الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الخنثى
فصل في بيانه
قال: وإذا كان للمولود فرج وذكر فهو خنثى، فإن كان يبول من الذكر فهو غلام، وإن كان يبول من الفرج فهو أنثى «لأن النبي عليه الصلاة والسلام سئل عنه كيف يورث؟ فقال: " من حيث يبول» .
ــ
[البناية]
[كتاب الخنثى]
[فصل في بيان الخنثى]
م: (كتاب الخنثى) ش: أي هذا كتاب في بيان أحكام الخنثى. م: (فصل في بيانه)
م: (قال) ش: الأكمل: فإن قيل: الفصل إنما يذكر لقطع شيء من شيء آخر باعتبار نوع مغايرة بينهما، وهاهنا لم يتقدم شيء، فما وجه ذكر الفصل؟
قلت: كلامه في قوة أن يقال: هذا الكتاب فيه فصلان، فصل في بيان الخنثى، وفصل في أحكامه م:(وإذا كان للمولود فرج وذكر فهو خنثى) ش: أراد بالفرج هنا الحر، وهو قبل المرأة، وإلا فالفرج يطلق على قبل المرأة والرجل باتفاق أهل اللغة، كذا في " المغرب "، وفيه تركيب الخنث يدل على لين ونكس، وفيه المخنث وتخنيث في كلامه، وهو على وزن فعلى، وجمعه خناثى بالفتح كحبلى وحبالى.
م: (فإن كان يبول من الذكر فهو غلام، وإن كان يبول من الفرج فهو أنثى؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام سئل عنه كيف يورث فقال:«من حيث يبول» ش: هذا الحديث رواه ابن عدي في " الكامل " من حديث أبي يوسف القاضي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما «عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن مولود ولد له قبل وذكر، من أين يورث؟ فقال: " من حيث يبول» .
ومن طريق ابن عدي رواه البيهقي في " المعرفة " في الفرائض وعده ابن عدي من منكرات الكلبي. وقال البيهقي: الكلبي لا يحتج به ورواه ابن الجوزي في " الموضوعات " من جهة ابن عدي وقال: البلاء فيه من الكلبي، انتهى.
وعن علي رضي الله عنه مثله، ولأن البول من أي عضو كان فهو دلالة على أنه هو العضو الأصلي الصحيح، والآخر بمنزلة العيب. وإن بال منهما فالحكم للأسبق لأن ذلك دلالة أخرى على أنه هو العضو الأصلي. وإن كانا في السبق على السواء، فلا معتبر بالكثرة عند أبي حنيفة رحمه الله. وقالا: ينسب إلى أكثرهما بولا؛ أنه علامة قوة ذلك العضو وكونه عضوا أصليا. ولأن للأكثر حكم الكل في أصول الشرع فيترجح بالكثرة، وله: أن كثرة الخروج ليس يدل على القوة؛ لأنه قد يكون لاتساع في أحدهما وضيق في الآخر
ــ
[البناية]
قلت: أبو يوسف إمام مجتهد ثقة كيف يروي عن الكلبي مع علمه بأنه لا يحتج به، ولو لم يعلم أنه ثقة لما روى عنه.
وقد أيده أيضا ما روي م: (عن علي رضي الله عنه) ش: فقال المصنف: وعن علي م: (مثله) ش: رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا الحسن بن كثير الأحمسي عن أبيه عن معاوية أنه أتي في خنثى فأرسلهم إلى علي رضي الله عنه فقال: يورث من حيث يبول، ورواه الشعبي نحوه، وروى عبد الرزاق في " مصنفه " عن سعيد بن المسيب نحوه، وزاد: فإن كانا في البول سواء فمن حيث سبق.
م: (ولأن البول من أي عضو كان فهو دلالة على أنه هو العضو الأصلي الصحيح، والآخر بمنزلة العيب) ش: وقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الخنثى يورث من حيث يبول، وهكذا كان الحكم في الجاهلية، فقرره الشرع.
م: (وإن بال منهما فالحكم للأسبق؛ لأن ذلك دلالة أخرى على أنه هو العضو الأصلي، وإن كانا في السبق على السواء، فلا معتبر بالكثرة عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: وبه قال أصحاب الشافعي رحمه الله في أحد الوجهين، فكان خنثى مشكلا، فقال أبو حنيفة رحمه الله لا أدري.
م: (وقالا) ش: أي أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله - م: (ينسب إلى أكثرهما بولا) ش: وبه قال الشافعي رحمه الله في وجه وأحمد والأوزاعي والمزني م: (لأنه علامة قوة ذلك العضو وكونه عضوا أصليا. ولأن للأكثر حكم الكل في أصول الشرع، فيترجح بالكثرة) .
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة م: (أن كثرة الخروج لا يدل على القوة؛ لأنه قد يكون لاتساع في أحدهما وضيق في الآخر) ش: ولما أخبر أبو يوسف أبا حنيفة - رحمهما الله - بجوابه قال أبو حنيفة: هل رأيت قاضيا يكيل البول بالأواني وتوقف أبو حنيفة في الجواب وقال: لا أدري، وهذا من علامة فقه الرجل في ورعه وعدم تخبطه في الجواب، فإنه استند عليه بطريق التمييز
وإن كان يخرج منهما على السواء فهو مشكل بالاتفاق؛ لأنه لا مرجح. قال: وإذا بلغ الخنثى وخرجت له لحية أو وصل إلى النساء فهو رجل، وكذا إذا احتلم كما يحتلم الرجل، أو كان له ثدي مستو؛ لأن هذا من علامة الذكران. ولو ظهر له ثدي كثدي المرأة أو نزل له لبن في ثديه أو حاض أو حبل أو أمكن الوصول إليه من الفرج فهو امرأة؛ لأن هذه من علامات النساء، وإن لم يظهر إحدى هذه العلامات فهو خنثى مشكل، وكذا إذا تعارضت هذه المعالم.
ــ
[البناية]
بالدليل المعقول والمسموع، فتوقف كما قالوا جميعا عند استواء الكثرة: لا علم لنا بذلك.
وسئل ابن عمر رضي الله عنه عن مثله فقال: لا أدري، كذا في " المبسوط " و " الأسرار "، وإن استويا في الكثرة فهو مشكل عند الجمهور. وحكي عن علي والحسن أنهما قالا: يعد أضلاعه، فإن أضلاع المرأة أكثر من أضلاع الرجل.
وقال جابر بن زيد: يوقف إلى جانب حائط فإن بال عليه فهو رجل، وإن سلسل بين فخذيه فهي امرأة، وكلا القولين ليس بصحيح م:(وإن كان يخرج منهما على السواء فهو مشكل بالاتفاق؛ لأنه لا مرجح) ش: حتى يحكم بالترجيح.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وإذا بلغ الخنثى) ش: يعني هذا الذي قلنا ما دام صغيرا، فإذا بلغ م:(وخرجت لحية أو وصل إلى النساء فهو رجل. وكذا إذا احتلم كما يحتلم الرجل أو كان له ثدي مستو؛ لأن هذه من علامات الذكران. ولو ظهر له ثدي كثدي المرأة أو نزل له لبن في ثديه أو حاض أو حبل أو أمكن الوصول إليه من الفرج فهو امرأة؛ لأن هذه من علامات النساء، وإن لم يظهر إحدى هذه العلامات فهو خنثى مشكل. وكذا إذا تعارضت هذه المعالم) ش: ولو كان شخص لا مهبل له بل له مخرج واحد فيهما بين المخرجين منه يبول ويتغوط، أو لا يخرج له لا قبل له ولا دبر، وإنما يتقيأ ما يأكله ويشربه. وحكي في بعض البلاد هذا، فهو في حكم الخنثى المشكل، كذا في المغني لابن قدامة. وفي " المحيط " وفي " المنتقى " قال: أبو يوسف وأبو حنيفة - رحمهما الله -: ما أدري ما أقول في هذا، والله أعلم.