الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: ومن
قطع يد رجل فعفا المقطوعة يده عن القطع ثم مات من ذلك
، فعلى القاطع الدية في ماله، وإن عفا عن القطع وما يحدث منه ثم مات من ذلك: فهو عفو عن النفس. ثم إن كان خطأ فهو من الثلث، وإن كان عمدا فهو من جميع المال. وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله، وقالا: إذا عفي عن القطع فهو عفو عن النفس أيضا، وعلى هذا الخلاف إذا عفا عن الشجة ثم سرى النفس ومات، لهما: أن العفو عن القطع عفو عن موجبه، وموجبه: القطع لو اقتصر أو القتل إذا سرى، فكان العفو عنه عفوا عن أحد موجبيه أيهما كان، ولأن اسم القطع يتناول الساري والمقتصر فيكون العفو عن القطع عفوا عن نوعيه، وصار كما إذا عفا عن الجناية، فإنه يتناول الجناية السارية والمقتصرة،
ــ
[البناية]
[قطع يد رجل فعفا المقطوعة يده عن القطع ثم مات من ذلك]
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": م: (ومن قطع يد رجل فعفا المقطوعة يده عن القطع ثم مات من ذلك، فعلى القاطع الدية في ماله، وإن عفا عن القطع وما يحدث منه ثم مات من ذلك، فهو عفو) ش: أي عفو م: (عن النفس) ش: سواء عفا بلفظ العفو أو الوصية.
وبه قال مالك رحمه الله وأحمد، وطاوس - رحمهما الله -، والحسن رحمه الله، وقتادة رحمه الله، والأوزاعي رحمه الله. وقال أصحاب الشافعي رحمه الله: إذا قال عفوت عن الجناية وما يحدث منها، ففيها قولان: أحدهما: لا يصح فيجب دية النفس إلا دية الجرح. والثاني: أنه يصح فإن جرحت من الثلث سقط، وإلا سقط منها ما يخرج من الثلث، ووجه الباقي، والقول الثاني ليس بوصية لأنه إسقاط في حق الجناية، فلا يصح، ويلزمه دية النفس إلا دية الجرح.
م: (ثم إن كان خطأ فهو من الثلث، وإن كان عمدا فهو من جميع المال وهذا) ش: قوله م: (عند أبي حنيفة رحمه الله، وقالا: إذا عفي عن القطع فهو عفو عن النفس أيضا، وعلى هذا الخلاف إذا عفا عن الشجة ثم سرى إلى النفس ومات) ش:، وكذلك الاختلاف في الضرب والشجة والجراحة وما أشبه ذلك، وكذلك الاختلاف في الصلح والتزوج.
م: (لهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد - رحمهما الله -: م: (أن العفو عن القطع عفو عن موجبه) ش: لأن نفس الفعل لا تحمل العفو، وموجبه أحد الشيئين: ضمان النفس إن سرى، وضمان الطرف إن اقتصر، وهو معنى قوله: م. (وموجبه القطع لو اقتصر أو القتل إذا سرى، فكان العفو عنه) ش: أي عن القطع م: (عفوا عن أحد موجبيه أيهما كان) ش: أي أيهما يوجد.
م: (ولأن اسم القطع يتناول) ش: المقتصر فيكون العفو عن القطع عفوا عن أحد نوعيه، أي أحد نوعي القطع وهما: م: (الساري والمقتصر فيكون العفو عن القطع عفوا عن نوعيه، وصار كما إذا عفيا عن الجناية؛ فإنه يتناول الجناية السارية والمقتصرة) ش: بلا خلاف.
كذا هذا، وله: أن سبب الضمان قد تحقق وهو قتل نفس معصومة متقومة، والعفو لم يتناوله بصريحه؛ لأنه عفا عن القطع وهو غير القتل. وبالسراية تبين أن الواقع قتل وحقه فيه، ونحن نوجب ضمانه، وكان ينبغي أن يجب القصاص وهو القياس لأنه هو الموجب للعمد إلا أن في الاستحسان تجب الدية؛ لأن صورة العفو أورثت شبهة وهي دارئة للقود. ولا نسلم أن الساري نوع من القطع، أن السراية صفة له، بل الساري قتل من الابتداء، وكذا لا موجب له من حيث كونه قطعا، فلا يتناوله العفو بخلاف العفو عن الجناية لأنه اسم جنس، وبخلاف العفو عن الشجة وما يحدث منها لأنه صريح في العفو عن السراية والقتل. ولو كان القطع خطأ فقد أجراه مجرى العمد في هذه الوجوه
ــ
[البناية]
م: (كذا هذا، وله) ش: أي ولأبي حنيفة رحمه الله: م: (أن سبب الضمان قد تحقق وهو قتل نفس معصومة متقومة والعفو لم يتناوله بصريحه؛ لأنه عفا عن القطع وهو غير القتل. وبالسراية تبين أن الواقع قتل وحقه فيه، ونحن نوجب ضمانه) ش: أي ضمان القتل.
م: (وكان ينبغي أن يجب القصاص وهو القياس لأنه هو الموجب للعمد، إلا أن في الاستحسان تجب الدية؛ لأن صورة العفو أورثت شبهة وهي دارئة للقود) ش: أي الشبهة مسقطة للقصاص.
م: (ولا نسلم) ش: هذا جواب عن قولهما: فيكون العفو عفوا عنه، أي لا نسلم م:(أن الساري نوع من القطع، وأن السراية صفة له) ش: قيل فيه نظر، فإنه منع كون السراية صفة له، يقال: سرى القطع وقطع سار، فكيف يصح؟ ففي ذلك أجيب عنه: بأن المراد صفة منوعة وهي ليست كذلك، بل هي مخرجة عن حقيقتها، كما يقال: عصير مسكر.
م: (بل الساري قتل من الابتداء) ش: هذا إضراب عن قوله: نوع من القطع، وذلك أن القتيل فعل مزهق للروح، وبه عرفنا أنه كان قتلًا.
م: (وكذا لا موجب له) ش: أي للقطع الساري م: (من حيث كونه قطعا) ش: لأنه إذا سرى ومات تبين أن هذا القطع لم يكن له موجب أصلًا، إنما الثابت موجب القتل وهو الدية فكان العفو المضاف إلى القطع، مضاف إلى غير محله فلا يصح، وإذا لم يصح العفو عن القطع لا يكون عفوا عن القطع، وهو معنى قوله: م: (فلا يتناوله العفو بخلاف العفو عن الجناية لأنه) ش: أي لأن لفظ الجناية م: (اسم جنس) ش: يتناول الساري وغيره.
م: (وبخلاف العفو عن الشجة وما يحدث منها لأنه صريح في العفو عن السراية والقتل) ش: وهذا ظاهر م: (ولو كان القطع خطأ فقد أجراه) ش: أي فقد أجراه محمد رحمه الله م: (مجرى العمد في هذه الوجوه) ش: وهو العفو عن القطع مطلقا وما يحدث منه، والعفو عن
وفاقا وخلافا آذن بذلك إطلاقه إلا أنه إن كان خطأ فهو من الثلث، وإن كان عمدا فهو من جميع المال؛ لأن موجب العمد القود، ولم يتعلق به حق الورثة لما أنه ليس بمال، فصار كما إذا أوصى بإعارة أرضه. أما الخطأ فموجبه المال، وحق الورثة يتعلق به فيعتبر من الثلث.
ــ
[البناية]
الشجة والعفو عن الجناية م: (وفاقا) ش: أي من حيث الوفاق أي الاتفاق وهو في موضعين أحدهما: أن العفو عن القطع وما يحدث منه عفو عن الدية بالاتفاق فيما إذا كان القتل خطأ، والثاني: العفو عن الجناية فإنه عفو عن الدية أيضا م: (وخلافا) ش: أي من حيث الخلاف بين، أبي حنيفة رحمه الله وبين صاحبيه، وهو أيضا في موضعين: أحدهما: أن العفو عن القطع مطلقا عفو عن الدية عندهما إذا كان خطأ، وعند أبي حنيفة يكون عفوا عن أرش اليد لا غيره، والثاني: أن العفو عن الشجة عفو عن الدية إذا سرت عندهما.
وعن أبي حنيفة رحمه الله: عن أرش الشجة لا غير م: (آذن) ش: بالمد أي أعلم وهو فعل ماض من الإيذان م: (بذلك إطلاقه) ش: أي إطلاق محمد رحمه الله في " الجامع " حيث قال: ومن قطع يد رجل فعفا المقطوعة يده، لأنه ذكره مطلقا من غير وصف العمدية والخطأ.
وقال تاج الشريعة رحمه الله فإن قلت: الوضع في القتل العمدية بدليل قوله: فعلى القاطع الدية في ماله، فلا يكون مطلقا.
قلت: الوضع مطلق، إلا أن قوله: فعلى القاطع الدية في ماله جواب لأحد نوعيه، أي عليه الدية في ماله إن كان عمدا.
م: (إلا أنه إن كان خطأ فهو من الثلث، وإن كان عمدا فهو من جميع المال؛ لأن موجب العمد القود، ولم يتعلق به حق الورثة لما أنه ليس بمال، فصار كما إذا أوصى بإعارة أرضه. أما الخطأ فموجبه المال وحق الورثة يتعلق به فيعتبر من الثلث) ش: يعني أنه إذا تبرع بمنافع أرضه في مرضه بالعارية وانتفع بها المستعير ثم مات المعير، ذلك من جميع المال لأن المنافع ليست بأموال.
قال الأكمل رحمه الله: وفيه بحث من أوجه:
الأول: أن القصاص مورث بالاتفاق فكيف لم يتعلق به حق الورثة؟
الثاني: أن الوصية بإعارة أرضه باطلة ولئن صحت. فحكمه الثاني، يسكن الموصى له يوما والورثة يومين إن لم يقبل القسمة، وإن قبلها تقرر بالثلث للموصى له.
والثالث: أن المنافع أموال فكيف صارت نظير المالين بمال؟ .