الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنه قد برئ من الضمان حين رهنهما، فإنه كان أمينا خالف ثم عاد إلى الوفاق. وكذا إذا أفتك الرهن ثم ركب الدابة أو استخدم العبد فلم يعطب ثم عطب بعد ذلك من غير صنعه لا يضمن؛ لأنه بعد الفكاك بمنزلة المودع لا بمنزلة المستعير لانتهاء حكم الاستعارة بالفكاك، وقد عاد إلى الوفاق فيبرأ عن الضمان. وهذا بخلاف المستعير؛ لأن يده يد نفسه فلا بد من الوصول يد المالك.
أما المستعير في الرهن فيحصل مقصود الآمر وهو الرجوع عليه عند الهلاك وتحقق الاستيفاء.
قال: و
جناية الراهن على الرهن
مضمونة؛ لأنه تفويت حق لازم محترم وتعلق مثله بالمال يجعل المالك كالأجنبي في حق الضمان كتعلق حق الورثة بمال المريض مرض الموت يمنع نفاذ تبرعه فيما وراء الثلث والعبد الموصى بخدمته إذا أتلفه الورثة ضمنوا قيمته
ــ
[البناية]
والمرتهن ضامن للألف للراهن؛ لأن لما هلك في يد المرتهن تم الاستيفاء، وعلى المرتهن رد ما استوفى، وإنما استوفاه من الراهن فيرد عليه، والراهن صار قاضيا دينه بملك الغير فيغرم مثله.
م: (لأنه قد برئ من الضمان حين رهنهما، فإنه كان أمينا خالف) ش: أي بالاستخدام والركوب م: (ثم عاد إلى الوفاق) ش: بالرهن برئ من الضمان م: (وكذا إذا أفتك الرهن ثم ركب الدابة أو استخدم العبد فلم يعطب) ش: يعني بالركوب أو الاستخدام م: (ثم عطب بعد ذلك من غير صنعه لا يضمن؛ لأنه بعد الفكاك بمنزلة المودع لا بمنزلة المستعير لانتهاء حكم الاستعارة بالفكاك، وقد عاد إلى الوفاق فيبرأ عن الضمان) .
م: (وهذا بخلاف المستعير) ش: غير الراهن حيث لا يبرأ عن الضمان إذا خالف ثم عاد إلى الوفاق ما لم يرد العين إلى مالكها م: (لأن يده) ش: أي يد المستعير م: (يد نفسه فلا بد من الوصول إلى يد المالك. أما المستعير في الرهن فيحصل مقصود الآمر وهو الرجوع عليه عند الهلاك وتحقق الاستيفاء) ش: أي وعند تحقق الاستيفاء، وهذا الذي اختاره المصنف هو مختار شمس الأئمة السرخسي، وأما اختيار شيخ الإسلام خواهر زاده وهو أن المستعير يبرأ عن الضمان بالعود إلى الوفاق واستدلالا بمسألة مستعير الرهن.
[جناية الراهن على الرهن]
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وجناية الراهن على الرهن مضمونة؛ لأنه تفويت حق لازم) ش: يعني باللازم ما لا يقدر على إسقاطه بانفراده م: (محترم) ش: يعني بالمحترم أن يكون العين ممنوعا عن إبطاله، ولا نعلم فيه خلافا م:(وتعلق مثله) ش: أي تعلق مثل الحق اللازم م: (بالمال يجعل المالك) ش: أي مالك المال م: (كالأجنبي في حق الضمان) ش: وأوضح ذلك بقوله: م: (كتعلق حق الورثة بمال المريض مرض الموت يمنع نفاذ تبرعه) ش: أي تبرع المريض م: (فيما وراء الثلث) ش: لأن ما وراء الثلث حق الورثة م: (والعبد الموصى بخدمته إذا أتلفه الورثة ضمنوا قيمته
ليشتري بها عبد يقوم مقامه. قال: وجناية المرتهن عليه تسقط من دينه بقدرها، ومعناه: أن يكون الضمان على صفة الدين، وهذا لأن العين ملك المالك وقد تعدى عليه المرتهن فيضمنه لمالكه. قال وجناية الرهن على الراهن والمرتهن وعلى ما لهما هدر، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا: جنايته على المرتهن معتبرة، والمراد بالجناية على النفس ما يوجب المال، أما الوفاقية فلأنها جناية المملوك على المالك، ألا ترى أنه لو مات كان الكفن عليه، بخلاف جناية المغصوب على المغصوب منه؛ لأن الملك عند أداء الضمان يثبت للغاصب مستندا حتى يكون الكفن عليه، فكانت جناية على غير المالك فاعتبرت.
ــ
[البناية]
ليشتري بها عبد يقوم مقامه) ش: لتعلق الحق اللازم به.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وجناية المرتهن عليه) ش: أي وعلى الراهن م: (تسقط من دينه بقدرها) ش: أي بقدر الجناية م: (ومعناه) ش: أي معنى قول القدوري م: (أن يكون الضمان على صفة الدين) ش: يعني من جنسه جودة ورداءة ويسقط من الدين بقدرها. ولو كان بخلاف الجنس يكون رهنا مع الأصل، قاله تاج الشريعة.
م: (وهذا) ش: أي السقوط من دين المرتهن بقدرها م: (لأن العين ملك المالك) ش: وهو الراهن م: (وقد تعدى عليه المرتهن فيضمنه لمالكه) ش: لأن دينه إتلاف ملك الغير.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وجناية الرهن على الراهن والمرتهن وعلى ما لهما هدر) ش: أي ساقط لا يعتبر به م: (وهذا) ش: أي كونها هدرا م: (عند أبي حنيفة رحمه الله، وقالا) ش: أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله - م: (جنايته) ش: أي جناية الرهن م: (على المرتهن معتبرة، والمراد بالجناية على النفس ما يوجب المال) ش: وهي ما إذا كان خطأ في النفس أو فيما دونها، أما ما يوجب القصاص فيعتبر بالإجماع، ولا نعلم فيه خلافا.
م: (أما الوفاقية) ش: وهي المسألة الوفاقية وهي الجناية على الراهن م: (فلأنها جناية المملوك على المالك، ألا ترى أنه لو مات) ش: أي العبد الرهن م: (لكان الكفن عليه) ش: أي على مولاه، وكل ما كان كذلك فهو هدر؛ لأنه لو جنى على غيره وجب على مولاه من ماله، فإذا جنى عليه فلو وجب عليه شيء لكان واجبا له عليه وذلك باطل.
م: (بخلاف جناية المغصوب على المغصوب منه) ش: هذا جواب عن نقض يرد بالمغصوب إذا جنى على مالكه المغصوب منه، فإنها توجب الضمان. وتقرير الجواب به: ما قاله بقوله: م: (لأن الملك عند أداء الضمان يثبت للغاصب مستندا) ش: من وقت الغصب، وأوضح ذلك بقوله: م: (حتى يكون الكفن عليه) ش: أي على الغاصب م: (فكانت جناية على غير المالك فاعتبرت) ش:
ولهما في الخلافية: أن الجناية حصلت على غير مالكه، وفي الاعتبار فائدة. وهو دفع العبد إليه بالجناية فتعتبر، ثم إن شاء الراهن والمرتهن أبطلا الرهن ودفعاه بالجناية إلى المرتهن. وإن قال المرتهن: لا أطلب الجناية فهو رهن على حاله. ولو أن هذه الجناية لو اعتبرناها للمرتهن كان عليه التطهير من الجناية؛ لأنها حصلت في ضمانه، فلا يفيد وجوب الضمان له مع وجوب التخليص عليه وجنايته على مال المرتهن لا تعتبر بالاتفاق إذا كانت قيمته والدين سواء؛ لأنه لا فائدة في اعتبارها؛ لأنه لا يتملك العبد وهو الفائدة.
ــ
[البناية]
أي جنايته.
م: (ولهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد - رحمهما الله -: م: (في الخلافية) ش: أي في المسألة الخلافية م: (أن الجناية حصلت على غير مالكه) ش: لأن العبد في الحال ملك المغصوب منه وقد جنى غير المالك فيعتبر م: (وفي الاعتبار فائدة) ش: جواب عما يقال إن ماليته تحتبسه بدينه فلا فائدة في إيجاب الضمان، وتقرير الجواب أن في الاعتبار فائدة م:(وهو دفع العبد إليه بالجناية) ش: أي المرتهن م: (فتعتبر) ش: وإن كان يسقط حقه في الدين، فإن أبقاه رهنا وجعله بالدين لم يثبت له ملك العين، وربما يكون له غرض في ملك العين فيحصل له باعتبار الجناية، وإن لم يكن له غرض في ذلك تترك طلب الجناية ويستبقه رهنا كما كان.
م: (ثم إن شاء الراهن والمرتهن أبطلا الرهن) ش: بالدفع، وهذا التفريع على قولهما م:(ودفعاه) ش: فيه تسامح؛ لأن المرتهن لا يدفع العبد إلى نفسه ومخلصه المشاكلة، فإنه وإن كان قابلا ذكره بلفظ الدافع لوقوعه في ضمنه، أو لتعليله سماه دافعا وبناه م:(بالجناية إلى المرتهن. وإن قال المرتهن: لا أطلب الجناية فهو رهن على حاله) .
م: (ولو) ش: أي لأبي حنيفة رحمه الله: م: (أن هذه الجناية لو اعتبرناها للمرتهن كان عليه) ش: أي على المرتهن م: (التطهير من الجناية) ش: يعني هو مخاطب أيضا بالدفع أو الفداء م: (لأنها) ش: أي لأن الجناية م: (حصلت في ضمانه، فلا يفيد وجوب الضمان له مع وجوب التخليص عليه) ش: ولا فائدة فيه.
م: (وجنايته) ش: أي وجناية الرهن م: (على مال المرتهن لا تعتبر بالاتفاق إذا كانت قيمته والدين سواء؛ لأنه لا فائدة في اعتبارها؛ لأنه لا يتملك العبد) ش: أي لا منفعة للمرتهن في اعتبار تلك الجناية، فإنه لا يستحق بها الملك، ولكن يستحق بالدين مالية العبد يباع فيه، وذلك يستحق له بدينه م:(وهو الفائدة) ش: أي تملك العبد هو الفائدة.