الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب كتابة العبد المشترك
قال: وإذا كان العبد بين رجلين أذن أحدهما لصاحبه أن يكاتب نصيبه بألف درهم ويقبض بدل الكتابة، فكاتب وقبض بعض الألف ثم عجز فالمال للذي قبض عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا هو مكاتب بينهما، وما أدى فهو بينهما. وأصله أن الكتابة تتجزأ عنده، خلافا لهما، بمنزلة العتق؛ لأنها تفيد الحرية من وجه فتقتصر على نصيبه عنده للتجزؤ. وفائدة الإذن أن لا يكون له حق الفسخ كما يكون له إذا لم يأذن وإذنه له بقبض البدل
ــ
[البناية]
[باب كتابة العبد المشترك]
م: (باب كتابة العبد المشترك) ش: أي هذا باب في بيان أحكام العبد المشترك، ولما كان الواحد قبل الاثنين قدم حكم كتابة الواحد، ثم أعقبه بحكم كتابة الاثنين وما فوقهما. م:(قال) ش: أي في " الجامع الصغير ": م: (وإذا كان العبد بين رجلين) ش: وفي بعض النسخ بين شريكين وهي أولى م: (أذن أحدهما لصاحبه أن يكاتب نصيبه) ش: بأن قال كاتب نصيبك من العبد م: (بألف درهم ويقبض) ش: بنصب الضاد، أي وأن يقبض م:(بدل الكتابة فكاتب وقبض بعض الألف ثم عجز فالمال للذي قبض عند أبي حنيفة رحمه الله. وقالا: هو مكاتب بينهما) ش: أي بين الشريكين م: (وما أدى) ش: أي المكاتب من المال م: (فهو بينهما) ش: أي بين الشريكين م: (وأصله) ش: أي أصل الاختلاف. وقال الكاكي: أصل قوله فالمال للذي قبض.
م: (أن الكتابة تتجزأ عنده) ش: أي عند أبي حنيفة م: (خلافا لهما بمنزلة العتق) ش: أي بمنزلة تجزؤ الإعتاق عنده خلافا لهما. ولما كانت لا تجزؤ عندهما كان بكتابة أحدهما نصيبه صار كله مكاتبا على ما يجيء الآن. م: (لأنها) ش: أي لأن الكتابة م: (تفيد الحرية من وجه) ش: لأن يكون حرا من حيث اليد م: (فتقتصر على نصيبه عنده) ش: أي فتقتصر الكتابة على نصيب المكاتب بكسر التاء عند أبي حنيفة رحمه الله م: (للتجزؤ) ش: أي لأجل تجزؤ الكتابة.
م: (وفائدة الإذن) ش: هذا جواب عن سؤال مقدر تقديره أن يقال إذا كانت الكتابة تتجزأ فما الفائدة في إذن أحدهما للآخر بالكتابة، فقال: وفائدة الإذن م: (أن لا يكون له) ش: أي الشريك الذي لم يكاتب م: (حق الفسخ كما يكون له إذا لم يأذن، وإذنه له بقبض البدل) ش: أي الشريك الذي لم يكاتب.
قال الكاكي: إنما ذكر هذا، يعني قوله: وفائدة الإذن لئلا يتوهم أن الإذن شرط في حق جواز كتابة نصيبه، فإنه لو كاتب نصيبه صحت الكتابة ونفذت بالإجماع عند أبي حنيفة -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
رحمه الله في نصيبه. وعندهما في الكل ويثبت للساكت حق الفسخ بالاتفاق، فلو لم يفسخ حتى أدى البدل عتق حظه عند أبي حنيفة، وللساكت أن يأخذ من المكاتب نصف ما أخذ من البدل؛ لأنه عبد مشترك.
قلت: كيف يقول نفذت بالإجماع، وفيه خلاف مالك والشافعي رحمه الله على ما نبين، فنقول: إن أذن أحد الشريكين للآخر بالكتابة جازت، خلافا لمالك والشافعي في قول، وبغير الإذن أيضا يجوز عندنا، ولكن لصاحبه نقضه.
وقال الشافعي ومالك: لا يجوز. وقال أحمد والحسن وابن أبي ليلى: يجوز بغير الإذن أيضا ولا ينقضه صاحبه، فإذا أدى العبد البدل ومثله للساكت يعتق.
فإن قيل: الكتابة إما أن يعتبر فيها معنى المعاوضة أو معنى الإعتاق أو معنى تعليق العتق بأداء المال. ولو وجد شيء من ذلك من أحد الشريكين بغير إذن صاحبه ليس للآخر ولاية الفسخ، فمن أين كتابة ذلك؟
أجيب: بأن الكتابة ليست عين كل واحد من المعاني المذكورة، وإنما هي تشتمل عليها، فيجوز أن يكون لها حكم يختص وهو ولاية الفسخ لمعنى توجيه، وهو إلحاق الضرر ببطلان حق البيع للشريك الساكت بالكتابة.
ويصرف الإنسان في خالص حقه إنما يتنوع إذا لم يقصر به الغير، ثم المحل وهي الكتابة تقبل الفسخ، ولهذا ينفسخ بتراضيهما فيتحقق المقتضى، وانتفى المانع.
وأما المعاني المذكورة فالمعاوضة وإن قبلت الفسخ لكن ليس فيها ضرر لصاحبه، فإنه إذا باع نصيبه لم يبطل على صاحبه بيع نصيبه والإعتاق والتعليق وإن كان فيها ضرر، لكن المحل لا يقبل الفسخ، أما الإعتاق فظاهر، وأما التعليق فلأنه يمين.
ثم اعلم أن هذا الذي ذكرنا إذا كاتبه أحد الشريكين، فأما إذا كاتبه الشريكان معا كتابة واحدة يجوز، وبه قالت الثلاثة، فإذا أدى إلى أحدهما حصته لم يعتق نصيبه أو وهب له عتق.
ثم المكاتب بالخيار بعد إعتاق أحدهما إن شاء عجز ويكون الشريك بالخيار بين التضمين والسعاية في نصف القيمة، والعتق في قول أبي حنيفة رحمه الله وبين العتق والسعاية إن كان معسرا، وعند أبي يوسف رحمه الله يضمن المعتق إن كان موسرا ويسعى العبد من نصف قيمته إن كان معسرا. وعند محمد رحمه الله يضمن الأقل من نصف القيمة ونصف ما بقي من كتابته، وكذا العبد يسعى في الأقل عند البدل، أي بدل الكتابة.
إذن للعبد بالأداء فيكون متبرعا بنصيبه عليه، فلهذا كان كل المقبوض له
ــ
[البناية]
م: (إذن للعبد بالأداء فيكون) ش: أي الشريك الآذن م: متبرعا بنصيبه ش: من الكسب م: (عليه) ش: قال صاحب العناية: أي على المكاتب، فلهذا كان كل المقبوض له، ويجوز أن يكون ضمير عليه للعبد، أي فيكون الآذن متبرعا بنصيبه على العبد.
قلت: فيه تعسف والضمير للعبد كما قال غيره من الشراح م: (فلهذا) ش: أي فلأجل الكون الشريك الآذن متربعا بنصيبه من الكسب م: (كان كل المقبوض له) ش: أي لشريك الكاتب، ثم إذا تبرع الآذن بقبض الشريك لم يرجع.
فإن قيل: المتبرع يرجع بما تبرع إذا لم يحصل مقصودة من التبرع كمن تبرع بأداء الثمن عن المشتري ثم هلك المبيع قبل القبض أو استحق كان له الرجوع لعدم حصول مقصوده من التبرع وسلامة المبيع للمشتري.
أجيب: بأن المتبرع عليه هو المكاتب من وجه من حيث إن مقصود الأول قضاء دينه من ماله وبعد العجز صار عبدا له من كل وجه، والمولى لا يستوجب على عبده شيئا بخلاف البائع أو الزوج؛ لأن ذمتهما صالحة لوجوب دين المتبرع ويثبت له الحق الرجوع إذا لم يحصل مقصوده.
وفي " الكافي " ليس للساكت أن يأخذ منه نصيبه؛ لأن الإذن له بقبض البدل إذن للمكاتب بالأداء والإذن بالأداء تبرع منه بنصيبه من الكسب على المكاتب وقد تم بقبض المكاتب فسلم كله كرب الوديعة إذا أمر المودع بقضاء دينه مع الوديعة سنقضي لم يبق لرب الوديعة عليه سبيل، هكذا هذا إلا إذا نهاه قبل الأداء فيصح نهيه؛ لأنه تبرع ولم يتم ولو أذن وهو مريض وأدى من كسب بعض الكتابة صح من كل ماله؛ لأن الكسب إذا لم يكن موجود حالة الإذن فالآذن لم يتبرع بشيء من ماله حتى يعتبر من الثلث.
وإنما يتبرع لمنافع العبد حيث أذن له بصرفها في أداء بدل الكتابة وتبرع المريض بالمنافع يعتبر من جميع المال لا من الثلث؛ لأن حق الورثة يتعلق بالأعيان لا المنافع، وإن كان قد اكتسب قبل الكتابة فأذن فأذن له في أداء بدل الكتابة يعتبر من الثلث لوجود الكسب وقت الإذن وتعلق حق الورثة.