الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القود إذا استوفى طرف من عليه القود. وعن أبي يوسف رحمه الله: أنه يسقط حقه في القصاص لأنه لما أقدم على القطع فقد أبرأه عما وراءه، ونحن نقول: إنما أقدم على القطع ظنا منه أن حقه فيه، وبعد السراية تبين أنه في القود فلم يكن مبرئا عنه بدون العلم به.
قال: ومن
قتل وليه عمدا فقطع يد قاتله ثم عفا
وقد قضى له بالقصاص أو لم يقض فعلى قاطع اليد دية اليد عند أبي حنيفة رحمه الله، وقالا: لا شيء عليه لأنه استوفى حقه فلا يضمنه، وهذا لأنه استحق إتلاف النفس بجميع أجزائها، ولهذا لو لم يعف لا يضمنه، وكذا إذا سرى وما برأ
ــ
[البناية]
القود) ش: أي حق القصاص م: (إذا استوفى طرف من عليه القود) ش: فإنه لا يسقط حقه من القصاص.
(وعن أبي يوسف رحمه الله: أنه يسقط حقه في القصاص لأنه لما أقدم على القطع فقد أبرأه عما وراءه، ونحن نقول) ش: أي في الجواب عما قاله أبو يوسف م: (إنما أقدم على القطع ظنا منه أن حقه فيه) ش: يعني في حق اليد م: (وبعد السراية) ش: أي بعد سراية القطع إلى الموت م: (تبين أنه) ش: أي أن حقه م: (في القود فلم يكن مبرئا عنه) ش: أي عن القود م: (بدون العلم به) ش: أي بدون حقه في القود.
[قتل وليه عمدا فقطع يد قاتله ثم عفا]
م (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": م: (ومن قتل وليه عمدا فقطع يد قاتله ثم عفا وقد قضى له بالقصاص أو لم يقض: فعلى قاطع اليد دية اليد عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: وبه قال أحمد، ولو قتله لا شيء عليه عنده. وعند أحمد: عليه الدية، وعند مالك رحمه الله: عليه القصاص.
م (وقالا) ش: أي قال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله -: م: (لا شيء عليه) ش: لا القصاص ولا الدية. وبه قال الشافعي م: (لأنه استوفى حقه فلا يضمنه، وهذا) ش: توضيح لما قبله م: (لأنه استحق إتلاف النفس بجميع أجزائها) ش: لأن اليد كانت جميعا للولي تبعا للنفس فبطل حقه بالنفس مما بقي لا مما استوفى.
م (ولهذا) ش: أي ولأجل استحقاقه إتلاف النفس بجميع أجزائه م: (لو لم يعف لا يضمنه) ش: أي لو لم يعف وسرى لا يجب الضمان عليه، هذا إلزام على أبي حنيفة لا على أحمد ومالك؛ لأنهما قالا بضمان اليد بعد الاستيفاء، ويدل عليه أحكام منها قوله:
م: (وكذا إذا سرى) ش: أي بعد العفو م: (وما برأ) ش: تأكيد لقوله: إذا سرى - أي لم - يعف، وسرى.
أو ما عفا وما سرى، أو قطع ثم حز رقبته قبل البرء أو بعده؛ وصار كما إذا كان له قصاص في الطرف فقطع أصابعه ثم عفا، لا يضمن الأصابع. وله: أنه استوفى غير حقه؛ لأن حقه في القتل وهذا قطع وإبانة، وكان القياس أن يجب القصاص إلا أنه سقط للشبهة فإن له أن يتلفه تبعا، وإذا سقط وجب المال، وإنما لا يجب في الحال؛ لأنه يحتمل أن يصير قتلا بالسراية فيكون مستوفيا حقه، وملك القصاص في النفس ضروري لا يظهر إلا عند الاستيفاء أو العفو أو الاعتياض لما أنه تصرف فيه.
ــ
[البناية]
ومنها قوله: م: (أو ما عفا) ش: يعني قطع وما عفا م: (وما سرى) ش: يعني ما ظهر حاله بعد القطع.
ومنها قوله: م: (أو قطع ثم حز رقبته قبل البدء أو بعده) ش: لا يضمن م: (وصار كما إذا كان له قصاص في الطرف فقطع أصابعه ثم عفا) ش: عن الكف م: (لا يضمن الأصابع) ش: فكذا في الطرف مع النفس، وهذا لأن حقه ثابت في النفس، وكل حق ظهر في النفس يظهر في حق الأطراف طبعا لأنهما من جملة النفس.
م: (وله) ش: أي لأبي حنيفة: م: (أنه استوفى غير حقه؛ لأن حقه في القتل وهذا قطع وإبانة) ش: القطع هو الإبانة، والقتل إزهاق بينهما مغايرة.
م: (وكان القياس أن يجب القصاص) ش: يعني في اليد م: (إلا أنه سقط للشبهة) ش: أي غير أن القصاص سقط للشبهة، وعلل الشبهة بقوله: م: (فإن له أن يتلفه تبعا) ش: أي يتلف الطرف تبعا للنفس.
م: (وإذا سقط) ش: أي القصاص م: (وجب المال، وإنما لا يجب) ش: أي المال م: (في الحال) ش: هذا جواب عما يقال لما سقط القصاص ووجب المال كان ينبغي أن يثبت المال في الحال، ولا يتوقف على البرء كما في الجنايات.
فأجاب بقوله: م: (لأنه يحتمل أن يصير قتلًا بالسراية فيكون مستوفيا حقه) ش: فلا يبقى له شيء م: (وملك القصاص في النفس ضروري) ش: هذا جواب عن قولهما إنه استوفى حقه فقال: ليس كذلك؛ لأن ثبوت القصاص لما كان ضروريا لثبوته مع المنافي، وهو الحرمة لأن الآدمي بنيان الرب، فلا يحل تخريبه.
فإذا كان كذلك م: (لا يظهر) ش: إلا في أحوال ثلاثة، أشار إليها بقوله م:(إلا عند الاستيفاء) ش: وهو استيفاء النفس بالقصاص. م: (أو العفو أو الاعتياض) ش: عنه وهو عفو من وجه م: (لما أنه تصرف فيه) ش: أي لما أن كل واحد من هذه الأشياء الثلاثة تصرف في القاتل، فلا يجوز التصرف بغيرها..
فأما قبل ذلك لم يظهر لعدم الضرورة بخلاف ما إذا سرى لأنه استيفاء. وأما إذا لم يعف وما سرى. قلنا: إنما تبين كونه قطعا بغير حق بالبرء حتى لو قطع وما عفا، وبرأ، الصحيح إنه على هذا الخلاف. وإذا قطع ثم حز رقبته قبل البرء فهو استيفاء، ولو حز بعد البرء فهو على هذا الخلاف هو الصحيح، والأصابع وإن كانت تابعة قياما بالكف، فالكف تابعة لها عرضا بخلاف الطرف لأنها تابعة للنفس من كل وجه.
ــ
[البناية]
م: (فأما قبل ذلك) ش: أي قبل التصرف بهذه الأشياء الثلاثة م: (لم يظهر) ش: أي ملك القصاص م: (لعدم الضرورة) ش: أي إظهاره. فإذا كان الملك عندما قبل الاستيفاء في حق المحل، فلا يظهر في الأطراف قبل الاستيفاء. إذ القتل به الاستيفاء بحكم، إلا أن بظهوره في حق الأطراف فلم يكن هذا الاستيفاء لحقه.
م: (بخلاف ما إذا سرى) ش: جواب عن قولهما: "وكذا إذا سرى" أي القطع.
م: (لأنه استيفاء وأما إذا لم يعف وما سرى) ش: جواب عن قولهما: أو ما عفا، وما سرى.
م: (قلنا إنما تبين كونه قطعا بغير حق بالبرء حتى لو قطع وما عفا وبرأ، الصحيح أنه على هذا الخلاف) ش: فلا يكون مستشهدا به. وقال الإمام علاء الدين رحمه الله: لو قطع وما عفا وبرأ اختلف المشايخ فيه، والصحيح أنه على الخلاف.
م: (وإذا قطع ثم حز رقبته) ش: جواب عن قولهما: أو قطع ثم حز رقبته إلى آخره، تقرير الجواب: أن حزه الرقبة إن كان م: (قبل البرء فهو استيفاء) ش: فلا يضمن لأن الطرف صار مستحقا في حق القتل وهذا الفعل صار قتلًا. م: (ولو حز بعد البرء فهو على هذا الخلاف هو الصحيح) ش: أي كونه على الخلاف هو الصحيح فلا يكون مستشهدا به.
م: (والأصابع وإن كانت تابعة) ش: جواب عن قولهما: وصار كما إذا كان له قصاص في الطرف. . . إلى آخره. تقديره: أن الأصابع وإن كانت تابعة، يعني للكف حال كونها م:(قياما بالكف) ش: من حيث إنها تقوم بالكف م: (فالكف تابعة لها) ش: أي للأصابع م: (عرضا) ش: أي من حيث العرض لأن منفعة البطش تقوم بالأصابع، والكف كالشرط له. وهو اختيار بعض المشايخ، فإنهم تبرعوا بالفرق.
ومنعه صاحب " الأسرار " وقال: لا نسلم أنه لا يلزمه ضمان الأصابع، بل يلزمه إذا عفي عن الكف.
م: (بخلاف الطرف) ش: مع النفس م: (لأنها تابعة للنفس من كل وجه) ش: فلم يكن مستحقا أصلًا فكان قطع اليد قطعا بغير حق، فوجب الضمان.