الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن كانت القيمة أكثر من الدين، فعن أبي حنيفة رحمه الله أنه يعتبر بقدر الأمانة؛ لأن الفضل ليس في ضمانه فأشبه جناية العبد الوديعة على المستودع. وعنه: أنها لا تعتبر؛ لأن حكم الرهن وهو الحبس فيه ثابت، فصار كالمضمون، وهذا بخلاف جناية الرهن على ابن الراهن أو ابن المرتهن؛ لأن الأملاك حقيقة متباينة، فصار كالجناية على الأجنبي.
قال: ومن رهن عبدا يساوي ألفا بألف إلى أجل فنقص في السعر فرجعت قيمته إلى مائة ثم قتله رجل وغرم قيمته مائه ثم حل الأجل فإن المرتهن يقبض المائة قضاء عن حقه، ولا يرجع على الراهن بشيء. وأصله: أن النقصان من حيث السعر لا يوجب سقوط الدين عندنا خلافا لزفر رحمه الله،
ــ
[البناية]
م: (وإن كانت القيمة أكثر من الدين) ش: بأن كانت القيمة ألفين والدين ألفا م: (فعن أبي حنيفة رحمه الله أنه يعتبر بقدر الأمانة) ش: أي إن حكم الجناية يثبت في مقدار الأمانة م: (لأن الفضل ليس في ضمانه فأشبه جناية العبد الوديعة على المستودع) ش: فإن جنايته على المودع معتبرة.
م: (وعنه) ش: أي وعن أبي حنيفة رواه عنه أبو يوسف: م: (أنها لا تعتبر) ش: أي أن حكم الجناية لا يعتبر م: (لأن حكم الرهن وهو الحبس فيه ثابت، فصار كالمضمون) ش: لأن مقدار الأمانة رهن في يده، فصار لمقدار المضمون م:(وهذا) ش: أي ما ذكرنا من كون الجناية على الراهن والمرتهن هدر.
م: (بخلاف جناية الرهن على ابن الراهن أو ابن المرتهن) ش: فإنها معتبرة بالاتفاق م: (لأن الأملاك حقيقة متباينة) ش: أي بين الأب والابن م: (فصار) ش: أي حكم الجناية م: (كالجناية على الأجنبي) ش: وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله أنه لا يعتبر جنايته على ابن الراهن ولا على ابن المرتهن.
[رهن عبدا يساوي ألفا بألف إلى أجل فنقص العبد في السعر]
م: (قال) ش: أي قال محمد في " الجامع الصغير ": م: (ومن رهن عبدا يساوي ألفا بألف إلى أجل فنقص) ش: أي العبد م: (في السعر فرجعت قيمته إلى مائة ثم قتله رجل وغرم قيمته مائة ثم حل الأجل فإن المرتهن يقبض المائة قضاء عن حقه، ولا يرجع على الراهن بشيء) ش: أي من تسع مائة.
م: (وأصله) ش: أي أصل حكم هذه المسألة: م: (أن النقصان) ش: أي أن نقصان الرهن م: (من حيث السعر لا يوجب سقوط الدين) ش: يعني لا يذهب به شيء من الدين م: (عندنا) ش: وهنا ثلاث فصول: الأول: هو المذكور وفيه خلاف زفر، أشار إليه بقوله: م: (خلافا لزفر رحمه الله) .
الفصل الثاني: هو قوله: وإن أمره الراهن أن يبيعه.
هو يقول: إن المالية قد انتقصت فأشبه انتقاص العين. ولنا: أن نقصان السعر عبارة عن فتور رغبات الناس وذلك لا يعتبر في البيع، حتى لا يثبت به الخيار، ولا في الغصب حتى لا يجب الضمان، بخلاف نقصان العين؛ لأن بفوات جزء منه يتقرر الاستيفاء فيه، إذ اليد يد الاستيفاء، وإذا لم يسقط شيء من الدين بنقصان السعر بقي مرهونا بكل الدين، فإذا قتله حر غرم قيمته مائة؛ لأنه تعتبر قيمته يوم الإتلاف في ضمان الإتلاف؛ لأن الجابر بقدر الفائت وأخذه المرتهن؛ لأنه بدل المالية في حق المستحق. وإن كان مقابلا بالدم على أصلنا، حتى لا يزداد على دية الحر؛ لأن المولى استحقه بسبب المالية وحق المرتهن متعلق بالمالية، فكذا فيما قام مقامه، ثم لا يرجع على الراهن بشيء: لأن يد الرهن يد الاستيفاء من الابتداء وبالهلاك يتقرر،
ــ
[البناية]
والفصل الثالث: هو قوله: وهو ما إذا قتله عبد قيمته مائة، وفيه خلاف على ما يأتي إن شاء الله تعالى خلافا لزفر م:(هو) ش: أي زفر رحمه الله م: (يقول إن المالية قد انتقصت فأشبه انتقاص العين) ش: فإذا انتقص من عينه شيء ذهب قسطه من الدين اتفاقا.
م: (ولنا: أن نقصان السعر عبارة عن فتور رغبات الناس، وذلك لا يعتبر في البيع حتى لا يثبت به الخيار، ولا في الغصب حتى لا يجب الضمان) ش: ونقصان السعر لا تعلق له بالرهن؛ لأن ذلك شيء يحدث في قلوب العباد بقلة الرغبات، وتحدث زيادة السعر بكثرة الرغبات، ولهذا لم يعتبر نقصان السعر في المبيع إذا انتقض قبل قبض المشتري، حتى لا يكون له خيار الرد وكذلك لا يعتبر في الغصب أيضا حتى إذا رده الغاصب إلى المالك لا يضمن نقصان السعر.
م: (بخلاف نقصان العين؛ لأن بفوات جزء منه يتقرر الاستيفاء فيه، إذ اليد يد الاستيفاء، وإذا لم يسقط شيء من الدين بنقصان السعر بقي) ش: أي العبد م: (مرهونا بكل الدين، فإذا قتله حر غرم قيمته مائة؛ لأنه تعتبر قيمته يوم الإتلاف في ضمان الإتلاف؛ لأن الجابر بقدر الفائت وأخذه المرتهن؛ لأنه بدل المالية) ش: أي لأن حقه متعلق بمالية الرهن م: (في حق المستحق) ش: أي المرتهن.
م: (وإن كان مقابلا بالدم على أصلنا) ش: أي وإن كان البدل مقابلا بالدم، وأوضح ذلك بقوله: م: (حتى لا يزداد) ش: أي البدل م: (على دية الحر) ش: لأنه إذا زيد ينتفي المقابلة م: (لأن المولى استحقه بسبب المالية) ش: هذا دليل قوله: لأنه بدل المالية في حق المستحق.
م: (وحق المرتهن متعلق بالمالية، فكذا فيما قام مقامه) ش: أي فكذا يتعلق حقه فيما يقوم مقام حقه بالمالية، حتى لا يرجع على الراهن بشيء من التسعمائة، وهو معنى قوله: م: (ثم لا يرجع على الراهن بشيء) ش: أي بشيء زائد على المالية م: (لأن يد الرهن يد الاستيفاء من الابتداء) ش: أي من أول الأمر م: (وبالهلاك يتقرر) ش: أي وبهلاك الرهن يتقرر أن الاستيفاء من الابتداء،
وقيمته كانت في الابتداء ألفا فيصير مستوفيا للكل من الابتداء. أو نقول: لا يمكن أن يجعل مستوفيا الألف بمائة؛ لأنه يؤدي إلى الربا، فيصير مستوفيا المائة وبقي تسعمائة في العين، فإذا هلك يصير مستوفيا تسعمائة بالهلاك، بخلاف ما إذا مات من غير قتل أحد؛ لأنه يصير مستوفيا الكل بالعبد؛ لأنه لا يؤدي إلى الربا. قال: وإن كان أمره الراهن أن يبيعه فباعه بمائة وقبض المائة قضاء من حقه فيرجع بتسعمائة؛ لأنه لما باعه بإذن الراهن صار كأن الراهن استرده وباعه بنفسه. ولو كان كذلك يبطل الرهن ويبقى الدين إلا بقدر ما استوفى، وكذا هذا. قال: وإن قتله عبد قيمته مائة فدفع مكانه أفتكه بجميع الدين، وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله -. وقال محمد رحمه الله: هو بالخيار إن شاء أفتكه بجميع الدين، وإن
ــ
[البناية]
أي من أول الأمر م: (وقيمته كانت في الابتداء ألفا فيصير) ش: أي المرتهن م: (مستوفيا للكل من الابتداء) ش: أي من الرهن فلا يأخذ شيئا غير المالية.
م: (أو نقول) ش: هذا دليل آخر م: (لا يمكن أن يجعل) ش: أي المرتهن م: (مستوفيا الألف بمائة؛ لأنه يؤدي إلى الربا، فيصير مستوفيا المائة وبقي تسعمائة في العين) ش: أي في عين الرهن قبل الهلاك م: (فإذا هلك) ش: أي الباقي وهو التسعمائة م: (يصير) ش: أي المرتهن م: (مستوفيا تسعمائة بالهلاك) ش: لأن بالهلاك يصير مساويا ويسقط بقية الدين.
م: (بخلاف ما إذا مات) ش: أي العبد المرهون م: (من غير قتل أحد؛ لأنه) ش: أي لأن المرتهن م: (يصير مستوفيا الكل) ش: أي كل الدين م: (بالعبد) ش: أي الناقص في السعر م: (لأنه لا يؤدي إلى الربا) ش: لأنه لا يتحقق الربا من العبد والدين.
م: (قال) ش: أي قال محمد في " الجامع الصغير ": م: (وإن كان أمره الراهن أن يبيعه) ش: أي إذا أمر الراهن المرتهن ببيع العبد الرهن المذكور م: فباعه بمائة وقبض المائة قضاء من حقه) ش: أي لأجل القضاء من حقه، أي الدين.
م: (فيرجع بتسعمائة؛ لأنه لما باعه) ش: أي لأن المرتهن لما باع العبد م: (بإذن الراهن صار كأن الراهن استرده) ش: أي العبد م: (وباعه بنفسه. ولو كان كذلك يبطل الرهن ويبقى الدين إلا بقدر ما استوفى، وكذا هذا) ش: وفي بعض النسخ: كذلك هذا.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (وإن قتله عبد) ش: أي فإن قتل العبد المرهون الذي كان يساوي ألفا بألف في ابتداء الرهن ثم نقص سعره فرجعت قيمته إلى مائة فقتله عبد مثله م: (قيمته مائة فدفع) ش: السيد م: (مكانه أفتكه) ش: أي الراهن م: (بجميع الدين) ش: من غير خيار م: (وهذا) ش: أي هذا الحكم م: (عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله -. وقال محمد رحمه الله: هو بالخيار) ش: أي الراهن مخير م: (إن شاء أفتكه بجميع الدين، وإن
سلم العبد المدفوع إلى المرتهن بماله. وقال زفر رحمه الله: يصير رهنا بمائة، له: أن يد الراهن يد استيفاء وقد تقرر بالهلاك، إلا أنه أخلف بدلا بقدر العشر فبقي الدين بقدره. ولأصحابنا على زفر رحمه الله: أن العبد الثاني قائم مقام الأول لحما ودما. ولو كان الأول قائما وانتقص السعر لا يسقط شيء من الدين عندنا لما ذكرنا، فكذلك إذا قام المدفوع مكانه. ولمحمد رحمه الله في الخيار: أن المرهون تغير في ضمان المرتهن فيخير الراهن كالمبيع إذا قتل قبل القبض، والمغصوب إذا قتل في يد الغاصب يخير المشتري والمغصوب منه، كذا هذا. ولهما: أن التغير لم يظهر في نفس العبد لقيام الثاني مقام الأول لحما ودما كما ذكرناه مع زفر رحمه الله،
ــ
[البناية]
شاء سلم العبد المدفوع إلى المرتهن بماله. وقال زفر رحمه الله: يصير رهنا بمائة) ش: ويفتكه بمائة ويسقط تسعة أعشار الدين م: (له) ش: أي لزفر م: (أن يد الراهن يد استيفاء وقد تقرر بالهلاك) ش: أي قد تقرر الاستيفاء بهلاك الرهن وهو العبد المقتول م: (إلا أنه) ش: أي أن العبد المقتول م: (أخلف بدلا بقدر العشر فبقي الدين بقدره) ش: أي بقدر عشر الدين.
م: (ولأصحابنا على زفر رحمه الله: أن العبد الثاني قائم مقام الأول) ش: أي مقام العبد الأول م: (لحما ودما) ش: يعني صورة ومعنى، أما صورة: فظاهر، وأما معنى: فلأن القاتل كالمقتول في الآدمية، والشرع اعتبره حراما من حيث الآدمية دون المالية، ألا ترى إلى استوائهما في حق القصاص، فكذا في الرفع أيضا.
م: (ولو كان الأول قائما وانتقص السعر لا يسقط شيء من الدين عندنا لما ذكرنا) ش: أشار إلى قوله أن نقصان السعر عبارة عن فتور رغبات الناس إلى آخره، م:(فكذلك إذا قام المدفوع) ش: أي العبد المدفوع م: (مكانه) ش: أي مكان العبد الأول.
م: (ولمحمد رحمه الله في الخيار: أن المرهون تغير في ضمان المرتهن) ش: لأنه غيره في الحقيقة والتغير لا بد من أن يوجب الخيار، فإذا كان كذلك م:(فيخير الراهن كالمبيع) ش: أي في العبد المبيع م: (إذا قتل قبل القبض) ش: فدفع به العبد القاتل مكانه. م: (والمغصوب) ش: أي وكان المغصوب م: (إذا قتل في يد الغاصب) ش: يعني إذا غصب عبدا قيمته ألف فقتله عبد قيمته مائة فدفع م: (يخير المشتري) ش: في مسألة البيع م: (والمغصوب منه) ش: في مسألة الغصب والمشتري يتخير بين أن يأخذ المدفوع وبين أن يفسخ البيع لتغير المبيع، وإن شاء أخذ المدفوع مكانه، م:(كذا هذا) ش: أي أن يخير الراهن في مسألة الرهن إذا تغير في ضمان المرتهن.
م: (ولهما) ش: أي لأبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله -: م: (أن التغير لم يظهر في نفس العبد لقيام الثاني مقام الأول لحما ودما كما ذكرناه، مع زفر رحمه الله) ش: فلو كان الأول