الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي قول: الواجب أحدهما لا بعينه، ويتعين باختياره؛ لأن حق العبد شرع جابرا وفي كل واحد نوع جبر فيتخير، ولنا ما تلونا من الكتاب وروينا من السنة؛ ولأن المال لا يصلح موجبا لعدم المماثلة، والقصاص يصلح للتماثل وفيه مصلحة الأحياء زجرا وجبرا فيتعين،
ــ
[البناية]
[القتل العمد]
م: (وفي قول) ش: أي للشافعي رحمه الله: م: (الواجب أحدهما) ش: أي إما القصاص أو أخذ المال م: (لا بعينه) ش: يعني من غير تعيين م: (ويتعين) ش: أي أحدهما م: (باختياره) ش: أي باختيار القاتل.
م: (لأن حق العبد شرع جابرا) ش: يعني النظر للولي تشرعه لا يبقى الضمان الأصلي ولم يمكن الجمع بينهما.
م: (وفي كل واحد) ش: من القصاص وأخذ المال م: (نوع جبر فيتخير) ش: وقال مالك رحمه الله في رواية، وأبو ثور وإسحاق ومحمد بن سيرين وسعيد بن المسيب والأوزاعي وأبو سليمان وجمهور أصحاب الحديث رحمهم الله واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم:«من قتل قتيلا فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا، وإن أحبوا أخذوا العقل - أي الدية» وهذا تنصيص على أن كل واحد منهما يوجب القتل.
قال الكاكي رحمه الله: هذا الحديث رواه شريح والكعبي.
قلت: الجواب عنه أنه خبر واحد فلا يعارض الكتاب، والسنة المشهورة. وأيضا هو محمول على الرضاء. وللشافعي رحمه الله قول آخر ذكره تاج الشريعة حيث قال: في المسألة ثلاثة أقاويل، يعني للشافعي: في قول: الواجب هو القصاص إلا أن يعفو الولي، وفي قول: الواجب أحدهما والتعيين إلى الولي، وفي قول: بالعكس.
م: (ولنا ما تلونا من الكتاب) ش: وهو قَوْله تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178]، {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179] .
م: (وروينا من السنة) ش: وهو قوله عليه السلام: «العمد قود» .
م: (ولأن المال) ش: دليل عقلي وبيانه: أن المال م: (لا يصلح موجبا) ش: في القتل العمد. م: (لعدم المماثلة) ش: أي لعدم المماثلة بين المال والآدمي؛ لأن المال مملوك مبتذل، والآدمي مالك يتبذل فأنى يتماثلان.
م: (والقصاص يصلح للتماثل) ش: لأنه لغة روح بإزاء روح مثله. م: (وفيه) ش: أي وفي القصاص م: (مصلحة الأحياء زجرا) ش: للغير عن وقوعه فيه، م:(وجبرا) ش: للورثة، م:(فيتعين) ش: أي القصاص.
وفي الخطأ وجوب المال ضرورة صون الدم عن الإهدار، ولا يتيقن بعدم قصد الولي بعد أخذ المال، فلا يتعين مدفعا للهلاك، ولا كفارة فيه عندنا، وعند الشافعي رحمه الله: تجب لأن الحاجة إلى التكفير في العمد أمس منها إليه في الخطأ، فكان أدعى إلى إيجابها. ولنا: أنه كبيرة محضة وفي الكفارة معنى العبادة، فلا تناط بمثلها،
ــ
[البناية]
م: (وفي الخطأ) ش: هذا جواب عما يقال كيف يصلح موجبا في الخطأ، والفائت فيه مثل الفائت في العمد؟
وتقرير الجواب أن: م: (وجوب المال ضرورة صون الدم عن الإهدار) ش: والآدمي مكرم لا يجوز إهدار دمه وأنه لما لم يكن الاقتصاص فيه هدر الدم لو لم يجب المال م: (ولا يتيقن بعدم قصد الولي بعد أخذ المال) ش: هذا جواب عن قوله: م: (فلا يتعين مدفعا للهلاك) ش: تقريره أنه متعين بعدم قصد الولي القتل بعد أخذ المال؛ لأنه يجوز أن يأخذ المال، ثم تهيجه الضغينة وتحركه العداوة على ارتكاب قتله، وإن لم يكن له ذلك شرعا، فإذا كان كذلك فلا يتعين مدفعا للهلاك.
فإن قيل: هذا الوهم موجود فيما إذا أخذ المال صلحا، وقد جاز؟
أجيب: بأن في الصلح المراضاة، والقتل بعده ظاهر العدم.
م: (ولا كفارة فيه) ش: أي في القتل العمد سواء كان عمدا يجب فيه القصاص، أو لا يجب كالأب إذا قتل ابنه عمدا، ومسلم قتل من أسلم في دار الحرب ولم يهاجر إلينا عمدا.
م: (عندنا) ش:، وبه قال مالك وأحمد في المشهور عنه، وبه قال الثوري وأبو ثور وابن المنذر م:(وعند الشافعي رحمه الله تجب) ش: وبه قال أحمد رحمه الله في رواية. ولا خلاف في وجوب الكفارة في الخطأ، إلا ما حكي عن مالك أنه قال: لا تجب الكفارة في القتل العمد أو الكفارة خطأ. وللشافعي وجهان في سقوط الكفارة عن القاتل إذا قتل قصاصا، والأصح أنه لا يسقط ويؤدى من تركته.
م: (لأن الحاجة إلى التكفير في العمد أمس منها إليه) ش: أي إلى التكفير م: (في الخطأ) ش: لأنها لستر الذنب، والذنب في العمد أعظم. م:(فكان أدعى إلى إيجابها) ش: أي فكان الذنب أدعى إلى إيجاب الكفارة م: (ولنا: أنه) ش: أي القتل أو العمد م: (كبيرة محضة) ش: أي ليس فيه جهة الإباحة. م: (وفي الكفارة معنى العبادة) ش: يعني دائرة بين العبادة والعقوبة فلا بد أن يكون سببها دائرا بين الخطر والإباحة كما في الغموس. م: (فلا تناط) ش: أي الكفارة م: (بمثلها) ش: أي بمثل الكبيرة المحضة.