنه يتبدل الملك.
قلت: إن ملك الرقبة للمولى مقلوب في مقابلة ملك السيد، ولهذا التصرف للمكاتب لا للمولى، وله أن يمنع المولى من التصرف وبالعجز يصير الأمر على العكس، فكان تبدلا وقد نظر صاحب العناية فيه بأن قال لا نسلم أن ذلك تبدل، ولئن كان فلا نسلم أن مثله بمنزلة تبدل العين، ولعل أن يقال المولى لم يكن له ملك يد قبل العجز وحصل به فكان تبدلا.
قلت: أول كلامه منع مجرد، والثاني دعوى بلا برهان. وقوله ولعل الأولى فيه نظر؛ لأنه لم يكن له ملك يد فله ملك رقبة، وليس المراد منه التبدل حقيقة بأن يراد تبدل الذات، وإنما المراد التبدل الحكمي فافهم.
وإليه وقعت الإشارة النبوية في حديث بريرة رضي الله عنها «هي لها صدقة ولنا هدية» . وهذا بخلاف ما إذا أباح للغني والهاشمي؛ لأن المباح له يتناوله على ملك المبيح فلم يتبدل الملك، فلا نطيبه، ونظيره المشتري شراء فاسدا إذا أباح لغيره لا يطيب له ولو ملكه يطيب،
ولو عجز قبل الأداء إلى المولى فكذلك الجواب، وهذا عند محمد رحمه الله ظاهر؛ لأن بالعجز يتبدل
ــ
[البناية]
م: (وإليه) ش: أي وإلى التبدل ويحل بعد التبدل م: (وقعت الإشارة النبوية في حديث بريرة رضي الله عنها هي لها صدقة ولنا هدية) ش: يروى عنها قالت: «جاءتني بريرة فقالت: إني كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية فأعينيني، قالت: إن أحب أهلك أن أعدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فقالت: إني قد عرضت ذلك عليهم قالوا: إلا أن يكون الولاء لهم. فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته عائشة رضي الله عنها، فقال: " خذيها واشترطي الولاء فإنما الولاء لمن أعتق " ففعلت عائشة رضي الله عنها ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فحمد الله ثم قال: " أما بعد فما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله حق وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق» .
وأخرج البخاري ومسلم أيضا «ودخل النبي صلى الله عليه وسلم وبرمته على النار فقرب إليه خبزا وإدام من أدم البيت فقال: " لم أر البرمة " فقيل لحم تصدق به على بريرة وأنت لا تأكل الصدقة، قال: " هو لها صدقة ولنا هدية ".»
م: (وهذا) ش: أي الحكم المذكور م: (بخلاف ما إذا أباح للغني والهاشمي) ش: أي بخلاف ما إذا أباح الفقير ما أخذه من مال الزكاة لغني أو هاشمي فإنه لا يباح لهما م: (لأن المباح له يتناوله على ملك المبيح فلم يتبدل الملك فلا نطيبه) ش: فلم يتبدل سبب الملك، ولهذا ليس للضيف أن يعطي شيئا مما تقدم عليه؛ لأنه لم يصر ملكا حتى يتولى الإعطاء إلى الغير.
م: (ونظيره) ش: أي نظير ما ذكر م: (المشتري شراء فاسدا) ش: بأن اشترى رجل طعاما مأكولا بيعا فاسدا م: (إذا أباح لغيره لا يطيب له) ش: أي لا يطيب للغير تناوله؛ لأن في الأولى الملك غير مستقر لوجود الفسخ، بخلاف الثاني م:(ولو ملكه يطيب) ش: بأن باعه بيعا صحيحا أو وهبه حل له التناول.
م: (ولو عجز قبل الأداء إلى المولى) ش: أي ولو عجز المكاتب عن الكتابة قبل أداء ما أخذه من الزكاة إلى المولى م: (فكذلك الجواب) ش: يعني أنه طيب للمولى على الصحيح م: (وهذا) ش: أي وكون هذا طيبا قبل الأداء أيضا م: (عند محمد رحمه الله ظاهر؛ لأن بالعجز يتبدل