الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيتحقق الموجب. ولنا: ما روينا " ألا إن قتيل خطأ العمد " ويروى " شبه العمد " الحديث. ولأن فيه شبهة عدم العمدية؛ لأن الموالاة قد تستعمل للتأديب أو لعله اعتراه القصد في خلال الضربات فيعرى أول الفعل عنه، وعساه أصاب المقتل والشبهة دارئة للقود فوجبت الدية.
قال: ومن
غرق صبيا أو بالغا في البحر
، فلا قصاص عند أبي حنيفة رحمه الله، وقالا: يقتص منه، وهو قول الشافعي رحمه الله غير أن عندهما يستوفي حزا. وعنده يغرق كما بيناه من قبل. لهم
ــ
[البناية]
فيتحقق الموجب) ش: للقصاص. م: (ولنا: ما روينا: «لا إن قتيل خطأ العمد» ش: قتيل السوط والعصا، ولم يفصل بين الموالاة وغيرها.
م: (ويروى " شبه العمد " الحديث) ش: وقد مضى من حديث عبد الله بن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: «ألا إن دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا» الحديث.
م: (ولأن فيه شبهة عدم العمدية؛ لأن الموالاة قد تستعمل للتأديب) ش: لأنه قد يشرع حدا وتعزيرا في مواضع لا يكون القتل مشروعا، فلو كان ذلك دلالة القصد لم يشرع في موضع لا يكون القتل مشروعا.
م: (أو لعله اعتراه القصد في خلال الضربات) ش: أي: أو لعل الضارب شبه القصد في أثناء الضربات م: (فيعرى أول الفعل عنه) ش: أي: فيخلو أول الضرب عن القصد، فيتمكن الخلل في العمدية. م:(وعساه أصاب المقتل) ش: أي: لعل أول الفعل، وهو الضربة، أصاب المقتل، فالشبهة إلى القتل فلا يدل ذلك على العمد.
م: (والشبهة دارئة للقود) ش: فلا يجب القصاص. م: (فوجبت الدية) ش: في ثلاث سنين.
[غرق صبيا أو بالغا في البحر]
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": م: (ومن غرق صبيا أو بالغا في البحر فلا قصاص عند أبي حنيفة رحمه الله، وقالا: يقتص منه، وهو قول الشافعي رحمه الله غير أن عندهما) ش: أي عند أبي يوسف رحمه الله، ومحمد رحمه الله: م: (يستوفي حزا) ش: أي تحز الرقبة بالسيف.
م: (وعنده) ش: أي وعند الشافعي رحمه الله: م: (يغرق كما بيناه من قبل) ش: وهو أنه يفعل به بمثل ما فعل.
م: (لهم) ش: قال شيخنا العلاء: للشافعي رحمه الله ولهما، لكن استدلال الشافعي رحمه الله بالحديث المذكور واستدلالهما بالقول.
وقال تاج الشريعة رحمه الله: النص يقتضي التفريق " وهو مذهب الشافعي رحمه الله، ويكون حجة لهما أيضا على أبي حنيفة رحمه الله في نفي وجوب الدية. والحديث
قوله عليه الصلاة والسلام: " من غرق غرقناه "؛ ولأن الآلة قاتلة فاستعمالها أمارة العمدية، ولا مراء في العصمة، وله قوله عليه الصلاة والسلام:" ألا إن قتيل خطأ العمد قتيل السوط والعصا " وفيه: " وفي كل خطأ أرش "؛ ولأن الآلة غير معدة للقتل ولا مستعملة فيه لتعذر استعمالها فتمكنت شبهة عدم العمدية؛ ولأن القصاص ينبئ عن المماثلة.
ــ
[البناية]
رواه البيهقي في " سننه "، وفي " المعرفة " من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من عرض عرضنا له، ومن حرق حرقناه، ومن غرق غرقناه» .
قال " صاحب التنقيح " رحمه الله: في هذا الإسناد من يجهل حاله. وقال الأترازي رحمه الله: الحديث غير موصول إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولئن صح فهو محمول على السياسة بإضافة التفريق إلى النبي صلى الله عليه وسلم، حيث م: (قوله عليه الصلاة والسلام: «من غرق غرقناه» ش: ولم يقل: من غرق. قلت: الحديث مرفوع ولكنه ضعيف على ما يجيء عن قريب في " الجامع الصغير ".
ولو أحمى تنورا فألقاه في النار ولا يستطيع الخروج منها، فأحرقته ففيه القود. وفيه إشارة إلى أن الإحماء يكفي للقود وإن لم تكن فيه النار. وفي " جمع التفاريق ": هو الصحيح، ولو ألقاه في نار ثم أخرج وبه رمق فمكث مضني منه حتى مات ففيه القود، وإن كان يجيء ويذهب فلا. ولو أوجره سما كارها أو تأويله. أو أكرهه على شربه فلا قود فيه.
م: (ولأن الآلة قاتلة) ش: هذا استدلالهما، بيانه: أن الماء الذي لا ينجى منه عادة قاتل. قيل: هذا الماء أدى القتل م: (فاستعمالها أمارة العمدية) ش: أي باستعمال هذه الآلة علامة العمدية.
م: (ولا مراء) ش: أي ولا شك م: (في العصمة) ش: أي عصمة المحل لأن كلامنا فيما إذا كان المقتول محقون على التأبيد وقد وجد فيجب القصاص.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة رحمه الله: م: (قوله عليه الصلاة والسلام: «ألا إن قتيل خطأ العمد قتيل السوط والعصا» . وفيه: «وفي كل خطأ أرش» ش: وقد مر الحديث في أوائل الكتاب.
م: (ولأن الآلة) ش: وهي: الماء الذي جعل كالآلة م: (غير معدة للقتل ولا مستعملة فيه) ش: أي: في القتل م: (لتعذر استعماله فتمكنت شبهة عدم العمدية؛ ولأن القصاص ينبئ عن المماثلة) ش:
ومنه يقال: اقتص أثره، ومنه المقصة للجملين، ولا تماثل بين الجرح والدق لقصور الثاني عن تخريب الظاهر، وكذا لا يتماثلان في حكمة الزجر لأن القتل بالسلاح غالب وبالمثقل نادر، وما رواه غير مرفوع أو هو محمول على السياسة، وقد أومت إليه إضافته إلى نفسه فيه
ــ
[البناية]
هذا لأنه ألحق بالقتل إلى القصاص في لغة العرب يبنى على المماثلة واستدل عليه بقوله م: (ومنه يقال: اقتص أثره) ش: أي تبعه م: (ومنه المقصة) ش: وهو المقراض يقال م: (للجلمين) ش: الجلم الذي يجز به وهما جلمان، يعني: سميت المقصة مقصة لأن كل واحد من الجلمين يماثل الآخر، وقال شيخي العلاء - رحمة الله عليه -: قوله: " للجملين "، هكذا بتصحيح شيخي - رحمة الله عليه -. ووقع في النسخ: للحكمين. ولا وجه له لأن الحكم الذي يجريه كما ذكرناه.
م: (ولا تماثل بين الجرح والدق) ش: لأن الدق يعمل في الباطن دون الظاهر، والجرح بالسيف يعمل في الظاهر والباطن، والتغريق لا يعمل في الظاهر والباطن جميعا، أشار إليه بقوله: م: (لقصور الثاني) ش: أي الدق م: (عن تخريب الظاهر، وكذا لا يتماثلان) ش: أي الجرح والدق.
م: (في حكمة الزجر لأن القتل بالسلاح غالب وبالمثقل نادر) ش: وشرعية الزجر في الغالب لا في النادر، ولهذا شرع الحد في شرب الخمر لا في شرب البول.
م: (وما رواه) ش: أي ما رواه الشافعي رحمه الله من قوله: «من غرق غرقناه» م: (غير مرفوع) ش: أي غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الكاكي رحمه الله: أي غير ثابت، وإنما هو من كلام رواية: ولا يلزم التحريق، وهو منهي. قال صلى الله عليه وسلم:«لا يعذب بالنار إلا رب النار» .
قلت: قد ذكرنا أن البيهقي رواه مرفوعا ولكنه ضعيف لا تقوم به الحجة، وأجاب عنه المصنف بجواب آخر وهو قوله: م: (أو هو محمول على السياسة) .
ش: هذا جواب بطريق التسليم، يعني: ولئن سلمنا أنه مرفوع، ولكنه محمول على السياسة، وقد مر الكلام فيه عن قريب.
م: (وقد أومأت إليه إضافته إلى نفسه فيه) ش: أي إشارة إلى الحمل على السياسة إضافة