الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
به بخلاف تلك المسألة لأن حكم ملك اليمين يغاير حكم النكاح ولو ترك وفاء وله وارث غير المولى فلا قصاص وإن اجتمعوا مع المولى؛ لأنه اشتبه من له حق لأنه المولى إن مات عبدا والوارث إن مات حرا، إذ ظهر الاختلاف بين الصحابة رضي الله عنهم في موته على نعت الحرية أو الرق بخلاف الأولى؛ لأن المولى متعين فيها وإن لم يترك وفاء وله ورثة أحرار وجب القصاص للمولى في قولهم جميعا؛ لأنه مات عبدا بلا ريب لانفساخ الكتابة بخلاف معتق البعض إذا مات ولم يترك وفاء لأن العتق في البعض لا ينفسخ بالعجز،
وإذا
قتل عبد الرهن في يد المرتهن
لم يجب القصاص حتى يجتمع الراهن والمرتهن لأن المرتهن
ــ
[البناية]
م: (بخلاف تلك المسألة) ش: أي مسألة الجارية م: (لأن حكم ملك اليمين يغاير حكم النكاح) ش: لأن ملك اليمين يثبت الحل تبعا، والنكاح مقصود فالحل ثابت مقصود غير الحل الثابت تبعا ويختلف أحكامهما. ولما لم يتفقا على أحد الحكمين لم يثبت الحل م:(ولو ترك وفاء وله وارث غير المولى) ش: أي ولو ترك المكاتب المقتول وفاء، والحال أن له وارثا غير مولاه. م:(فلا قصاص) ش: أي عند أصحابنا بلا خلاف خلافا للأئمة الثلاثة رحمهم الله. م: (وإن اجتمعوا مع المولى؛ لأنه اشتبه من له حق لأنه) ش: أي لأن من له الحق م: (المولى إن مات عبدا والوارث) ش: أي من له الحق الوارث م: (إن مات حرا إذ ظهر الاختلاف) ش: أي لأنه ظهر الاختلاف م: (بين الصحابة رضي الله عنهم في موته على نعت الحرية أو الرق) ش: أي على وصف الحرية، فإن مات حرا أو على وصف الرقية، بأن مات عبدا فعند علي رضي الله عنه، وعبد الله بن مسعود رحمه الله: يموت حرا إذا أديت كتابته، فيكون الاستيفاء لورثته.
وعند زيد بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: يموت عبدا. وبه قال الشافعي رحمه الله، وأحمد، فيكون الاستيفاء للمولى، فلهذا الاختلاف لا يجب القصاص م:(بخلاف الأولى) ش:، أي المسألة الأولى م:(لأن المولى متعين فيها) ش: فيجب القصاص على الاختلاف.
م: (وإن لم يترك وفاء وله ورثة أحرار وجب القصاص للمولى في قولهم جميعا لأنه مات عبدا بلا ريب لانفساخ الكتابة) ش: بموته. ولم يذكر ما إذا مات ولم يترك وفاء له ورثة أرقاء لعدم الفائدة في ذكره؛ لأن حكمه حكم المذكور في الكتاب.
م: (بخلاف معتق البعض إذا مات ولم يترك وفاء) ش: أي لا يجب القصاص للمولى م: (لأن العتق في البعض لا ينفسخ بالعجز) ش: لأن ملك الولي لا يعود بموته، ولا ينفسخ بالعجز ما عتق عنه، وهذا على قول من قال: يتجزأ الإعتاق.
[قتل عبد الرهن في يد المرتهن]
م: (وإذا قتل عبد الرهن في يد المرتهن لم يجب القصاص حتى يجتمع الراهن والمرتهن لأن المرتهن
لا ملك له فلا يليه، والراهن لو تولاه لبطل حق المرتهن في الدين فيشترط اجتماعهما ليسقط حق المرتهن برضاه. قال: وإذا قتل ولي المعتوه فلأبيه أن يقتل لأنه من الولاية على النفس شرع لأمر راجع إليها، وهو تشفي الصدر فيليه كالإنكاح
ــ
[البناية]
لا ملك له فلا يليه) ش: أي القصاص م: (والراهن لو تولاه) ش: أي القصاص م: (لبطل حق المرتهن في الدين فيشترط اجتماعهما ليسقط حق المرتهن برضاه) ش:.
وفي " المغني " و " الجامع الصغير " لفخر الإسلام وغيرهما: لا يثبت لهما القصاص وإن اجتمعا كما إذا قتل عبد المكاتب، فاجتمع المولى مع المكاتب ويجب الدية في مال القاتل في ثلاث سنين. وفي " الإيضاح ": إذا اجتمع للراهن أن تقبل عند أبي حنيفة رحمه الله، وعندهما لا.
وقال الشافعي رحمه الله، وأحمد رحمه الله: استيفاء القصاص للراهن لأنه هو المالك، فإذا استوفى لم يجب للمرتهن عليه شيء عند الشافعي رحمه الله، وأحمد رحمه الله في رواية.
وقال أحمد رحمه الله في رواية: يجب عليه قيمته فيكون رهنا مكانه.
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير " م: (وإذا قتل ولي المعتوه) ش: يعني قريبه وهو ابنه م: (فلأبيه) ش: أي فلأب المعتوه وهو جد المقتول م: (أن يقتل) ش:، وبه قال مالك رحمه الله، وأحمد رحمه الله.
وقال الشافعي رحمه الله: لم يكن لوليه استيفاءه لأن فيه بطلان حق الصغير والمعتوه، بل ينتظر بلوغ الصغير، وإفاقة المجنون ويحبس القاتل م:(لأنه) ش: أي لأن استيفاء القصاص م: (من الولاية على النفس شرع لأمر راجع إليها) ش: أي إلى النفس م: (وهو تشفي الصدر فيليه كالإنكاح) .
ش: ولا يتوهم أن كل من ملك الإنكاح ملك استيفاء القصاص كالأخ، فإنه يملك الإنكاح دون القصاص لأنه شرع للتشفي. وللأب شفقة كاملة بعد ضرر الولد ضرر نفسه. فجعل ما يحصل له من التشفي كالحاصل للأب بخلاف الأخ.
وقال الأترازي رحمه الله: قال بعض الشارحين في هذا الموضع: كل من ملك الإنكاح لا يملك استيفاء القصاص، فإن الأخ يملك الإنكاح، ولا يملك استيفاء القصاص. فأقول هذا ليس بشيء لأن الأخ يملك استيفاء القصاص إذا لم يكن ثمة ولي أقرب منه. انتهى.
قلت: أراد ببعض الشارحين الكاكي والأكمل - رحمهما الله -، فإنهما اللذان ذكرا ذلك فيمن ذكرناه مثل ما ذكرا امرأة، أمعن نظره فيها أن رده غير موجه.
وله أن يصالح لأنه أنظر في حق المعتوه، وليس له أن يعفو لأن فيه إبطال حقه، وكذلك إن قطعت يد المعتوه عمدا لما ذكرنا. والوصي بمنزلة الأب في جميع ذلك، إلا أنه لا يقتل لأنه ليس له ولاية على نفسه، وهذا من قبيله ويندرج تحت الإطلاق الصلح عن النفس واستيفاء القصاص في الطرف، فإنه لم يستثن إلا القتل،
ــ
[البناية]
م: (وله) ش: أي وللأب م: (أن يصالح) ش: أي القاتل م: (لأنه أنظر في حق المعتوه) ش: لكن هذا فيما إذا صالح على قدر الدين، ولو صالح بأقل منه لم يجر الخطأ وإن قل. ويجب كمال الدية.
وقال الأترازي: قال بعضهم في شرحه: هذا إذا صالح على مثل الدية فذكر ما ذكرناه الآن ناقلا عن الكاكي رحمه الله ثم قال: ولنا فيه نظر؛ لأن لفظ محمد رحمه الله في " الجامع الصغير " مطلق حيث جوز صلح أب المعتوه عن دم قريبه مطلقا؛ لأنه قال: وله أن يصالح من غير قيد بقدر الدية انتهى.
قلت: في نظره نظر؛ لأنه يجوز أن يكون مراد محمد رحمه الله: وله أن يصالح، مقيدا بهذا القيد على ما لا يخفى.
وقال الشافعي رحمه الله في " المنصوص "، وأحمد رحمه الله في رواية: لا يجوز؛ لأنه لا يملك إسقاط قصاصه.
وقال الشافعي في قول، وأحمد رحمه الله في رواية: يجوز إذا كان الصغير والمجنون محتاجين إلى النفقة، ولا مال لهما لحاجته إلى المال للحفظ.
م: (وليس له أن يعفو لأن فيه إبطال حقه وكذلك) ش: أي الحكم م: (إن قطعت يد المعتوه عمدا لما ذكرنا) ش: أي من قوله لأنه من باب الولاية على النفس على تأويل المذكور ويندرج تحت هذا الإطلاق وهو قوله: م: (والوصي بمنزلة الأب في جميع ذلك) ش: أي فيما ذكر من الأحكام م: (إلا أنه) ش: أي إلا أن الوصي م: (لا يقتل لأنه ليس) ش: لأن ليس م: (له ولاية على نفسه) ش: أي على نفس المعتوه.
م: (وهذا) ش: أي استيفاء القصاص م: (من قبيله) ش: أي من قبيل الولاية على النفس على تأويل المذكور.
م: (ويندرج تحت الإطلاق) ش: وهو قوله: والوصي بمنزلة الأب م: (الصلح عن النفس واستيفاء القصاص في الطرف، فإنه لم يستثن إلا القتل) ش: أي فإن محمدا رحمه الله لم يستثن إلا القتل، والمسألة مذكورة في " الجامع الصغير " كما ذكرنا.
وفي كتاب الصلح: أن الوصي لا يملك الصلح؛ لأنه تصرف في النفس بالاعتياض عنه فينزل منزلة الاستيفاء، ووجه المذكور هاهنا أن المقصود من الصلح المال، وأنه يجب بعقده كما يجب بعقد الأب بخلاف القصاص؛ لأن المقصود التشفي وهو مختص بالأب ولا يملك العفو؛ لأن الأب لا يملكه لما فيه من الإبطال، فهو أولى، وقالوا: القياس أن لا يملك الوصي الاستيفاء في الطرف كما لا يملكه في النفس؛ لأن المقصود متحد، وهو التشفي. وفي الاستحسان: يملكه لأن الأطراف يسلك بها مسلك الأموال، فإنها خلقت وقاية للأنفس كالمال على ما عرف، فكان استيفاؤه بمنزلة التصرف في المال
ــ
[البناية]
م: (وفي كتاب الصلح) ش: أي ذكر في كتاب " الصلح " من الأصل: م: (أن الوصي لا يملك الصلح؛ لأنه تصرف في النفس بالاعتياض عنه) ش: ملحقا به وهو معنى قوله م: (فينزل منزلة الاستيفاء) ش: فلا يجوز حينئذ صلح الوصي.
م: (ووجه المذكور هاهنا) ش: أي في " الجامع الصغير ": م: (أن المقصود من الصلح: المال وأنه يجب بعقده) ش: أي بعقد الوصي. م: (كما يجب بعقد الأب) ش: فوجب القول بصحته م: (بخلاف القصاص) ش: حيث لا يملك الوصي استيفاءه في النفس م: (لأن المقصود) ش: من القصاص م: (التشفي وهو) ش: أي التشفي م: (مختص بالأب) ش: لقربه وكمال شفقته، وهذا أمر معهود من الأب، والوصي لا ينزل منزلته في التشفي ودرك الثأر.
م: (ولا يملك) ش: أي الوصي م: (العفو؛ لأن الأب لا يملكه لما فيه من الإبطال) ش: أي لما في العفو من إبطال حقه فإذا كان كذلك م: (فهو أولى) ش: أي فالعفو من الوصي أولى من الإبطال. حاصل الفصل: أن الروايات اتفقت في الأب أنه يستوفي القصاص في النفس وما دونها. وأنه يصالح في البابين جميعا، ولا يصح عفوه في البابين. واتفقت الروايات في الوصي أنه لا يملك استيفاء النفس، وأنه يملك استيفاء ما دونها. وأنه يملك الصلح فيما دونها، ولا يملك العفو في البابين. وإنما اختلفت الروايات في الوصي في فصل واحد وهو صلحة في النفس على مال. فقال في " الجامع الصغير ": يصح صلحه.
وقال في كتاب الصلح: لا يصح، م:(وقالوا) ش: أي المشائخ رحمهم الله: م: (القياس أن لا يملك الوصي الاستيفاء في الطرف كما لا يملكه في النفس؛ لأن المقصود متحد وهو التشفي. وفي الاستحسان: يملكه لأن الأطراف يسلك بها مسلك الأموال، فإنها) ش: أي فإن الأطراف م: (خلقت وقاية للأنفس كالمال على ما عرف) ش: في الأصول م: (فكان استيفاؤه) ش: أي استيفاء الوصي. م: (بمنزلة التصرف في المال) ش: فيجوز.