الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وإذا كان
الميت أوصى بحجة فقاسم الورثة فهلك ما في يده
حج عن الميت من ثلث ما بقي وكذلك إن دفعه إلى رجل ليحج عنه فضاع في يده. وقال أبو يوسف رحمه الله: إن كان مستغرقا للثلث لم يرجع بشيء وإلا يرجع بتمام الثلث. وقال محمد رحمه الله: لا يرجع بشيء؛ لأن القسمة حق الموصي. ولو أفرز الموصي بنفسه مالا ليحج عنه فهلك لا يلزمه شيء وبطلت الوصية، فكذا إذا أفرزه وصيه الذي قام مقامه. ولأبي يوسف رحمه الله: أن محل الوصية الثلث، فيجب تنفيذها ما بقي محلها، وإذا لم يبق بطلت لفوات محلها. ولأبي حنيفة رحمه الله: أن القسمة لا تراد لذاتها بل لمقصودها، وهو تأدية الحج، فلم تعتبر دونه، وصار كما إذا هلك قبل القسمة فيحج بثلث ما
ــ
[البناية]
[الميت أوصى بحجة فقاسم الورثة فهلك ما في يده]
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (وإذا كان الميت أوصى بحجة فقاسم) ش: أي الوصي م: (الورثة فهلك ما في يده) ش: أي في يد الوصي، قال الكاكي: الوصي والحاج مدلول عليهما غير مذكور بهما.
قلت: لا حاجة إلى ما قاله الكاكي أن يرجع الضمير لا يختص أن يكون إلى الظاهر خاصة، بل يكون في المستتر أيضا على ما لا يخفى م:(حج عن الميت من ثلث ما بقي، وكذلك إن دفعه إلى رجل ليحج عنه فضاع في يده) ش: يحج عنه من ثلث ما بقي وهذا كله قول أبي حنيفة.
قال الأكمل: صورته: رجل مات وترك أربعة آلاف درهم وصى أن يحج عنه وكان مقدار الحج ألف درهم فأخذ الوصي الألف ودفع إلى الذي يحج عنه فسرقت في الطريق حج عن الميت من ثلث ما بقي من التركة وهو ألف درهم، فإن سرقت ثانيا يؤخذ ثلث ما بقي مرة أخرى، هكذا.
م: (وقال أبو يوسف رحمه الله إن كان) ش: أي الهالك م: (مستغرقا للثلث لم يرجع بشيء وإلا) ش: فإن لم يكن الهالك مستغرقا للثلث م: (يرجع بتمام الثلث) ش: وهو ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث، فإن سرقت ثانيا يؤخذ مرة أخرى.
م: (وقال محمد رحمه الله لا يرجع بشيء؛ لأن القسمة حق الموصي، ولو أفرز الموصي بنفسه مالا ليحج عنه فهلك لا يلزمه شيء وبطلت الوصية، فكذا إذا أفرزه وصيه الذي قام مقامه. ولأبي يوسف رحمه الله: أن محل الوصية الثلث، فيجب تنفيذها ما بقي محلها، وإذا لم يبق بطلت لفوات محلها) ش: أي محل الوصية.
م: (ولأبي حنيفة رحمه الله: أن القسمة لا تراد لذاتها، بل لمقصودها، وهو تأدية الحج فلم تعتبر دونه) ش: أي دون المقصود وهي أداء الحج م: (وصار كما إذا هلك قبل القسمة فيحج بثلث ما
بقي؛ لأن تمامها بالتسليم إلى الجهة المسماة، إذ لا قابض لها، فإذا لم يصرف إلى ذلك الوجه لم يتم فصار كهلاكه قبلها. قال: ومن أوصى بثلث ألف درهم فدفعها الورثة إلى القاضي فقسمها والموصى له غائب فقسمته جائزة؛ لأن الوصية صحيحة، ولهذا لو مات الموصى له قبل القبول تصير الوصية ميراثا لورثته والقاضي نصب ناظرا لا سيما في حق الموتى والغيب ومن النظر إفراز نصيب الغائب وقبضه فنفذ ذلك وصح، حتى لو حضر الغائب وقد هلك المقبوض لم يكن له على الورثة سبيل. قال: وإذا باع الوصي عبدا من التركة بغير محضر من الغرماء فهو جائز؛ لأن الوصي قائم مقام الموصي. ولو تولى حيا بنفسه يجوز بيعه بغير محضر من الغرماء. وإن كان في مرض موته فكذا إذا تولاه من قام مقامه، وهذا لأن حق الغرماء متعلق بالمالية لا بالصورة، والبيع لا يبطل المالية لفواتها إلى خلف وهو الثمن، بخلاف العبد
ــ
[البناية]
بقي، ولأن تمامها) ش: أي تمام الوصية م: (بالتسليم إلى الجهة المسماة، إذ لا قابض لها، فإذا لم يصرف إلى ذلك الوجه لم يتم، فصار كهلاكه قبلها) ش: أي قبل القسمة.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (ومن أوصى بثلث ألف درهم فدفعها الورثة إلى القاضي فقسمها، والموصى له غائب فقسمته جائزة) ش: أي قسمة القاضي جائزة، حتى لو هلك ما في يد القاضي ثم حضر الغائب لا يرجع على الورثة بشيء م:(لأن الوصية صحيحة، ولهذا لو مات الموصى له قبل القبول تصير الوصية ميراثا لورثته والقاضي نصب ناظرا لا سيما في حق الموتى والغيب، ومن النظر إفراز نصيب الغائب وقبضه، فنفذ ذلك) ش: أي الإفراز م: (وصح، حتى لو حضر الغائب وقد هلك المقبوض لم يكن له على الورثة سبيل) ش: وقال الإمام المحبوبي: هذا الجواب فيما إذا كانت التركة مما يكال أو يوزن؛ لأن القسمة فيه مبادلة كالبيع وبيع مال الغائب لا يجوز فكذا قسمته وأجيب بأن وضع المسألة في الدراهم وهي ما يوزن.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (وإذا باع الوصي عبدا من التركة بغير محضر من الغرماء فهو جائز) ش: صورته في " جامع محمد " عن يعقوب عن أبي حنيفة في الرجل يموت ويترك عبدا وعليه دين محيط بماله، فيبيع الوصي العبد بغير محضر من الغرماء. قال بيعه جائز، وأراد بذلك الدين على الميت لا على العبد م:(لأن الوصي قائم مقام الموصي، ولو تولى) ش: أي الموصي حال كونه م: (حيا بنفسه يجوز بيعه بغير محضر من الغرماء) ش: فهو جائز.
م: (وإن كان في مرض موته فكذا إذا تولاه من قام مقامه وهذا) ش: توضيح لما قبله م: (لأن حق الغرماء متعلق بالمالية لا بالصورة والبيع لا يبطل المالية لفواتها إلى خلف، وهو الثمن، بخلاف العبد
المديون؛ لأن للغرماء حق الاستسعاء وأما هاهنا فبخلافه. قال: ومن أوصى بأن يباع عبده ويتصدق بثمنه على المساكين فباعه الوصي وقبض الثمن فضاع في يده فاستحق العبد ضمن الوصي؛ لأنه هو العاقد، فتكون العهدة عليه، وهذه عهدة؛ لأن المشتري منه ما رضي ببذل الثمن إلا ليسلم له المبيع ولم يسلم، فقد أخذ الوصي البائع مال الغير بغير رضاه فيجب عليه رده، قال: ويرجع فيما ترك الميت لأنه عامل له فيرجع عليه كالوكيل. وكان أبو حنيفة رحمه الله يقول أولا: لا يرجع؛ لأنه ضمن بقبضه، ثم رجع إلى ما ذكرنا ويرجع في جميع التركة، وعن محمد رحمه الله: أنه يرجع في الثلث؛ لأن الرجوع بحكم الوصية فأخذ حكمها ومحل الوصية الثلث. وجه الظاهر: أنه يرجع عليه بحكم الغرور، وذلك دين عليه
ــ
[البناية]
المديون) ش: يملك بيع ما في يده بغير رضاء الغرماء، كذا ذكره الرازي في " شرح مختصر الطحاوي "، بخلاف العبد المديون المأذون حيث لا يبيعه مولاه ووصيته م:(لأن للغرماء حق الاستسعاء) ش: حتى يأخذوا كسبه، فيكون البيع مبطلا لحقهم، فلهم أن يبطلوا البيع.
م: (أما هاهنا) ش: أي في بيع المولى بغير محضر من الغرماء م: (فبخلافه) ش: أي بخلاف ما ذكر فيما قبله؛ لأن فيه يجوز وهنا لا يجوز، سواء كان بيع الوصي بمحضرهم أو بغير محضرهم.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (ومن أوصى بأن يباع عبده ويتصدق بثمنه على المساكين فباعه الوصي وقبض الثمن فضاع في يده فاستحق العبد ضمن الوصي) ش: الثمن م: (لأنه هو العاقد، فتكون العهدة عليه) ش: أي على الوصي م: (وهذه عهدة) ش: إنما قال هذه لأجل تأنيث الخبر وهو العهدة وتأنيث المبتدأ لتأنيث الخبر جائز م: (لأن المشتري منه ما رضي ببذل الثمن إلا ليسلم له المبيع ولم يسلم فقد أخذ الوصي البائع مال الغير بغير رضاه فيجب عليه رده، قال: يرجع فيما ترك الميت؛ لأنه عامل له فيرجع عليه كالوكيل، وكان أبو حنيفة رحمه الله: يقول أولا: لا يرجع لأنه ضمن بقبضه) ش: أي بقبض الثمن وقبض الثمن من حقوق العقد، فصار الوصي في حق القبض كالمالك. وإذا كان بمنزلة المالك وقد لحقه الضمان يعمل عمل نفسه فلا يرجع بشيء م:(ثم رجع) ش: أي أبو حنيفة رحمه الله م: (إلى ما ذكرناه، ويرجع في جميع التركة) .
م: (وعن محمد رحمه الله: أنه يرجع في الثلث؛ لأن الرجوع بحكم الوصية فأخذ حكمها) ش: أي حكم الوصية م: (ومحل الوصية الثلث) ش: يعني نفاذها من الثلث.
م: (وجه الظاهر) ش: أي ظاهر الرواية: م: (أنه يرجع عليه) ش: أي أن الوصي يرجع على الميت م: (بحكم الغرور، وذلك دين عليه) ش: أي على الميت؛ لأنه غره حيث أمره ببيع عبده