الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
باب الرهن الذي يوضع على يد العدل
قال: وإذا اتفقا على وضع الرهن على يد العدل جاز. وقال مالك: لا يجوز، ذكر قوله في بعض النسخ؛ لأن يد العدل يد المالك، ولهذا يرجع العدل عليه عند الاستحقاق فانعدم القبض.
ــ
[البناية]
[باب الرهن الذي يوضع على يد العدل]
[اتفقا الراهن والمرتهن على وضع الرهن على يد العدل]
م: (باب الرهن الذي يوضع على يد العدل) ش: أي هذا باب في بيان حكم الرهن الذي يوضع على يد الراهن، ولما ذكر حكم الرهن إذا كان في يد المرتهن ذكر حكمه إذا كان في يد العدل، وهو الذي من الراهن والمرتهن يكون الرهن في يده؛ لأنه نائب عن المرتهن، والنائب يقوم مقام المنوب لا محالة.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وإذا اتفقا) ش: أي الراهن والمرتهن م: (على وضع الرهن على يد العدل جاز) ش: وهو قول أكثر أهل العلم خلافا لابن أبي ليلى والحكم والحارث العكلي وداود رحمهم الله. قال الحاكم الشهيد في " مختصر الكافي ": وقبض العدل الرهن بمنزلة قبض المرتهن في حكم صحته وضمانه بالدين إذا هلك، بلغنا ذلك عن إبراهيم والشعبي وعطاء والحسن. وقال ابن أبي ليلى: إن هلك في يد العدل لم يبطل الدين، وإن مات الراهن فالمرتهن أسوة الغرماء فيه.
م: (وقال مالك: لا يجوز ذكر قوله) ش: أي ذكر قول مالك م: (في بعض النسخ) ش:، أشار به إلى أن في بعضها ليس كذلك، فإنه ذكر في " المبسوط " و " شرح الأقطع " ابن أبي ليلى بدل مالك.
قال الأكمل: وكأنه شك في هذه الرواية عن مالك، فإن القبض ليس بشرط عنده كما مر في أول هذا الكتاب، فإنه [
…
] روايتان. وقال الكاكي: ولمالك رحمه الله فيه رواية. وقال الشيخ أبو الفضل الكرماني في " إشارات الأسرار ": والرهن يتم بقبض العدل خلافا لمالك. لأن يده يد المالك فلا يتم به الرهن م: (لأن يد العدل يد المالك) ش: أي الراهن.
وفي " الكافي ": هذا الدليل مشعر بأن على قول مالك القبض شرط، وقد شرط في كتبه شرطا؛ فيمكن أن يكون له روايتان حتى يصح ذلك. ولكنه لا خلاف لمالك في جواز وضعه على يد العدل.
قلت: ذكر مالك في " المدونة " ولا يتم رهن إلا بقبضه.
م: (ولهذا) ش: أي ولكون يد العدل يد المالك م: (يرجع العدل عليه) ش: أي على الراهن م: (عند الاستحقاق) ش: يعني إذا هلك الرهن في يد العدل ثم استحق وضمن العدل قيمته يرجع على الراهن بما ضمن، ولو لم يكن يده يد الراهن لما رجع م:(فانعدم القبض) ش:، إيضاحه: أن
ولنا: أن يده على الصورة يد المالك في الحفظ، إذ العين أمانة، وفي حق المالية يد المرتهن؛ لأن يده ضمان والمضمون هو المالية فنزل منزلة الشخصين تحقيقا لما قصداه من الرهن، وإنما يرجع العدل على المالك في الاستحقاق؛ لأنه نائب عنه في حفظ العين كالمودع. قال: وليس للمرتهن ولا للراهن أن يأخذه منه لتعلق حق الراهن في الحفظ بيده أمانته، وتعلق حق المرتهن به استيفاء فلا يملك أحدهما إبطال حق الآخر. فلو هلك في يده هلك في ضمان
ــ
[البناية]
رجوع العدل على الراهن عند الاستحقاق لوقوع الفعل له، يدل على أن الرهن غير مقبوض؛ لأن الأصل أن ما عمل الإنسان بأمره ولحقه الغرم يرجع على الذي وقع له العمل، وهنا يرجع على الراهن بعدم القبض، فإذا كان كذلك لا يجوز وضعه على يد العدل؛ لأن وجود الرهن بقبض المرتهن ولم يوجد لا حقيقة ولا تقديرا؛ لأن العدل نائب عن الراهن لا عن المرتهن؛ لأن المالك هو الراهن لا المرتهن، كيف يكون نائبا عن المرتهن، والعدل نصب ليحفظ عنه في حال لا يؤتمن عليه، ولهذا لحقه ضمان فإن هلك في يده ثم جاء مستحق يرجع به على الراهن دون المرتهن.
م: (ولنا: أن يده) ش: أي يد العدل م: (على الصورة) ش: يعني بالنظر إلى الظاهر م: (يد المالك في الحفظ، إذ العين أمانة، وفي حق المالية يد المرتهن؛ لأن يده ضمان والمضمون هو المالية) ش: إذ الاستيفاء يكون منها م: (فنزل) ش: أي العدل م: (منزلة الشخصين) ش: لأنه يجوز أن تجعل اليد الواحدة في الحكم بدين كمن أدى ماله إلى الساعي قبل الحول يده يد المالك من وجه، ويد الفقير من وجه، حتى لو هلك المؤدى في يده وبقي النصاب إلى آخر الحول يقع المؤدى زكاة كما لو دفعه إلى الفقير م:(تحقيقا لما قصداه من الرهن) ش: يعني لأجل تحقيق ما قصداه؛ لأن غرضهما تحقيق عرض عقد الرهن.
م: (وإنما يرجع العدل على المالك) ش: هذا بيان لقوله ولهذا يرجع العدل عليه، توضيحه أن رجوع العدل على المالك م:(في الاستحقاق؛ لأنه نائب عنه) ش: أي لأن العدل نائب عن المالك م: (في حفظ العين) ش: في حال لا يؤتمن عليه م: (كالمودع) ش: إذا كانت الوديعة في يده ثم استحقت ضمن المودع، ثم يرجع على المودع.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وليس للمرتهن ولا للراهن أن يأخذه منه) ش: أي أن يأخذ الرهن من العدل م: (لتعلق حق الراهن في الحفظ بيده أمانته) ش: أي أمانة العدل م: (وتعلق حق المرتهن به استيفاء) ش: أي من حيث الاستيفاء م: (فلا يملك أحدهما) ش: أي الراهن أو المرتهن م: (إبطال حق الآخر، فلو هلك في يده) ش: أي فلو هلك الرهن في يد العدل م: (هلك في ضمان
المرتهن لأن يده في حق المالية يد المرتهن وهي المضمونة، ولو دفع العدل إلى الراهن أو المرتهن ضمن؛ لأنه مودع الراهن في حق العين ومودع المرتهن في حق المالية وأحدهما أجنبي عن الآخر والمودع يضمن بالدفع إلى الأجنبي وإذا ضمن العدل قيمة الرهن بعدما دفع إلى أحدهما وقد استهلكه المدفوع إليه أو هلك في يده لا يقدر أن يجعل القيمة رهنا في يده؛ لأنه يصير قاضيا ومقتضيا، وبينهما تناف، لكن يتفقان على أن يأخذاها منه، ويجعلاها رهنا عنده أو عند غيره. وإن تعذر اجتماعهما يرفع أحدهما إلى القاضي ليفعل كذلك.
ــ
[البناية]
المرتهن؛ لأن يده) ش: أي يد العدل م: (في حق المالية يد المرتهن وهي المضمونة) ش: أي يد المرتهن في حق المالية مضمونة بالأقل من قيمة الرهن ومن الدين.
م: (ولو دفع العدل إلى الراهن أو المرتهن ضمن؛ لأنه) ش: أي لأن العدل م: (مودع الراهن في حق العين ومودع المرتهن في حق المالية وأحدهما) ش: أي الراهن أو المرتهن م: (أجنبي عن الآخر والمودع يضمن بالدفع إلى الأجنبي) ش: وإذا كان العدل رجلين والرهن مما لا يقسم فوضعاه عند أحدهما كان جائزا، ولا ضمان فيه؛ لأنهما أتيا بالحفظ المطلوب، وإن كان مما لا يقسم فاقتسماه فوضعاه عند أحدهما ضمن الذي وضع حصته عند صاحبه في قول أبي حنيفة. وقالا: لا ضمان عليه، وقد مر في كتاب الوديعة.
م: (وإذا ضمن العدل قيمة الرهن بعدما دفع إلى أحدهما) ش: أي إلى الراهن أو المرتهن م: (وقد استهلكه المدفوع إليه) ش: وهو الراهن أو المرتهن م: (أو هلك في يده) ش: أي في يد المدفوع إليه م: (لا يقدر) ش: أي العدل م: (أن يجعل القيمة رهنا في يده) ش: أي في يد نفسه م: (لأنه) ش: أي لأن العدل حينئذ م: (يصير قاضيا) ش: أي ما وجب عليه بالضمان م: (ومقتضيا، وبينهما تناف) ش: لكون الواحد مسلما ومسلما إليه م: (لكن يتفقان) ش: أي الراهن والمرتهن م: (على أن يأخذاها) ش: أي القيمة م: (منه) ش: أي العدل م: (ويجعلاها) ش: أي القيمة م: (رهنا عنده) ش: أي العدل.
م: (أو عند غيره وإن تعذر اجتماعهما) ش: أي اجتماع الراهن والمرتهن م: (يرفع) ش: أي العدل، هكذا قاله الكاكي وغيره م:(أحدهما) ش: إما الراهن أو المرتهن. قال الأترازي: أحدهما برفع الدال؛ لأنه فاعل وظن بعضهم أن أحدهما منصوب، يعني أن العدل برفع أحدهما وذاك ليس بشيء؛ لأن العدل هو ضامن القيمة فبعيد أن يرفع ضامن المطالبة نفسه الخصم إلى القاضي.
قلت: هذا ليس بوجه أنه ليس بعيد من العدل ما نفاه عنه م: (إلى القاضي ليفعل كذلك) ش: يعني يأخذ القيمة الواجبة على العدل بالضمان منه، ثم يصير رهنا عنده.