الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال وإذا حلفوا قضى على أهل المحلة بالدية ولا يستحلف الولي وقال الشافعي رحمه الله: لا تجب الدية لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث عبد الله بن سهل رضي الله عنه: «تبرئكم اليهود بأيمانها» ، ولأن اليمين عهدت في الشرع مبرائا للمدعى عليه لا ملزما كما في سائر الدعاوى. ولنا: أن النبي عليه الصلاة والسلام جمع بين الدية والقسامة في حديث ابن سهل وفي حديث زياد بن أبي مريم، وهكذا جمع عمر رضي الله عنه بينهما على وادعة.
ــ
[البناية]
اللعان حيث لا يجوز اللعان منهما لما أن اللعان شهادة والأعمى أو المحدود في القذف ليسا من أهل أدائها.
[القسامة والدية على العاقلة]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وإذا حلفوا قضى على أهل المحلة بالدية) ش: أي على عاقلتهم في ثلاث سنين، لأن حالهم هنا دون حال من باشر بالقتل خطأ، والدية هناك على العاقلة في ثلاث سنين، فهنا أولى. وذكر اختلاف زفر ويعقوب - رحمهما الله - قال زفر: القسامة والدية على العاقلة. وقال أبو يوسف رحمه الله: لا قسامة على العاقلة بل الدية عليهم، لأن التحمل يجري في الدية ولا يجري في اليمين م:(ولا يستحلف الولي) .
م: (وقال الشافعي رحمه الله: لا تجب الدية) ش: إذا حلف المدعى عليه، وبه قال مالك وأحمد وأبو الليث وأبو ثور رحمهم الله م:(لقوله عليه الصلاة والسلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم م: (في حديث عبد الله بن سهل رضي الله عنه: «تبرئكم اليهود بأيمانها» ش: هذا قطعة من حديث عبد الله بن سهل، وقد مرت قطعة منه عن قريب. وقال أبو داود رحمه الله: رواه بشر بن الفضل ومالك عن يحيى بن سعيد فقال فيه: «أتحلفون خمسين يمينا وتستحقون دم صاحبكم؟» ، رواه ابن عيينة عن يحيى فبدأ بقوله:«تبرئكم يهود بخمسين يمينا» ".
م: (ولأن اليمين عهدت في الشرع مبرئا للمدعى عليه لا ملزما كما في سائر الدعاوي) ش: فكذا هنا ليكون موافقا للأصول.
م: (ولنا أن النبي عليه الصلاة والسلام جمع بين الدية والقسامة في حديث ابن سهل) ش: ابن زيد، قد مر أنه أخرجه الأئمة الستة، وفيه:«أتحلفون خمسين يمينا وتستحقون دم صاحبكم؟» ، وفي آخره:«فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمائة من إبل الصدقة» ". قال سهل فلقد ركضتني منها ناقة حمراء. والمقتول كان عبد الله بن سهل رضي الله عنه.
م: (وفي حديث زياد بن أبي مريم) ش: فقال المخرج: غريب، يعني لم يثبت م:(وهكذا جمع عمر رضي الله عنه بينهما) ش: أي بين الدية والقسامة م: (على وادعة) ش: وهي بطن من همدان، وذكره في " الجمهرة "، ورواه عبد الرزاق في " مصنفه ": أخبرنا الثوري عن مجالد
وقوله عليه الصلاة والسلام: «تبرئكم اليهود» محمول على الإبراء عن القصاص والحبس. وكذا اليمين مبرئة عما وجب له اليمين، والقسامة ما شرعت لتجب الدية إذا نكلوا، بل شرعت ليظهر القصاص بتحرزهم عن اليمين الكاذبة فيقروا بالقتل، فإذا حلفوا حصلت البراءة عن القصاص ثم الدية تجب بالقتل الموجود منهم ظاهرا لوجود القتيل بين أظهرهم لا بنكولهم، أو وجبت
ــ
[البناية]
بن سعيد وسليمان الشيباني عن الشعبي: أن قتيلا وجد بين وادعة وشاكر فأمر عمر رضي الله عنه أن يقيسوا ما بينهما، فوجدوه إلى وادعة أقرب، فحلفهم عمر رضي الله عنه خمسين يمينا، كل رجل ما قتلت ولا علمت له قاتلا ثم غرمهم الدية. وأخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا وكيع حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث بن الأزمع قال وجد قتيل بين وادعة وأرحب، فذكره بنحوه.
م: (وقوله عليه الصلاة والسلام: «تبرئكم اليهود» ش: هذا جواب عن استدلال الشافعي بحديث عبد الله بن سهل المذكور أي قول النبي صلى الله عليه وسلم «تبرئكم اليهود» م: (محمول على الإبراء عن القصاص والحبس) ش: تقريره أن قول الخصم الحلف مبرئ. قلنا نحن نقول بموجبه ولكن يبرئ عما وجب لأجله الحلف وهو القصاص لا عن غيره، كما إذا كانت الدعوى على شيء فحلف المدعى عليه على ذلك الشيء انقطعت الخصومة عنه، وهنا فيما نحن فيه استحلف كل واحد منهم على دعوى القتل، فباليمين انقطعت الخصومة عن دعوى القتل، فلم يجب القصاص، ولكن وجب عليه شيء آخر لا لكونه قاتلا بل لتقصيرهم في صيانة المحلة عن فساد القتل، لأنه لولا تقصيرهم لما وقع هذا الأمر، والتسبيب في القتل بهذا الطريق موجب الدية في الشرع.
ألا ترى أن العاقلة يؤخذون بالدية وهم ما قتلوا ولكن قصروا في صيانة الدم عن الإهدار، هذا الذي قاله الأترازي وغيره، وأحسن منه في الجواب عنه ما قاله أبو داود رحمه الله في حديث سهل المذكور، رواه بشر بن المفضل ومالك عن يحيى بن سعيد قالا فيه «أتحلفون خمسين يمينا وتستحقون دم صاحبكم؟» ، رواه ابن عيينة عن يحيى قيدا بقوله:«تبرئكم يهود بخمسين يمينا» وهو وهم من ابن عيينة.
م: (وكذا اليمين مبرئة عما وجب له اليمين، والقسامة ما شرعت لتجب الدية إذا نكلوا، بل شرعت ليظهر القصاص بتحرزهم عن اليمين الكاذبة، فيقروا بالقتل، فإذا حلفوا حصلت البراءة عن القصاص ثم الدية تجب بالقتل الموجود منهم ظاهرا لوجود القتيل بين أظهرهم لا بنكولهم، أو وجبت
بتقصيرهم في المحافظة كما في القتل الخطأ. ومن أبى منهم اليمين حبس حتى يحلف؛ لأن اليمين فيه مستحقة لذاتها تعظيما لأمر الدم، ولهذا يجمع بينه وبين الدية، بخلاف النكول في الأموال؛ لأن اليمين بدل عن أصل حقه، ولهذا يسقط ببذل المدعي، وفيما نحن فيه لا يسقط ببذل الدية، هذا الذي ذكرنا إذا ادعى الولي القتل على جميع أهل المحلة، وكذا إذا ادعى على البعض لا بأعيانهم والدعوى في العمد أو الخطأ، لأنهم لا يتميزون عن الباقي. ولو ادعى على البعض بأعيانهم أنه قتل وليه عمدا أو خطأ، فكذالك الجواب يدل عليه إطلاق الجواب في الكتاب،
ــ
[البناية]
بتقصيرهم في المحافظة كما في القتل الخطأ) ش: هذا جواب آخر عن حديث الخصم، وقد قررناه عن قريب.
م: (ومن أبي منهم اليمين) ش: أي ومن امتنع عن اليمين من الخمسين الذين اختارهم الولي م: (حبس حتى يحلف، لأن اليمين فيه مستحقة لذاتها تعظيما لأمر الدم) ش: فمن نكل عن حق مستحق لذاته فقد ظلم، وجزاء الظالم الحبس، وإنما قال: مستحق لذاته ليسلم، لأنه بدل عن الدية م:(ولهذا يجمع بينه وبين الدية) ش: ولو كان بدلا عن الدية لما جاز [الجمع] بينهما.
م: (بخلاف النكول في الأموال؛ لأن اليمين) ش: في الأموال م: (بدل عن أصل حقه) ش: أي حق المدعي، وأصل حقه في المال م:(ولهذا) ش: أي ولكون أصل حقه في المال م: (يسقط) ش: أي اليمين م: (ببذل المدعي، وفيما نحن فيه لا يسقط) ش: أي اليمين م: (ببذل الدية) ش: بل تجب اليمين المكررة م: (هذا الذي ذكرنا) ش: أي من وجوب القسامة والدية م: (إذا ادعى الولي القتل على جميع أهل المحلة، وكذا إذا ادعى على البعض لا بأعيانهم، والدعوى في العمد أو في الخطأ لأنهم) ش: أي لأن البعض لا بأعيانهم م: (لا يتميزون عن الباقي) ش: فصار كما إذا ادعى على البعض.
م: (ولو ادعى على البعض بأعيانهم أنه قتل وليه) ش: سنذكره من بعد إن شاء الله، أي سنذكر حكم من ادعى على واحد من غير أهل المحلة بعد ورقتين عند قوله: وإن ادعى على واحد منهم سقط عنهم، هذا وقع في بعض النسخ، وفي بعضها وقع مثل ما ذكر هاهنا.
ولو ادعى على البعض بأعيانهم أنهم قتلوا.... إلى آخره م: (عمدا أو خطأ فكذلك الجواب) ش: يعني تجب القسامة والدية م: (يدل عليه إطلاق الجواب في الكتاب) ش: أي في كتاب القدوري رحمه الله، لأنه قال: وإذا وجد قتيل في محلة لا يعلم من قتله استحلف خمسون رجلا منهم.. إلى آخره.
وهكذا الجواب في " المبسوط " وعن أبي يوسف رحمه الله في غير رواية الأصل: أن في القياس تسقط القسامة والدية عن الباقين من أهل المحلة، ويقال للولي: ألك بينة، فإن قال لا، يستحلف المدعى عليه يمينا واحدة. ووجهه: أن القياس يأباه لاحتمال وجود القتل في غيرهم، وإنما عرف بالنص فيما إذا كان في مكان ينسب إلى المدعى عليهم والمدعي يدعي القتل عليهم، وفيما وراءه بقي على أصل القياس، وصار كما إذا ادعى القتل على واحد من غيرهم. وفي الاستحسان تجب القسامة والدية على أهل المحلة؛ لأنه لا فصل في إطلاق النصوص بين دعوى ودعوى فنوجبه بالنص لا بالقياس. بخلاف ما إذا ادعى على واحد من غيرهم؛ لأنه ليس فيه نص، فلو أوجبناهما لأوجبناهما بالقياس وهو ممتنع، ثم حكم ذلك أن يثبت ما ادعاه إذا كان له بينة، وإن لم تكن استحلفه
ــ
[البناية]
وأطلق وجوب القسامة والدية على أهل المحلة ولم يقيد الدعوى بالوقوع على الجميع أو على البعض بأعيانهم أو لا بأعيانهم م: (وهكذا الجواب في " المبسوط ") ش: يعني أوجب القسامة والدية مطلقا.
م: (وعن أبي يوسف رحمه الله في غير رواية الأصل: أن في القياس تسقط القسامة والدية عن الباقين من أهل المحلة، ويقال للولي ألك بينة، فإن قال لا، يستحلف المدعى عليه على قتله يمينا واحدة. ووجهه) ش: أي وجه ما روي عن أبي يوسف رحمه الله م: (أن القياس يأباه) ش: أي يأبى الحلف.
م: (لاحتمال وجود القتل من غيرهم، وإنما عرف) ش: أي الحلف م: (بالنص فيما إذا كان في مكان ينسب إلى المدعى عليهم والمدعي يدعي القتل عليهم، وفيما وراءه) ش: وهو ما إذا كان الدعوى على البعض بعينه م: (بقي على أصل القياس) ش: فلم تجب القسامة م: (وصار كما إذا ادعى القتل على واحد من غيرهم) ش: فإن فيه البينة من المدعي أو اليمين من المدعى عليه.
م: (وفي الاستحسان تجب القسامة والدية على أهل المحلة؛ لأنه لا فصل في إطلاق النصوص بين دعوى، ودعوى فنوجبه) ش: أي نوجب كل واحد من القسامة والدية.
وفي بعض النسخ: فنوجبها، أي القسامة والدية م:(بالنص) ش: الذي ذكر م: (لا بالقياس. بخلاف ما إذا ادعى على واحد من غيرهم؛ لأنه ليس فيه نص، فلو أوجبناهما) ش: أي القسامة م: (لأوجبناهما بالقياس وهو ممتنع، ثم حكم ذلك) ش: أي حكم ما إذا ادعى على واحد منهم من غيرهم م: (أن يثبت ما ادعاه إذا كان له بينة، وإن لم تكن استحلفه) ش: أي المدعى عليه