الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب جناية المملوك والجناية عليه
قال: وإذا جنى العبد جناية خطأ، قيل لمولاه: إما أن تدفعه بها أو تفديه، وقال الشافعي رحمه الله: جنايته في رقبته يباع فيها إلا أن يقضي المولى الأرش، وفائدة الاختلاف في اتباع الجاني بعد العتق.
ــ
[البناية]
[باب جناية المملوك والجناية عليه]
[جنى العبد على غيره خطأ]
م: (باب جناية المملوك والجناية عليه) ش: أي هذا باب في بيان جناية المملوك على غيره وفي بيان جناية شخص على المملوك ولما فرغ من جناية الحر وهو المالك شرع في بيان العبد الذي هو المملوك.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (وإذا جنى العبد) ش: على حر أو على عبد م: (جناية خطأ قيل لمولاه إما أن تدفعه) ش: أي العبد إلى ولي الجاني م: (بها) ش: أي بالجناية م: (أو تفديه) ش: إنما قيد بالخطأ لأن في العمد في النفس يجب القصاص عليه، وفيما دون النفس تجب الدية خطأ أو عمدا، لأن القصاص لا يجري فيه بين العبد والعبيد ولا بين العبيد والأحرار فيما دون النفس م:(وقال الشافعي رحمه الله: جنايته في رقبته يباع فيها إلا أن يقضي المولى الأرش) ش: وذكر شيخ الإسلام علاء الدين الأسبيجابي رحمه الله في " شرح الكافي مذهب مالك رحمه الله كذلك، وقال مالك: يجب ذلك في عتق العبد يباع فيه إلا أن يقضي السيد " وقال الخرقي في " مختصره " وإذا جنى العبد على سيده أن يدفعه، أو يفديه فإن كانت الجناية أكثر من قيمة العبد لم يكن على سيده أن يطالب بأكثر من قيمته م:(وفائدة الاختلاف) ش: أي الخلاف بيننا وبين الشافعي رحمه الله تظهر م: (في اتباع الجاني بعد العتق) ش: يعني أن المجني عليه عند الشافعي رحمه الله يتبع العبد بعد العتق، يعني إذا كانت قيمته غير معادلة للأرش تبعه بعد العتق، أما لو كان الأرش بقدر القيمة يكون على الولي والمولى يختار الفداء بعد العتق " وعندنا الوجوب على المولى دون العبد فلا يتبعه بعد العتق لأنه بعد العتق صار مختارا للفداء في " مبسوط " بكر و" الأسرار "، حاصل الخلاف أن موجب جناية العبد على الآدمي على العبد عند الشافعي. وعندنا يجب على المولى الدفع والفداء إلا أن الموجب الأصلي الدفع، وله أن يختار الفداء حتى لو هلك العبد قالوا: برئ المولى، ولو كان الواجب أحد الشيئين والخيار إليه ينبغي أن يتعين الأرش بعد هلاكه، وعند الشافعي رحمه الله موجب جناية عليه كموجب جناية على المال ومن حكم الدين إذا وجب على العبد يخير المولى بين البيع والدفع في الدين وبه قال أحمد رحمه الله في رواية، فعلى هذا لو كان قيمة قدر الأرش أو دونه فالسيد يخير بين الفداء والدفع، وهو قول الحسن والثوري والشعبي وعطاء ومجاهد والزهري وحماد رحمهم الله وقال أحمد رحمه الله في رواية: يلزم السيد دفعه، وهو قول مالك والشافعي في قول إلا أن
والمسألة مختلفة بين الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، له أن الأصل في موجب الجناية أنه على المتلف لأنه هو الجاني إلا أن العاقلة تتحمل عنه، ولا عاقلة للعبد لأن العقل عنده بالقرابة ولا قرابة بين العبد ومولاه، فتجب في ذمته كما في الدين، ويتعلق برقبته، يباع فيه كما في الجناية على المال. ولنا: أن الأصل في الجناية على الآدمي حالة الخطأ أن تتباعد عن الجاني
ــ
[البناية]
يفديه بالأرش بالغا ما بلغ.
م: (والمسألة مختلفة بين الصحابة رضوان الله تعالى عليهم) ش: وقال الأكمل رحمه الله: فعن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مثل مذهبنا قال: إذا جنى العبد إن شاء دفعه وإن شاء فداه، وهكذا روي عن علي ومعاذ بن جبل وغيرهما وروي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مثل مذهبه، قال: عبيد الناس أموالهم جنايتهم في قيمتهم أي في أثمانهم لأن الثمن قيمة العبد، وقال الكاكي: والمسألة مختلفة بين الصحابة - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وروي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أنه قال: عبيد الناس أموالهم جزاء جنايتهم في رقاب الناس كمذهبنا، هكذا روي عن ابن عباس ومعاذ بن جبل وأبي عبيدة بن الجراح وروي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مثل مذهبه نذكره مثل ما ذكرنا، وقال الأترازي: ولنا ما روى أصحابنا في كتبهم كالقدوري وغيره عن ابن عباس أنه قال: عبيد الناس أموالهم وجنايتهم في قيمتهم، وعن علي رضي الله عنه مثله قلت مخرج الأحاديث - لم يذكر إلا عن علي رضي الله عنه فقط فقال: روى ابن أبي شيبة في " مصنفه ": حدثنا حفص عن حجاج عن حصين الحارثي عن الشعبي عن الحارثي عن علي قال: إذا جنى العبد ففي رقبته، ويخير مولاه إن شاء فداه وإن شاء دفعه م:(وله) ش: أي الشافعي م: (أن الأصل في موجب الجناية أنه على المتلف لأنه هو الجاني إلا أن العاقلة تتحمل عنه) ش: أي عن الجاني م: (ولا عاقلة للعبد لأن العقل عنده بالقرابة ولا قرابة بين العبد ومولاه، فتجب في ذمته كما في الدين) ش: وهو ظاهر كما قلنا، وفي بعض النسخ: كما في الذمي، يعني إذا قتل الذمي خطأ يجب دية المقتول في ذمته لا على عاقلته كما في إتلاف المال.
وقوله بعد هذا: بخلاف الذمي الذي يدل على صحة هذه النسخة م: (ويتعلق برقبته) ش: أي برقبة العبد م: (يباع فيه كما في الجناية على المال) ش: أي كما في الضمان لاستهلاك الأموال م: (ولنا: أن الأصل في الجناية على الآدمي حالة الخطأ أن تتباعد عن الجاني) ش: لكونه معذورا، والخطأ موضوع شرعا، وقال الأكمل رحمه الله: في قوله: ولنا أن الأصل ثبت وهو أن الحكم في مسألة مختلف، فإن حكمها عندنا الوجوب على المولى وعندهم الوجوب على العبد لما ذكر، وهو بناء على الأصل، ونحن على أصل فمن أين يقوم لأحدنا حجة على الآخر؟
تحرزا عن استئصاله والإجحاف به إذ هو معذور فيه حيث لم يتعمد الجناية وتجب على عاقلة الجاني إذا كان له عاقلة والمولى عاقلته لأن العبد يستنصر به. والأصل في العاقلة عندنا النصرة حتى تجب على أهل الديوان بخلاف الذمي؛ لأنهم لا يتعاقلون فيما بينهم فلا عاقلة فتجب في ذمته صيانة للدم عن الهدر. وبخلاف الجناية على المال؛ لأن العواقل لا تعقل المال إلا أنه يخير بين الدفع والفداء لأنه واحد، وفي إثبات الخيرة نوع تخفيف في حقه كي لا يستأصل،
ــ
[البناية]
ويمكن أن يقال: الشافعي رحمه الله جعل وجوب موجب جنايته في ذمته وكوجوب الجناية على المال " فنحن إذا بينا الفرق بينهم فبقي أصله، بلا أصل فيبطل. وقد بين المصنف ذلك بقوله: بخلاف الذمي إلى آخره م: (تحرزا عن استئصاله) ش: أي لأجل التحرز عن انقطاعه بالكلية م: (والإجحاف به إذ هو) ش: أي الإضرار به إذ هو أي الجاني في حالة الخطأ م: (معذور فيه حيث لم يتعمد الجناية) ش: ولكن لما وجب دفعا لوحشة القتل عند الأولياء وصونا للدم عن الهدر فلا يهدر م: (وتجب على عاقلة الجاني إذا كان له عاقلة والمولى عاقلته) ش: أي عاقلة العبد م: (لأن العبد يستنصر به) ش: أي بالمولى م: (والأصل في العاقلة عندنا النصرة حتى تجب على أهل الديوان) ش: وأهل الديوان أهل الرايات وهم الجيش الذين كتبت أساميهم في الديوان على ما يجيء بيانه في كتاب " المعاقل " إن شاء الله تعالى م: (بخلاف الذمي) ش: جواب عن قياس الشافعي رحمه الله وجوب موجب جناية العبد عليه قياسا على الذمي حيث يجب عليه، بيانه أن الذمي لا يصح أن يقاس عليه م: (لأنهم) ش: أي لأن أهل الذمة م: (لا يتعاقلون فيما بينهم) ش: أي لا يتناصرون م: (فلا عاقلة فتجب في ذمته) ش: أي في ذمة الذمي م: (صيانة للدم عن الهدر) ش: لأنه إذا لم يجب عليه ولا عاقلة له فيجب عليها لكون الدم هدرا فلا يجوز إهداره. م: (وبخلاف الجناية على المال) ش: هذا جواب عن قياس الشافعي رحمه الله موجب جناية العبد عليه قياسا على الجناية في المال، بيانه: أن هذا القياس أيضا غير صحيح م: (لأن العواقل لا تعقل المال) ش: كما مر بيانه م: (إلا أنه) ش: أي أن المولى، هذا استثناء من قوله " والمولى عاقلة " لأن العبد يستنصر به فإذا كان عاقلة م: (يخير بين الدفع والفداء) ش: يعني إن شاء دفع العبد وان شاء فداه. فإن قيل: إذا كان المولى عاقلته ينبغي أن لا يخير بين الدفع والفداء، كما لا يثبت الخيار في سائر العواقل، فالجواب عنه ما قاله المصنف رحمه الله بقوله: م: (لأنه واحد) ش: أي لأن المولى واحد هاهنا في كونه عاقلته. م: (وفي إثبات الخيرة) ش: للمولى م: (نوع تخفيف في حقه) ش: بخلاف سائر العواقل؛ لأن فيهم كثرة ويثبت التخفيف بالتوزيع عليهم فلا يثبت الخيار لهم م: (كي لا يستأصل) ش: