الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولأن الجهالة في المعقود عليه وفي بدله تفضي إلى المنازعة كجهالة الثمن والمثمن في البيع. وما جاز أن يكون ثمنا في البيع جاز أن يكون أجرة في الإجارة؛ لأن الأجرة ثمن المنفعة فتعتبر بثمن المبيع
وما لا يصلح ثمنا يصلح أجرة أيضا كالأعيان،
ــ
[البناية]
السلام «من استأجر أجيرا فليعلمه أجره» فالحديث دل بعبارته على اشتراط إعلام الأجرة وبدلالته على اشتراط إعلام المنافع؛ لأن اشتراط إعلامها لقطع المنازعة فالمنفعة تشاركها في المعنى م: (ولأن الجهالة في المعقود عليه، وفي بدله تفضي إلى المنازعة كجهالة الثمن والمثمن في البيع) ش: لأن شرعية المعاوضات لقطع المنازعات والجهالة فيهما مفضية إليها.
م: (وما جاز أن يكون ثمنا في البيع) ش: كالنقود والمكيل والموزون م: (جاز أن يكون أجرة في الإجارة) ش: إلى هنا لفظ القدوري قال الشيخ أبو نصر البغدادي في شرحه: وهذا الذي ذكر ليس على وجه الحد، وإنه لا يجوز غيره يبين ذلك أن الأعيان لا تكون أثمانا وتكون أجرة، وإنما ذكر ذلك لأنه هو الغالب، وقال الأترازي: يعني ما ذكره القدوري مطرد وليس ينعكس وأراد بالأعيان ما لم يكن مثليا كالحيوان، ثم الحيوان إنما يصلح أجرة إذا كان معينا وإلا فلا.
وقال الكرخي في " مختصره " في الفرق بين المبيع والثمن: ما يتعين في العقد فهو مبيع وما لم يتعين فهو ثمن، إلا أن يقع عليه لفظة البيع. قال الفراء: الثمن ما كان في الذمة، فالدراهم والدنانير أثمان أبدا لا يتعين بالعقد على أصول أصحابنا، فإنما يثبت في الذمة، والأعيان التي ليست من ذوات الأمثال مبيعة أدبا، والمكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة بين مبيع وثمن.
فإن كانت معينة فهي مبيعة أيضا، وإن كانت غير معينة فإن استعملت استعمال الأثمان فهي ثمن نحو أن يقول اشتريت منك هذا العبد بكذا وكذا حنطة ونصف، وإن استعملت استعمال المبيع كان سلما نحو أن يقول اشتريت منك كذا حنطة بهذا العبد فلا يصح العقد إلا بطريق السلم والفلوس بمنزلة الدراهم والدنانير في أنها لا تتعين بالتعيين، كذا ذكره الشيخ أبو الفضل الكرماني في " الإيضاح ".
م: (لأن الأجرة ثمن المنفعة فتعتبر بثمن المبيع) ش: أن الإجارة بين المنفعة والأجرة ثمنها فيعتبر بالمبيع
[ما يصلح أجرة في الإجارة]
م: (وما لا يصلح ثمنا يصلح أجرة أيضا كالأعيان) ش: التي ليست من ذوات الأمثال كالحيوانات والعدديات المتفاوتة فإنها لا تصح ثمنا أصلا لما مر في البيوع أن الأصول ثلاثة ثمن محض كالدراهم، ومبيع محض كالأعيان التي ليست من ذوات الأمثال، وما كان بينهما كالمكيلات والموزونات ثم الأعيان إنما تصح أجرة إذا كانت معينة كما إذا استأجر دارا بثوب معين، وإن كان لا يصلح ثمنا قيل فيه نظر، فإن المقايضة بيع وليس فيها أعيان الجانبين، فلو لم
فهذا اللفظ لا ينفي صلاحية غيره لأنه عوض مالي، والمنافع تارة تصير معلومة بالمدة كاستئجار الدور للسكنى والأرضين للزراعة فيصح العقد على مدة معلومة، أي مدة كانت لأن المدة إذا كانت معلومة كان قدر المنفعة فيها معلوما إذا كانت المنفعة لا تتفاوت،
وقوله:
ــ
[البناية]
يصح العين ثمنا كانت بيعا بلا ثمن وهو باطل.
ويمكن أن يجاب عنه بأن النظر على المثال ليس من دواب المناظرين، فإذا كان الأصل صحيحا جاز أن يمثل بمثال آخر كالتمثيل بالمنفعة فإنها تصح أجرة إذا اختلفت جنس المنافع كما إذا استأجر سكنى دار بركوب دابة ولا يصلح ثمنا أصلا.
م: (فهذا اللفظ) ش: أشار به إلى قوله ما جاز أن يكون ثمنا في البيع، إلى آخر، وهذا لفظ القدوري م:(لا ينفي صلاحية غيره) ش: أي غير الثمن م: (لأنه) ش: أي لأن الأجرة والتذكير على تأويل الأجرة م: (عوض مالي) ش: فيعتمد وجود المال والأعيان والمنافع أموال مجاز أن يقع أجرة، وبه قال الثلاثة رحمهم الله حتى قالوا يجوز إجارة سكنى دار بسكنى دار؛ لأن السكنى يجوز أن يكون ثمنا فيجوز أن يكون أجرة، وكره الثوري الإجارة بطعام موصوف في الذمة. ثم الأجرة إن كانت من النقود يشترط بيان جنسها وصفتها بأنها جيدة أو وسط أو رديئة، وإن كانت مكيلا أو موزونا أو عدديا متقاربا يشترط فيها بيان القدر والصفة، ويحتاج إلى بيان مكان الإيفاء إذا كان له حمل ومؤنة عند أبي حنيفة رحمه الله خلافا لهما والثلاثة، وإن كان عرضا أو ثوبا يشترط فيه شرائط السلم، وفي هذا كله إذا كانت الأجرة حيوانا لا يجوز إلا إذا كان عينا فإعلامه بالإشارة لأنها أبلغ أسباب التعريف، وإن كانت الأجرة حيوانا لا يجوز إلا إذا كان عينا لعدم ثبوت الحيوان في الذمة بدلا عما هو مال.
م: (والمنافع تارة تصير معلومة بالمدة كاستئجار الدور للسكنى والأرضين للزراعة فيصح العقد على مدة معلومة أي مدة كانت) ش: هذا لفظ القدوري، وبه قال كافة أهل العلم إلا أن الأصحاب اختلفوا في مذهبه، فمنهم من قال: له قولان، أحدهما: كقول سائر أهل العلم وهو الصحيح، والثاني: لا يجوز أكثر من سنة؛ لأن الجواز للحاجة ولا حاجة في أكثر من السنة، ومنهم من قال قولا ثالثا: أنها لا تجوز أكثر من ثلاث سنين؛ لأن الغالب أن الأعيان لا تبقى أكثر منها وتتغير الأسعار والأجر.
قلنا: هذا مخالف لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27](القصص: الآية 27)، وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يقم دليل على نسخه م:(لأن المدة إذا كانت معلومة كان قدر المنفعة فيها معلوما إذا كانت المنفعة لا تتفاوت) ش: احترز بهذا عن استئجار الأرض للزراعة إلى مدة معلومة، حتى لا يصلح أن يسمى ما يزرع فيها على ما يجيء.
م: (وقوله) ش: أي قول
" أي مدة كانت " إشارة إلى أنه يجوز، طالت المدة أو قصرت لكونها معلومة، ولتحقق الحاجة إليها عسى، إلا أن في الأوقاف لا تجوز الإجارة الطويلة كي لا يدعي المستأجر ملكها وهي ما زاد على ثلاث سنين وهو المختار،
" قال: وتارة تصير معلومة بنفسه كمن استأجر رجلا على صبغ ثوبه أو خياطته، أو استأجر دابة ليحمل عليها مقدارا معلوما أو يركبها مسافة سماها لأنه إذا بين الثوب ولون الصبغ وقدره،
ــ
[البناية]
القدوري: م: (أي مدة كانت إشارة إلى أنه يجوز طالت المدة أو قصرت لكونها معلومة) ش: وفي " الذخيرة ": ولو وقتا مدة الإجارة وقتا لا يعيش إليها أحدهما قبل المدة لا يصح، به أفتى القاضي أبو عاصم العامري؛ لأن الغالب كالمتيقن في حق الأحكام فكانت الإجارة مؤبدة، والتأبيد يبطل الإجارة.
وقال الخصاف: يجوز لأن العبرة للفظ فإنه يقتضي التوقيت ولا عبرة بموت أحدهما قبل انتهاء المدة؛ لأن ذلك عسى يوجد وعسى لا يوجد كما لو زوج امرأة إلى مائة سنة فإنه توقيت لا تأبيد حتى يكون متعة، وإن كانت المدة لا يعيش إليها غالبا، وجعل نكاحا موقوفا اعتبارا للفظ م:(ولتحقق الحاجة إليها عسى) ش: أي إلى المدة الطويلة، وعسى هاهنا وقع مجردا عن الاسم والخبر تقديره عسى الاحتياج إلى المدة الطويلة يتحقق الاحتياج، وأهل العربية يأبون ذلك م:(إلا أن في الأوقاف) ش: استثناء من قوله أي مدة كانت م: (لا تجوز الإجارة الطويلة كيلا يدعي المستأجر ملكها) ش: أي ملك العين المستأجرة.
م: (وهي) ش: أي الإجارة الطويلة في الأوقاف م: (ما زاد على ثلاث سنين وهو المختار) ش: أي المختار في المذهب أن لا يزيد على ثلاث سنين وهو اختيار مشايخ بلخ. وقال غيرهم: يجوز وبه قال أكثر أهل العلم. ولكن يرفع إلى الحاكم حتى يبطله وبه أفتى الفقيه أبو الليث، كذا في " التتمة ". هذا إذا لم يشترط الواقف أن لا يؤجر أكثر من سنة، وأما إذا شرط فليس لمتولي الوقف أن يزيد على ذلك، فإن كانت مصلحة الوقف تقتضي ذلك يرفع إلى الحاكم حتى يحكم بجوازها. وفي شرح " حبل الخصاف " قال بعض مشايخنا: يجوز الإجارة الطويلة على الأوقاف أن يعقدوا عقودا متفرقة كل عقد على سنة فيكتب في الصك كذلك فيكون العقد الأول لازما، والثاني غير لازم لأنه مضاف.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وتارة تصير) ش: أي المنافع م: (معلومة بنفسه) ش: أي بنفس العقد م: (كمن استأجر رجلا على صبغ ثوبه أو خياطته أو استأجر دابة ليحمل عليها مقدارا معلوما أو يركبها مسافة سماها لأنه إذا بين الثوب) ش: بأنه قطن أو كتان أو صوف أو حرير لأنه متعارف في الصبغ والخياطة م: (ولون الصبغ) ش: بأنه أحمر أو أصفر ونحوهما م: (وقدره) ش:
وجنس الخياطة والقدر المحمول وجنسه والمسافة صارت المنفعة معلومة فصح العقد. وربما يقال الإجارة قد تكون عقدا على العمل كاستئجار القصار والخياط، ولا بد أن يكون العمل معلوما وذلك في الأجير المشترك. وقد يكون عقدا على المنفعة كما في أجير الواحد.
ــ
[البناية]
أي قدر الصبغ بأن يلقيه في حب الصبغ مرة أو مرتين م: (وجنس الخياطة) ش: بأنها فارسية أو رومية م: (والقدر المحمول) ش: على الدابة بأنه قنطاران م: (وجنسه) ش: أي جنس المحمول بأنه حنطة أو شعير أو علف م: (والمسافة) ش: بأنه يوم أو يومان م: (صارت المنفعة معلومة فصح العقد) ش: لارتفاع الجهالة المفضية إلى النزاع.
م: (وربما يقال) ش: إشارة إلى تخريج بعض المشايخ منهم القاضي أبو زيد فإنه ذكر في " الأسرار " أن الإجارة نوعان بيع منفعة بجنسه وهو إجارة الدار ونحوها وبيع العمل المسمى المعلوم، وإنه يجوز من غير ذكر الوقت، وإنه أنواع ثلاثة: بيع عمل محض كالخياطة ونحوها. وبيع عمل مع عين المال كالصناعة بصبغ الصباغ والاستصناع وهو طلب صناعة في العين، وقد أشار إلى بعض ذلك.
وقال صاحب " التحفة ": الإجارة نوعان، إجارة على المنافع، وإجارة على الأعمال، ولكل نوع شروط وأحكام.
أما الإجارة على المنافع فكإجارة الدور والمنازل والحوانيت والصناع وعبيد الخدمة، والدواب للركوب والحمل، والثياب وحلي البسر، والأواني للاستعمال، والعقد في ذلك كله جائز. وشرط جوازه أن تكون العين المستأجرة معلومة، والأجرة معلومة، والمدة معلومة بيوم أو شهر أو سنة؛ لأنه عقد معاوضة كالبيع وإعلام المبيع، والثمن شرط في البيع، فكذلك هاهنا. إلا أن المعقود عليه هاهنا هو المنافع فلا بد من إعلامها بالمدة والعين الذي عقد عليه الإجارة على منافعه.
وأما الإجارة على الأعمال فكاستئجار الإسكاف والقصار والصباغ وسائر من يشترط عليه العمل في سائر الأعمال من حمل الأشياء من موضع ونحوه، وأحكام هذا مذكورة في الكتاب، أشار إليه بقوله م:(الإجارة قد تكون عقدا على العمل كاستئجار القصار والخياط، ولا بد أن يكون العمل معلوما وذلك) ش: كالخياطة الفارسية والرومية والقصارة مع النشاء أو بدونه م: (في الأجير المشترك) ش: أي كون العقد على العمل في الأجير المشترك م: (وقد يكون عقدا على المنفعة) ش: كاستئجار الرجل يوما أو شهرا للعمل م: (كما في أجير الواحد) ش: بالإضافة.
وفي بعض النسخ بالأجير الواحد والأول أصح؛ لأنه ذكر في " المغرب ": أجير الواحد على الإضافة أي أجير المستأجر الواحد بخلاف أجير المشترك، وفي معناه الأجير الخاص ولو