الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الديات
قال: وفي شبه العمد دية مغلظة على العاقلة وكفارة على القاتل وقد بيناه أول الجنايات.
قال: وكفارته عتق رقبة مؤمنة لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] الآية. فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، بهذا النص ولا يجزئ فيه الإطعام لأنه لم يرد به نص، والمقادير
ــ
[البناية]
[كتاب الديات]
[تعريف الديات]
م: (كتاب الديات) ش: أي هذا كتاب في بيان أحكام الديات، وهي جمع دية، وأصلها ودية، لأنها من وديت القتيل أديه دية إذا أعطيت ديته. وحذفت الواو تبعا ليدي لأن أصله يودي، فحذفت الواو منه لوقوعها بين الكسرة والياء، كما في يعدي ونحوه. ولما حذفت الواو من ودية عوضت عنها الهاء كما في عدة ونحوها. وإذا أمرت منه قلت: وديا، دوا.
وأما الدية اسم لضمان تجب بمقابلة الآدمي أو طرف منه، سمي بها لأنها يودى عادة لأنه قدر ما يجري فيه العفو العظيم حرمة الآدمي. ولم يسم قيمته لأن قيمة اسم لما يقام مقام الفائت. وفي قيامه مقام الفائت قصورًا لعدم المماثلة بينهما وضمان المال سمي قيمة، ولا يسمى دية، لأن معنى القيام فيه أكمل لوجود المماثلة المطلقة.
وأما وجه المناسبة في ذكر الديات بعد الجنايات: فطالما أن الدية إحدى موجبي الجناية لدفع الشر وعين الصيانة، لكن القصاص أشد صيانة فقدم.
[دية وكفارة شبه العمد]
1
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وفي شبه العمد دية مغلظة على العاقلة وكفارة على العاقل وقد بيناه أول الجنايات) ش: وهي الكلام فيه مستوفيًا.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وكفارته) ش: أي كفارة شبه العمد م: (عتق رقبة مؤمنة لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] الآية) ش: وشرط الإيمان في كفارة القتل دون سائر الكفارات؛ لأنه منصوص عليه بالآية المذكورة، وإن كان ورد في الخطأ، ولكن لما كان شبه فيه معنى الخطأ ثبت فيه حكم الخطأ م:(فإن لم يجد) ش: أي فإن لم يقدر على إعتاق الرقبة المؤمنة م: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النساء: 92] ش: أي فعليه صوم شهرين على التتابع.
م: (بهذا النص) ش: أي النص المذكور م: (ولا يجزئ فيه) ش: أي في شبه العمد م: (الإطعام؛ لأنه لم يرد به نص) ش: قال الشافعي في قول وأحمد في رواية: فإن لم يقدر على الصيام يجب إطعام ستين مسكينا، عند عدمهما، م:(والمقادير) ش: أي المقدرات الشرعية م:
تعرف بالتوقيف، ولأنه جعل المذكور كل الواجب بحرف الفاء، أو لكونه كل المذكور على ما عرف ويجزئه رضيع أحد أبويه مسلم لأنه مسلم به، والظاهر سلامة أطرافه ولا يجزئ ما في البطن لأنه لم تعرف حياته ولا سلامته. قال: وهو الكفارة في الخطأ لما تلوناه وديته عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله -
ــ
[البناية]
(تعرف بالتوقيف) ش: على ورود النص بخلاف كفارة اليمين وكفارة الظهار وكفارة الصوم، فإن النص ورد فيها بالإطعام، ولأن استدلاله من الآية بوجهين آخرين: أحدهما: هو قوله
: م: (ولأنه) ش: أي ولأن النص م: (جعل المذكور كل الواجب بحرف الفاء) ش: بيانه أن الواقع بعد فاء الجزاء يجب أن يكون كل الجزاء، إذ لو لم يكن كذلك للقياس، فلا يعلم أنه هو نحو الجزاء، وبقي منه شيء ومثله محل. ألا ترى أنه لو قال إن رمت الدار فأنت طالق، وفي نية أن يقول: وزينب طالق وعبده حر ولكن لم يقله يجعله قوله: فأنت طالق جزاء كاملًا من غير أن يقدر فيه وزينب طالق أيضًا، وعبدي حر أيضًا.
الوجه الثاني: هو قوله: م: (أو لكونه) ش: أي لكون الصيام م: (كل المذكور) ش: لا غير م: (على ما عرف) ش: يعني في أصول الفقه.
م: (ويجزئه) ش: أي يجزي الذي عليه عتق رقبة إعتاق م: (رضيع أحد أبويه مسلم) ش: قيد به لأنه لو كانا كافرين لم يجزه م: (لأنه) ش: أي لأن الرضيع م: (مسلم به) ش: أي بأحد أبويه؛ لأن شرط هذا الإعتاق الإسلام وسلامة الأطراف، والأول: يحصل بإسلام أحد الأبوين، والثاني بالظاهر، وأشار إليه بقوله: م: (والظاهر سلامة أطرافه) ش: أي أطراف الصغير، لأن الأصل هو السلامة.
وتأويل المسألة أنه أعتق، ثم عاش حتى ظهرت سلامة أعضائه وأطرافه حتى إنه لو مات قبل أن يظهر ذلك لم تتأد به الكفارة. كذا قال فخر الإسلام في " شرح الجامع الصغير ".
م: (ولا يجزئ) ش: أي لا يجزئ إعتاق م: (ما في البطن؛ لأنه لم تعرف حياته ولا سلامته) ش: ظاهر.
م: (قال) ش: المصنف: م: (وهو الكفارة) ش: أي تحرير رقبة مؤمنة هو الكفارة م: (في الخطأ لما تلوناه) ش: وهو قَوْله تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] .
م: (وديته) ش: أي ودية شبه العمد م: (عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله -) ش: كذا في نسخة شيخ العلاء " أبي يوسف " مذكور مع أبي حنيفة. وفي " الهداية ": فقال الأترازي:
مائة من الإبل أرباعا: خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة. وقال محمد والشافعي - رحمهما الله -: أثلاثا، ثلاثون جذعة وثلاثون حقة وأربعون ثنية كلها خلفات في بطونها أولادها؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «ألا إن قتيل خطأ العمد قتيل السوط والعصا، وفيه مائة
ــ
[البناية]
وغيره لم يذكر أبو يوسف سهو القلم عن صاحب " الهداية " أو عن الكاتب. وقال الكاكي: الاقتصار على قول أبي حنيفة مخالف لعامة روايات الكتب من " المباسيط " و" الجوامع " و" الأسرار " و" الإيضاح "، فإن المذكور فيها عن أبي حنيفة وأبي يوسف. وثبت في بعض النسخ عند أبي حنيفة وأبي يوسف موافقًا لعامة الروايات.
م: (مائة من الإبل أرباعا) ش: أي من حيث الأرباع، وبين ذلك بقوله: م: (خمس وعشرون بنت مخاض) ش: بنت منصوب؛ لأنه مميز أحد عشر إلى تسعة وتسعين يجيء منصوبًا. وبنت مخاض هي التي طعنت في السنة الثانية. سميت بها؛ لأن أمها صارت ذات مخاض بأخرى.
م: (وخمس وعشرون بنت لبون) ش: وهي التي طعنت في السنة الثالثة، سميت بها لأن أمها تلد أخرى، ولبون: ذات لبن.
م: (وخمس وعشرون حقة) ش: وهي التي طعنت في السنة الرابعة، وحق لها أن تركب وتحمل.
م: (وخمس وعشرون جذعة) ش: وهي التي طعنت في السنة الخامسة، سميت به لمعنى في أسنانها يعرفه أرباب الإبل، وهي أكبر سن يؤخذ في الزكاة.
م: (وقال محمد والشافعي - رحمهما الله -: أثلاثا، ثلاثون جذعة، وثلاثون حقة، وأربعون ثنية) ش: وهي التي طعنت في السادسة، والذكر ثني. م:(كلها) ش: أي كل الثنايا م: (خلفات) ش: جمع خلفة وهي الحامل من النوق. م: (في بطونها أولادها) ش: صفة كاملة، قاله الأكمل.
وقال الكاكي: الخلفة الحامل من النوق وجمعها مخاض من غير لفظها، وقد يقال خلفات. فعلى هذا التفسير يكون قوله:" في بطونها أولادها " صفة مقدرة، كما في قوله صلى الله عليه وسلم «ما ألقته الفرائض فلأول رجل ذكر» ، وبقول محمد رحمه الله قال أحمد في رواية، وبقول أبي حنيفة قال مالك وأحمد في رواية، وهو قول الزهري وربيعة وسليمان بن يسار م:(لقوله عليه الصلاة والسلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم م: «ألا إن قتيل خطأ العمد قتيل السوط والعصا، وفيه مائة
من الإبل أربعون منها في بطونها أولادها» وعن عمر رضي الله عنه: ثلاثون حقة وثلاثون جذعة. ولأن دية شبه العمد أغلظ، وذلك فيما قلنا، ولهما قوله عليه الصلاة والسلام:«في نفس المؤمن مائة من الإبل» وما روياه غير ثابت لاختلاف الصحابة رضي الله عنهم في صفة التغليظ، وابن مسعود رضي الله عنه قال بالتغليظ أرباعا كما ذكرنا.
ــ
[البناية]
من الإبل أربعون منها في بطونها أولادها» ، وعن عمر رضي الله عنه ثلاثون حقة وثلاثون جذعة) ش: هذا الحديث رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه، وقد تقدم في الجنايات.
م: (ولأن دية شبه العمد أغلظ، وذلك فيما قلنا) ش: يعني أغلظ من حرمة الخطأ المحض، فإن الإبل يجب فيه أخماسًا، وذلك أي كونه أغلظ من دية الخطأ المحض؛ لأننا نقول: أثلاثا، وأنتم تقولون: أرباعًا.
م: (ولهما) ش: أي لأبي حنيفة وأبي يوسف: م: (قوله عليه الصلاة والسلام) ش: أي قول النبي صلى الله عليه وسلم م: «في نفس المؤمن مائة من الإبل» ش: تقدم في الزكاة في كتاب عمرو بن حزم قال: «وإن في نفس المؤمن مائة من الإبل في الزكاة» ، ورواه ابن حبان في "صحيحه ". ووجه الاستدلال به: أن الثابت عنه صلى الله عليه وسلم هذا وليس فيه دلالة على صفة من التغليظ م: (وما روياه) ش: أي محمد والشافعي م: (غير ثابت) ش: احتج المصنف على عدم ثبوت هذا الحديث بقوله: م: (لاختلاف الصحابة رضي الله عنهم في صفة التغليظ) ش: فإن عمر وزيدا والمغيرة بن شعبة وأبا موسى الأشعري قالوا مثل ما قال أبو حنيفة وأبو يوسف م: (وابن مسعود رضي الله عنه) ش: أي وعبد الله بن مسعود م: (قال بالتغليظ أرباعًا كما ذكرنا) ش: يعني أرباعًا. وأخرج حديثه أبو داود عن علقمة والأسود قال: قال عبد الله: في شبه العمد خمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة وخمس وعشرون بنات لبون وخمس وعشرون بنات مخاض. وسكت عنه أبو داود ثم المنذري بعده.
وروي مرفوعا أخرجه الأربعة عن حجاج بن أرطاة عن زيد بن جبير عن خشف بن مالك الضبابي عن عبد الله بن مسعود قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «في دية الخطأ عشرون حقة وعشرون جذعة وعشرون بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون بنو مخاض ذكر» .
قال الترمذي: لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه. وقد روي عن عبد الله موقوفا.