الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسائل منثورة
قال: ومن استأجر أرضا أو استعارها فأحرق الحصائد فاحترق شيء في أرض أخرى فلا ضمان عليه؛ لأنه غير متعد في هذا التسبيب، فأشبه حافر البئر في دار نفسه.
ــ
[البناية]
[مسائل منثورة في الإجارة]
م: (مسائل منثورة) ش: مسائل مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي هذه مسائل. وقوله منثورة بالرفع صفة المسائل، وتقدم معنى النثر.
م: (قال: ومن استأجر أرضا أو استعارها فأحرق الحصائد) ش: وهو جمع حصيد وهو الزرع المحصود، وأريد هاهنا ما يبقى من أصول الزرع المحصود في الأرض، وحصد الزرع جزه من باب طلب وضرب م:(فاحترق شيء في أرض أخرى فلا ضمان عليه، لأنه غير متعد في هذا التسبيب) ش: وفي بعض النسخ في هذا السبب فإنه مسبب لا مباشر، والضمان بطريق التسبيب يعتمد التعدي في التسبيب م:(فأشبه حافر البئر في دار نفسه) ش: فإن من حفر بئرا في ملكه فوقع فيها إنسان فهلك لا يضمن.
ولو رمى سهما في ملكه فأصاب إنسانا أو مالا فهلك يضمن، لأنه مباشر فلم يتوقف على التعدي، ولهذا، لأن المباشرة علة فلا يبطل حكمها بعذر، فأما التسبيب فليس بعلة فلا بد من صفة العدوان ليلحق بالعلة، وإحراق الحصائد هنا مباح وليس بتعد فلا يضاف التلف إليه.
ونقل صاحب " الأجناس " عن زيادات الأصل: لو وضع جمرا في الطريق فحركته الريح فذهب به من ذلك الموضع فأحرق شيئا لم يضمن من قبل أنه قد تغير عن حاله التي وضع عليها. وكذلك وإذا وضع حجرا.
وفي " الواقعات ": رجل أحرق شوكا أو بيتا في أرض، فذهبت الريح بالشرارات إلى أرض جاره فأحرق أرضه، إن كانت النار تبعد من أرض الجار على وجه لا يصل إليه شرر النار في العادة فلا ضمان عليه، لأن ذلك حصل بفعل النار وأنه جبار، ولو كان أرضه على وجه يصل إليه شرر النار فإنه يضمن لأن له أن يوقد النار في أرضه، ولكن على وجه لا يتعدى ضرره إلى أرض جاره، وهذا كما إذا سقى أرض نفسه فتعدى إلى أرض جاره. وكذلك لو أن رجلا اتخذ في داره هدفا يرمي إليه فجاز السهم داره وصار إلى دار جاره وقتل رجلا أو أفسد مالا فهو ضامن قيمة المال ودية المقتول على عاقلته.
وكذلك الحداد لو أخرج الحديدة من الكورة وذلك في حانوته ووضعه على العلاة وضربه بمطرقة فخرج شررها إلى طريق العامة فأحرق رجلا أو فقأ عينه فديته على عاقلته. ولو أحرق ثوب إنسان فقيمته على الحداد في ماله. ولو لم يضربه بالمطرقة حتى وضعه على العلاة فأخرج
وقيل: هذا إذا كانت الرياح هادنة ثم تغيرت. أما إذا كانت مضطربة يضمن؛ لأن موقد النار يعلم أنها لا تستقر في أرضه. قال: وإذا قعد الخياط أو الصباغ في حانوته من يطرح عليه العمل بالنصف فهو جائز؛ لأن هذه شركة الوجوه في الحقيقة، فهذا لوجاهته يقبل وهذا لحذاقته يعمل فينتظم بذلك المصلحة، فلا تضره الجهالة فيما يحصل.
ــ
[البناية]
الريح شرره فأصاب ما أصاب فهو هدر.
وفي " المسائل ": سقى أرضه فسال من مائه في أرض رجل فغزتها أو ترت لا ضمان عليه، لأنه غير متعد في التسبيب. وكذا إذا أحرق كلأ أو حصائد في أرضه فذهب النار فأحرق شيئا لغيره لم يضمن لا جرم وإن كان يوم ريح فعلم أنه يذهب منها فقيل يضمن.
م: (وقيل هذا) ش: قائله شمس الأئمة السرخسي رحمه الله وقال الأترازي رحمه الله، أي قال المشايخ رحمهم الله، هذا الذي قاله محمد رحمه الله في " الجامع الصغير " عن عدم الضمان بإحراق الحصائد إذا احترق شيء من أرض أخرى م:(إذا كانت الرياح هادنة) ش: حين أوقد النار.
قال السغناقي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: " هادنة " بالنون أي ساكنة من هدن إذا سكن، وفي نسخة هادئة من هدأ بالهمز، أي سكن، قال الشاعر:
إن السباع لتهدي في فراسيها
…
والناس ليس بهاد شرهم أبدا
أي لتسكن. وأصله لتهدأ بالهمزة، حذفه الشاعر وقبله بيت آخر وهو:
ليت السباع لنا كانت مجاورة
…
فإننا لا نرى فيمن ترى أحدا
م: (ثم تغيرت) ش: قويت واشتدت م: (أما إذا كانت مضطربة) ش: حين أوقدها م: (يضمن، لأن موقد النار يعلم أنها لا تستقر في أرضه) ش: ولكنها تذهب بها إلى أرض الجيران، فصار كأنه ألقاها في أرضهم.
م: (قال) ش: أي في " الجامع الصغير ": م: (وإذا قعد الخياط أو الصباغ في حانوته من يطرح عليه العمل بالنصف) ش: بأن كان صاحب الدكان ذا جاه لا حذاقة له في العمل فأقعد من يعلم ويعمل بالنصف م: (فهو جائز) ش: أي استحسانا م: (لأن هذه شركة الوجوه في الحقيقة، فهذا لوجاهته يقبل، وهذا لحذاقته يعمل فينتظم بذلك المصلحة فلا تضره الجهالة فيما يحصل) .
ش: وفي القياس لا يجوز، وهو قول الشافعي رحمه الله لأن رأس مال صاحب الدكان المنفعة وهي لا تصلح رأس مال الشركة، ولأن التقبل للعمل على ما ذكر صاحب الدكان فيكون العامل أجيره بالنصف وهو مجهول، وإن تقبل العمل العامل كان مستأجرا لموضع