الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الوصية بثلث المال
قال: ومن أوصى لرجل بثلث ماله ولآخر بثلث ماله ولم تجز الورثة فالثلث بينهما؛ لأنه يضيق الثلث عن حقهما، إذ لا يزاد عليه عند عدم الإجازة على ما تقدم، وقد تساويا في سبب الاستحقاق فيستويان في الاستحقاق، والمحل يقبل الشركة، فيكون بينهما. وإن أوصى لأحدهما بالثلث وللآخر بالسدس فالثلث بينهما أثلاثا؛ لأن كل واحد منهما يدلي بسبب صحيح وضاق الثلث عن حقيهما فيقتسمانه على قدر حقيهما كما في أصحاب الديون فيجعل الأقل سهما والأكثر سهمين، فصار ثلاثة أسهم، سهم لصاحب الأقل، وسهمان لصاحب الأكثر. وإن أوصى لأحدهما بجميع ماله وللآخر بثلث ماله ولم تجز الورثة فالثلث بينهما على أربعة أسهم عندهما.
ــ
[البناية]
[باب الوصية بثلث المال]
[أوصى لرجل بثلث ماله ولآخر بثلث ماله ولم تجزالورثة]
م: (باب الوصية بثلث المال)
ش: أي هذا باب في بيان حكم الوصية بثلث المال.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (ومن أوصى لرجل بثلث ماله ولآخر بثلث ماله ولم تجز الورثة فالثلث بينهما؛ لأنه يضيق الثلث عن حقهما، إذ لا يزاد عليه) ش: أي على الثلث م: (عند عدم الإجازة على ما تقدم) ش: من عدم الجواز بأكثر من الثلث م: (وقد تساويا في سبب الاستحقاق) ش: وهو الإيصاء فالثلث بينهما م: (فيستويان في الاستحقاق، والمحل يقبل الشركة، فيكون بينهما) ش: أي بين الموصى لهما بالثلث.
م: (وإن أوصى لأحدهما بالثلث وللآخر بالسدس فالثلث بينهما أثلاثا؛ لأن كل واحد منهما يدلي) ش: من أدليت الدلو في البئر إذا أرخيته فيها م: (بسبب صحيح وضاق الثلث عن حقيهما فيقتسمانه على قدر حقيهما كما في أصحاب الديون فيجعل الأقل سهما والأكثر سهمين، فصار ثلاثة أسهم، سهم لصاحب الأقل) ش: أي لصاحب القليل.
م: (وسهمان لصاحب الأكثر، وإن أوصى لأحدهما بجميع ماله وللآخر بثلث ماله ولم تجز الورثة فالثلث بينهما على أربعة أسهم عندهما) ش: اعتبارا لعدم حالة الإجازة بحالة الإجازة، وفيها تصح المسألة من أربعة؛ لأنهما يقولان بطريق القول.
وفي المسألة الثلث ولكل واحد يخرج له ثلث صحيح ثلاثة، وكذا عما يدعي عليه. وهو واحد والموصى له بالكل يدعي جميع الثلاثة فتؤول إلى أربعة. وكذا إذا لم يجيزوا يجعل الثلث لجميع المال في حق القسمة، وإذا صار الثلث إلى أربعة فجميع المال اثنا عشر.
وقال أبو حنيفة: الثلث بينهما نصفان، ولا يضرب أبو حنيفة للموصى له بما زاد على الثلث إلا في المحاباة والسعاية والدراهم المرسلة. لهما في الخلافية: أن الموصي قصد شيئين الاستحقاق والتفضيل، وامتنع الاستحقاق لحق الورثة، ولا مانع من التفضيل، فيثبت كما في المحاباة وأختيها.
ــ
[البناية]
م: (وقال أبو حنيفة رحمه الله: الثلث بينهما نصفان، ولا يضرب أبو حنيفة للموصى له بما زاد على الثلث) ش: الحاصل أن عند أبي حنيفة: لا يضرب الموصى له عند عدم الإجازة بأكثر من الثلث، وبه قال أبو ثور وابن المنذر، وعندهما: يضربون بعدد سهامهما في الثلث عند عدم الإجازة، وبه قالت الأئمة الثلاثة والحسن الثوري والنخعي وابن أبي ليلى وإسحاق.
م: (إلا في المحاباة) ش: صورتها عبدان لرجل قيمة أحدهما ألف ومائة، وقيمة الآخر ستمائة وأوصى بأن يباع أحدهما لفلان بمائة، والآخر لفلان بمائة، فإن حصلت المحاباة لأحدهما بألف وللآخر بخمسمائة والكل وصية؛ لأنه في حال المرض، فإن لم يكن غيرهما ولم يجز الورثة جازت المحاباة بقدر الثلث، فتكون بينهما أثلاثا يضرب الموصى له بألف بحسب وصيته وهي الألف، والموصى له الآخر بحسب وصيته وهي بخمسمائة، فلو كان هذا كسائر الوصايا - على قول أبي حنيفة -: وجب أن لا يضرب الموصى له بألف في أكثر من خمسمائة.
م: (والسعاية) ش: صورتها أن يوصى بعتق عبدين قيمة أحدهما ألف، وقيمة الآخر ألفان ولا مال له غيرها إذا أجازت الورثة عتقا جميعا، وإن لم يجيزوا من الثلث وثلث ماله ألف فالألف بينهما على قدر وصيتهما ثلثا الألف للذي قيمته ألفان ويسعى في الباقي، والثلث للذي قيمته ألف ويسعى في الباقي.
م: (والدراهم المرسلة) ش: أي المطلقة هي أن يوصى لرجل بألفين ولآخر بألف درهم وثلث ماله ألف درهم ولم يجز الورثة، فإنه يكون بينهما أثلاثا كل واحد منهما يضرب بجميع وصيته؛ لأن الوصية في مخرجها صحيحة لجواز أن يكون له مال آخر يخرج هذا القدر من الثلث، ولا كذلك فيما إذا أوصى لرجل بثلث ماله ولآخر بنصف ماله، أو بجميع ماله لأن اللفظ في مخرجه لم يصح؛ لأن ماله أكثر وخرج له مال آخر يدخل فيه تلك الوصية ولا مخرج من الثلث.
م: (لهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد - رحمهما الله -: م: (في الخلافية) ش: أي في المسألة الخلافية م: (أن الوصي قصد شيئين الاستحقاق) ش: فيما زاد على الثلث على الورثة م: (والتفضيل) ش: أي تفضيل بعض أهل الوصايا على بعض م: (وامتنع الاستحقاق لحق الورثة، ولا مانع من التفضيل، فيثبت كما في المحاباة وأختيها) ش: وهما السعاية والدراهم المرسلة.
وله: أن الوصية وقعت بغير المشروع عند عدم الإجازة من الورثة، إذ لا نفاذ لها بحال، فتبطل أصلا، والتفضيل يثبت في ضمن الاستحقاق، فيبطل ببطلانه كالمحاباة الثابتة في ضمن البيع. بخلاف مواضع الإجماع؛ لأن لها نفاذا في الجملة بدون إجازة الورثة بأن كان في المال سعة، فتعتبر في التفاضل لكونه مشروعا في الجملة بخلاف ما نحن فيه. وهذا بخلاف ما إذا أوصى بعين من تركته وقيمته تزيد على الثلث فإنه يضرب بالثلث، وإن احتمل أن يزيد المال فيخرج من الثلث؛ لأن هناك الحق تعلق بعين التركة، بدليل أنه لو هلك واستفاد مالا آخر تبطل الوصية، وفي الألف المرسلة لو هلكت التركة
ــ
[البناية]
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة رحمه الله م: (أن الوصية وقعت بغير المشروع عند عدم الإجازة من الورثة، إذ لا نفاذ لها بحال) ش: لأن الوصية فيما زاد على الثلث؛ لأنه لا يملك ذلك عند عدم إجازة الورثة.
م: (فتبطل) ش: أي الوصية م: (أصلا، والتفضيل يثبت في ضمن الاستحقاق، فيبطل ببطلانه) ش: أي يبطل الفضل ببطلان الاستحقاق؛ لأنه إذا بطل الاستحقاق بطل فيما ضمنه م: (كالمحاباة الثابتة في ضمن البيع) ش: إذا صح البيع صحت المحاباة وإذا بطلت بطلت م: (بخلاف مواضع الإجماع) ش: يعني المحاباة وصية.
م: (لأن لها) ش: أي الوصية م: (نفاذا في الجملة بدون إجازة الورثة بأن كان في المال سعة) ش: فيجوز خروج الألف من الثلث يكون المال كثيرا بالاكتساب قبل الموت، فيخرج هذه الوصايا من الثلث، وهو معنى قوله، م:(فتعتبر في التفاضل لكونه مشروعا في الجملة بخلاف ما نحن فيه) ش: وهو ما إذا أوصى بجميع المال لواحد والآخر بالثلث حيث لا يصح؛ لأن ماله وإن كثر لا يخرج ذلك من الثلث، فعلم أن الوصية لم تصح في مخرجه.
م: (وهذا بخلاف ما إذا أوصى بعين من تركته) ش: هذا صورة نقض ترد على المسائل المجمع عليها، وهو أنه إذا أوصى بعين من التركة مثل عبد أو فرس له أو ثوب مثلا م:(وقيمته تزيد على الثلث فإنه) ش: أي فإن الموصى له م: (يضرب بالثلث) ش: ولا يضرب بأكثر منه.
م: (وإن احتمل أن يزيد المال) ش: باكتساب هذا العبد مالا فتصير رقبته مساوية لثلث المال، أو يظهر له مال بحيث يصير العبد ثلث المال م:(فيخرج من الثلث؛ لأن هناك الحق) ش: أي حق الموصى له م: (تعلق بعين التركة؛ بدليل أنه) ش: أي عين التركة م: (لو هلك واستفاد مالا آخر تبطل الوصية، وفي الألف المرسلة لو هلكت التركة) ش: وحق الورثة أيضًا يتعلق بعين التركة فيما زاد