الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: ومن
أوصى لزيد وعمرو بثلث ماله
فإذا عمرو ميت فالثلث كله لزيد؛ لأن الميت ليس بأهل للوصية فلا يزاحم الحي الذي هو من أهلها، كما إذا أوصى لزيد جدار. وعن أبي يوسف رحمه الله: أنه إذا لم يعلم بموته فله نصف الثلث؛ لأن الوصية عنده صحيحة لعمرو فلم يرض للحي إلا نصف الثلث، بخلاف ما إذا علم بموته؛ لأن الوصية للميت لغو، فكان راضيا بكل الثلث للحي.
وإن قال: ثلث مالي بين زيد وعمرو وزيد ميت كان لعمرو نصف الثلث؛ لأن قضية هذا اللفظ أن يكون لكل واحد منهما نصف الثلث، بخلاف ما تقدم، ألا ترى أن من قال: ثلث مالي لزيد وسكت كان له كل الثلث.
ولو قال: ثلث مالي بين فلان وسكت لم يستحق الثلث، قال: ومن أوصى بثلث ماله ولا مال له واكتسب مالا استحق الموصى له ثلث ما يملكه عند الموت؛ لأن الوصية عقد
ــ
[البناية]
يختص الموصى له بالعين إذا لم يخرج الثلث من العين.
[أوصى لزيد وعمرو بثلث ماله]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ومن أوصى لزيد وعمرو بثلث ماله فإذا عمرو ميت فالثلث كله لزيد) ش: سواء علم بموت عمرو أو لم يعلم،. وبه قال الشافعي في قول، وأحمد وإسحاق والبصريون رحمهم الله م:(لأن الميت ليس بأهل للوصية فلا يزاحم الحي الذي هو من أهلها) ش: أي من أهل الوصية م: (كما إذا أوصى لزيد جدار) ش: أو حمار يكون الوصية لزيد، والإضافة إلى الحمار أو الجدار لغو.
م: (وعن أبي يوسف رحمه الله: أنه إذا لم يعلم) ش: أي الموصي م: (بموته) ش: أي بموت عمرو م: (فله) ش: أي فلزيد الذي هو حي م: (نصف الثلث) ش: وبه قال الشافعي في قول، وأحمد رحمه الله في رواية، ومالك؛ لأن بين الاشتراك فلا يصرف إلى الحي إلا نصف الثلث.
م: (لأن الوصية عنده) ش: أي عند الموصي م: (صحيحة لعمرو فلم يرض للحي إلا نصف الثلث، بخلاف ما إذا علم بموته؛ لأن الوصية للميت لغو فكان راضيا بكل الثلث للحي، وإن قال: ثلث مالي بين زيد وعمرو، وزيد ميت، كان لعمرو نصف الثلث؛ لأن قضية هذا اللفظ أن يكون لكل منهما نصف الثلث، بخلاف ما تقدم) ش: حيث يستحق الموصى له جميع الثلث لعدم المزاحمة م: (ألا ترى أن من قال: ثلث مالي لزيد وسكت كان له كل الثلث، ولو قال: ثلث مالي بين فلان وسكت لم يستحق الثلث) .
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ومن أوصى بثلث ماله ولا مال له) ش: أي والحال أن لا مال له وقت الوصية م: (واكتسب مالا استحق الموصى له ثلث ما يملكه عند الموت؛ لأن الوصية عقد
استخلاف مضاف إلى ما بعد الموت، ويثبت حكمه بعده فيشترط وجود المال عند الموت لا قبله، وكذلك إذا كان له مال فهلك ثم اكتسب مالا لما بينا، ولو أوصى له بثلث غنمه فهلك الغنم قبل موته أو لم يكن له غنم في الأصل، فالوصية باطلة لما ذكرنا أنه إيجاب بعد الموت، فيعتبر قيامه حينئذ. وهذه الوصية تعلقت بالعين فتبطل بفواتها عند الموت، وإن لم يكن له غنم فاستفاد ثم مات فالصحيح أن الوصية تصح؛ لأنها لو كانت بلفظ المال تصح، فكذا إذا كانت باسم نوعه، وهذا لأن وجوده قبل الموت فضل، والمعتبر قيامه عند الموت. ولو قال: له شاة من مالي وليس له غنم يعطى قيمة شاة؛ لأنه لما أضافه إلى المال علمنا أن مراده الوصية بمالية الشاة، إذ ماليتها توجد في مطلق المال. ولو أوصى بشاة ولم يضفه إلى ماله ولا غنم له قيل: لا يصح؛ لأن المصحح إضافته إلى المال وبدونها تعتبر صورة الشاة ومعناها، وقيل: تصح لأنه لما
ــ
[البناية]
استخلاف مضاف إلى ما بعد الموت ويثبت حكمه بعد) ش: أي بعد الموت م: (فيشترط وجود المال عند الموت لا قبله، وكذلك الحكم إذا كان له مال فهلك ثم اكتسب مالا لما بينا) ش: إشارة إلى قوله: لأن الوصية عقد استخلاف مضاف إلى ما بعد الموت.
م: (ولو أوصى له بثلث غنمه فهلك الغنم قبل موته أو لم يكن له غنم في الأصل، فالوصية باطلة لما ذكرنا أنه) ش: أي أن الوصية على تأويل الإيصاء م: (إيجاب بعد الموت فيعتبر قيامه حينئذ) ش: أي قيام ما أوصى به عند الموت م: (وهذه الوصية تعلقت بالعين فتبطل بفواتها عند الموت، وإن لم يكن له غنم فاستفاد ثم مات فالصحيح أن الوصية تصح) ش: احترز به عن قول بعض المشايخ: وإن الوصية باطلة.
وقال الفقيه أبو الليث: هذا القول ليس بصحيح عندنا؛ لأنه أضاف الوصية إلى غنم مرسل بغير تعيين، فصار بمنزلة إضافته إلى ثلث المال م:(لأنها) ش: أي لأن الوصية م: (لو كانت بلفظ المال تصح، فكذا إذا كانت باسم نوعه) ش: أي نوع المال.
م: (وهذا) ش: توضيح لما قبله م: (لأن وجوده) ش: أي وجود المال م: (قبل الموت فضل، والمعتبر قيامه عند الموت) ش: لما مر غير مرة م: (ولو قال: له) ش: أي لفلان م: (شاة من مالي وليس له غنم يعطى قيمة شاة؛ لأنه) ش: أي لأن الموصي م: (لما أضافه إلى المال علمنا أن مراده الوصية بمالية الشاة؛ إذ ماليتها توجد في مطلق المال) .
م: (ولو أوصى بشاة ولم يضفه إلى ماله) ش: بأن لم يقل: من مالي م: (ولا غنم له، قيل: لا يصح؛ لأن المصحح إضافته إلى المال وبدونها) ش: أي بدون الإضافة إلى المال م: (تعتبر صورة الشاة ومعناها) ش: لأن الشاة اسم للصورة والمعنى، ولم يوجد فلا يصح م: (وقيل: تصح لأنه لما
ذكر الشاة وليس ملكه شاة علم أن مراده المالية. ولو قال: شاة من غنمي ولا غنم له فالوصية باطلة؛ لأنه لما أضافه إلى الغنم علمنا أن مراده عين الشاة، حيث جعلها جزءا من الغنم؛ بخلاف ما إذا أضافه إلى المال، وعلى هذا يخرج كثير من المسائل. قال: ومن أوصى بثلث ماله لأمهات أولاده وهن ثلاث، وللفقراء والمساكين فلهن ثلاثة أسهم من خمسة أسهم، قال رضي الله عنه: وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله -، وعن محمد رحمه الله: أنه يقسم على سبعة أسهم لهن ثلاثة ولكل فريق سهمان، وأصله أن الوصية لأمهات الأولاد جائزة، والفقراء والمساكين جنسان وفسرناهما في الزكاة، لمحمد رحمه الله أن المذكور لفظ الجمع، وأدناه في الميراث اثنان نجد ذلك في القرآن، فكان من كل فريق اثنان، وأمهات الأولاد ثلاث، فلهذا يقسم على
ــ
[البناية]
ذكر الشاة وليس ملكه شاة علم أن مراده المالية) ش: أي مطلق المالية، فيعطى له شاة أو قيمة شاة.
م: (ولو قال: شاة من غنمي ولا غنم له فالوصية باطلة؛ لأنه لما أضافه إلى الغنم علمنا أن مراده عين الشاة، حيث جعلها جزءا من الغنم، بخلاف ما إذا أضافه إلى المال) ش: بأن قال: له شاة من مالي ولا غنم له حيث يعطى شاة لما مر م: (وعلى هذا يخرج كثير من المسائل) ش: منها ما ذكره في " المبسوط " بقوله: لو قال له قفيز حنطة من مالي أو ثوب من مالي فإنه يصح الإيجاب، وإن لم يكن ذلك في ماله، بخلاف ما إذا قال: من حنطتي أو من ثيابي، فإنه إذا لم يوجد ذلك في ملكه أو هلك قبل موته فلا شيء للموصى له، وعلى هذا كله عرض من ماله.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (ومن أوصى بثلث ماله لأمهات أولاده وهن ثلاث، وللفقراء والمساكين فلهن ثلاثة أسهم من خمسة أسهم، قال رضي الله عنه: وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله -، وعن محمد رحمه الله: أنه يقسم على سبعة أسهم لهن ثلاثة ولكل فريق) ش: يعني من الفقراء والمساكين م: (سهمان، وأصله) ش: أي أصل هذا الخلاف م: (أن الوصية لأمهات الأولاد جائزة، والفقراء والمساكين جنسان وفسرناهما في الزكاة) ش: أي في كتاب الزكاة.
ثم أوضح الأصل المذكور بإيراد تعليل محمد وتعليل صاحبيه فقال: م: (لمحمد رحمه الله: أن المذكور لفظ الجمع، وأدناه في الميراث اثنان) ش: أي أدنى الجمع في باب الميراث يتناول الاثنين فصاعدا م: (نجد ذلك) ش: أي عدد أدنى الجمع اثنان منهم م: (في القرآن) ش: ألا ترى إلى قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11](النساء: الآية 11)، ويحجب الاثنان منهم فصاعدا الإم من الثلث إلى السدس فعلم أن الاثنين لهما حكم الجمع م:(فكان من كل فريق اثنان) ش: أي من الفقراء والمساكين اثنان م: (وأمهات الأولاد ثلاث، فلهذا يقسم على
سبعة. ولهما أن الجمع المحلى بالألف واللام يراد به الجنس، وأنه يتناول الأدنى مع احتمال الكل لا سيما عند تعذر صرفه إلى الكل، فيعتبر من كل فريق واحد فبلغ الحساب خمسة، والثلاثة للثلاث. قال: ولو أوصى بثلثه لفلان وللمساكين فنصفه لفلان ونصفه للمساكين عندهما، وعند محمد رحمه الله: ثلثه لفلان وثلثاه للمساكين، ولو أوصى للمساكين له صرفه إلى مسكين واحد عندهما، وعنده: لا يصرف إلا إلى مسكينين بناء على ما بيناه. قال: ومن أوصى لرجل بمائة درهم ولآخر بمائة، ثم قال لآخر: قد أشركتك معهما فله ثلث كل مائة؛ لأن الشركة للمساواة لغة، وقد أمكن إثباته بين الكل بما قلناه لاتحاد المال؛ لأنه يصيب كل واحد منهم ثلثا مائة، بخلاف ما إذا أوصى لرجل بأربعمائة ولآخر بمائتين، ثم كان الإشراك؛ لأنه لا يمكن تحقيق المساواة بين الكل لتفاوت المالين، فحملناه على مساواته كل واحد بتنصيف نصيبه عملا
ــ
[البناية]
سبعة) .
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة وأبي يوسف رحمه الله: م: (أن الجمع المحلى بالألف واللام يراد به الجنس، وأنه يتناول الأدنى مع احتمال الكل لا سيما عند تعذر صرفه إلى الكل، فيعتبر من كل فريق واحد فبلغ الحساب خمسة، والثلاث للثلاث) ش: أي أمهات الأولاد. م: (قال: ولو أوصى بثلثه لفلان) ش: أي بثلث ماله لفلان م: (وللمساكين فنصفه لفلان ونصفه للمساكين عندهما) ش: أي عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمه الله وعلى هذا الأصل لو أوصى بثلث ماله لفلان وللمساكين يكون نصفه لفلان وثلثاه للمساكين، يصير الثلث أثلاثا.
م: (وعند محمد رحمه الله: ثلثه لفلان وثلثاه للمساكين، ولو أوصى للمساكين له صرفه إلى مسكين واحد عندهما، وعنده) ش: أي وعند محمد رحمه الله م: (لا يصرفه إلا إلى مسكينين بناء على ما بيناه) ش: يعني في المسألة المتقدمة، وهو أن الجمع في باب الميراث يتناول الاثنين إلى آخره. م:(قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير " م: (ومن أوصى لرجل بمائة درهم ولآخر بمائة ثم قال لآخر: قد أشركتك معهما فله ثلث كل مائة؛ لأن الشركة للمساواة لغة، وقد أمكن إثباته بين الكل بما قلناه) ش: من اقتضاء الشركة والمساواة م: (لاتحاد المال؛ لأنه يصيب كل واحد منهم ثلثا مائة، بخلاف ما إذا أوصى لرجل بأربعمائة ولآخر بمائتين، ثم كان) ش: أي الاشتراك، أي ثم قال: للثالث م: (الإشراك) ش: معهما فيما أوصيت بهما كان له النصف من كل واحد منهما جميعا م: (لأنه لا يمكن تحقيق المساواة بين الكل لتفاوت المالين) ش: ولا بد من العمل بمفهوم لفظ الاشتراك بقدر الإمكان م: (فحملناه على مساواته كل واحد بتنصيف نصيبه عملا