الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: ولا تصح وصية الصبي. وقال الشافعي رحمه الله: تصح إذا كان في وجوه الخير؛ لأن عمر رضي الله عنه أجاز وصية يفاع أو يافع، وهو الذي راهق الحلم.
ــ
[البناية]
(النساء: الآية 11) ، مع أن الدين مقدم شرعا، لما أن الوصية مشابهة للميراث في كونها مأخوذة من غير عوض، فكان إخراجها مما يشق على الورثة ولا يطيب أنفسهم بها، فكان أداؤها مظنة للتفريط. بخلاف الدين، وإن نفوسهم مطمئنة إلى أدائه، فكذلك قدمت على الدين بعثا على المسارعة إلى إخراجها ووجوبها مع الدين، وكذلك جنى بكلمة أو لتسوية بينهما في الوجوب.
[الوصية من المجنون والصبي]
م: (قال) ش: أي القدوري م: (ولا تصح وصية الصبي) ش: سواء مات قبل الإدراك أو بعده وبه قال الشافعي رحمه الله في قوله: وأصحاب الظواهر، وهو قول ابن عباس والحسن ومجاهد رحمهم الله.
م: (وقال الشافعي رحمه الله: تصح) ش: أي وصية الصبي م: (إذا كان في وجوه الخير) ش: وبه قال مالك وأحمد وهو قول الشعبي والنخعي وعمر بن عبد العزيز وشريح وعطاء والزهري وإياس وعبد الله بن عيينة. وقال ابن الجلاب البصري المالكي في كتاب " التفريع ": وصية الصبي المميز جائزة، وقال الغزالي في "وجيزه ": ولا تصح الوصية من المجنون والصبي الذي لا يميز، وفي الصبي المميز قولان.
م: (لأن عمر رضي الله عنه أجاز وصية يفاع أو يافع، وهو الذي راهق الحلم) ش: روى مالك في " الموطأ " عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أبيه أنه قيل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن هاهنا غلاما يفاعا لم يحتلم من غسان ووارثه بالشام وهو ذو مال، وليس له هاهنا إلا ابنة عم له فقال عمر رضي الله عنه: فليوص لها، فأوصى لها بماء يقال له: بئر جشم، قال عمر رضي الله عنه: فبيعت بثلاثين ألف درهم. وابنة عمه هي: أم عمرو بن سليم.
ورواه عبد الرزاق في " مصنفه"، - أخبر سفيان الثوري عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أن عمرو بن سليم الغساني أوصى وهو ابن عشر أو ثنتي عشرة ببئر له قومت بثلاثين ألفا فأجاز عمر رضي الله عنه وصيته. وقال البيهقي: عمرو بن سليم لم يدرك عمر رضي الله عنه، إلا أنه منتسب لصاحب القصة.
قوله: " يفاع " بفتح الياء آخر الحروف وبالفاء المخففة وبعد الألف عين مهملة. وفي " الجمهرة ": غلام يفع ويافع ويفعة وقد أيفع يوفع إيفاعا إذا تحرك وشب. والجمع أيفاع، ويفاع
ولأنه نظر له بصرفه إلى نفسه في نيل الزلفى. ولو لم تنفذ يبقى على غيره. ولنا: أنه تبرع، والصبي ليس من أهله، ولأن قوله غير ملزم، وفي تصحيح وصيته قول بإلزام قوله، والأثر محمول على أنه كان قريب العهد بالحلم مجازا، أو كانت وصيته في تجهيزه وأمر دفنه، وذلك جائز عندنا، وهو يحرز الثواب بالترك على ورثته كما بيناه.
ــ
[البناية]
قطعة من الجبل والعلة إيفاء فوقع عما حولها. وقال الكاكي: غلام يفاع بمعنى يافع، وجمعه يفعان، ولا يقال: صبي ولا يوفع، وهو من النوادر.
قلت: ذكر في كتاب " خلق الإنسان " عن أبي عبيد: قال بعضهم: الحرور واليافع والمترعرع واحد. وإذا لم يبلغ الصبي الحلم قيل: غلام يافع وجمعه أيفاع. وقال أبو عبيد: قال الكسائي: وهو على غير قياس، والقياس أن يقال: يوفع، ويقال: غلام يفعه.
م: (ولأنه) ش: أي ولأن إيصاء الصبي م: (نظر له بصرفه إلى نفسه في نيل الزلفى) ش: أي القرب إلى الله تعالى والدرجة العليا م: (ولو لم تنفذ) ش: إيصاؤه م: (يبقى) ش: ماله م: (على غيره) ش: أي على غير الصبي، ولو نفذت يبقى ماله على نفسه حيث يكون له الثواب بالوصية بماله فكانت الوصية أولى.
م: (ولنا: أنه) ش: أي أن إيصاءه م: (تبرع، والصبي ليس من أهله) ش: أي من أهل التبرع، ولهذا لا يملك التبرع بماله في حال الحياة بالإجماع بالهبة أو الصدقة، فكذلك لا يملكه بطريق الوصية أيضًا قياسا على الإعتاق.
م: (ولأن قوله غير ملزم. وفي تصحيح وصيته قول بإلزام قوله) ش: لأن الوصية لازمة بعد الموت م: (والأثر) ش: أي الأثر الذي روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه م: (محمول على أنه كان قريب العهد بالحلم مجازا) ش: أي: من حيث المجاز، يعني: كان بالغا لم يمض على بلوغه زمان كثير مثله يسمى بالغا مجازا تسمية للشيء باسم ما كان عليه م: (أو كانت وصيته) ش: جواب ثان عن الأثر المذكور، أي: أو كانت وصية يفاع المذكور م: (في تجهيزه وأمر دفنه، وذلك جائز عندنا، وهو يحرز الثواب بالترك على ورثته) ش: هذا جواب عن قوله: ولأنه نظر له بصرفه إلى نفسه في نيل الزلفى م: (كما بيناه) ش: أي عن قريب من قوله: وإن كانت الورثة فقراء
…
إلى آخره.
وقال الأترازي: وفي الجواب عن حديث عمر رضي الله عنه تخبيط جواب المشايخ، وبين ذلك بالجوابين اللذين ذكرهما المصنف رحمه الله، ثم قال: وفيهما نظر عندي؛ لأنه صرح الراوي بأنه أوصى لابنة عم له بمال، فكيف يسمي ذلك وصيته تجهيز نفسه. وكيف
والمعتبر في النفع والضرر النظر إلى أوضاع التصرفات لا إلى ما يتفق بحكم الحال اعتبره بالطلاق فإنه لا يملكه ولا وصية. وإن كان يتفق نافعا في بعض الأحوال.
ــ
[البناية]
يقال: يحتمل أنه كان أدرك، لكن سمي غلاما مجازا لأنه صح في رواية الحديث: أنه كان غلاما محتلم، انتهى.
قلت: نسبة التخبيط في هذا إلى نفس الأمر إلى المصنف؛ لأن الوجهين المذكورين هو الذي ذكرهما. وأجاب الأكمل عنه بقوله: بأن قوله: "كان غلاما محتلم "، يعني اليافع حقيقة، فيجوز أن يكون الراوي نقله بمعناه. وقوله:" أنه أوصى لابنة عم له بماله " لا ينافي أن يكون فيما يتعلق بتجهيزه ودفنه، انتهى.
وقال الأترازي رحمه الله: الجواب الصحيح - وطول فيه -، وملخصه: أن من أدرك عصر الصحابة من التابعين كسعيد بن المسيب والحسن والشعبي والنخعي يعتد بخلافه في إجماع الصحابة حتى لا يتم إجماعهم مع خلافه، ثم روى أصحابنا في كتبهم عن الشعبي والنخعي والحسن أنهم قالوا: لا تجوز وصية المراهق، فبطل الاحتجاج بالإجماع؛ لأنه لا إجماع للصحابة مع خلافهم، فبقي تعليل الصحابي، وهو ليس بواجب عند الخصم فكيف يحتج به على غيره، انتهى.
والجواب الصحيح ما قاله الطحاوي، والاحتجاج بهذا الأثر لا يصح من الشافعي لأنه مرسل؛ لأن رواية عمرو بن سليم وهو ممن لم يلق عمر رضي الله عنه، وأبلغ من هذا ما قاله ابن حزم أن هذا الأثر لم يصح عن عمر رضي الله عنه وخالفه - ابن عباس رضي الله عنهما، وهو أيضًا مخالف لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] الآية، فإنها تدل على أن الصبي ممنوع من ماله. وفي " المبسوط ": والمرسل وإن كان مقبولا عندنا لكنه خالف عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاث»
…
" الحديث، قال الأكمل: وفيه نظر؛ لأن المراد بالقلم التكليف، وما نحن فيه فليس منه، فليتأمل. م:(والمعتبر في النفع والضرر) ش: هذا تنزل في الجواب كأنه يقول: سلمنا أن الوصية يحصل الثواب دون تركها، لكن المعتبر به في النفع والضرر م:(النظر إلى أوضاع التصرفات) ش: يعني يعتبر في التصرفات أصل الوضع لا الأحوال، والوصية في أصل الوضع مزيل للملك، وقد يقع النفع فيها في بعض الأحوال، وقد لا يكون فيه نفع كأن أوصى لفاسق ينفق ذاك المال في الفسق، وهذا إعانة على المعصية لا ينبغي في نيل الزلفى م:(لا إلى ما ينفق بحكم الحال) ش: يعني لا النظر إلى ما يتفق بحكم الحال من العوارض اللاحقة م: (اعتبره) ش: أي اعتبر ما ذكرنا م: (بالطلاق؛ فإنه) ش: أي فإن الصبي م: (لا يملكه) ش: أي لا يملك طلاقه وإن طلق م: (ولا وصية. وإن كان يتفق نافعا في بعض الأحوال) ش: أي: ولا يملك وصيته أيضًا وإن نصب مانعا
وكذا إذا أوصى ثم مات بعد الإدراك لعدم الأهلية وقت المباشرة. وكذا إذا قال: إذا أدركت فثلث مالي لفلان، وصية لقصور أهليته، فلا يملكه تنجيزا وتعليقا كما في الطلاق والعتاق. بخلاف العبد والمكاتب؛ لأن أهليتهما مستتمة، والمانع حق المولى فتصح إضافته إلى حال سقوطه.
قال: ولا تصح وصية الكاتب وإن ترك وفاء؛ لأن ماله لا يقبل التبرع. وقيل: على قول أبي حنيفة رحمه الله لا تصح، وعندهما: تصح ردا لها إلى مكاتب يقول: كل مملوك أملكه فيما استقبل فهو حر ثم عتق فملك، والخلاف فيها معروف عرف في موضعه.
ــ
[البناية]
في بعض الأحوال بأن يطلق امرأة معسرة شرعا ويتزوج بأختها الموسرة الحسنى، أو يطلقها بأن كانت زانية سليطة ويتزوج بالصالحة؛ لأن ذلك من العوارض والوصية في الأصل تبرع، والصبي ليس من أهله.
م: (وكذا إذا أوصى) ش: أي الصبي بوصية م: (ثم مات بعد الإدراك لعدم الأهلية وقت المباشرة) ش: أي وقت مباشرة الوصية م: (وكذا إذا قال: إذا أدركت فثلث مالي لفلان وصية) ش: لا يجوز م: (لقصور أهليته، فلا يملكه) ش: أي الإيصاء م: (تنجيزا وتعليقا) ش: أي: من حيث التنجيز كما في الوجه الأول، ومن حيث التعليق كما في الوجه الثاني م:(كما في الطلاق والعتاق) ش: حيث لا يملكهما تنجيزا ولا تعليقا.
م: (بخلاف العبد والمكاتب) ش: يعني: إذا قال العبد أو المكاتب: إذا أعتقت فثلث مالي وصية يصح م: (لأن أهليتهما مستتمة) ش: أي تامة م: (والمانع حق المولى فتصح إضافته إلى حال سقوطه) ش: أي سقوط المانع.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (ولا تصح وصية المكاتب وإن ترك وفاء؛ لأن ماله لا يقبل التبرع) ش: ولهذا لا يصح عتقه وهبته م: (وقيل: على قول أبي حنيفة رحمه الله: لا تصح، وعندهما: تصح ردا لها) ش: أي: قياسا لهذه المسألة م: (إلى مكاتب يقول: كل مملوك أملكه فيما أستقبل فهو حر ثم عتق فملك، والخلاف فيها معروف عرف في موضعه) ش: أي: من باب الحنث في تملك المكاتب والمأذون في أيمان " الجامع الكبير " وما عرف ثمة هو أن المكاتب إذا قال: كل مملوك أملكه فيما استقبل فهو حر فعتق فملك لم يعتق عند أبي حنيفة، وعتق عندهما.
لهما: أن ذكر الملك إلى ملك الظاهر للإعتاق، وهو ما بعد الحرية، ولأبي حنيفة أن للمكاتب وعين من الملك أحدهما إلى ظاهر، وهو ما قبل العتاق، والثاني: غير ظاهر وهو ما بعد العتاق فيضرب اليمين الظاهر دون غير الظاهر.