الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غير مهدرة فيه وفي الأطراف أيضًا. ألا ترى أن عبدا لو قطع يد عبد آخر يؤمر المولى بالدفع أو الفداء، وهذا من أحكام الآدمية؛ لأن موجب الجناية على المال أن تباع رقبته فيها، ثم من أحكام الأولى أن لا ينقسم على الأجزاء، ولا يتملك الجثة. ومن أحكام الثانية أن ينقسم ويتملك الجثة فوفرنا على الشبهين حظهما من الحكم
ــ
[البناية]
غير مهدرة فيه وفي الأطراف أيضًا) ش: أي غير مهدرة، ثم أوضح ذلك بقوله: م: (ألا ترى أن عبدا لو قطع يد عبد آخر يؤمر المولى بالدفع أو الفداء، وهذا) ش: أي الدفع أو الفداء م: (من أحكام الآدمية؛ لأن موجب الجناية على المال أن تباع رقبته فيها) ش: أي في الجناية م: (ثم من أحكام الأولى) ش: أي من أحكام الآدمية م: (أن لا ينقسم على الأجزاء) ش: أي لا يوزع الضمان على الفائت وعلى الباقي، بل يكون المولى بمقابلته م:(ولا يتملك الجثة) ش: حكما في عين الحر.
م: (ومن أحكام الثانية) ش: أي ومن أحكام المالية: م: (أن ينقسم) ش: أي الضمان على الفائت والباقي م: (ويتملك) ش: أي المولى م: (الجثة) ش: كما في تخريق الثوب. وقال الأترازي: فإن قلت: كيف أراد صاحب " الدراية " بالأولى والآدمية مذكورة بعد المالية، وكيف أراد بالثانية المالية والمالية مذكورة قبل الآدمية،. ثم قلت: إنما فعل ذلك لأنه دليل الشافعي أولا، وهو اعتبر معنى الآدمية، ثم ذكره دليل أبي يوسف ومحمد وهما اعتبرا المالية، فكان دفع الأولى والثانية في غير موضعهما.
وقال الكاكي: وإنما قال "الأولى" اعتبارا بالابتداء لا بوضع الكتاب م: (فوفرنا على الشبهين حظهما من الحكم) ش: يعني بالنظر إلى المالية ليس له أن يأخذ كل بدل العين مع إمساك الجثة، كما أنه ليس له ذلك في المال.
وفيما قالا الفاء بجانب الآدمية، حيث جعلاه كالثوب المحروق، وفيما قاله الشافعي الفاء بجانب المالية أصلا حيث جعله كحر فقأ عينيه موقوفا في الشبهين حظهما. وقلنا: إن شاء المولى دفع عبده وأخذ ثمنه نظرا إلى المالية، وإن شاء أمسكه ولا شيء نظرا إلى آدميته، والوسط العدل ما قاله أبو حنيفة، لأن فيه رعاية الجانبين وتوفير الشبهين.
[فصل في جناية المدبر وأم الولد]
3 -
فصل في جناية المدبر وأم الولد قال: وإذا جنى المدبر أو أم الولد جناية ضمن المولى الأقل من قيمته ومن أرشها، لما روي عن أبي عبيدة رضي الله عنه أنه قضى بجناية المدبر على مولاه.
ــ
[البناية]
م: (فصل في جناية المدبر وأم الولد) ش: أي هذا فصل في بيان أحكام جناية المدبر وأم الولد، ولما ذكر جناية الكامل في المملوكية، شرع يذكر في جناية من هو نقص فيها وقدم الأول لكماله.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وإذا جنى المدبر أو أم الولد جناية ضمن المولى الأقل من قيمته ومن أرشها) ش: وعند الشافعي المدبر كالمعتق في الجناية، فكان في رقبته، والمولى يتخير بين أن يدفعه فيباع بالجناية وبين أن يفديه، فلو أراد الفداء ففيه قولان، أحدهما: يفديه بأرش الجناية بالغا ما بلغ، وهو قول مالك في القن ورواية عن أحمد، والثاني: يفديه بأقل من قيمته من أرش الجناية.
وقال مالك في المدبر لم يبع في جناية فيستحقه المجني عليه من يقدر جنايته إن شاء السيد وإن شاء أفدى خدمته بقدر أرش الجناية، ولو استوفى المجني عليه من خدمته بقدر أرش جنايته رجع إلى سيده مدبرا.
وقال الكرخي في "مختصره ": وجناية المدبر على سيده في ماله دون عاقلته حالة، ولا يلزم المولى بجناية المدبر أكثر من قيمة واحدة مرة واحدة، وإن كثرت الأرش وجاوزت إلى مائة ألف فيشترك من جنى عليه المدبر أولا وآخرا ففاوت ما بين الجنايات أو تفاوت سواء كانت على المولى لم يقبض منه، أو كانت قبضت منه فيضاربون بالقيمة بقدر كل واحد منهم من أرش جنايته.
م: (لما روي عن أبي عبيدة رضي الله عنه: أنه قضى بجناية المدبر على مولاه) ش: هذا رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه ": حدثنا وكيع عن ابن أبي ذئب عن ابن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه عن السلولي عن معاذ بن جبل عن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه قال: جناية المدبر على مولاه. وأخرج نحوه عن النخعي والشعبي وعمر بن عبد العزيز والحسن رضي الله عنهم، وذكر محمد في الجنايات: أن أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه قضى بجناية المدبر على مولاه، وذلك بحضرة من الصحابة رضي الله عنهم من غير خلاف، وقد كان أبو عبيدة أمير الشام، وقضاياه تظهر بين الصحابة فكان إجماعا. وعند الشافعي ومالك وأحمد في جناية الولد: ضمن المولى الأقل من قيمتها ومن الأرش كمذهبنا لتعذر دفعها وبيعها بالإجماع.
ولأنه صار مانعا عن تسليمه في الجناية بالتدبير أو الاستيلاد من غير اختياره الفداء، فصار كما إذا فعل ذلك بعد الجناية وهو لا يعلم، وإنما يجب الأقل من قيمته ومن الأرش؛ لأنه لا حق لولي الجناية في أكثر من الأرش ولا منع من المولى في أكثر من القيمة ولا تخيير بين الأقل والأكثر؛ لأنه لا يفيد في جنس واحد لاختياره الأقل لا محالة، بخلاف القن؛ لأن الرغبات صادقة في الأعيان فيفيد التخيير بين الدفع والفداء. وجنايات المدبر وإن توالت لا توجب إلا قيمة واحدة؛ لأنه لا منع منه إلا في رقبة واحدة، ولأن دفع القيمة كدفع العبد، وذلك لا يتكرر، فهذا كذلك ويتضاربون بالحصص فيها، وتعتبر قيمته لكل واحد في
ــ
[البناية]
م: (ولأنه) ش: أي ولأن المولى م: (صار مانعا عن تسليمه) ش: أي تسليم كل واحد من المدبر وأم الولد م: (في الجناية بالتدبير أو الاستيلاد من غير اختياره الفداء) ش: لأن عند التدبير والاستيلاد ما كان علم أنه يجني.
م: (فصار كما إذا فعل ذلك بعد الجناية وهو لا يعلم، وإنما يجب الأقل من قيمته ومن الأرش؛ لأنه لا حق لولي الجناية في أكثر من الأرش ولا منع من المولى في أكثر من القيمة) ش: وقال القدوري في " التقريب ": قال أبو يوسف: يضمن الولي قيمة المدبر بالجناية مدبرا. وقال زفر: يضمن قيمته عبدا، وروى ابن أبي مالك عن أبي يوسف رحمه الله مثله.
م: (ولا تخيير بين الأقل والأكثر) ش: هذا جواب عما يقال: ينبغي أن يخير المولى بين الأقل والأكثر كما أنه يخير في الضمن بين الدفع والفداء، والقيمة في المدبر بمنزلة الدفع، فقال: لا يخير بين الأقل والأكثر م: (لأنه) ش: أي لأن التخيير م: (لا يفيد في جنس واحد لاختياره الأقل لا محالة، بخلاف القن) ش: أي العبد القن، يعني أن المولى يتخير في جناية القن بين الدفع والفداء وإن كان الأرش أكثر م:(لأن الرغبات صادقة في الأعيان فيفيد التخيير بين الدفع والفداء) ش: لأجل الرغبة في الأعيان م: (وجنايات المدبر وإن توالت) ش: يعني وإن كثرت م: (لا توجب إلا قيمة واحدة) ش: وعند الأئمة الثلاثة: هو كالقن.
وكذا في أم الولد عندنا، وبه قال الشافعي في قول، وفي قول بعيد: كالأخت، وهو اختيار المزني م:(لأنه لا منع منه إلا في رقبة واحدة) ش: أي ولأن المولى لا منع منه إلا في رقبة واحدة فلا يمنع فيها.
م: (ولأن دفع القيمة كدفع العبد، وذلك) ش: أي دفع القيمة م: (لا يتكرر، فهذا كذلك) ش: أيضًا، أي والمدبر كذلك في عدم التكرر، فكأن الجنايات منه اجتمعت ثم دبره م:(ويتضاربون) ش: أي أصحاب الجنايات يتنازعون م: (بالحصص فيها) ش: أي في القيمة.
م: (وتعتبر قيمته) ش: أي وقيمة المدبر م: (لكل واحد) ش: من أصحاب الجنايات م: (في