الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسائل شتى
قال: وإذا
قرئ على الأخرس كتاب وصيته فقيل له: أنشهد عليك بما في هذا الكتاب فأومأ برأسه، أي نعم
، أو كتب فإذا جاء من ذلك ما يعرف أنه إقرار فهو جائز، ولا يجوز ذلك في الذي يعتقل لسانه. وقال الشافعي رحمه الله: يجوز في الوجهين؛ لأن المجوز إنما هو العجز، وقد شمل الفصلين. ولا فرق بين الأصلي والعارض كالوحشي والمتوحش من الأهلي في حق الذكاة. والفرق لأصحابنا رحمهم الله: أن الإشارة إنما تعتبر إذا صارت معهودة معلومة، وذلك في الأخرس دون المعتقل لسانه، حتى لو امتد ذلك
ــ
[البناية]
[مسائل متفرقة من كل باب]
[قرئ على الأخرس كتاب وصيته فقيل له أنشهد عليك بما في هذا الكتاب فأومأ برأسه أي نعم]
م: (مسائل شتى) ش: أي هذه مسائل شتى، أي متفرقة من كل باب.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (وإذا قرئ على الأخرس كتاب وصيته فقيل له: أنشهد عليك بما في هذا الكتاب فأومأ برأسه، أي نعم، أو كتب) ش: أي أو كتب الأخرس نعم م: (فإذا جاء من ذلك) ش: الإيماء والكتابة والخط والعقد، وذلك أربعة الإيماء والكتابة والخط والعقد جاز.
أو بالخط وبالعقد عقد الأصابع على رسم المهندسين م: (ما يعرف أنه إقرار فهو جائز) ش: يحكم بجواز وصيته، ولا يعلم فيه خلاف م:(ولا يجوز ذلك في الذي يعتقل لسانه) ش: بضم الياء وفتح القاف على صيغة المجهول، يقال: اعتقل لسانه إذا حبس عن الكلام ولم يقدر، وبه قال الثوري وأحمد والأوزاعي.
م: (وقال الشافعي رحمه الله: يجوز في الوجهين) ش: أي في الإشارة والكتابة، وبه قال ابن المنذر م:(لأن المجوز إنما هو العجز وقد شمل الفصلين) ش: أي الأخرس والعقل م: (ولا فرق بين الأصلي والعارض) ش: أي لا فرق بين العجز الأصلي والعجز العارض م: (كالوحشي والمتوحش من الأهلي) ش: أي من الحيوان الأهلي م: (في حق الذكاة) ش: بالذال المعجمة، أي في الذكاة الاضطرارية.
م: (والفرق) ش: أي بين الأصلي والعارضي م: (لأصحابنا رحمهم الله: أن الإشارة إنما تعتبر) ش: وتقوم مقام النطق في حق الأخرس م: (إذا صارت معهودة معلومة، وذلك في الأخرس دون المعتقل لسانه) ش: لاحتمال أن يزول ما به من المرض، فيطلق لسانه، فلم تقم إشارته أو كتابته مقام العبارة؛ لأن عجزه عارض على شرف الزوال م:(حتى لو امتد ذلك) ش: أي اعتقاله.
وصارت له إشارات معلومة، قالوا: هو بمنزلة الأخرس، ولأن التفريط جاء من قبله حيث أخر الوصية إلى هذا الوقت، أما الأخرس فلا تفريط منه، ولأن العارضي على شرف الزوال دون الأصلي، فلا ينقاسان وفي الآبدة عرفناه بالنص. قال: وإذا كان الأخرس يكتب كتابا أو يومئ إيماء يعرف به، فإنه يجوز نكاحه وطلاقه وعتاقه وبيعه وشراؤه، ويقتص له ومنه ولا يحد له. أما الكتابة فلأنها ممن نأى بمنزلة الخطاب ممن دنا. ألا ترى أن النبي عليه الصلاة والسلام أدى واجب التبليغ مرة بالعبارة وتارة بالكتابة إلى الغيب
ــ
[البناية]
قال التمرتاشى: حده سنة م: (وصارت له إشارات معلومة، قالوا) ش: أي المشايخ م (هذا بمنزلة الأخرس) ش: وحكى الحاكم عن أبي حنيفة رحمه الله أنه قال: إن دامت العقلة إلى وقت الموت يجوز إقراره بالإشارة، ويجوز الإشهاد عليه؛ لأنه عجز عن النطق بمعنى لا يرجى زواله، فكان كالأخرس، قالوا: وعليه الفتوى، كذا ذكره المحبوبي.
م: (ولأن التفريط جاء من قبله حيث أخر الوصية إلى هذا الوقت، أما الأخرس فلا تفريط منه، ولأن العارضي على شرف الزوال دون الأصلي، فلا ينقاسان) ش: أي لا يقبلان القياس، بخلاف الصغيرة والآيسة؛ لأن امتداد الطهر وارتفاع الحيض على شرف الزوال دون الصغر والإياس.
م: (وفي الآبدة) ش: من أبدت البهيمة أبد وتأبد، أي توحشت، والجمع الأوابد، وهو جواب عن قول الشافعي كالوحشي والمتوحش م:(عرفناه بالنص) ش: وقال تاج الشريعة: الضمير في عرفته عائدا إلى عدم العرف بين الوحش الأهلي والمتوحش من الأهلي في حق المذكورة، والنص هو ما رواه ابن خديج «أن بعيرا من أهل الصدقات ند فرماه رجل بسهم فقتله فقال صلى الله عليه وسلم: " إن لها أوابد كأوابد الوحش، فإذا فعلت شيئا من ذلك فافعلوا بها كما فعلتم بهذا ثم كلوه» .
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (وإذا كان الأخرس يكتب كتابا أو يومئ إيماء يعرف به، فإنه يجوز نكاحه وطلاقه وعتاقه وبيعه وشراؤه ويقتص له) ش: إذا قتل م: (منه) ش: أي ويقتص له إذا قتل من له القصاص فيه م: (ولا يحد له) ش: أي إذا كان الأخرس مقذوفا.
م: (أما الكتابة فلأنها ممن نأى) ش: أي ممن بعد م: (بمنزلة الخطاب ممن دنا) ش: أي قرب؛ لأن الكتابة جعلت مقام العبارة في حق الغائب للعجز عن النطق باللسان، والعجز في حق الأخرس ألزم، ثم أوضح ذلك بقوله: م: (ألا ترى أن النبي عليه الصلاة والسلام أدى واجب التبليغ مرة بالعبارة، وتارة بالكتابة إلى الغيب) ش: ففي " الصحيحين " عن ابن عباس رضي الله عنهما -
والمجوز في حق الغائب العجز، وهو في حق الأخرس أظهر وألزم، ثم الكتاب على ثلاث مراتب مستبين مرسوم، وهو بمنزلة النطق في الغائب والحاضر على ما قالوا، ومستبين غير مرسوم كالكتابة على الجدار وأوراق الأشجار. وينوي فيه؛ لأنه بمنزلة صريح الكتابة فلا بد من النية، وغير مستبين كالكتابة على الهواء والماء، وهو بمنزلة كلام غير مسموع فلا يثبت به الحكم. وأما الإشارة فجعلت حجة في حق الأخرس في حق هذه الأحكام للحاجة إلى ذلك؛ لأنها من حقوق العباد، ولا تختص بلفظ دون لفظ، وقد تثبت بدون اللفظ والقصاص حق العبد أيضا، ولا حاجة إلى الحدود؛
ــ
[البناية]
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام، وبعث بكتابه مع دحية الكلبي» رضي الله عنه
…
الحديث بطوله مشهور. وكتب إلى بكر بن وائل، رواه ابن حبان في " صحيحه " عن أنس رضي الله عنه، وكتب إلى يهود خيبر، رواه أبو نعيم في " دلائل النبوة " من حديث ابن عباس.
م: (والمجوز في حق الغائب العجز، وهو) ش: أي العجز م: (في حق الأخرس أظهر وألزم، ثم الكتابة على ثلاث مرات مستبين) ش: أي بين م: (مرسوم) ش: أي معنون بالعنوان، والعنوان أن يكتب في صدره من فلان إلى فلان م:(وهو بمنزلة النطق في الغائب والحاضر على ما قالوا) ش: أي المشايخ.
م: (ومستبين غير مرسوم كالكتابة على الجدار وأوراق الأشجار، وينوى فيه) ش: على صيغة المجهول بالتشديد، أي يطلب منه النية فيه م:(لأنه بمنزلة صريح الكتابة) ش: أي بمنزلة كتابة قوله أنت بائن م: (فلا بد من النية) .
م: (وغير مستبين كالكتابة على الهواء والماء، وهو بمنزلة كلام غير مسموع، فلا يثبت به الحكم. وأما الإشارة فجعلت حجة في حق الأخرس في حق هذه الأحكام) ش: أي النكاح والطلاق، والبيع والشراء م:(للحاجة إلى ذلك؛ لأنها من حقوق العباد، ولا يختص بلفظ دون لفظ) ش: يعني هذه التصرفات من النكاح ونحوه لا يتعلق بلفظ خاص، بل يثبت بألفاظ كثيرة، ويثبت بلفظ دون لفظ، أي كما ثبت بالعربي يثبت بالفارسي وغيره م:(وقد ثبت بدون اللفظ) ش: يعني بفعل، يدل على اللفظ كالتعاطي.
م: (والقصاص حق العبد أيضا) ش: أي الثابت في حق العبد، فيثبت بإشارته م:(ولا حاجة إلى الحدود) ش: أي لا حاجة إلى التوسعة في الحدود.
لأنها حق الله تعالى. ولأنها تندرئ بالشبهات، ولعله كان مصدقا للقاذف، فلا يحد للشبهة، ولا يحد أيضا بالإشارة في القذف لانعدام القذف صريحا وهو الشرط، ثم الفرق بين الحدود والقصاص أن الحد لا يثبت ببيان فيه شبهة، ألا ترى أنهم لو شهدوا بالوطء، الحرام أو أقر بالوطء الحرام لا يجب الحد. ولو شهدوا بالقتل المطلق أو أقر بمطلق القتل يجب القصاص، وإن لم يوجد لفظ التعمد وهذا لأن القصاص فيه معنى العوضية؛ لأنه شرع جابرا فجاز أن يثبت مع الشبهة كسائر المعاوضات التي هي حق العبد. أما الحدود الخالصة لله تعالى فشرعت زواجر، وليس فيها معنى العوضية، فلا تثبت مع الشبهة لعدم الحاجة. وذكر في كتاب الإقرار أن الكتاب من الغائب ليس بحجة في قصاص يجب عليه ويحتمل أن يكون الجواب هنا كذلك، فيكون فيهما روايتان،
ــ
[البناية]
م: (لأنها حق لله تعالى، ولأنها تندرئ بالشبهات، ولعله كان مصدقا للقاذف، فلا يحد للشبهة ولا يحد أيضا بالإشارة في القذف؛ لانعدام القذف صريحا وهو الشرط) ش: أي التصريح هو الشرط كما مر في الحدود.
م: (ثم الفرق بين الحدود والقصاص أن الحد لا يثبت ببيان فيه شبهة، ألا ترى أنهم) ش: أي أن الشأن م: (لو شهدوا بالوطء الحرام أو أقر بالوطء الحرام لا يجب الحد) ش: وإن كان مطلق الحرمة ينصرف إلى الزمان لاحتمال أنه وطئ امرأته في حال الحيض، أو وطئ أمته المجوسية، ولهذا لا يجب الحد بقوله بالحرام زاده.
م: (ولو شهدوا بالقتل المطلق أو أقر بمطلق القتل يجب القصاص، وإن لم يوجد لفظ التعمد، وهذا) ش: أي التصريح بالعمد م: (لأن القصاص فيه معنى العوضية) ش: لأنه يستوفي كل واحد منهما نفس الآخر م: (لأنه) ش: أي لأن القصاص م: (شرع جابرا فجاز أن يثبت مع الشبهة كسائر المعاوضات التي هي حق العبد، أما الحدود الخالصة لله تعالى فشرعت زواجر، وليس فيها معنى العوضية فلا تثبت مع الشبهة لعدم الحاجة. وذكر في كتاب الإقرار) ش: من الأصل م: (أن الكتاب من الغائب ليس بحجة في قصاص يجب عليه، ويحتمل أن يكون الجواب هنا) ش: أي في الأخرس م: (كذلك) ش: أي لا يكون حجة م: (فيكون فيهما) ش: أي في الأخرس والغائب عن الأخرس م: (روايتان) ش: وفي نسخة الأترازي: فيكون فيها بإفراد الضمير، وقال: أي في مسألة الأخرس على رواية كتاب " الجامع الصغير ": يجب عليه القصاص بالكتابة وعلى اعتبار رواية كتاب " الإقرار " في الغائب: لا يجب على الأخرس القصاص بالكتابة.
ثم قال: وقال بعضهم في شرحه: فيهما تضمير التثنية، أي في الأخرس والغائب عن الأخرس، فذاك ليس بشيء؛ لأنه لم يثبت الروايتان في الغائب، بل فيه رواية كتاب " الإقرار "
ويحتمل أن يكون مفارقا لذلك؛ لأنه يمكن الوصول إلى نطق الغائب في الجملة لقيام أهلية النطق، ولا كذلك الأخرس لتعذر الوصول إلى النطق للآفة المانعة، ودلت المسألة على أن الإشارة معتبرة وإن كان قادرا على الكتابة. بخلاف ما توهمه بعض أصحابنا رحمهم الله أنه لا تعتبر الإشارة مع القدرة على الكتابة؛ لأنه حجة ضرورية، ولا ضرورة؛ لأنه جمع هاهنا بينهما فقال: أشار أو كتب وإنما استويا لأن كل واحد منهما حجة ضرورية، وفي الكتابة زيادة بيان لم يوجد في الإشارة، وفي الإشارة زيادة أمر لم يوجد في الكتابة لما أنه أقرب إلى النطق من آثار الأقلام فاستويا. وكذلك الذي صمت يوما أو يومين بعارض.
ــ
[البناية]
فحسب، ولا يجب عليه القصاص بالكتابة.
قلت: أراد بقوله وقال بعضهم في شرحه، هو الكاكي، وفي بقية ما قاله نظر لا يخفى.
م: (ويحتمل أن يكون مفارقا لذلك؛ لأنه يمكن الوصول إلى نطق الغائب في الجملة لقيام أهلية النطق، ولا كذلك الأخرس لتعذر الوصول إلى النطق للآفة المانعة، ودلت المسألة) ش: أي قوله: وإذا قرئ على الأخرس فأومأ برأسه، أي نعم، أو كتب م:(على أن الإشارة معتبرة، وإن كان قادرا على الكتابة، بخلاف ما توهمه بعض أصحابنا رحمهم الله أنه لا تعتبر الإشارة مع القدرة على الكتابة؛ لأنه) ش: أي الإشارة على تأويل المذكور، أو على تأويل نقل الإشارة م:(حجة ضرورية، ولا ضرورة) ش: مع وجود الكتابة م: (لأنه) ش: أي لأن محمدا م: (جمع هاهنا) ش: في الكتابة م: (بينهما) ش: أي في " الجامع الصغير " بين الإشارة والكتابة.
م (فقال: أشار أو كتب) ش: وهذا دليل على أن الإشارة معتبرة، وإن كان قادرا على الكتابة. وقال الأترازي: ولنا في دعوى الجمع بينهما؛ لأنه قال في " الجامع الصغير ": وإذا كان الأخرس يكتب أو يومئ كلمة أو لأحد الشبهين لا للجمع، على أنا نقول: قال في الأصل: وإن كان الأخرس لا يكتب، وكانت له إشارة عرف في نكاحه وطلاقه وشرائه وبيعه فهو جائز، فيعلم من إشارة رواية الأصل أن الإشارة من الأخرس لا تعتبر مع القدرة على الكتابة لأنه بين حكم إشارة الأخرس بشرط أن لا يكتب.
قلت: في نظره نظر لا يخفى.
م: (وإنما استويا) ش: أي الكتابة والإشارة م: (لأن كل واحد منهما حجة ضرورية، وفي الكتابة زيادة بيان لم يوجد في الإشارة، وفي الإشارة زيادة أمر لم يوجد في الكتابة لما أنه أقرب إلى النطق من آثار الأقلام فاستويا، وكذلك الذي صمت يوما أو يومين بعارض) ش: عطفا على قوله: ولا يجوز ذلك في الذي يعتقل لسانه، أي صمت يوما أو يومين بعارض من العوارض، فأشار
لما بينا في المعتقل لسانه أن آلة النطق قائمة، وقيل: هذا تفسير لمعتقل اللسان. قال: وإذا كانت الغنم مذبوحة وفيها ميتة، فإن كانت المذبوحة أكثر تحرى فيها وأكل، وإن كانت الميتة أكثر أو كانا نصفين لم يأكل وهذا إذا كانت الحالة حالة الاختيار، أما في حالة الضرورة يحل له التناول في جميع ذلك؛ لأن الميتة المتيقنة تحل له في حالة الضرورة فالتي تحتمل أن تكون ذكية أولى، غير أنه يتحرى؛ لأنه طريق يوصله إلى الذكية في الجملة فلا يتركه من غير ضرورة. وقال الشافعي رحمه الله: لا يجوز الأكل في حالة الاختيار، وإن كانت المذبوحة أكثر؛ لأن التحري دليل ضروري، فلا يصار إليه من غير ضرورة، ولا ضرورة؛ لأن الحالة حالة الاختيار. ولنا: أن الغلبة تنزل منزلة الضرورة في إفادة الإباحة. ألا ترى أن أسواق المسلمين لا تخلو عن المحرم والمسروق والمغصوب، ومع ذلك يباح التناول اعتمادا على الغالب، وهذا لأن القليل لا يمكن الاحتراز عنه، ولا يستطاع الامتناع منه، فسقط اعتباره
ــ
[البناية]
برأسه أو كتب لا يجوز أن يقوم مقام إقراره.
وقال الكاكي: إنه في بعض النسخ: صمت، والمصمت هو الله تعالى م:(لما بينا في المعتقل لسانه أن آلة النطق قائمة وقيل: هذا تفسير لمعتقل اللسان) ش: كذا قال فخر الإسلام البزدوي في شرح " الجامع الصغير " حيث قال: فيه وهو تأويل ما سبق ذكره في الذي اعتقل لسانه.
م: (قال) ش: أي قال محمد في " الجامع الصغير ": م: (وإذا كانت الغنم مذبوحة وفيها ميتة، فإن كانت المذبوحة أكثر تحرى فيها وأكل، وإن كانت الميتة أكثر أو كانا نصفين لم يأكل) ش: هذا لفظ " الجامع "، وقال المصنف: م: (وهذا إذا كانت الحالة حالة الاختيار، أما في حالة الضرورة يحل له التناول في جميع ذلك؛ لأن الميتة المتيقنة تحل في حالة الضرورة، فالتي تحمل أن تكون ذكية أولى، غير أنه يتحرى؛ لأنه طريق يوصله إلى الذكية في الجملة فلا يتركه) ش: أي التحري م: (من غير ضرورة) .
م: (وقال الشافعي رحمه الله: لا يجوز الأكل في حالة الاختيار، وإن كانت المذبوحة أكثر؛ لأن التحري دليل ضروري فلا يصار إليه من غير ضرورة، ولا ضرورة لأن الحالة حالة الاختيار ولنا: أن الغلبة تنزل منزلة الضرورة في إفادة الإباحة) ش: فكما أن في حالة الضرورة تباح الميتة، فكذلك يباح التناول عند غلبة الحلال على الحرام؛ لأن للغالب حكم الكل؛ لأن القليل لا يمكن الاحتراز عنه، وكل قليل لا يمكن الاحتراز عنه فهو عفو كما في النجاسة القليلة.
م: (ألا ترى أن أسواق المسلمين لا تخلو عن المحرم والمسروق والمغصوب، ومع ذلك يباح التناول اعتمادا على الغالب، وهذا لأن القليل لا يمكن الاحتراز عنه، ولا يستطاع الامتناع منه، فسقط اعتباره
دفعا للحرج كقليل النجاسة وقليل الانكشاف من العورة، بخلاف ما إذا كانا نصفين أو كانت الميتة أغلب؛ لأنه لا ضرورة فيه، والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
ــ
[البناية]
دفعا للحرج كقليل النجاسة. وقليل الانكشاف من العورة، بخلاف ما إذا كانا نصفين، أو كانت الميتة أغلب؛ لأنه لا ضرورة فيه، والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب) ش: فلا توكل التحري، بخلاف الثياب النجسة، فإنه يتحرى فيها، وإن كان الطاهر والنجس نصفين عندنا، وبه قال الشافعي، وفي الأواني النجسة: لا يتحرى إلا إذا كانت الغلبة للطاهر.
وقال الشافعي: يتحرى في التنصيف وفي الغلبة. وقال أحمد والمزني وأبو ثور: لا يتحرى في الأواني أصلا، ويتيمم ويصلي، واختلفت الرواية عن أحمد في جواب إراقة ماء الأواني قبل التيمم. وقال ابن الماجشون المالكي: لا يتحرى، ولكنه يتوضأ بأحدهما ويصلي ثم يتوضأ بالآخر ويعيد الصلاة التي صلاها. والله أعلم بالصواب.
1 -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
وهذا آخر ما انتهيت من تأليف كتاب " البناية في شرح الهداية " في العشرين من شهر الله المحرم الحرام عام خمسين وثمانمائة بالقاهرة المحروسة في مدرسة البدرية تجاه كسامة، بالقرب من الجامع الأزهر، فنسأل الله من فضله ولطفه قبول ذلك وإلقاء الإنصاف في قلب من ينظر فيه، بحيث إنه إذا اطلع على محاسنه يترحم على مؤلفه وإذا اطلع على عيب من العيوب التي لا يخلو عنها زلل القلم وخمود الذهن بأنواع من الألم يبادر إلى إصلاحه وستر عيبه.
وأما الحاسد فإنه لا يصدر منه إلا الإنكار واطلاع الناس على العثرات، وما وقع فيه من الإسقاطات خصوصا كان جمعي لهذا الشرح في زمن تأخر فيه من يستحق التقديم، وتقدم فيه من يستحق التأخير من الفجرة العظام والجهلة اللئام، وتراكب الهموم والأحزان حتى من الأصدقاء والإخوان، وخصوصا كنت في سن الذي ناهز التسعين من ضعف البصر، وغالب الكتابة في الليالي، وليس بعجيب أن يسلم شخص من السهو والنسيان، وهو في هذه الحالات، ولكن هذا يكون من الكرامات ببركة أدعية مشايخي الذين أخذت عنهم وهم أصحاب الكرامات بظهورها للأفراد والجماعات.
وكان السبب في تأليف هذا الشرح أن شخصا من الفضلاء المستعربين من أبناء العجم قريبا، سألني قراءة كتاب " الهداية " فأجبته بذلك فقال: ما أقرأ إلا من أول كتاب " المضاربة " فقلت: نعم، ثم شرعت في شرح درسه أولا بأول وكتبت مجلدا في شرح كتاب المضاربة إلى كتاب القسمة وكان ابتدائي فيه في غرة صفر من سنة سبعة عشر وثمانمائة من الهجرة وكان فراغي منه في نهار الخميس الثاني والعشرين من جمادى الأولى من السنة المذكورة ثم شرعت في شرح كتاب القسمة عقيب فراغي من شرح كتاب المضاربة أي كتاب القسمة، وأتممته في سلخ رجب الأصم من سنة سبعة عشر وثمانمائة ثم تمادى الحال من هذا التاريخ إلى سنة سبعة وثلاثين وثمانمائة.
ثم شرعت في شرح الكتاب من أوله لباب الطهارة وفرغت منه ليلة الأربعاء السادس عشر من جمادى الآخر من سنة سبعة وثلاثين.
ثم كتبت " الجزء الثاني " وفرغت منه في السادس عشر من رمضان المعظم من السنة المذكورة.
ثم شرعت في " الثالث " وفرغت منه نهار الجمعة قبل الزوال الثالث والعشرين من شوال من سنة ثمانية وثلاثين.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
ثم شرعت في " الجزء الرابع " وفرغت منه في الثالث عشر من شوال من سنة سبعة وأربعين وثمانمائة.
ثم شرعت في " الجزء الخامس " وفرغت منه في اليوم الثاني من ربيع الآخر من سنة ثمانية وأربعين وثمانمائة.
ثم شرعت في " الجزء السادس " وفرغت منه في نهار الخميس الثاني عشر من شهر شوال من السنة المذكورة.
ثم شرعت في " الجزء السابع " وفرغت منه في يوم الأربعاء السادس عشر من شعبان من سنة تسع وأربعين وثمانمائة.
وأما " الثامن والتاسع والعاشر " فقد ذكرناه؛ والذي ينظر فيه يعرف مقدار الخلو من الصيف سنين عديدة، ويعرف مقدار التكميل والإتمام مدة لطيفة كل ذلك بنظر الله وتوفيقه، فنسأل الله تعالى خاتمة الخير والاجتناب عن الشر، إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.
ورأيت في آخر شرح قوام الدين الكاكي رحمه الله أنه قال: هذا آخر ما انتهيت إليه من تأليف " معراج الدراية في شرح الهداية " الحادي والعشرين من محرم سنة خمس وأربعين وسبعمائة، ورأيت بخط الإمام العالم العلامة قوام الدين شارح " الهداية " في آخر شرحه يقول العبد الضعيف أبو حنيفة قوام الدين أمير كاتب ابن أمير عمر العهد الغازي الأبعاني: هذا آخر " غاية البيان " نادرة الزمان في آخر الأوان في شرح كتاب " الهداية ".
ثم قال بخطه أيضا: وكان افتتاح شرحنا بالقاهرة غرة شهر ربيع الآخر من سنة إحدى وعشرين وسبعمائة، وبعضه عمل بالعراق وإزاه في زمن السلطان أبي سعيد - نور الله مرقده، وبرد مضجعه - وأكثره عمل ببغداد وكراماته معدودة، وآخره بدمشق إلى أن ختم في السابع عشر من ذي القعدة يوم الخميس أول يوم من آذار سنة سبع وأربعين وسبعمائة، وكان جميع مدة الشرح ستة وعشرين سنة وسبعة أشهر وسبعة عشر يوما.
والحمد لله رب العالمين وصلواته على محمد وآله أجمعين. غفر الله لكاتبه وللناظر فيه وللقارئ فيه ولمن رأى فيه خللا وأصلحه ولمن دعا لكاتبه بالمغفرة وجميع المسلمين. آمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين، آمين.