الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: و
الموصى به يملك بالقبول
، خلافا لزفر - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وهو أحد قولي الشافعي رحمه الله. هو يقول: الوصية أخت الميراث، إذ كل منهما خلافة لما أنه انتقال ثم الإرث يثبت من غير قبول، فكذلك الوصية. ولنا: أن الوصية إثبات ملك جديد، ولهذا لا يرد الموصى له بالعيب ولا يرد عليه بالعيب ولا يملك أحد إثبات الملك لغيره إلا بقبوله. أما الوراثة فخلافة حتى تثبت فيها هذه الأحكام، فثبت جبرا من الشرع من غير قبول.
ــ
[البناية]
آلاف. وفي الموضع الذي أراد أن يوصي ينبغي أن يبدأ بالقرابة، فإن كانوا أغنياء فالجيران.
[الموصى به يملك بالقبول]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (الموصى به يملك بالقبول) ش: يملك على صيغة المجهول، وبه قال جمهور العلماء: إذا كانوا بالغين يمكن القبول منه.
أما إذا كان لغير معين كالفقراء والمساكين ومن لا يمكن حصره كبني هاشم أو على مصلحة مسجد أو حج لم يفتقر إلى قبول، ولزمت بمجرد الموت؛ لأن الوصية لهم كالوقف عليهم م:(خلافا لزفر - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) ش: فإن عنده لا يتوقف على القبول م: (وهو) ش: أي قول زفر م: (أحد قولي الشافعي رحمه الله) ش: وهو قول غير مشهور عنه.
م: (هو) ش: أي زفر رحمه الله م: (يقول الوصية أخت الميراث، إذ كل منهما خلافة) ش: أي لأن كل واحد من الوصية والميراث خلافة بعد الموت م: (لما أنه انتقال) ش: أي لما أن كل واحد من الإرث والوصية انتقال المال م: (ثم الإرث يثبت من غير قبول) ش: فلا يرتد بالرد م: (فكذلك الوصية) .
م: (ولنا: أن الوصية إثبات ملك جديد، ولهذا لا يرد الموصى له بالعيب ولا يرد عليه بالعيب) ش: يعني لو أوصى بجميع ماله لإنسان ثم باع شيئا من التركة ووجد المشتري به عيبا لا يرده على الموصى له. ولو كان ثبوت الملك للموصى له بطريق الخلافة لثبتت ولاية الرد في الصورتين جميعا، كما في الوارث م:(ولا يملك أحد إثبات الملك لغيره إلا بقبوله) ش: ورضاه.
ألا ترى أنه لو أوصى بثلث تراب في داره، فلو ملكه الموصى له من غير رضاه للحقه ضرر بفعل الموصي؛ لأنه يلزمه نقله من بيته وهو لا يجوز؛ وذلك لأن نفوذ الوصية لمنفعة الموصى له ولو أثبتنا الملك له قبل قبوله لربما تضرر، فإنه لو أوصى له بعبد أعمى وجب عليه نفقة بلا منفعة تعود إليه، وأمثال هذا كثيرة.
م: (أما الوراثة فخلافة حتى تثبت فيها هذه الأحكام) ش: أشار به إلى قوله: ولهذا لا يرد الموصى له بالعيب ولا يرد بالعيب م: (فثبت) ش: أي الخلافة في الميراث م: (جبرا من الشرع من غير قبول) ش: الوارث، أي من غير اختيار منه شيئا أو أبى، وفي الوصية للموصى له الخيار
قال: إلا في مسألة واحدة وهي: أن يموت الموصي ثم يموت الموصى له قبل القبول، فيدخل الموصى به في ملك ورثته استحسانا، والقياس: أن تبطل الوصية لما بينا أن الملك موقوف على القبول. فصار كموت المشتري قبل قبوله بعد إيجاب البائع. وجه الاستحسان: أن الوصية من جانب الموصي قد تمت بموته تماما لا يلحقه الفسخ من جهته، وإنما توقفت لحق الموصى له، فإذا مات دخل في ملكه كما في البيع المشروط فيه الخيار للمشتري إذا مات قبل الإجازة. قال: ومن أوصى وعليه دين يحيط بماله لم تجز الوصية؛ لأن الدين مقدم على الوصية؛ لأنه أهم الحاجتين، فإنه فرض والوصية تبرع، وأبدا يبدأ بالأهم فالأهم، إلا أن تبرئه الغرماء؛ لأنه لم يبق الدين فتنفذ الوصية على الحد المشروع لحاجته إليها.
ــ
[البناية]
، ولهذا يرتد بالرد، ولما ارتدت بالرد وافقت على القبول كالبيع والهبة. ثم القبول على ضربين قبول بالصريح وقبول بالدليل، فالصريح أن يقول بعد موت الموصي: قبلت، والدليل أن يموت الموصى له قبل القبول والرد بعد موت الموصي، فيكون موته قبولا لوصيته، ويكون ذلك ميراثا لورثته.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (إلا في مسألة واحدة) ش: هذا استثناء من قوله: "والموصى به يملك بالقبول " يعني في المسألة المستثناة يملك بدون القبول م: (وهي أن يموت الموصي ثم يموت الموصى له قبل القبول، فيدخل الموصي به في ملك ورثته استحسانا، والقياس: أن تبطل الوصية لما بينا أن الملك) ش: أي ملك الموصي م: (موقوف على القبول) ش: وقد فات القبول بالموت فبطلت الوصية م: (فصار) ش: حكم هذا م: (كموت المشتري قبل قبوله بعد إيجاب البائع) .
م: (وجه الاستحسان: أن الوصية من جانب الموصي قد تمت بموته تماما لا يلحقه الفسخ من جهته، وإنما توقفت لحق الموصى له، فإذا مات دخل في ملكه) ش: لأن موته بلا رد دليل القبول، نظيره م:(كما في البيع المشروط فيه الخيار للمشتري إذا مات قبل الإجازة) ش: فإن البيع يتم وتكون السلعة موروثة عن المشتري، فكذا هنا يكون الوصية موروثة عن الموصى له.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ومن أوصى وعليه دين يحيط بماله لم تجز الوصية؛ لأن الدين مقدم على الوصية؛ لأنه أهم الحاجتين، فإنه) ش: أي فإن الدين م: (فرض) ش: أي أداؤه م: (والوصية تبرع، وأبدا يبدأ بالأهم فالأهم، إلا أن تبرئه الغرماء) ش: أي أصحاب الديون م: (لأنه لم يبق الدين فتنفذ الوصية) ش: حينئذ م: (على الحد المشروع) ش: وهو الوجه الذي ذكره، وهو أن الورثة إما أن يكونوا فقراء أو أغنياء م:(لحاجته إليها) ش: أي لحاجة الموصي الميت إلى الوصية.
وقال الزمخشري: إنما قدم الوصية على الدين في قَوْله تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12]