الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على ما هو المروي عن أبي حنيفة رحمه الله أو نقول: يصار إليه كيلا يؤدي إلى إبطال أصله وتغيير الوصف لتصحيح الأصل أولى.
قال: ومن
أوصى إلى من يعجز عن القيام بالوصية
ضم إليه القاضي غيره رعاية لحق الموصي والورثة، وهذا لأن تكميل النظر يحصل بضم الآخر إليه لصيانته ونقص كفايته، في النظر بإعانة غيره، ولو شكا إليه الوصي ذلك لا يجيبه حتى يعرف ذلك حقيقة؛ لأن الشاكي قد يكون كاذبا تخفيفا على نفسه، وإذا ظهر عند القاضي عجزه أصلا استبدل به رعاية للنظر من الجانبين ولو كان قادرا على التصرف أمينا فيه ليس للقاضي أن يخرجه لأنه لو اختار غيره كان دونه، لما أنه كان مختار الميت ومرضيه، فإبقاؤه أولى، ولهذا قدم على أب الميت مع وفور شفقته، فأولى أن يقدم على غيره.
ــ
[البناية]
جواب عن قولهما وفي اعتبار هذه تجزئتها وذلك أن الحسن بن زياد روى عن أبي حنيفة: أنه إذا أوصى إلى رجلين إلى أحدهما في العين، وإلى الآخر في الدين أن كلا منهما يكون وصيا فيما أوصى إليه خاصة.
وأشار إلى هذا بقوله: م: (على ما هو المروي عن أبي حنيفة رحمه الله، أو نقول: يصار إليه) ش: أي إلى التجزؤ م: (كيلا يؤدي إلى إبطال أصله) ش: أي أصل هذا التصرف، وهو تنصيب عبده وصيا على الصغار م:(وتغيير الوصف) ش: جواب عما يقال هذا تغيير وصفه، وهو التجزؤ، يعني جعله متجزئا بعدما لم يكن، فأجاب بقوله ويعتبر الوصف م:(لتصحيح الأصل أولى) ش: من إهداره بالكلية.
[أوصى إلى من يعجز عن القيام بالوصية]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ومن أوصى إلى من يعجز عن القيام بالوصية ضم إليه القاضي غيره رعاية لحق الموصى والورثة، وهذا) ش: أي ضم القاضي إليه غيره م: (لأن تكميل النظر يحصل بضم الآخر إليه) ش: وبه قالت الأئمة الثلاثة م: (لصيانته) ش: أي لصيانة الوصي.
م: (ونقص كفايته، فيتم النظر بإعانة غيره، ولو شكا إليه الوصي ذلك) ش: أي ولو شكا إلى القاضي: الوصي العجز م: (لا يجيبه حتى يعرف ذلك) ش: أي عجزه م: (حقيقة؛ لأن الشاكي قد يكون كاذبا تخفيفا على نفسه، وإذا ظهر عند القاضي عجزه أصلا استبدل به) ش: أي ولى غيره م: (رعاية للنظر من الجانبين) ش: أي جانب الموصي والوصي يقوم المنصوب من جهة القاضي بالتصرف في حوائج الموصي والعاجز المعزول بقضاء حقوق معه.
م: (ولو كان قادرا على التصرف أمينا فيه ليس للقاضي أن يخرجه) ش: أي أن يخرج الوصي مع أنه كان عدلا م: (لأنه لو اختار غيره كان دونه لما أنه كان مختار الميت ومرضيه، فإبقاؤه أولى، ولهذا) ش: أي ولأجل أن وصي الميت مختار الميت م: (قدم على أبي الميت وفور شفقته) ش: أي شفقة الأب م: (فأولى أن يقدم على غيره) ش: ووصي القاضي الذي هو غير أب الميت.
وكذا إذا شكا الورثة أو بعضهم الوصي إلى القاضي، فإنه لا ينبغي له أن يعزله حتى تبدو له منه خيانة، لأنه استفاد الولاية من الميت، غير أنه إذا ظهرت الخيانة فالميت إنما نصبه وصيا لأمانته وقد فاتت، ولو كان في الأحياء لأخرجه منها فعند عجزه ينوب القاضي منابه، كأنه لا وصي له. قال ومن أوصى إلى اثنين لم يكن لأحدهما أن يتصرف عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - دون صاحبه إلا في أشياء معدودة نبينها إن شاء الله تعالى. وقال أبو يوسف رحمه الله: ينفرد كل واحد منهما بالتصرف في جميع الأشياء؛ لأن الوصاية سبيلها الولاية، وهي وصف شرعي لا تتجزأ، فثبت لكل منهما كملا لولاية الإنكاح
ــ
[البناية]
م: (وكذا) ش: أي الحكم م: (إذا شكا الورثة أو بعضهم الوصي إلى القاضي فإنه لا ينبغي له أن يعزله حتى تبدو له منه) ش: أي يظهر منه، أي من الوصي م:(خيانة؛ لأنه استفاد الولاية من الميت، غير أنه إذا ظهرت الخيانة فالميت إنما نصبه وصيا لأمانته، وقد فاتت ولو كان في الأحياء لأخرجه) ش: أي الميت. م: (منها) ش: أي الوصية م: (فعند عجزه ينوب القاضي منابه، كأنه لا وصي له) .
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ومن أوصى إلى اثنين لم يكن لأحدهما أن يتصرف عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - دون صاحبه) ش: قال أبو القاسم الصفار: هذا الخلاف بينهم فيما إذا أوصى لهما جميعا معا بعقد واحد، فأما إذا أوصى إلى كل واحد منهما بعقد على حدة فإنه ينفرد كل واحد منهما بالتصرف بلا خلاف. قال الفقيه أبو الليث هذا أوضح، وبه نأخذ، بمنزلة الوكيلين إذا وكل واحد منهما على الانفراد. وحكي عن أبي بكر الإسكاف أنه قال الخلاف فيهما جميعا، سواء أوصى لهما جميعا أو متفرقا. وجعل في " المبسوط " وهذا أصح؛ لأن وجوب الوصية، إنما يكون عند الموت، وحينئذ تثبت الوصية لهما معا فلا فرق بين الافتراق والاجتماع، بخلاف الوكالة.
م: (إلا في أشياء معدودة نبينها إن شاء الله) ش: إنما وعد بتبيينها كلها لاختلاف أقوال العلماء فيها، فذكر في " الأسرار " ستة وذكر في عامة الكتب سبعة وهي شراء الكفن للميت وتجهيزه، وطعام الصغار وكسوتهم، ورد وديعة بعينها، وقضاء دين، وتنفيذ هبة بعينها، وعتق عبد بعينه، والخصومة في حقوق الميت. وذكر في " الجامع الصغير " لقاضي خان ثمانية، وهي السبعة المذكورة والثامن: قبول الهبة. وفي " الأسرار ": أسقط قبول الهبة وتنفيذ الوصية، فصارت ستة.
م: (وقال أبو يوسف رحمه الله: يتفرد كل واحد منهما بالتصرف في جميع الأشياء؛ لأن الوصاية سبيلها الولاية، وهي وصف شرعي لا تتجزأ، فثبت لكل منهما كملا لولاية الإنكاح
للأخوين، وهذا لأن الوصاية خلافة، وإنما تتحقق إذا انتقلت الولاية إليه على الوجه الذي كان ثابتا للموصي وقد كان وصف الكمال، ولأن اختيار الأب إياهما يؤذن باختصاص كل واحد منهما بالشفقة، فينزل ذلك منزلة قرابة كل واحد منهما. ولهما: أن الولاية تثبت بالتفويض فيراعى وصف التفويض وهو وصف الاجتماع، إذ هو شرط مقيد وما رضي الموصى إلا بالمثنى، وليس الواحد كالمثنى بالتصرف، بخلاف الأخوين في الإنكاح؛ لأن السبب هنالك القرابة، وقد قامت بكل منهما كملا، ولأن الإنكاح حق مستحق لها على الولي، حتى لو طالبته بإنكاحها من كفء يخطبها يجب عليه، وهاهنا حق التصرف للوصي، ولهذا يبقى مخيرا في التصرف. ففي الأول أوفى حقا على صاحبه فصح، وفي الثاني استوفى حقا لصاحبه فلا يصح أصله الدين الذي عليهما. ولهما بخلاف الأشياء المعدودة؛ لأنها من باب الضرورة لا من باب الولاية،
ــ
[البناية]
للأخوين) ش: فإن لكل واحد منهما أن ينفرد بإنكاح مولاته.
م: (وهذا) ش: توضيح لما ذكر م: (لأن الوصاية خلافة، وإنما تتحقق إذا انتقلت الولاية إليه) ش: أي إلى الوصي م: (على الوجه الذي كان ثابتا للموصي وقد كان وصف الكمال، ولأن اختيار الأب إياهما يؤذن باختصاص كل واحد منهما بالشفقة، فينزل ذلك منزلة قرابة كل واحد منهما) .
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله -: م: (أن الولاية تثبت بالتفويض فيراعى وصف التفويض وهو وصف الاجتماع، إذ هو شرط مقيد، وما رضي الموصي إلا بالمثنى وليس الواحد كالمثنى بالتصرف، بخلاف الأخوين في الإنكاح؛ لأن السبب هنالك القرابة وقد قامت) ش: أي القرابة م: (بكل منهما) ش: أي من الأخوين م: (كملا) ش: أي على وجه الكمال والسبب [في] هذا الإيصاء وهو إليهما لا إلى واحد.
م: (ولأن الإنكاح حق مستحق لها) ش: أي للمرأة م: (على الولي حتى لو طالبته) ش: أي الولي م: (بإنكاحها من كفء يخطبها يجب عليه) ش: إنكاحها منه م: (وهاهنا حق التصرف للوصي، ولهذا يبقى مخيرا في التصرف ففي الأول) ش: أي في الإنكاح أي في أحد الأخوين م: (أوفى حقا على صاحبه، فصح. وفي الثاني) ش: أي في الوصاية م: (استوفى) ش: لأن ولاية التصرف لهما، فإذا تصرف وحده م:(حقا لصاحبه) ش: أي استوفى أحد الوصيين على الآخر حقا كائنا له م: (فلا يصح أصله الدين الذي عليهما) ش: يعني إذا كان الدين لرجلين فاستوفى أحدهما نصيب الآخر.
م: (ولهما بخلاف الأشياء المعدودة) ش: أشار إلى قوله إلا في أشياء معدودة نبينها إن شاء الله تعالى م: (لأنها) ش: أي لأن هذه الأشياء معدودة م: (من باب الضرورة لا من باب الولاية
ومواضع الضرورة مستثناة أبدا، وهي ما استثناه في الكتاب وأخواتها فقال إلا في شراء كفن الميت وتجهيزه لأن في التأخير فساد الميت، ولهذا يملكه الجيران عند ذلك. وطعام الصغار وكسوتهم؛ لأنه يخاف موتهم جوعا وعريا. ورد الوديعة بعينها، ورد المغصوب والمشتري شراء فاسدا وحفظ الأموال وقضاء الديون؛ لأنها ليست من باب الولاية، فإنه يملكه المالك وصاحب الدين إذا ظفر بجنس حقه وحفظ المال يملكه من يقع في يده، فكان من باب الإعانة. ولأنه لا يحتاج فيه إلى الرأي وتنفيذ وصية بعينها.
ــ
[البناية]
ومواضع الضرورة مستثناة أبدا وهي) ش: أي الأشياء المعدومة م: (ما استثناه في الكتاب وأخواتها) ش: أي في القدوري، وهو قوله ومن أوصى لم يجز لأحدهما أن يتصرف عند أبي حنيفة ومحمد دون صاحبه إلا في كفن الميت إلى آخره، وقد ذكرناها عن قريب.
م: (فقال) ش: أي القدوري م: (إلا في شراء كفن الميت وتجهيزه) ش: هذا لفظ القدوري، والمصنف شرع يعلل الأشياء السبعة ذكرها القدوري وعلل المصنف، وهذا بقوله: م: (لأن في التأخير) ش: أي في تأخير تجهيز الميت م: (فساد الميت، ولهذا) ش: أي ولأجل أن تأخير الميت عن تجهيزه فساده م: (يملكه الجيران) ش: تجهيزه أي تجهيز الميت م: (عند ذلك) ش: أي عند إشراف الميت للفساد بسبب التأخير.
م: (وطعام الصغار وكسوتهم) ش: لفظ القدوري، وقال المصنف: م: (لأنه يخاف موتهم جوعا وعريا) ش: أي من حيث الجوع والعري م: (ورد الوديعة بعينها) ش: لفظ القدوري، وقال المصنف م:(ورد المغصوب والمشترى شراء فاسدا وحفظ الأموال) ش: هذه الثلاثة لم يذكرها القدوري.
م: (وقضاء الديون) ش: من لفظ القدوري، وقال المصنف م:(لأنها) ش: أي لأن هذه الأشياء الأربعة م: (ليست من باب الولاية) ش: يعني ليست من الولاية المستفادة من الموصي م: (فإنه يملكه المالك وصاحب الدين إذا ظفر بجنس حقه) ش: يملك أخذه إذا كان من جنس حقه م: (وحفظ المال) ش: يرفع حفظ المال على التعليل لقوله: وحفظ الأموال وارتفاعه على الابتداء وخبره هو قوله: م: (يملكه من يقع في يده، فكان من باب الإعانة، ولأنه لا يحتاج فيه) ش: أي في حفظ المال م: (إلى الرأي) ش: هذا في قضاء الدين على الميت أما في قضاء الدين للميت فهو على الخلاف.
م: (وتنفيذ وصية بعينها) ش: بالجر عطفا على آخر المعطوفات على قوله وطعام الصغار مجرور عطفا على قوله إلا في شراء الكفن وتجهيزه وكل المعطوفات عليه بالجر.
وعتق عبد بعينه؛ لأنه لا يحتاج فيه إلى الرأي. والخصومة في حق الميت؛ لأن الاجتماع فيها متعذر، ولهذا ينفرد بها أحد الوكيلين. وقبول الهبة؛ لأن في التأخير خيفة الفوات، ولأنه تملكه الأم والذي في حجره، فلم يكن من باب الولاية. وبيع ما يخشى عليه التوى والتلف؛ لأن فيه ضرورة لا تخفى. وجمع الأموال الضائعة؛ لأن في التأخير خشية الفوات، ولأنه يملكه كل من وقع في يده، فلم يكن من باب الولاية. وفي " الجامع الصغير ": وليس لأحد الوصيين أن يبيع أو يتقاضى، والمراد بالتقاضي الاقتضاء. كذا كان المراد منه في عرفهم، وهذا لأنه رضي بأمانتهما جميعا في القبض، ولأنه في معنى المبادلة لا سيما عند اختلاف الجنس على ما عرف. فكان من باب الولاية.
ــ
[البناية]
م: (وعتق عبد بعينه) ش: بالجر أيضا، وهو من لفظ القدوري. وقال المصنف: م: (لأنه لا يحتاج فيه إلى الرأي) ش: وكذا قوله: م: (والخصومة في حق الميت) ش: من لفظ القدوري، وهو أيضا بالجر. وقال المصنف: م: (لأن الاجتماع فيها متعذر، ولهذا) ش: أي ولأجل تعذر الاجتماع، أي بالخصومة م:(ينفرد بها أحد الوكيلين) ش: إذا كانا حاضرين حال الحياة، وكذا بعد الوفاة.
م: (وقبول الهبة) ش: بالجر أيضا عطفا على المجرورات التي قبله م: (لأن في التأخير خيفة الفوات ولأنه) ش: أي ولأن قبول الهبة م: (تملكه الأم والذي في حجره) ش: أي ويملك أيضا الذي في حجره الصغير م: (فلم يكن من باب الولاية) ش: حتى يحتاج إلى الآخر م: (وبيع ما يخشى عليه التوى والتلف) ش: بالجر أيضا عطفا على المجرورات التي قبلها، والتوى الهلاك، ومعنى قوله والتلف بالرفع من تفسير التوى م:(لأن فيه ضرورة لا تخفى) . م: (وجمع الأموال الضائعة) ش: بالجر أيضا مثل ذلك م: (لأن في التأخير خشية الفوات، ولأنه يملكه كل من وقع في يده، فلم يكن من باب الولاية) ش: وهو ظاهر.
م: (وفي " الجامع الصغير ": وليس لأحد الوصيين أن يبيع أو يتقاضى) ش: هذا لفظ " الجامع "، وقال المصنف: م: (والمراد بالتقاضي الاقتضاء) ش: أي القبض م: (كذا كان المراد منه في عرفهم) ش: أي في عرف أهل الكوفة.
وأما في عرف ديار المصنف المراد من ذلك المطالبة: م: (وهذا لأنه رضي بأمانتهما) ش: أي لأن الموصي رضي بأمانة الاثنين م: (جميعا في القبض) ش: فلا ينفرد أحدهما م: (ولأنه) ش: أي ولأن القبض م: (في معنى المبادلة لا سيما عند اختلاف الجنس على ما عرف، فكان من باب الولاية) ش: فلا ينفرد أحدهما.