الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودفع الأول - وهو أعلى - أولى، إلا أن القاضي إذا أخرجه عن الوصاية يصح ذلك؛ لأنه مجتهد فيه، إذ للقاضي ولاية دفع الضرر، وربما يعجز عن ذلك فيتضرر ببقاء الوصاية، فيدفع القاضي الضرر عنه، وينصب حافظا لمال الميت متصرفا فيه فيندفع الضرر من الجانبين، فلهذا ينفذ إخراجه. فلو قال بعد إخراج القاضي إياه: أقبل، لم يلتفت إليه؛ لأنه قبل بعد بطلان الوصاية بإبطال القاضي.
قال: ومن أوصى إلى عبد أو كافر أو فاسق أخرجهم القاضي من
ــ
[البناية]
بالثواب، بيانه: لما لم يكن دفع الضررين جميعا لا بد من أن يتحمل أدنى الضررين بدفع الضرر الأعلى، والأعلى هنا ضرر الميت؛ لأن ضرره ليس بمجبور بشيء، وضرر الوصي مجبور بالثواب.
م: (ودفع الأول) ش: أي أولى الضررين، وهو ضرر الميت م:(وهو أعلى) ش: أي والحال أن ضرر الميت م: (أولى) ش: من دفع ضرر الوصي م: (إلا أن القاضي إذا أخرجه عن الوصاية يصح ذلك) ش: هذا استثناء من قوله: " ثم قال: أقبل فله ذلك "، يعني يجوز قبوله إلا إذا أخرجه القاضي من الوصاية حين قال:" لا أقبل "، يصح ذلك، أي إخراجه عن الوصاية م:(لأنه) ش: أي لأن قضاء القاضي م: (مجتهد فيه) ش: لأن عند زفر رحمه الله يرد بمجرد قوله: لا أقبل؛ فيصح قضاء القاضي لوقوعه في المجتهد فيه، فلما صح القضاء، بطلت الوصية، فقبوله بعد ذلك يكون بعد بطلان الوصية فلا يصح م:(إذ للقاضي ولاية دفع الضرر، وربما يعجز) ش: أي الوصي.
م: (عن ذلك فيتضرر ببقاء الوصاية، فيدفع القاضي الضرر عنه، وينصب حافظا لمال الميت متصرفا فيه، فيندفع الضرر من الجانبين) ش: أي من جانب الميت وجانب الوصي الذي أخرجه القاضي م: (فلهذا) ش: أي فلأجل وقوع قضاء القاضي في مجتهد فيه م: (ينفذ إخراجه) ش: أي إخراج القاضي إياه.
وكان المشايخ اختلفوا في تعليل صحة هذا الإخراج، فمنهم من علل بما ذكره المصنف وهو الذي ذهب إليه شمس الأئمة السرخسي، واختار المصنف، ومنهم من قال إنما صح إخراجه؛ لأن الوصاية لو صحت بقوله كان القاضي أن يخرجه ويصح الإخراج، فهاهنا أولى، وإليه ذهب شمس الأئمة الحلواني.
م: (فلو قال بعد إخراج القاضي إياه: " أقبل " لم يلتفت إليه؛ لأنه قبل بعد بطلان الوصاية بإبطال القاضي) ش: وبعد البطلان لا يبقى شيء.
[الوصية إلى العبد والفاسق والكافر]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ومن أوصى إلى عبد أو كافر أو فاسق أخرجهم القاضي من
الوصاية ونصب غيرهم وهذا اللفظ يشير إلى صحة الوصية؛ لأن الإخراج يكون بعدها. وذكر محمد رحمه الله في الأصل: أن الوصية باطلة، قيل: معناه في جميع هذه الصور أن الوصية ستبطل. وقيل معناه في العبد باطل حقيقة لعدم ولايته واستبداده، وفي غيره معناه ستبطل. وقيل: في الكافر باطل أيضا لعدم ولايته على المسلم. ووجه الصحة ثم الإخراج أن أصل النظر ثابت لقدرة العبد حقيقة، وولاية الفاسق على أصلنا، وولاية الكافر في الجملة، إلا أنه لم يتم النظر لتوقف ولاية العبد على إجازة المولى وتمكنه من الحجر بعدها،
ــ
[البناية]
الوصاية ونصب غيرهم) ش: إلى هنا كلام القدوري، وقال المصنف رحمه الله: م: (وهذا اللفظ) ش: أي لفظ القدوري م: (يشير إلى صحة الوصية؛ لأن الإخراج يكون بعدها) ش: لأن الوصية إذا كانت باطلة فمن أين يتحقق إخراجهم عن الوصية.
م: (وذكر محمد رحمه الله في الأصل) ش: أي " المبسوط " م: (أن الوصية باطلة) ش: واختلف المشايخ في أنه باطل أصلا، ومعناه ستبطل، إليه أشار المصنف بقوله: م: (قيل: معناه) ش: أي معنى قول محمد أن الوصية باطلة م: (في جميع هذه الصور) ش: وهي الوصية إلى العبد والفاسق، والكافر م:(أن الوصية ستبطل) ش: وإليه ذهب القدوري وفخر الإسلام البزدوي وعامة المشايخ.
م: (وقيل معناه: في العبد باطل حقيقة لعدم ولايته واستبداده) ش: أي ولعدم استبداده في الأمور، وإليه ذهب شمس الأئمة السرخسي م:(وفي غيره) ش: أي وفي غير العبد م: (معناه ستبطل) ش: وغير العبد الكافر والفاسق.
م: (وقيل: في الكافر باطل أيضا لعدم ولايته على المسلم) ش: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141]، (النساء: الآية 141) ، م:(ووجه الصحة ثم الإخراج أن أصل النظر ثابت لقدرة العبد حقيقة، وولاية الفاسق على أصلنا) ش: حتى ينعقد النكاح بحضوره م: (وولاية الكافر في الجملة) ش: ألا ترى أن محمدا ذكر في كتاب القسمة أن الكافر لو قاسم شيئا قبل أن يخرجه القاضي جاز ذلك، فثبت أن الإيصاء إليه صحيح، وذلك لأن الكافر يجوز أن يتصرف بالوكالة، فجاز أن يتصرف بالوصاية أيضا. ولو اشترى الكافر عبدا مسلما جاز شراؤه، ولكنه يؤمر بالبيع، وقال مالك والشافعي في وجه وأحمد في رواية كقولنا.
م: (إلا أنه) ش: أي غير أنه م: (لم يتم النظر) ش: في إسناد الوصاية، إلى هؤلاء، وبين كل واحد بقوله م:(لتوقف ولاية العبد على إجازة المولى وتمكنه من الحجر بعدها) ش: أي بعد الإجازة. وعند مالك وأحمد - رحمهما الله -: تجوز الوصية إلى العبد سواء كان عبد نفسه أو عبد غيره، وسيجيء مزيد الكلام فيه.
والمعاداة الدينية الباعثة للكافر على ترك النظر في حق المسلم واتهام الفاسق بالخيانة فيخرجه القاضي من الوصاية، ويقيم غيره مقامه إتماما للنظر. وشرط في الأصل أن يكون الفاسق مخوفا عليه في المال، وهذا يصلح عذرا في إخراجه وتبديله بغيره. قال: ومن أوصى إلى عبد نفسه وفي الورثة كبار لم تصح الوصية؛ لأن للكبير أن يمنعه أو يبيع نصيبه فيمنعه المشتري فيعجز عن الوفاء بحق الوصاية فلا يفيد فائدته، وإن كانوا صغارا كلهم فالوصية إليه جائزة عند أبي حنيفة رحمه الله، ولا تجوز عندهما وهو القياس. وقيل: قول محمد رحمه الله مضطرب فيه، يروى مرة مع أبي حنيفة وتارة
ــ
[البناية]
م: (والمعاداة الدينية الباعثة للكافر على ترك النظر في حق المسلم واتهام الفاسق بالخيانة) ش: فإذا لم يتم النظر في إسناده الوصية إلى هؤلاء م: (فيخرجه القاضي) ش: أي يخرج كل واحد من هؤلاء يعني العبد والكافر والفاسق م: (من الوصاية ويقيم غيره مقامه إتماما للنظر) ش: في حق الميت.
م: (وشرط في الأصل) ش: أي شرط محمد في " المبسوط ": م: (أن يكون الفاسق مخوفا عليه في المال، وهذا) ش: أي كون الفاسق بحيث يخاف عليه في المال لخيانته م: (يصلح عذرا في إخراجه) ش: أي في إخراج الفاسق عن الوصاية م: (وتبديله بغيره) ش: ممن يكون موصوفا بالأمانة. وعند الشافعي ومالك وأحمد في رواية لا تصح الوصاية إلى الفاسق؛ لأنه ليس من أهل الشهادة فلا يكون من أهل الولاية كالمجنون. وقال أحمد في رواية يصح، ولكن يضم إليه أمين.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ومن أوصى إلى عبد نفسه وفي الورثة كبار لم تصح الوصية لأن للكبير أن يمنعه) ش: لأنه يلي عليه م: (أو يبيع) ش: أي يبيع الوارث الكبير م: (نصيبه) ش: من العبد م: (فيمنعه المشتري) ش: أي يمنع العبد الذي اشتراه م: (فيعجز عن الوفاء بحق الوصاية، فلا يفيد فائدته) ش: أي فلا تحصل فائدة الإيصاء. وقال البزدوي: حتى صار بعضه متوليا عليه وهو ما لا يتجزأ بطل كله.
م: (وإن كانوا) ش: أي الورثة م: (صغارا كلهم فالوصية إليه) ش: أي إلى العبد م: (جائزة عند أبي حنيفة رحمه الله ولا تجوز عندهما) ش: وبه قال الشافعي وأبو ثور، وعند مالك وأحمد - رحمهما الله -: يجوز سواء كان عبد نفسه أو عبد غيره. وقال إبراهيم النخعي والأوزاعي وابن شبرمة تصح إلى عبد نفسه، ولا تصح إلى عبد غيره، أي قولهما.
م: (وهو القياس. وقيل: قول محمد رحمه الله مضطرب فيه يروى مرة مع أبي حنيفة وتارة
مع أبي يوسف رحمه الله. وجه القياس: أن الولاية منعدمة لما أن الرق ينافيها. ولأن فيه إثبات الولاية للمملوك على المالك، وهذا قلب المشروع. ولأن الولاية الصادرة من الأب لا تتجزأ، وفي اعتبار هذه تجزئتها لأنه لا يملك بيع رقبته، وهذا نقض الموضوع. وله: أنه مخاطب مستبد بالتصرف، فيكون أهلا للوصاية، وليس لأحد عليه ولاية، فإن الصغار وإن كانوا أملاكا ليس لهم ولاية المنع فلا منافاة، وإيصاء المولى إليه يؤذن [أي] : يشعر بكونه ناظرا لهم، وصار كالمكاتب، والوصية قد تتجزأ
ــ
[البناية]
مع أبي يوسف رحمه الله وجه القياس: أن الولاية منعدمة لما أن الرق ينافيها) ش: أي ينافي الولاية م: (ولأن فيه) ش: أي في جواز الإيصاء إلى العبد م: (إثبات الولاية للمملوك على المالك، وهذا قلب المشروع) ش: لأن المشروع ولاية المالك على المملوك.
م: (ولأن الولاية الصادرة من الأب لا تتجزأ، وفي اعتبار هذه تجزئتها) ش: أي الوصية إلى عبد نفسه والورثة صغار تجزئة الولاية م: (لأنه لا يملك بيع رقبته) ش: التركات، ولا يملك بيع نفسه، ولا يكون وصيا فيه م:(وهذا نقض الموضوع) ش: لأن موضوع الوصية أن يتولى الوصي التصرف في جميع ما بقي من الثلث، وفي منعه من بيع رقبته تجزئة الوصية م:(وله أنه) ش: أي وللعبد، وفي بعض النسخ ولعبده، أي أن العبد م:(مخاطب) ش: احترز به عن الصبي والمجنون.
م: (مستبد بالتصرف) ش: احترز به عن عبد الغير؛ لأنه لا يستبد بنفسه؛ لأن لمولاه أن يحجره عن التصرف منه فإذا كان كذلك م: (فيكون أهلا للوصاية، وليس لأحد عليه ولاية، فإن الصغار وإن كانوا أملاكا ليس لهم ولاية المنع فلا منافاة) ش: بين كونه مملوكا لهم وبين إثبات الولاية في حقهم؛ لأنهم وإن كانوا يملكون رقبته ولكنهم لا يملكون التصرف فيه حيث لا يملكون بيعه.
فإن قيل: إن لم يكن لهم ذلك فللقاضي أن يبيعه فيتحقق المنع والمنافاة؟
أجيب بأنه كما ثبت الإيصاء لم يبق للقاضي ولاية المنع م: (وإيصاء المولى إليه) ش: أي إلى عبده م: (يؤذن [أي:] يشعر بكونه ناظرا لهم) ش: أي لورثته لأن من ربى عبده وأحسن إليه فالظاهر أن يختاره لما أن شفقته على الصغار من أولاده بعد موته أكثر من شفقة الأجنبي، فكذلك اختاره.
م: (وصار كالمكاتب) ش: أي صار الإيصاء إلى العبد القن كالإيصاء إلى المكاتب، فذاك يجوز، وكذا هذا، ويجوز الإيصاء إلى مكاتب غيره أيضا، والخلاف في المكاتب والمدبر وأم الولد، ورقيق البعض كالخلاف في القن عند الأئمة الثلاثة م:(والوصية قد تتجزأ) ش: هذا