الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الوصية للأقارب وغيرهم
قال: ومن أوصى لجيرانه فهم الملاصقون عند أبي حنيفة رحمه الله. وقالا: هم الملاصقون وغيرهم ممن يسكن محلة الموصي ويجمعهم مسجد المحلة. وهذا استحسان، وقوله قياس؛ لأن الجار من المجاورة وهي الملاصقة حقيقة ولهذا يستحق الشفعة بهذا الجوار، ولأنه لما تعذر صرفه إلى الجميع يصرف إلى أخص الخصوص وهو الملاصق.
ــ
[البناية]
[باب الوصية للأقارب وغيرهم]
[الوصية للجيران]
م: (باب الوصية للأقارب وغيرهم)
ش: أي هذا باب في بيان أحكام حكم الوصية للأقارب وغيرهم، إنما أخر هذا الباب عما تقدمه؛ لأن في هذا الباب ذكر أحكام الوصية لقوم مخصوصين. وفيما تقدمه ذكر أحكامها على العموم والخصوص يتلو العموم.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ومن أوصى لجيرانه فهم الملاصقون عند أبي حنيفة رحمه الله. وقالا: هم الملاصقون وغيرهم ممن يسكن محلة الموصي ويجمعهم مسجد المحلة وهذا استحسان) ش: أي القدوري لم يذكر خلاف أبي يوسف ومحمد، وقد ذكر في (التقريب) قال: قال محمد في " الإملاء ": إذا أوصى لجيرانه فالوصية للملاصقين قربت الأبواب أو بعدت عند أبي حنيفة رحمه الله.
وقالا: لمن يجمعهم مسجد في الجماعة، وذكر ابن شجاع عن أبي يوسف رحمه الله اعتبار أهل المحلة الذين يصلون في مسجد واحد. قال: هذا قول أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وروى بشر عن أبي يوسف، أن الجيران الذين يجمعهم محلة واحدة وإن تفرقوا في مسجدين متقاربين، وإن تباعدوا وكان واحدا عظيما جامعا لكل أهل مسجد جيران دون الآخرين، وإن كان في المصر قبائل فالجيران الأقحاء دون القبائل، إلى هنا لفظ " التقريب ".
م: (وقوله) ش: أي وقول أبي حنيفة م: (قياس) ش: وبه قال زفر م: (لأنه الجار من المجاورة، وهي الملاصقة حقيقة. ولهذا) ش: أي ولكون الجار هو الملاصق م: (يستحق الشفعة بهذا الجوار) ش: أي بجوار الملاصق.
م: (ولأنه) ش: أي ولأن الشأن م: (لما تعذر صرفه) ش: أي صرف ما أوصى لجيرانه م: (إلى الجميع) ش: الجيران م: (يصرف إلى أخص الخصوص وهو الملاصق) ش: وقال الشافعي وأحمد - رحمهما الله -: هم أهل أربعين دارا من كل جانب. وفي الأمصار التي فيها القبائل فالجوار على الأفخاذ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أنه عليه السلام قال: «الجار أربعون دارا هكذا وهكذا» . وفي " المغني " لابن قدامة: وهذا نص إن صح وإلا فالجار هو المقارب ويرجع في ذلك
وجه الاستحسان: أن هؤلاء كلهم يسمون جيرانا عرفا؛ وقد تأيد بقوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ".» وفسره بكل من سمع النداء،
ــ
[البناية]
إلى العرف.
م: (وجه الاستحسان أن هؤلاء) ش: أي الملاصقون وغيرهم م: (كلهم يسمون جيرانا عرفا) ش: أي من حيث عرف الناس م: (وقد تأيد ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم) ش: أي بقول النبي صلى الله عليه وسلم م: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» ش: هذا الحديث رواه الحاكم والدارقطني عن أبي هريرة مرفوعا ورواه الدارقطني أيضا عن جابر مرفوعا، ورواه ابن عباس عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - مرفوعا بأسانيد ضعيفة. وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ابن حزم: هذا حديث ضعيف، الحديث، وهو صحيح من قول علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.
قلت: رواه البيهقي في " المعرفة " من طريق الشافعي أنه بلغه عن هشيم وغيره عن أبي حيان التيمي عن أبيه قرأته عن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أنه قال: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد " قيل: ومن جار المسجد؟ قال: " من أسمعه المنادي ".» قال القدوري في " التهذيب ": وقد قال هلال الرأي أن الجار من أسمعه المنادي لأنه روي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أنه قال: لا صلاة لجار المسجد
…
إلى آخره.
م: (وفسره بكل من سمع النداء) ش: قال تاج الشريعة: وفسره، أي النبي صلى الله عليه وسلم فقال:«هم الذين يجمعهم مسجد واحد» . انتهى.
قلت: هذا غريب منه، وكيف يقال وفسره النبي صلى الله عليه وسلم والحديث لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولئن سلمنا أنه صح ولم يفسره النبي صلى الله عليه وسلم هكذا، وإنما فسره علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فيما روي عنه موقوفا عليه كما ذكرنا الآن.
فإن قلت: يمكن أن يقال وفسره علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -؟.
قلت: نعم، علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فسره هكذا، ولكن فسر حديث نفسه حين سئل كما ذكرنا، والمصنف ما أسند الحديث إلى علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حتى يصح أن يقال: وفسره علي، ولو قال: وفسره على صيغة المجهول لكان أصوب على ما لا يخفى.
م: (ولأن القصد بر الجيران) ش: أي المقصود من وصية الشخص لجيرانه وحول إحسانه
ولأن القصد بر الجيران، واستحبابه ينتظم الملاصق وغيره، إلا أنه لا بد من الاختلاط، وذلك عند اتحاد المسجد. وما قاله الشافعي رحمه الله: الجوار إلى أربعين دارا بعيد. وما يروى فيه ضعيف. قالوا: ويستوي فيه الساكن والمالك، والذكر والأنثى، والمسلم والذمي؛ لأن اسم الجار يتناولهم،
ــ
[البناية]
إليهم م: (واستحبابه) ش: أي استحباب البر م: (ينتظم الملاصق وغيره، إلا أنه) ش: أي جيرانه م: (لا بد من الاختلاط) ش: وهذا جواب من قال: ينبغي أن يستحق غير من يجمعه المسجد فأجاب بأنه لا بد من الاختلاط م: (وذلك) ش: أي الاختلاط م: (عند اتحاد المسجد) ش: قيل: حتى لو كان في المحلة مسجدان صغيران متقاربان فالجمع جيران.
م: (وما قاله الشافعي رحمه الله: الجوار إلى أربعين دارا بعيد) ش: باعتبار العرف م: (وما يروى فيه ضعيف) ش: أي الذي روي في أن الجار إلى أربعين دارا حديث ضعيف لم يثبت. أما الحديث فقد رواه البيهقي عن أم هانئ بنت أبي صفرة عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أوصاني جبريل عليه السلام بالجار إلى أربعين دارا عشرة من هاهنا، وعشرة من هاهنا، وعشرة من هاهنا، وعشرة من هاهنا» انتهى.
وقال: في إسناده ضعف.
ورواه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " عن عبد السلام بن أبي الجنوب عن أبي سلمة عن أبي هريرة، - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حق الجوار إلى أربعين دارا هكذا وهكذا وهكذا وهكذا يمينا وشمالا وقدام وخلف» . وعن أبي يعلى رواه ابن حبان في كتاب " الضعفاء " وأعله بعبد السلام بن أبي الجنوب، وقال: إنه منكر الحديث. أما قول من قال: هذا حديث لا نعرف رواته فغير صحيح، ذكره الأكمل بقوله: قيل: هذا خبر لا نعرف رواته، وكيف يقال هذا وقد عين البيهقي وأبو يعلى رواته، ولكن لم يصح لما ذكرنا؟! م:(قالوا) ش: أي المشايخ م: (ويستوي فيه) ش: أي فيما أوصى به رجل فجيرانه م: (الساكن) ش: بالإجارة والعارية م: (والمالك والذكر والأنثى والمسلم والذمي؛ لأن اسم الجار يتناولهم) ش: وفي " الزيادات ": قال محمد: وأما أنا فإني أحسن أن جعل الوصية لجيرانه الملازقين للساكن ممن يملك تلك الدور وغيرهم ممن لا يملكها، ومن يجمعه مسجد تلك المحلة الذي فيهم الموصي من الملازقين وغيرهم، والسكان من تلك المحلة وغيرهم سواء في الوصية الأقربون والأبعدون، والكافر والمسلم، والصبي والمرأة في ذلك سواء، وليس للمالكين والمدبرين وأمهات الأولاد في ذلك شيء.