الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فعليهم، وقول محمد رحمه الله: في " الجامع الصغير ": فحق على المسلمين أن يقتلوه إشارة إلى الوجوب، والمعنى: وجوب دفع الضرر. وفي سرقة " الجامع الصغير ": ومن شهر على رجل سلاحا ليلا أو نهارا، أو شهر عليه عصا ليلا في مصر، أو نهارا في طريق في غير مصر فقتله المشهور عليه عمدا: فلا شيء عليه لما بينا، وهذا لأن السلاح لا يلبث فيحتاج إلى دفعه بالقتل والعصا الصغيرة وإن كانت تلبث ولكن في الليل لا يلحقه الغوث فيضطر إلى دفعه بالقتل، وكذا في النهار في غير المصر في الطريق لا يلحقه الغوث، فإذا قتله كان دمه هدرا. قالوا: فإن كان عصا لا تلبث يحتمل أن تكون مثل السلاح عندهما.
قال: وإن
شهر المجنون على غيره سلاحا فقتله المشهور عليه عمدا
فعليه الدية في ماله. وقال الشافعي
ــ
[البناية]
" مختصر القدوري "، فالقدوري لم يذكر هذه المسألة، وإنما ذكرها في " الجامع الصغير ". والصواب ما ذكره تاج الشريعة رحمه الله أي قول محمد رحمه الله في " المبسوط ". م:(فعليهم. وقول محمد رحمه الله في " الجامع الصغير " فحق على المسلمين أن يقتلوه) ش: والحاصل في هذا: أن لمحمد رحمه الله عبارتين: إحداهما التي ذكرها في " المبسوط " بقوله: فعليهم. والأخرى: التي ذكرها في " الجامع الصغير " بقوله: فحق على المسلمين، والعبارتان تدلان على معنى واحد وهو وجوب قتل الشاهر الباغي المذكور. وقول المصنف:" وقوله ": أي قول محمد: مبتدأ، وقول محمد عطف عليه.
وقوله: م: (إشارة) ش: خبر المبتدأ. أي: يشير القولان بأن قتله واجب م: (إلى الوجوب والمعنى) ش: من كلام المصنف " أي: معنى الوجوب م: (وجوب دفع الضرر) ش: لأن دفع الضرر واجب لا أن يكون غير القتل واجبا. وهذا قتل الحربي لا بعينه، بل لرفع كلمة الله عز وجل.
م: (وفي سرقة " الجامع الصغير ": ومن شهر على رجل سلاحا ليلًا أو نهارا، أو شهر عليه عصا ليلا في مصر، أو نهارا في طريق في غير مصر فقتله المشهور عليه عمدا، فلا شيء عليه لما بينا) ش: إشارة إلى الحديث المذكور وإلى المعنى المعقول.
م: (وهذا) ش: أي عدم شيء عليه م: (لأن السلاح لا يلبث) ش: يعني ليس فيه مهلة للرفع بغير قتل م: (فيحتاج إلى دفعه بالقتل والعصا الصغيرة، وإن كانت تلبث ولكن في الليل لا يلحقه الغوث) ش: يعني لا يلحقه من يخلصه منه م: (فيضطر إلى دفعه بالقتل، وكذا في النهار في غير المصر في الطريق لا يلحقه الغوث، فإذا قتله كان دمه هدرا) ش: يعني لا يلزمه شيء. م: (قالوا) ش: أي المشايخ م: (فإن كان عصا لا تلبث يحتمل أن تكون مثل السلاح عندهما) ش: إذا ضربه بحجر عظيم أو بخشبة عظيمة فهو عمد.
[شهر المجنون على غيره سلاحا فقتله المشهور عليه عمدا]
م: (قال) ش: أي قال محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": م: (وإن شهر المجنون على غيره سلاحا فقتله المشهور عليه عمدا فعليه الدية في ماله، وقال الشافعي -
- رحمه الله: لا شيء عليه، وعلى هذا الخلاف الصبي والدابة. وعن أبي يوسف رحمه الله: أنه يجب الضمان في الدابة، ولا يجب في الصبي والمجنون. للشافعي رحمه الله: أنه قتله دفاعا عن نفسه فيعتبر بالبالغ الشاهر، ولأنه يصير محمولا على قتله بفعله فأشبه المكره. ولأبي يوسف رحمه الله: أن فعل الدابة غير معتبر أصلا حتى لو تحقق لا يوجب الضمان. أما فعلهما فمعتبر في الجملة حتى لو حققاه يجب عليهما الضمان، وكذا عصمتهما لحقهما
ــ
[البناية]
رحمه الله: لا شيء عليه) .
وكذا الصبي والدابة على ما يجيء الآن، وبه قال مالك وأحمد - رحمهما الله - وأكثر أهل العلم، وعند مالك رحمه الله في المضطر كذلك. أما لو كان العامل عبدا أو صيد الحرم لا يضمن بلا خلاف.
م: (وعلى هذا الخلاف) ش: المذكور بيننا وبين الشافعي رحمه الله: م: (الصبي) ش: إذا مال على إنسان م: (والدابة) ش: أي للحمل مثلًا أو لغيره صال على إنسان فقتله المصول عليه، لا يضمن عندنا، خلافا للشافعي.
م: (وعن أبي يوسف رحمه الله: أنه يجب الضمان في الدابة، ولا يجب في الصبي والمجنون) ش: وقال الطحاوي في "مختصره ": وقال أبو يوسف: إني أستقبح في هذا أن أضمنه قيمته، يعني في البعير إذا صال على إنسان.
م: (للشافعي رحمه الله: أنه قتله دفاعا) ش: أي للشر م: (عن نفسه فيعتبر بالبالغ الشاهر، ولأنه) ش: أي: ولأن المشهور عليه م: (يصير محمولًا على قتله) ش: أي: قتل الشاهر م: (بفعله) ش: أي بفعل الشاهر م: (فأشبه المكره) ش: يعني مع علمه أن هذا الفعل يسقط عصمة دمه، صار كأنه أكرهه على قتله، فيكون المشهور عليه مكرها بهذا الطريق، هكذا ذكره [
…
] .
وقال الأكمل رحمه الله: قوله: " فأشبه المكره " يعني: أن المكره لما صار مسلوب الاختيار من جهة المكره"، أضيف التلف إلى المكره، فكذلك المصول عليه. وقيل: معناه فأشبه المكره يعود على المكره فيقتله.
م: (ولأبي يوسف رحمه الله: أن فعل الدابة غير معتبر أصلًا حتى لو تحقق) ش: أي: فعل الدابة م: (لا يوجب الضمان) ش: لقوله صلى الله عليه وسلم: «جرح العجماء جبار» .
م: (أما فعلهما) ش: أي فعل الصبي والمجنون م: (فمعتبر في الجملة حتى لو حققاه) ش: أي: الفعل وأتلفا مالا أو نفسا م: (يجب عليهما الضمان، وكذا عصمتهما) ش: أي: عصمة الصبي، والمجنون م:(لحقهما) ش: أي لأنفسهما لا لحق الغير.
وعصمة الدابة لحق مالكها، فكان فعلهما مسقطا للعصمة دون فعل الدابة. ولنا أنه قتل شخصا معصوما أو أتلف مالا معصوما حقا للمالك وفعل الدابة لا يصلح مسقطا. وكذا فعلهما وإن كانت عصمتهما حقهما لعدم اختيار صحيح، ولهذا لا يجب القصاص بتحقق الفعل منهما بخلاف العاقل البالغ لأن له اختيارا صحيحا، وإنما لا يجب القصاص لوجود المبيح، وهو دفع الشر فتجب الدية. قال: ومن شهر على غيره سلاحا في المصر فضربه، ثم قتله الآخر، فعلى القاتل القصاص. معناه: إذا ضربه فانصرف لأنه خرج من أن يكون محاربا بالانصراف فعادت عصمته.
ــ
[البناية]
م: (وعصمة الدابة لحق مالكها، فكان فعلهما مسقطا للعصمة دون فعل الدابة. ولنا: أنه) ش: أي: أن المشهور عليه م: (قتل شخصا معصوما) ش: بالعصمة الأبدية م: (أو أتلف مالا معصوما حقا للمالك) ش: فيجب الضمان. م: (وفعل الدابة لا يصلح مسقطا) ش: للعصمة الثابتة حقا للمالك، والأذى وجد في الدابة لا من المالك، فلا يجب بطلان العصمة الثابتة للمالك ولا يرد عليه العبد الصائل لأن عصمة دم العمد تثبت حقا له، ولهذا ليس للمولى سفك دمه وأما صيد الحرم فلأن عصمته إنما تثبت بالشرع لحرمته أو لحرمة الحرم مؤقتا، أي: إلى غاية الأذى، فإذا وجد الأذى من جهته لم يبق معصوما.
م: (وكذا فعلهما) ش: أي: وكذا فعل الصبي والمجنون لا يصلح مسقطا م: (وإن كانت عصمتهما حقهما) ش: يعني لأنفسهما لا لحق الغير م: (لعدم اختيار صحيح، ولهذا) ش: أي: ولأجل عدم الاختيار الصحيح منهما م: (لا يجب القصاص بتحقق الفعل منهما) ش: أي من الصبي والمجنون.
م: (بخلاف العاقل البالغ؛ لأن له اختيارا صحيحا) ش: فيجب القتل بتحقق الفعل منه م: (وإنما لا يجب القصاص) ش: على المشهور عليه م: (لوجود المبيح وهو دفع الشر) ش: فإذا لم يجب القصاص م: (فتجب الدية) ش: فصار كأكل مال الغير حال المخمصة، فإنه يحل ويجب الضمان فكذا هنا.
م: (قال) ش: أي قال محمد رحمه الله في " الجامع الصغير " م: (ومن شهر على غيره سلاحا في المصر فضربه) ش: أي: الشاهر م: (ثم قتله الآخر، فعلى القاتل القصاص) ش:. وقال المصنف رحمه الله م: (معناه) ش: أي معنى هذا م: (إذا ضربه فانصرف) ش: يعني أشهر سيفه وضربه، ثم انصرف وترك الضرب ثم قتله المشهور عليه، فعليه القصاص ولا قصاص على الشاهر؛ م:(لأنه خرج من أن يكون محاربا بالانصراف فعادت عصمته) ش: لأنه لما شهر حل دمه دفعا لشره فلما لم يقتله وكف عنه، اندفع شره وعادت عصمته فعلى القاتل القصاص.
قال: ومن دخل عليه غيره ليلا وأخرج السرقة فاتبعه وقتله فلا شيء عليه لقوله عليه الصلاة والسلام: «قاتل دون مالك» . ولأنه يباح له القتل دفعا في الابتداء، فكذا استردادا في الانتهاء. وتأويل المسألة إذا كان لا يتمكن من الاسترداد إلا بالقتل، والله أعلم
ــ
[البناية]
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير " م: (ومن دخل عليه غيره ليلًا وأخرج السرقة) ش: أي: التي سرقها م: (فاتبعه وقتله فلا شيء عليه لقوله عليه الصلاة والسلام: «قاتل دون مالك» ش: هذا جواب من حديث طويل أخرجه البخاري رحمه الله في تاريخه الأوسط "، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، الحديث، وفيه: "قاتل دون مالك» .
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت إن جاء رجل يريد أن يأخذ مالي؟، قال: - فلا تعطه مالك ". قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: "قاتله"، قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: "أنت شهيد ". قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: "هو في النار".» م: (ولأنه) ش: أي: ولأن المدخل عليه ليلًا م: (يباح له القتل) ش: أي قتل الداخل م: (دفعا في الابتداء) ش: أي: دفعا لشره في ابتداء الأمر م: (فكذا استردادا) ش: أي: فكذا له القتل لأجل استرداد ما أخذه م: (في الانتهاء) ش: لأنه أسهل في الابتداء.
وقال المصنف رحمه الله: م: (وتأويل المسألة إذا كان لا يتمكن من الاسترداد إلا بالقتل والله أعلم) ش: يعني: فحينئذ يباح له القتل، وأما إذا علم أنه لو صاح به يترك ما أخذه ويذهب فلم يفعل هكذا، ولكن إن قتله كان عليه القصاص لأنه قتله بغير حق، كالمالك إذا قتل الغاصب؛ لأنه يتمكن من استرداد المال من يده بدون القتل، كذا ذكره فخر الدين قاضي خان.
والعجب من الأترازي: أنه قال: الأصل في هذا ما روى الترمذي في "جامعه " بإسناده إلى سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من قتل دون ماله فهو شهيد» الحديث. قال: وذكر مسلم أيضا بإسناده إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل دون ماله فهو شهيد» . فمن أين يؤخذ من هذا الحديث جواز قتل من دخل عليه ليلا وأخرج ما أخذه؟ فالمصنف استدل بالحديث الذي ذكرناه، وكان ينبغي أن يستدل بالحديث المذكور في المتن، وبين وجهه، فالظاهر أنه لم يقف عليه واستدل بالحديث الذي ذكره بالجر الثقيل، وهذا ينافي دعواه الطويلة العريضة في هذا الباب، والله أعلم.