الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: والمسلم بالذمي خلافا للشافعي رحمه الله. له قوله عليه الصلاة والسلام: «لا يقتل مؤمن بكافر» ولأنه لا مساواة بينهما وقت الجناية. وكذا الكفر مبيح فيورث الشبهة. ولنا: ما روي أن النبي عليه الصلاة والسلام: «قتل مسلما بذمي»
ــ
[البناية]
[قتل المسلم بالذمي]
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (والمسلم بالذمي) ش: أي بقتل المسلم بالذمي. وبه قال النخعي والشعبي - رحمهما الله - م: (خلافا للشافعي رحمه الله) ش: ومالك رحمه الله، وأحمد رحمه الله، وأبي ثور، والثوري، والأوزاعي، وزفر، وأصحاب الظواهر رحمهم الله، وهو قول عطاء والحسن البصري رحمه الله.
وفي " المبسوط ": الخلاف فيما إذا كان القاتل حال القتل مسلما، أما لو قتل ذمي ذميا ثم أسلم القاتل يقتص بالإجماع.
وعن مالك رحمه الله: إذا قتل المسلم الذمي غيلة يقتل به. لما روي: أن عثمان - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أمر به في هذه الصورة، والغيلة: أن يخدع الرجل حتى يدخل بيته أو نحوه، فيقتله أو يأخذ ماله إن كان معه.
م: (له) ش: أي للشافعي رحمه الله م: (قوله عليه الصلاة والسلام) ش: أي قول النبي صلى الله عليه وسلم: م: «لا يقتل مؤمن بكافر» ش: هذا الحديث رواه البخاري رحمه الله «عن أبي جحيفة رحمه الله قال: سألت عليا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هل عندكم مما ليس في القرآن؟ فقال: " العقل وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر» .
وأخرجه أبو داود رحمه الله والنسائي رحمه الله مطولا وفيه: «ألا لا يقتل مؤمن بكافر» . وروى أبو داود وابن ماجه أيضا، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا يقتل مؤمن بكافر» .
م: (ولأنه لا مساواة بينهما) ش: أي بين المسلم والذمي م: (وقت الجناية) ش: قيد به لأن القاتل إذا كان ذميا وقت القتل ثم أسلم، فإنه يقتص منه بالإجماع. وقد ذكرناه.
م: (وكذا الكفر مبيح) ش: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: 193] أي فتنة الكفر. م: (فيورث الشبهة) ش: أي كون الكفر مبيحا يورث الشبهة في عدم المساواة.
م: (ولنا ما روي «أن النبي عليه الصلاة والسلام: " قتل مسلما بذمي» ش: هذا روي مسندا ومرسلا، أما المسند فأخرجه الدارقطني. وفي " سننه " عن عمار بن مطر، حدثنا إبراهيم بن محمد الأسلمي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن بن السلماني، عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل مسلما بمعاهد، وقال: (أنا أكرم من وفى ذمته» .
ولأن المساواة في العصمة ثابتة نظرا إلى التكليف أو الدار. والمبيح كفر المحارب
ــ
[البناية]
وأما المرسل: فأخرجه من طريق عبد الرزاق، عن الثوري عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن السلماني رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم.. فذكره.
فإن قلت: قال الدارقطني: ابن السلماني ضعيف لا تقوم به حجة إذا وصل الحديث فكيف عما يرسله؟. وقال: عمار بن مطر الزهاوي يقلب الأسانيد، ويسرق الأحاديث حتى كثر ذلك في رواياته فسقط من حد الاحتجاج به؟
قلت: ابن السلماني وثقه ابن حبان وذكره في " الثقات ". وهو رجل معروف من التابعين، فإذا كان كذلك يكون حديثه صحيحا. والمرسل حجة عندنا، ومالك وأحمد وأكثر العلماء حتى قال محمد بن جرير الطبري: أجمع التابعون على قبول المرسل. ولم يزل الأمر كذلك إلى رأس المائتين فحدث رد المرسل حتى قيل رد المرسل بدعة.
وقال ابن عبد البر: من رد المرسل فقد رد أكثر السنن. ولنا: ما رواه الشافعي رحمه الله في " مسنده " أيضا: أخبرنا محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله: أنا قيس بن الربيع الأسدي، عن أبان بن ثعلب، عن الحسين بن ميمون، عن عبد الله بن عبد الله مولى بني هاشم، عن أبي الجنوب الأسدي رحمه الله قال: أتي علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - برجل من المسلمين قتل رجلا من أهل الذمة قال: فقامت عليه البينة فأمر بقتله، فجاء أخوه فقال: قد عفوت، فقال: لعلهم فزعوك أو هددوك؟. قال: لا، ولكن قتله لا يرد علي أخي وعوضوني، فقال: أنت أعرف من كان له ذمتنا فدمه كدمنا وديته كديتنا.
وذكر صاحب " التنقيح " أن حسين بن ميمون هو الخندقي، قال ابن المديني: ليس بمعروف قل من روى عنه. وقال ابن حبان رحمه الله: ليس بالقوي في الحديث، يكتب حديثه.
وذكره البخاري في " الضعفاء ". قلت: ذكره ابن حبان في " الثقات "، قال: وربما يخطئ.
م: (ولأن المساواة) ش: أي بين المسلم والذمي م: (في العصمة ثابتة نظرا إلى التكليف أو الدار) ش: يعني عندنا، فإن كان كذلك يثبت العصمة، حاصله: أنه يستحق البقاء لإقامة التكاليف، ولا يمكن من إقامتها إلا بأن تكون محرم الفرض مرفوع أسباب الهلاك.
م: (والمبيح كفر المحارب) ش: هذا جواب عن قول الشافعي رحمه الله: وكذا الكفر مبيح، وتقريره أنا لا نسلم أن مطلق الكفر بل المبيح كفر المحاربة. قال الله تعالى:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [التوبة: 29] إلى قوله: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: 29] .
دون المسالم، والقتل بمثله يؤذن بانتفاء الشبهة. والمراد بما روى الحربي لسياقه ولا ذو عهد في عهده، والعطف للمغايرة
ــ
[البناية]
م: (دون المسالم) ش: أي دون كفر المسلم لأنه يعقد الكفر الذمة صار من أهل دارنا، فلم يبق كفره مبيحا. ولهذا كفر المرأة لا يبيح القتل؛ لأن كفرها غير ثابت على الحرب لأنها بنفسها غير صالحة له، والعصمة بالدار تؤثر في النفس والمال جميعا حتى يجب القطع بسرقة مال الذمي، وحقن دمه أيضا لعقد الذمة.
م: (والقتل بمثله) ش: هذا دفع لقول الشافعي رحمه الله: " فيورث الشبهة "، بيانه: أن القتل بمثله، أي قتل الذمي بالذمي م:(يؤذن بانتفاء الشبهة) ش: يعني بأن كفر الذي لا يورث الشبهة إذا ورد لما جرى القصاص بينهما كما لا يجري بين الحربيين.
فإن قيل: يورث الشبهة إذا قتله مسلم؟.
قلنا: يكون قبل قتله المسلم معصوما كالمسلم فيجب القصاص.
م: (والمراد بما روى) ش: هذا جواب عما استدل به الشافعي رحمه الله من حديث علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. أي المراد عما روى الشافعي من قوله: «لا يقتل المؤمن بكافر» م: (الحربي) ش: أي الكافر الحربي م: (لسياقه) ش: أي لسياق الحديث.
وقوله: م: (ولا ذو عهد في عهده) ش: بيانه: ما ذكره الطحاوي رحمه الله في " شرح الآثار ": أن الذي حكاه أبو جحيفة عن علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لم يكن مفردا، ولو كان مفردا لاحتمل ما قالوا، ولكن موصلا بغيره، وهو قوله:(ولا ذو عهد في عهده ". ووجه ذلك: أنه عطف هذا على الأول. م: (والعطف للمغايرة) ش: لأن المعطوف غير المعطوف عليه.
وفي " المبسوط " و " الأسرار ": الواو للعطف حقيقة خصوصا فيما لا يكون مستقلا بنفسه، ووجه الأول بقي القتل قصاصا لا بقي مطلق القتل، فيكون الثاني نفي القتل قصاصا، وإلا فلا مناسبة بين الجملتين، فيصير كقوله في حسن الديات محطوط، وكذا [
…
] في غاية الطول فيكون وكيلا.
وفي " مبسوط شيخ الإسلام " رحمه الله: ولا ذو عهد في عهده، جملته ناقصة، فيكون خبره خبر الجملة الكاملة، وخبر الكاملة في القتل قصاصا، فيكون معناه: ولا يقتل ذو عهد في عهده بكافر، فلو كان الكافر في الكاملة مطلقا لا يصح هذا؛ لأنه يصير معناه: لا يقتل ذو عهد مطلق بالكافر. وليس كذلك بالإجماع، فإن الذمي يقتل بالذمي بالإجماع.
فإن قيل: قد روي في بعض الروايات: " ولا بذي عهد في عهده " أي ولا يقتل مسلم بكافر ولا