الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العاقلة تحقيقا للتخفيف، وإنما خصوا بالضم؛ لأنه إنما قصر لقوة فيه، وتلك بأنصاره وهم العاقلة، فكانوا هم المقصرين في تركهم مراقبته فخصوا به،
قال: و
العاقلة أهل الديوان
إن كان القاتل من أهل الديوان يؤخذ من عطاياهم في ثلاث سنين، وأهل الديوان: أهل الرايات وهم الجيش الذين كتبت أساميهم في الديوان، وهذا عندنا. وقال الشافعي رحمه الله الدية على أهل العشيرة؛
ــ
[البناية]
العاقلة تحقيقا للتخفيف، وإنما خصوا) ش: أي العاقلة م: (بالضم) دون غيرهم.
م: (لأنه إنما قصر لقوة فيه) ش: أي لأن القاتل إنما قصر حالة الرمي في التثبت والتوثق بقوته م: (وتلك) ش: أي تلك القوة حاصلة م: (بأنصاره وهم العاقلة، فكانوا هم المقصرين في تركهم مراقبته فخصوا به) ش: أي بالضم.
[العاقلة أهل الديوان]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (والعاقلة أهل الديوان) ش: الديوان الجريدة من دون الكتب إذا جمعها، لأنه قطع من القراطيس مجموعة م:(إن كان القاتل من أهل الديوان يؤخذ من عطاياهم في ثلاث سنين) ش: العطايا جمع أعطية، والأعطية جمع عطاء، والعطاء اسم ما يعطى.
وقيل: العطاء ما يخرج للجندي من بيت المال سنة مرة أو مرتين، والرزق ما يخرج له كل شهر. وعن الحلواني كل ستة أشهر. وقيل كل يوم م:(وأهل الديوان أهل الرايات وهم الجيش الذين كتبت أساميهم وأرزاقهم في الديوان) ش: وقال الأسبيجابي في " شرح الكافي ": وعاقلة الرجل أهل نصرته، وكان عاقلة الرجل في ابتداء الإسلام أهل عشيرته وأهل نسبه، فلما دون عمر الدواوين فوض ذلك على أهل الديوان، وهم أهل الرايات وهم الجيش الذين كتبت أساميهم وأرزاقهم في الديوان، فمن كان من أهل الديوان فعقله عليهم إذا جنى.
ومن لم يكن من أهل ذلك إن كان من أهل البادية فعقله على أقرب القبائل إليه نسبا، وإن كان من أهل المصر إن كان له أقرباء وعشيرة يقضى عليهم، وإن لم يكن اختلف المشايخ فيه فبعضهم قالوا: يجب في ماله، وبعضهم قالوا: يجب على أهل حرفته. وبعضهم قالوا: يجب على جيرانه، وبعضهم قالوا: على أهل الدية لأنه من ظهر نسبهم م: (وهذا) ش: أي وهذا الحكم الذي ذكرنا م: (عندنا) .
م: (وقال الشافعي رحمه الله: الدية على أهل العشيرة) ش: وهم العصبات، وبه قال مالك وأحمد وأكثر أهل العلم، وكل من عدا العصبة ليس من العاقلة. واختلف: في الآباء
لأنه كان كذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نسخ بعده. ولأنه صلة والأولى بها الأقارب. ولنا قضية عمر رضي الله عنه فإنه لما دون الدواوين جعل العقل على أهل الديوان، وكان ذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم من غير نكير منهم.
ــ
[البناية]
والبنين، فقال الشافعي وأحمد في رواية ليس آباؤه وأبناؤه وإن علوا أو سفلوا من العاقلة. قال مالك وأحمد في رواية: يدخل في العاقلة أب القاتل وابنه وهو قولنا عند عدم أهل الديوان.
وعن بعض مشايخنا لا يدخلون كما يجيء إن شاء الله تعالى.
م: (لأنه كان كذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) ش: لما روى أبو هريرة: «أن امرأتين من هذيل اقتتلتا فرمت إحداهما بحجر فقتلت الأخرى، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى بديتها على عاقلتها، وميراثها لابنها» رواه أبو داود والنسائي، وإذا ثبت هذا في الأولاد ألحق الوالد به، لأنه في معناه م:(ولا نسخ بعده) ش: أي بعد النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لا يكون إلا بوحي على لسان نبي، ولا نبي بعده.
م: (ولأنه صلة) ش: أي ولأن الدية صلة على تأويل العقل م: (والأولى بها) ش: أي بالصلة م: (الأقارب) ش: والصلة عبارة عن مال يجب ابتداء لا بمقابلة مال، ولهذا سميت الزكاة وشفقة الأقارب صلة.
م: (ولنا قضية عمر رضي الله عنه فإنه لما دون الدواوين جعل العقل على أهل الديوان، وكان ذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم من غير نكير منهم) ش: روى ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن حسن عن مطرف عن الحكم قال: عمر أول من جعل الدية عشرة عشرة في أعطيات المقاتلة دون الناس.
وحدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث عن الشعبي عن الحكم عن إبراهيم قال: أول من فرض العطايا عمر بن الخطاب، وفرض فيه الدية كاملة في ثلاث سنين. وحدثنا غسان بن مضر عن سعيد بن زيد عن أبي نصرة عن جابر قال: أول من فرض الفرائض ودون الدواوين وعرف العرفاء عمر بن الخطاب.
فإن قيل: قوله: من غير نكير منهم إجماع، فهذا إجماع على خلاف ما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف يظن بهم؟ قلنا: هذا إجماع على وفاق ما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما قضى على العشيرة باعتبار النصرة، ولهذا لا يوجب من النسوان والصبيان من عشيرته، لأنهم ليسوا من أهل النصرة، ثم لما دون عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الدواوين صارت النصرة بالديوان فقضى بالدية على
وليس ذلك بنسخ، بل هو تقرير معنى؛ لأن العقل كان على أهل النصرة، وقد كانت بأنواع بالقرابة والحلف والولاء والعدد، وفي عهد عمر رضي الله عنه قد صارت بالديوان فجعلها على أهله اتباعا للمعنى. ولهذا قالوا: لو كان اليوم قوم تناصرهم بالحرف فعاقلتهم أهل الحرفة، وإن كان بالحلف فأهله والدية صلة كما قال، لكن إيجابها فيما هو صلة وهو العطاء أولى منه في أصول أموالهم، والتقدير بثلاث سنين مروي عن النبي عليه الصلاة والسلام. ومحكي عن - عمر رضي الله عنه،
ــ
[البناية]
أهل الديوان. م: (وليس ذلك بنسخ) ش: جواب عن قول الشافعي ولا نسخ بعده م: (بل هو تقرير معنى) ش: أي من حيث المعنى م: (لأن العقل كان على أهل النصرة، وقد كانت) ش: أي النصرة م: (بأنواع بالقرابة والحلف) ش: بكسر الحاء، وهو العهد بين القوم، ومنه قولهم: تحالفوا على التناصر، والمراد به ولاء الموالاة م:(والولاء) ش: أي ولاء العتاق م: (والعدد) ش: في بعض النسخ والعدد هو أن يعد منهم يقال فلان عديد، قال: أي يعددهم.
م: (وفي عهد عمر رضي الله عنه قد صارت) ش: أي النصرة م: (بالديوان فجعلها) ش: أي الدية م: (على أهله) ش: أي أهل الديوان م: (اتباعا للمعنى) ش: أي النصرة م: (ولهذا) ش: أي ولأجل الاتباع للنصرة.
م: (قالوا) ش: أي المشايخ: م: (لو كان اليوم قوم تناصرهم بالحرف فعاقلتهم أهل الحرفة) ش: وفي " شرح الطحاوي ": إذا لم يكن القاتل من أهل الديوان فعاقلته أنصاره. فإن كان نصرته بالمحال والدروب يحمل عليهم، وإن كان نصرته بالحرف فعاقلته المحترفون الذين هم أنصاره كالقصارين والصفارين بسمرقند والأساكفة بأسبيجاب.
م: (وإذا كان بالحلف) ش: أي وإن كانت نصرته بالحلف بالكسر م: (فأهله) ش: أي فأهل الحلف، أي فعاقلته أهل الحلف م:(والدية صلة كما قال) ش: أي الشافعي: م: (لكن إيجابها) ش: أي إيجاب الدية م: (فيما هو صلة وهو العطاء) ش: وهو الذي يخرج له من بيت المال الذي هو صلة م: (أولى منه) ش: أي من الإيجاب م: (في أصول أموالهم) ش: نظرا في حاله وتخفيفا عليه. م: (والتقدير) ش: أي تقدير الدية في الخطأ بالتأجيل م: (بثلاث سنين مروي عن النبي عليه الصلاة والسلام ومحكي عن عمر رضي الله عنه) ش: تقدم كلاهما فيما مضى أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل دية الخطأ على العاقلة في ثلاث سنين، وأن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -
ولأن الأخذ من العطاء للتخفيف، والعطاء يخرج في كل سنة مرة. فإن خرجت العطايا في أكثر من ثلاث سنين أو أقل أخذ منها لحصول المقصود. وتأويله: إذا كانت العطايا للسنين المستقبلة بعد القضاء، حتى لو اجتمعت في السنين الماضية قبل القضاء ثم خرجت بعد القضاء ولا يؤخذ منها؛ لأن الوجوب بالقضاء على ما نبين إن شاء الله تعالى. ولو خرج للقاتل
ــ
[البناية]
فرض كذلك م: (ولأن الأخذ) ش: أي أخذ الدية م: (من العطاء للتخفيف، والعطاء يخرج في كل سنة مرة واحدة) ش: فتؤخذ في ثلاث سنين.
م: (فإن خرجت العطايا في أكثر من ثلاث سنين أو أقل منها أخذ منها) ش: هذا لفظ القدوري، يعني إن خرجت العطايا في أكثر من ثلاث سنين تؤخذ الدية منهم في أكثر من ثلاث سنين، حتى إذا خرجت عطاياهم الثلاث في ست سنين تؤخذ منهم الدية في كل سنة السدس.
وإذا خرجت عطاياهم الثلاث في سنة واحدة تؤخذ جميع الدية في سنة واحدة، لأن وجوبها في العطايا وقد حصلت م:(لحصول المقصود) ش: يعني أن المقصود أن يكون المأخوذ منهم من الأعطية، وذلك يحصل بالأخذ من عطاياهم سواء كانت في أكثر من ثلاث سنين أو في أقل منها.
م: (وتأويله) ش: أي وتأويل كلام القدوري م: (إذا كانت العطايا للسنين المستقبلة بعد القضاء) ش: أي بعد قضاء القاضي. فالدية على العاقلة م: (حتى لو اجتمعت في السنين الماضية قبل القضاء) ش: بالدية م: (ثم خرجت بعد القضاء ولا يؤخذ منها؛ لأن الوجوب بالقضاء) ش: لأن من عليه الدية قبل القضاء غير معلوم لكونه مجتهدا فيه، لأن في العاقلة كلاما فبعضهم يقول: أهل الديوان، وبعضهم يقول: أهل العشيرة فلا يحكم إلا بالقضاء.
وكذا الواجب في نفسه غير معلوم، فإن ولاية التعيين منه إلى القاضي إن شاء قضى بالإبل، وإن شاء قضى بالدراهم أو الدنانير، لأن من الناس من قال: الواجب الإبل فحسب. وقال قوم: الإبل والأثمان جميعا. وزاد قوم على هذا: البقر والغنم والخيل، وإنما قال المصنف: تأويله لأن القدوري أطلق ذكر السنين، وإنما تؤخذ منهم في ثلاث سنين بعد القضاء، فيكون المراد ثلاث سنين في المستقبل، فلا بد من التأويل م:(على ما نبين إن شاء الله تعالى) ش: أشار به إلى ما ذكر بعد عشرة خطوط بقوله لأن الواجب الأصلي المثل والتحول إلى القيمة بالقضاء.
م: (ولو خرج للقاتل) ش: أي للعامل القاتل، وفي النسخ للعامل، والأول هو الأصح