الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجه الأول أن كلا منها جناية فيما دون النفس والمنفعة مختصة به فأشبه الأعضاء المختلفة بخلاف العقل لأن منفعته عائدة إلى جميع الأعضاء على ما بينا، ووجه الثاني: أن السمع والكلام مبطن فيعتبر بالعقل والبصر ظاهر فلا يلحق به.
قال: وفي " الجامع الصغير ": ومن
شج رجلا موضحة فذهبت عيناه
فلا قصاص في ذلك عند أبي حنيفة رحمه الله. قالوا: وينبغي أن تجب الدية فيهما. وقالا: في الموضحة القصاص. قالوا: وينبغي أن تجب الدية في العينين. قال: وإن قطع أصبع رجل من المفصل الأعلى فشل ما بقي من الأصبع أو اليد كلها
ــ
[البناية]
ذلك من الوجوه في معرفة ذلك.
م: (وجه الأول) ش: هو: أن أرش الموضحة لا يدخل في الدية الواجبة بذهاب السمع والبصر والكلام م: (أن كلا منها جناية فيما دون النفس والمنفعة مختصة به فأشبه الأعضاء المختلفة) ش: فلا يدخل بعضه في بعض م: (بخلاف العقل) ش: يعني أن العقل ليس كذلك. م: (لأن منفعته عائدة إلى جميع الأعضاء) ش: فصار كالروح ولزوال الروح في الشجة دخل أرشها في دية الروح فكذا إذا ذهب العقل م: (على ما بينا) ش: أراد به قوله: لأن بفوات العقل تبطل منفعة جميع الأعضاء.
م: (ووجه الثاني) ش: يعني قوله: وعن أبي يوسف م: (أن السمع والكلام مبطن) ش: يعني كل واحد منهما باطن م: (فيعتبر بالعقل) ش: فيدخل أرش الموضحة في ديته م: (والبصر ظاهر فلا يلحق به) ش: أي بالعقل فلا يدخل أرش الموضحة فيه كاليد والرجل. وقال الأكمل رحمه الله في قوله: والكلام مبطن، قيل: يريد به الكلام النفسي بحيث لا يفهم منها المعاني ولا يقدر على نظم المتكلم، وإن كان المراد ذلك كان الفرق بينه وبين ذهاب العقل عسير جدا وإن كان المراد به التكلم بالحروف والأصوات نفي جعله مبطنا وظاهرا.
[شج رجلا موضحة فذهبت عيناه]
م: (قال: وفي " الجامع الصغير ": من شج رجلا موضحة فذهبت عيناه فلا قصاص في ذلك عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: قال أبو الليث: ولكن يجب عليه أرش الموضحة ودية العينين م: (قالوا) ش: أي المشايخ م: (وينبغي أن تجب الدية فيهما) ش: أي في الموضحة والعينين يعني أنه يجب أرش الموضحة ودية العينين. م: (وقالا) ش: أي أبو يوسف ومحمد م: (في الموضحة القصاص، قالوا) ش: أي المشايخ في شروحهم م: (وينبغي أن تجب الدية في العينين) ش: أي على قولهما، وإنما كرر لفظ " قالوا " لأن الأول في قول أبي حنيفة والثاني في قولهما.
م: (قال) ش: أي قال محمد في " الجامع الصغير ": م: (وإن قطع أصبع رجل من المفصل الأعلى فشل ما بقي من الأصبع أو اليد كلها) ش: أي أو شلت اليد كلها، والشلل فساد في اليد
لا قصاص عليه في شيء من ذلك وينبغي أن تجب الدية في المفصل الأعلى وفيما بقي حكومة عدل، وكذلك لو كسر بعض سن رجل فاسود ما بقي ولم يحك خلافا، وينبغي أن تجب الدية في السن كله ولو قال: اقطع المفصل واترك ما يبس أو اكسر القدر المكسور أو اترك الباقي لم يكن له ذلك لأن الفعل في نفسه ما وقع موجبا للقود فصار كما لو شجه منقلة فقال أشجه موضحة وأترك الزيادة لهما في الخلافية أن الفعل في محلين. فيكون جنايتين مبتدأتين، فالشبهة في إحداهما لا تتعدى إلى الأخرى.
ــ
[البناية]
من باب علم م: (لا قصاص عليه في شيء من ذلك) ش: أي باتفاق أصحابنا.
وقال الأئمة الثلاثة رحمهم الله: لا يسقط القود عن الأصبع لأنه عمد يمكن في الاعتبار المساواة فيه، ولا يجب القصاص في الثاني في قول عن الشافعي، وفي رواية عن أحمد م:(وينبغي أن تجب الدية في المفصل الأعلى، وفيما بقي حكومة عدل) ش: وإنما قال: " ينبغي " لأن محمدا لم يذكر هذا في " الجامع "، والمشايخ رحمهم الله في الشروح قالوا هذا.
م: (وكذلك) ش: أي الحكم وهو عدم القصاص م: (لو كسر بعض سن رجل فاسود ما بقي) ش: من السن المكسورة م: (ولم يحك) ش: أي محمد م: (خلافا) ش: في المسألتين وأحمد في رواية والشافعي في قول إن لم يذهب نفعها وهو المختار عند أصحاب الشافعي م: (وينبغي أن تجب الدية في السن كله ولو قال) ش: أي المجني عليه م: (اقطع المفصل واترك ما يبس) ش: من أرش اليد أو السن أو قال م: (أو اكسر القدر المكسور) ش: من السن م: (أو اترك الباقي لم يكن له ذلك؛ لأن الفعل في نفسه ما وقع موجبا للقود فصار) ش: حكم هذا م: (كما لو شجه) ش: أي كما إذا شج رجل رجلا شجة م: (منقلة فقال: أشجه) ش: شجة م: (موضحة وأترك الزيادة) ش: ليس له ذلك لأن الجناية الأولى كانت سارية وهي ليست في وسع المجنى عليه، والمماثلة شرط وجوب القصاص فلم تنعقد تلك الجناية موجبة القصاص في الابتداء، وإنما انعقدت موجبة للمال، ولا يكون له على القصاص سبيل م:(لهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد م: (في الخلافية) ش: أي في المسألة الخلافية وهي: ما إذا شج موضحة فذهبت عيناه م: (أن الفعل) ش: وقع م: (في محلين) ش: مختلفين حقيقة.
م: (فيكون جنايتين مبتدأتين، فالشبهة في إحداهما) ش: أي في إحدى الجنايتين م: (لا تتعدى إلى الأخرى) ش: أي إلى الجناية الأخرى، والأصل في هذا أن الجناية إذا وقعت في مجلسين متباينين حقيقة فوجوب المال في أحدهما لا يمنع وجوب القود في الآخر وهو قول الأئمة الثلاثة أيضا، ومتى وقعت في محل واحد وأتلف شيئين، أحدهما يوجب القود والآخر يوجب المال، يجب بلا خلاف بين أصحابنا خلافا للأئمة الثلاثة.
كمن رمى إلى الرجل عمدا فأصابه ونفذ منه إلى غيره فقتله يجب القود في الأول. وله: أن الجراحة الأولى سارية والجزاء بالمثل، وليس في وسعه الساري فيجب المال، ولأن الفعل واحد حقيقة وهو الحركة القائمة، وكذا المحل متحد من وجه لاتصال أحدهما بالآخر، فأورثت نهايته شبهة الخطأ في البداية، بخلاف النفسين، لأن أحدهما ليس من سراية صاحبه. وبخلاف ما إذا وقع السكين على الأصبع لأنه ليس فعلا مقصودا
ــ
[البناية]
م: (كمن رمى إلى الرجل عمدا فأصابه ونفذ) ش: أي رميه م: (منه إلى غيره فقتله يجب القود في الأول) ش: دون الثاني، وتجب الدية في الثاني، وكذا إذا قطع أصبعا فاضطرب السكين فأصاب أصبعا آخر خطأ منه فإنه يقتص في الأولى بالإجماع دون الثانية.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة رحمه الله: م: (أن الجراحة الأولى سارية والجزاء بالمثل، وليس في وسعه الساري فيجب المال) ش: لأن الجراحة التي يعمل القصاص قد لا تكون سارية، إذ ليس في وسعه، فعلى ذلك لا يكون مثلا للأولى ولا قصاص بدون المماثلة م:(ولأن الفعل واحد حقيقة وهو الحركة القائمة) ش: أي الثابتة حالة الشج م: (وكذا المحل) ش: أي محل الجنايتين م: (متحد من وجه لاتصال أحدهما بالآخر، فأورثت نهايته شبهة الخطأ في البداية) ش: والشبهة تعمل على الحقيقة فيما يندرئ بالشبهة أن لا يعمل في المال، لأنه يثبت مع الشبهة فكيف يسقط بها فيجب ديتان.
م: (بخلاف النفسين) ش: هذا جواب عن قولهما كمن رمى إلى رجل عمدا فأصابه ونفذت إلى غيره فقتله، ووجه ذلك هو قوله م:(لأن أحدهما ليس من سراية صاحبه) ش: ولا تصور سراية الفعل من شخص إلى شخص ويتصور ذلك في شخص واحد.
م: (وبخلاف ما إذا وقع السكين على الأصبع) ش: هذا جواب عما قال: إذا قطع أصبع رجل عمدا فاضطرب السكين فوقع على أصبع آخر فقطعها يقتص للأولى دون الثانية، فما بال مسألتنا لم تكن كذلك، ووجهه أن القطع الثاني إنما لم يورث الشبهة في القصاص، لأنه فعل مقصود، وأما ذهاب العين بالسراية فليس بفعل مقصود، وهو معنى قوله: م: (لأنه ليس فعلا مقصودا) ش: في مسألتنا، وفيما إذا وقع سكين على الأصبع قد صار فعلا مقصودا.
وقال الأكمل رحمه الله: الضمير في لأنه عائد إلى ذهاب العين بالسراية، وبهذا التوجيه يندفع ما قال في " النهاية " أن في قوله لأنه ليس فعلا مقصودا نظر، وإن الصواب ما ذكره في " الذخيرة " أنه مقصود، ولكن ليس من أمره، فإنه رجع الضمير إلى الفعل الثاني