الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن العاقلة تتحمل النفس دون المال، فكان ضمان البهيمة في ماله، وإلقاء التراب واتخاذ الطين في الطريق بمنزلة إلقاء الحجر والخشبة لما ذكرنا، بخلاف ما إذا كنس الطريق فعطب بموضع كنسه إنسان حيث لم يضمن؛ لأنه ليس بمتعد، فإنه ما أحدث شيئا فيه إنما قصد ورفع الأذى عن الطريق، حتى لو جمع الكناسة في الطريق وتعقل بها إنسان كان ضامنا لتعديه بشغله.
ولو وضع حجرا فنحاه غيره عن موضعه فعطب به إنسان فالضمان على الذي نحاه؛ لأن حكم فعله قد انفسخ لفراغ ما يشغله، وإنما اشتغل بالفعل الثاني موضع آخر. وفي " الجامع الصغير " في البالوعة يحفرها الرجل في الطريق، فإن أمره السلطان بذلك أو أجبره عليه لم يضمن؛ لأنه غير متعد حيث فعل ما فعل بأمر من له الولاية في حقوق العامة، وإن كان بغير أمره فهو متعد إما بالتصرف في حق غيره أو بالافتيات على رأي الإمام أو هو مباح مقيد بشرط السلامة.
ــ
[البناية]
أن العاقلة تتحمل النفس دون المال، فكان ضمان البهيمة في ماله) ش: وقال الحاكم في " الكافي ": الحر والعبد سواء فالضمان على عاقلة الحافر، ولا كفارة عليه ولا يحرم من الميراث.
م: (وإلقاء التراب واتخاذ الطين في الطريق بمنزلة إلقاء الحجر والخشبة) ش: يعني في وجوب الضمان م: (لما ذكرنا) ش: أي لأنه متعد فيه م: (بخلاف ما إذا كنس الطريق فعطب بموضع كنسه إنسان حيث لم يضمن؛ لأنه ليس بمتعد، فإنه ما أحدث شيئا فيه إنما قصد رفع الأذى عن الطريق، حتى لو جمع الكناسة في الطريق وتعقل بها إنسان) ش: أي تعلق به م: (كان ضامنا لتعديه بشغله) ش: لأنه شغل طريق المسلمين.
[وضع حجرا فنحاه غيره عن موضعه فعطب به إنسان فمن يضمن]
م: (ولو وضع حجرا فنحاه غيره عن موضعه فعطب به إنسان فالضمان على الذي نحاه؛ لأن حكم فعله قد انفسخ لفراغ ما يشغله، وإنما اشتغل بالفعل الثاني موضع آخر) .
م: (وفي الجامع الصغير: في البالوعة) ش: وهو ما يحفر في وسط الدار ليجمع ماء الوضوء وماء المطر، وفي " الصحاح ": البالوعة نقب في وسط الدار م: (يحفرها الرجل في الطريق، فإن أمره السلطان بذلك أو أجبره عليه) ش: أي على حفر البالوعة م: (لم يضمن؛ لأنه غير متعد، حيث فعل ما فعل بأمر من له الولاية في حقوق العامة، وإن كان بغير أمره فهو متعد إما بالتصرف في حق غيره، أو بالافتيات على رأي الإمام) ش: وهو الاستعداء بالرأي، وهو افتعال من الفوت وهو السبق م:(أو هو) ش: أي حفر البالوعة م: (مباح مقيد بشرط السلامة) ش: قال في " شرح الأقطع ": وقالوا: لو تعدى في الطريق يستريح أو لمرض أو ضعف فعثر به إنسان يضمن، لأن المشي في الطريق مباح بشرط السلامة، كما أن الله تعالى أباح الرمي إلى الصيد، لو رمى صيدا أو أصاب إنسانا أو شاة ضمن، واعتبر فيه السلامة، فكذلك هاهنا.
وكذلك الجواب على هذا التفصيل في جميع ما فعل في طريق العامة مما ذكرناه وغيره؛ لأن المعنى لا يختلف. وكذا إن حفره في ملكه لا يضمن لأنه غير متعد. وكذا إذا حفره، في فناء داره، لأن له ذلك لمصلحة داره والفناء في تصرفه، وقيل: هذا إذا كان الفناء مملوكا له أو كان له حق الحفر فيه؛ لأنه غير متعد. أما إذا كان لجماعة المسلمين أو مشتركا بأن كان في سكة غير نافذة فإنه يضمنه؛ لأنه مسبب متعد، وهذا صحيح. ولو حفر في الطريق ومات الواقع فيه جوعا أو غما لا ضمان على الحافر عند أبي حنيفة رحمه الله، لأنه مات لمعنى في نفسه فلا يضاف إلى الحفر، والضمان إنما يجب إذا مات من الوقوع. وقال أبو يوسف رحمه الله: إن مات جوعا فكذلك.
ــ
[البناية]
م: (وكذلك الجواب على هذا التفصيل) ش: وهو أنه لو فعله بأمر من له الولاية في الأمر لا يضمن وبغير أمره ضمن، ويحل للإمام أن يأمر بذلك إذا لم يضر بالعامة إذا كان الطريق واسعا، وإن كان الطريق ضيقا لا يحل له ذلك م:(في جميع ما فعل في طريق العامة مما ذكرناه) ش: أي من أول الباب إلى هاهنا من شراع الجناح وإحداث الكنيف أو الميزاب والجرصن أو حفر البئر في طريق المسلمين م: (وغيره) ش - كبناء الظلة وغرس الأشجار ورمي الثلج والجلوس للبيع م: (لأن المعنى لا يختلف) ش: أي فصار هالك م: (وكذا إن حفره في ملكه لا يضمن؛ لأنه غير متعد، وكذا إذا حفره في فناء داره؛ لأن له ذلك لمصلحة داره، والفناء في تصرفه، وقيل. هذا) ش. أي عدم الضمان م. (إذا كان الفناء مملوكا له أو كان له حق الحفر فيه؛ لأنه غير متعد. أما إذا كان لجماعة المسلمين أو مشتركا) ش: أي أو كان البناء مشتركا م. (بأن كان في سكة غير نافذة فإنه يضمنه؛ لأنه مسبب متعد، وهذا صحيح) ش. أي التفصيل صحيح.
وقال شيخ الإسلام علاء الدين الأسبيجابي في " شرح الكافي ": وإذا احتفر الرجل بئرا في طريق مكة أو غير ذلك من الفيافي فلا ضمان عليه في ذلك، وليس هذا كالأمصار، لأنه غير متعد فيما فعل، ألا ترى أنه لو ضرب هناك فسطاطا أو اتخذ تنورا يخبز فيه، أو ربط دابة لم يضمن ما أصابه ذلك، ولو قالوا هذا إذا حفر في غير ممر المسلمين، أما إذا حفر في ممرهم ينبغي أن يضمن لأنه متعد فيه.
م. ولو حفر في الطريق ومات الواقع فيه جوعا) ش: أي من أجل الجوع م. (أو غما) ش: أي اختناقا من العفونة. قال الجوهري: يوم غم إذا كان يأخذ النفس من شدة الحر م. (لا ضمان على الحافر عند أبي حنيفة رحمه الله: لأنه مات لمعنى في نفسه فلا يضاف إلى الحفر والضمان إنما يجب إذا مات من الوقوع، وقال أبو يوسف رحمه الله: إن مات جوعا فكذلك) ش: أي لأن
وإن مات غما فالحافر ضامن له؛ لأنه لا سبب للغم سوى الوقوع، أما الجوع فلا يختص بالبئر. وقال محمد: هو ضامن في الوجوه كلها؛ لأنه إنما حدث بسبب الوقوع، إذ لولاه لكان الطعام قريبا منه. قال: وإن استأجر أجراء فحفروها له في غير فنائه فذلك على المستأجر ولا شيء على الأجراء إن لم يعلموا أنها في غير فنائه؛ لأن الإجارة صحت ظاهرة إذا لم يعلموا، فنقل فعلهم إليه لأنهم كانوا مغرورين، فصار كما إذا أمر آخر بذبح هذه الشاة فذبحها ثم ظهر أن الشاة لغيره، إلا أن هناك يضمن المأمور ويرجع على الآمر؛ لأن الذابح مباشر، والأمر مسبب، والترجيح للمباشرة فيضمن المأمور ويرجع المغرور، وهنا يجب الضمان على المستأجر ابتداء؛ لأن كل واحد منهما مسبب، والأجير غير متعد والمستأجر متعد فيرجح جانبه. وإن علموا ذلك فالضمان على الأجراء، لأنه لم يصح أمره بما ليس بمملوك له، ولا غرور، فبقي الفعل مضاف إليهم. وإن قال لهم: هذا فنائي وليس لي فيه حق الحفر فحفروه فمات فيه إنسان.
ــ
[البناية]
الضمان على الحافر م: (وإن مات غما فالحافر ضامن له؛ لأنه لا سبب للغم سوى الوقوع، أما الجوع فلا يختص بالبئر. وقال محمد: هو ضامن في الوجوه كلها؛ لأنه إنما حدث بسبب الوقوع، إذ لولاه) ش: أي الوقوع م: (لكان الطعام قريبا منه) ش: وهو قياس قول الأئمة الثلاثة، ولا يتوهم من تقديم قول أبي حنيفة رحمه الله على عادة تأخر الراجح، فإن الفقه معه، ألا ترى أنه لو حبس رجلا في بئر حتى مات غما فإنه لا ضمان عليه، بخلاف ما لو مات فيه من الوقوع، لأن أثر فعله وهو العمل أثر في نفس الواقع فلا بد من أثر الوقوع لوجوب الضمان.
م: (قال) ش: أي المصنف وليس لفظة: (قال) في غالب النسخ: م: (وإن استأجر أجراء فحفروها له في غير فنائه فذلك على المستأجر ولا شيء على الأجراء إن لم يعلموا أنها في غير فنائه؛ لأن الإجارة صحت ظاهرة إذا لم يعلموا، فنقل فعلهم إليه) ش: أي فنقل فعل الأجر إلى المستأجر م: (لأنهم كانوا مغرورين، فصار) ش: حكم هذا م: (كما إذا أمر آخر بذبح هذه الشاة فذبحها ثم ظهر أن الشاة لغيره) ش: أي لا يغير الأمر.
م: (إلا أن هناك) ش: أي في الأمر بذبح الشاة م: (يضمن المأمور ويرجع على الآمر، لأن الذابح مباشر، والآمر مسبب، والترجيح للمباشرة فيضمن المأمور، ويرجع المغرور، وهنا يجب الضمان على المستأجر ابتداء) ش: أي من أول الأمر م: (لأن كل واحد منهما مسبب، والأجير غير متعد، والمستأجر متعد فيرجح جانبه) ش: في التعدي. (وعلى) المستأجر فيه الضمان.
م: (وإن علموا بذلك فالضمان على الأجراء؛ لأنه لم يصح أمره بما ليس بمملوك له، ولا غرور، فبقي الفعل مضافا إليهم، وإن قال لهم: هذا فنائي وليس لي فيه حق الحفر فحفروه فمات فيه إنسان