الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والدين يقضى من جميع التركة بخلاف القاضي أو أمينه إذا تولى البيع حيث لا عهدة عليه؛ لأن في إلزامها القاضي تعطيل القضاء إذ يتحامى عن تقلد هذه الأمانة حذرا عن لزوم الغرامة، فتتعطل مصلحة العامة وأمينه سفير عنه كالرسول، ولا كذلك الوصي؛ لأنه بمنزلة الوكيل، وقد مر في كتاب القضاء، فإن كانت التركة قد هلكت أو لم يكن بها وفاء لم يرجع بشيء، كما إذا كان على الميت دين آخر.
قال: وإن قسم الوصي الميراث فأصاب صغيرا من الورثة عبد فباعه وقبض الثمن فهلك واستحق العبد رجع في مال الصغير لأنه عامل له ويرجع الصغير على الورثة بحصته لانتقاض القسمة باستحقاق ما أصابه. قال وإذا احتال الوصي بمال اليتيم، فإن كان خيرا لليتيم جاز
ــ
[البناية]
والتصدق بثمنه، فكأنه قال: هذا العبد ملكي، فكان مغرورا من جهته.
وفي " الذخيرة ": محيلا إلى " المنتقى ": أن الوصي يرجع على المساكين لا على الميت، والقياس هذا؛ لأن غنم تصرف الموصي يعود إلى المساكين، فغرمه يجب أن يكون عليهم م:(والدين يقضى من جميع التركة، بخلاف القاضي أو أمينه إذا تولى البيع حيث لا عهدة عليه؛ لأن في إلزامها القاضي) ش: أي لأن في إلزام العهدة القاضي م: (تعطيل القضاء إذ يتحامى) ش: أي لأنه يمتنع م: (عن تقلد هذه الأمانة حذرا عن لزوم الغرامة، فتتعطل مصلحة العامة وأمينه) ش: أي أمين القاضي م: (سفير عنه) ش: أي عن القاضي بامتناع القضاة عن قبول القضاء لأجل التزام العهدة في الأمور م: (كالرسول) ش: فلا يلزمه شيء.
م: (ولا كذلك الوصي؛ لأنه بمنزلة الوكيل وقد مر في كتاب القضاء) ش: في آخر فصل القضاء بالمواريث م: (فإن كانت التركة قد هلكت، أو لم تكن بها وفاء) ش: بأن لم يفضل عن التكفين والتجهيز م: (لم يرجع) ش: أي الوصي لم يرجع م: (بشيء كما إذا كان على الميت دين آخر) ش: أي غير هذا الدين نحو الديون التي تكون على الموات المفاليس.
[قسم الميراث فأصاب صغيرا من الورثة عبد فباعه واستحق العبد]
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (وإن قسم الوصي الميراث فأصاب صغيرا من الورثة عبد فباعه وقبض الثمن فهلك) ش: الثمن في يده م: (واستحق العبد رجع في مال الصغير) ش: يعني رجع المشتري بالثمن على الوصي؛ لأن العهدة على البائع ثم يرجع الوصي بذلك في مال الصغير م: (لأنه عامل له) ش: أي لأن الوصي عامل لأجل الصغير م: (ويرجع الصغير على الورثة بحصته لانتقاض القسمة باستحقاق ما أصابه) ش: أي ما أصاب الصغير.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (وإذا احتال الوصي بمال اليتيم فإن كان خيرا لليتيم جاز) ش: بأن كان المحال عليه أملأ وقدرته على أداء الدين من المحيل، وهو المديون،
وهو أن يكون أملأ، إذ الولاية نظرية، وإن كان الأول أملأ لا يجوز؛ لأن فيه تضييع مال اليتيم على بعض الوجوه قال: ولا يجوز بيع الوصي ولا شراؤه إلا بما يتغابن الناس في مثله؛ لأنه لا نظر في الغبن الفاحش. بخلاف اليسير؛ لأنه لا يمكن التحرز منه، ففي اعتباره انسداد بابه والصبي المأذون والعبد المأذون والمكاتب يجوز بيعهم وشراؤهم بالغبن الفاحش عند أبي حنيفة لأنهم يتصرفون بحكم المالكية، والإذن فك الحجر بخلاف الوصي؛ لأنه يتصرف بحكم النيابة الشرعية نظرا فيتقيد بموضع النظر. وعندهما لا يملكونه؛ لأن التصرف
ــ
[البناية]
وهو قوله: م: (وهو أن يكون) ش: أي المحتال عليهم م: (أملأ إذ الولاية نظرية وإن كان الأول أملأ لا يجوز) ش: أي المديون أملأ لا يجوز م: (لأن فيه تضييع مال اليتيم على بعض الوجوه) ش: يعني إذا مات المحيل عليه مفلسا ولم يذكر إذا كانا سواء.
وفي " الذخيرة ": اختلف الناس فيه، أشار في الكتاب إلى أنه لا يجوز، وذكر المحبوبي إذا كان الثاني مثل الأول لا يجوز. وقال الإمام الأسبيجابي في " شرح الطحاوي " على أن الوصي له أن يأخذ الكفيل بدين الميت؛ لأن الكفالة لا توجب براءة الأصل، وكذلك لو أخذ رهنا بذلك يجوز، ولو احتال بماله أو أخذ كفيلا شرط براءة الأصل، فإنه ينظر حتى إن الصبي لو أدرك قبل أخذ الدين، فليس له أن يفسخ الحوالة، وإذا لم يكن أملأ من المحيل فإنه لا يجوز، هذا إذا ثبت الدين بمداينة الميت، وأما إذا ثبت بمداينة الوصي فإنه يجوز سواء كان خيرا لليتيم أو شرا له، إلا أنه إذا كان خيرا له فإنه يجوز بالاتفاق حتى إنه إذا أدرك وأراد أن ينقض ذلك فليس له ذلك، وإن كان شرا له جاز ذلك ويضمن الوصي اليتيم عندهما، وعند أبي يوسف رحمه الله: لا يجوز.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (ولا يجوز بيع الوصي، ولا شراؤه إلا بما يتغابن الناس في مثله؛ لأنه لا نظر في الغبن الفاحش، بخلاف اليسير؛ لأنه لا يمكن التحرز منه، ففي اعتباره) ش: أي في اعتبار الغبن اليسير م: (انسداد بابه) ش: أي باب تصرف الوصي م: (والصبي المأذون والعبد المأذون والمكاتب يجوز بيعهم وشراؤهم بالغبن الفاحش عند أبي حنيفة رحمه الله لأنهم يتصرفون بحكم المالكية) ش: أي يتصرفون بحكم المالكية، أي يتصرفون بأهليتهم لا بإذن المولى، ولا يقال: العبد محجور عليه؛ لأن المصنف قال: م: (والإذن فك الحجر بخلاف الوصي؛ لأنه يتصرف بحكم النيابة الشرعية نظرا، فيتقيد بموضع النظر) ش: والأب والقاضي مثل الوصي؛ لأنهم يتصرفون للغير، فتجوز فيه عن الضرر.
م: (وعندهما) ش: أي عند أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله -: م: (لا يملكونه) ش: أي لا يملكون البيع بالغبن الفاحش ولا الشراء به، وبه قالت الأئمة الثلاثة م: (لأن التصرف
بالفاحش منه تبرع لا ضرورة فيه، وهم ليسوا من أهله. وإذا كتب كتاب الشراء على وصي كتب كتاب الوصية على حدة وكتاب الشراء على حدة لأن ذلك أحوط. ولو كتب جملة عسى أن يكتب الشاهد شهادته في آخره من غير تفصيل، فيصير ذلك حملا له على الكذب. ثم قيل: يكتب اشترى من فلان ابن فلان ولا يكتب من فلان وصي فلان لما بينا. وقيل: لا بأس بذلك؛ لأن الوصاية تعلم ظاهرا. قال: وبيع الوصي على الكبير الغائب جائز في كل شيء إلا في العقار؛ لأن الأب يلي ما سواه ولا يليه، فكذا وصيته فيه، وكان القياس أن لا يملك الوصي غير العقار أيضا؛ لأنه لا يملكه الأب على الكبير، إلا أنا استحسناه لما أنه حفظ لتسارع الفساد إليه وحفظ الثمن أيسر وهو يملك الحفظ. أما العقار فمحصن بنفسه،
ــ
[البناية]
بالفاحش منه تبرع لا ضرورة فيه، وهم ليسوا من أهله) ش: أي من أهل التبرع.
قال: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (وإذا كتب كتاب الشراء على وصي كتب كتاب الوصية على حدة وكتاب الشراء على حدة؛ لأن ذلك أحوط) ش: وبين وجه الأحوط م: (ولو كتب جملة عسى أن يكتب الشاهد شهادته في آخره) ش: أي في آخر الكتاب م: (من غير تفصيل) ش: بين الوصاية والشراء م: (فيصير ذلك حملا له على الكذب) ش: فينسب إلى شهادة الزور.
م: (ثم قيل: يكتب) ش: أي القاضي والمشتري ، كذا قاله الأترازي. وقال الكاكي: أي لا بأس بذلك، أي يجمع الوصية والشراء في كتاب واحد وهذا وجهه م:(اشترى من فلان بن فلان، ولا يكتب من فلان وصي فلان لما بينا) ش: أشار إلى قوله لأن ذلك أحوط. م: (وقيل: لا بأس بذلك) ش: أي لا بأس أن يكتب من فلان وصي فلان م: (لأن الوصاية تعلم ظاهرا) .
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (وبيع الوصي على الكبير الغائب جائز في كل شيء إلا في العقار؛ لأن الأب يلي ما سواه) ش: أي ما سوى العقار م: (ولا يليه) ش: أي العقار م: (فكذا وصيته فيه) ش: أي في العقار م: (وكان القياس أن لا يملك الوصي غير العقار أيضا؛ لأنه لا يملكه الأب على الكبير الغائب، إلا أنا استحسناه لما أنه حفظ لتسارع) ش: أي أن بيع ما سوى العقار يتسارع م: (الفساد إليه وحفظ الثمن أيسر وهو) ش: أي الوصي م: (يملك الحفظ، أما العقار فمحصن بنفسه) ش: فلا يحتاج إلى بيعها للتحصين، هذا الذي ذكره إذا لم يكن على التركة دين فإن كان هو مستغرق فله أن يبيع الجميع؛ لأنه لا يمكنه قضاء الدين إلا بالبيع وإن كان غير مستغرق يبيع بقدر الدين من المنقول عليه من القول بالاتفاق، ومن العقار أيضا عند أبي حنيفة رحمه الله، خلافا لهما.
قال: ولا يتجر في المال لأن المفوض إليه الحفظ دون التجارة. وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله -: وصي الأخ في الصغير والكبير الغائب بمنزلة وصي الأب في الكبير الغائب، وكذا وصي الأم ووصي العم، وهذا الجواب في تركة هؤلاء؛ لأن وصيهم قائم مقامهم وهم يملكون ما يكون من باب الحفظ، فكذا وصيهم. قال: والوصي أحق بمال الصغير من الجد. وقال الشافعي رحمه الله: الجد أحق؛ لأن الشرع أقامه مقام الأب حال عدمه حتى أحرز الميراث فيقدم على وصيه. ولنا: أن بالإيصاء تنتقل ولاية الأب إليه، فكانت ولايته قائمة معنى فيقدم عليه كالأب نفسه، وهذا لأن اختياره الوصي مع علمه بقيام الجد يدل على أن تصرفه أنظر لبنيه من تصرف أبيه. فإن لم يوص الأب فالجد بمنزلة الأب؛ لأنه أقرب الناس إليه وأشفقهم عليه حتى يملك
ــ
[البناية]
م: (قال: ولا يتجر) ش: أي الوصي م: (في المال؛ لأن المفوض إليه الحفظ دون التجارة. وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله -) ش: وفي بعض النسخ وقال م: (وصي الأخ في الصغير والكبير الغائب بمنزلة وصي الأب في الكبير الغائب) ش: يعني في بيع المنقول دون العقار، ولا خلاف في هذه المسألة فإنما خص ذكرهما في " الجامع " لأنه روى عنهما ولم يرو عن أبي حنيفة، كذا قال الفقيه أبو الليث.
م: (وكذا وصي الأم ووصي العم) ش: ليس لهما حق التصرف في العقار، ولهما حق التصرف في الفروض التي ورث من الأم خاصة أو من العم أو من الأخ، وليس لأحد من هؤلاء أن يتصرف فيما ورث من غير الذي أوصى إليه، وأما وصي الأب فله حق التصرف في الفرض والعقار سواء ورث من أبيه أو من غيره إذا كانت الورثة صغارا، وأما إذا كانوا كبارا وهم غيب فليس له التصرف إلا في فروض صاحبه م:(وهذا الجواب في تركة هؤلاء) ش: يعني الأخ والأم والعم، وإنما قيد بتركة هؤلاء لأن وصي هؤلاء في تركة الأب، كوصي الكبير الغائب م:(لأن وصيهم قائم مقامهم وهم يملكون ما يكون من باب الحفظ، فكذا وصيهم) .
م: (قال) ش: محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": م: (والوصي أحق بمال الصغير من الجد، وقال الشافعي رحمه الله: الجد أحق) ش: وبه قال مالك وأحمد - رحمهما الله - م: (لأن الشرع أقامه مقام الأب حال عدمه حتى أحرز الميراث فيقدم على وصيه. ولنا: أن بالإيصاء تنتقل ولاية الأب إليه) ش: أي إلى الوصي م: (فكانت ولايته) ش: أي ولاية الموصي م: (قائمة معنى، فيقدم عليه كالأب نفسه، وهذا) ش: توضيح لما قبله م: (لأن اختياره الوصي مع علمه بقيام الجد يدل على أن تصرفه) ش: أي تصرف الوصي م: (أنظر لبنيه من تصرف أبيه) ش: أي أب الموصي وهو الجد م: (فإن لم يوص الأب فالجد بمنزلة الأب؛ لأنه أقرب الناس إليه وأشفقهم عليه حتى يملك
الإنكاح دون الوصي، غير أنه يقدم عليه وصي الأب في التصرف لما بيناه.
ــ
[البناية]
الإنكاح) ش: أي إنكاح أولاد ابنه م: (دون الوصي) ش: فإنه لا يملك م: (غير أنه يقدم عليه وصي الأب في التصرف لما بيناه) ش: إشارة إلى قوله ولنا أن بالإيصاء تنتقل ولاية الأب إليه، والله أعلم.