الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في صفة الوصية
ما يجوز من ذلك وما يستحب منه وما يكون رجوعا عنه قال: الوصية غير واجبة، وهي مستحبة.
ــ
[البناية]
[باب في صفة الوصية]
[حكم الوصية]
م: (باب في صفة الوصية) م: (ما يجوز من ذلك وما يستحب منه وما يكون رجوعا عنه) ش: لما كان الكتاب مشتملا على الأبواب، والأبواب مشتملة على الفصول، ذكرها واحدا بعد واحد، أي هذا باب في بيان صفة الوصية إلى آخره.
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (الوصية غير واجبة وهي مستحبة) ش: إنما قال: مستحبة بعد نفي الوجوب ردا لقول البعض: إنها واجبة لأنه لا يلزم الاستحباب من نفي الوجوب لجواز الإباحة وذلك لأن الوصية مشروعة لنا لا علينا، لما روى الطحاوي بإسناده إلى أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله قد جعل لكم ثلث أموالكم، في آخر أعماركم زيادة في أعمالكم» .
والمشروع لنا لا يكون فرضا ولا واجبا، بل يكون مندوبا. وقال ابن عبد البر: أجمع أهل العلم على أن الوصية غير واجبة إلا من عليه حقوق بغير بينة وأمانة بغير إشهاد إلا طائفة شاذة فأوجبتها. روي عن الزهري أنه قال: جعل الوصية حقا مما قل أو كثر.
وقيل لأبي مجلز: على كل ميت وصية؟ قال: نعم إن ترك خيرا. وقال أبو بكر عبد العزيز: هي واجبة للأقربين الذين لا يرثون، وهو قول أصحاب الظواهر. وحكي ذلك عن مسروق [....] وقتادة وابن جريج. وقول بعضهم: هي واجبة في حق الوالدين والأقربين لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180](البقرة: الآية: 80) .
قلنا: الآية منسوخة بقوله تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} [النساء: 7](النساء: الآية 7)، قاله ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وقال ابن عمر: نسختها آية المواريث، وبه قال عكرمة ومجاهد ومالك والشافعي وأكثر أئمة التفسير.
والقياس يأبى جوازها؛ لأنه تمليك مضاف إلى حال زوال مالكيته. ولو أضيف إلى حال قيامها بأن قيل: ملكتك غدا كان باطلا، فهذا أولى بالبطلان، إلا أنا استحسناها لحاجة الناس إليها، فإن الإنسان مغرور بأمله مقصر في عمله، فإذا عرض له المرض وخاف البيات يحتاج إلى تلافي بعض ما فرط منه من التفريط بماله على وجه لو مضى فيه يتحقق مقصده المالي، ولو أنهضه البرء يصرفه إلى مطلبه الحالي، وفي شرع الوصية ذلك فشرعناه، ومثله في الإجارة بيناه، وقد تبقى المالكية بعد الموت باعتبار الحاجة كما في قدر التجهيز والدين،
ــ
[البناية]
وقال أكثر أصحابنا: نسخت بقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله أعطى كل ذي حق حقه ألا لا وصية لوارث» ، هذا الحديث رواه جماعة من الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - منهم أبو أمامة الباهلي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أخرج حديثه أبو داود والترمذي وابن ماجه بإسناده إليه أن النبي صلى الله عليه وسلم: خطب فقال: «إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث» .
وقال الترمذي: حديث حسن، وهو حديث مشهور تلقته العلماء بالقبول، وقال الأترازي: ونسخ الكتاب بمثله جائز عندنا، وهو حجة على الشافعي حيث يعتقد عدم جواز نسخ الكتاب بالسنة وقد انتسخ بها.
م: (والقياس يأبى جوازها) ش: أي جواز الوصية م: (لأنه تمليك مضاف إلى حال زوال مالكيته. ولو أضيف) ش: أي التمليك م: (إلى حال قيامها) ش: إلى قيام المالكية م: (بأن قيل: ملكتك غدا كان باطلا، فهذا أولى بالبطلان، إلا أنا استحسناها) ش: أي الوصية م: (لحاجة الناس إليها، فإن الإنسان مغرور أمله مقصر في عمله، فإذا عرض له المرض وخاف البيات) ش: أي الهلاك والموت، والبيات اسم يعني البيت، وهو أن يأتي العدو ليلا م:(يحتاج إلى تلافي بعض ما فرط منه من التفريط) ش: أي إلى تدارك بعض ما سبق منه من التقصير م: (بماله على وجه لو مضى فيه يتحقق مقصده المالي، ولو أنهضه البرء يصرفه إلى مطلبه الحالي، وفي شرع الوصية ذلك) ش: أي تلافي بعض ما فرط منه م: (فشرعناه) ش: الشارع شرعها م: (ومثله في الإجارة بيناه) ش: يعني كما أن الوصية لا تجوز في القياس، وتجوز في الاستحسان، فكذلك الإجارة لا تجوز في القياس؛ لأنها تمليك منفعة معدومة، ولكنها جوزت استحسانا دفعا لحاجة الناس.
م: (وقد تبقى المالكية) ش: جواب عن وجه القياس، أي قد تبقى بعض المالكية م:(بعد الموت باعتبار الحاجة كما في قدر التجهيز) ش: أي في تجهيز الميت، فإن قدر تجهيزه على ملك الميت تقدير الحاجة إليه م:(والدين) ش: كذلك؛ لأن قدر ما عليه من الدين لا يملكه الورثة م:
وقد نطق به الكتاب، وهو قول الله تعالى:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12](النساء: الآية 11) . والسنة وهو قول النبي عليه الصلاة والسلام: " إن «الله تعالى تصدق عليكم بثلث أموالكم في آخر أعماركم زيادة لكم في أعمالكم تضعونها حيث شئتم، أو قال حيث أحببتم» .
ــ
[البناية]
(وقد نطق به الكتاب) ش: أي وقد نطق بجواز الوصية القرآن م: (وهو قول الله تعالى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] (النساء: الآية 11)) ش: وكذلك قوله: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: 180](البقرة: الآية 180) .
م: (والسنة) ش: أي وقد نطقت به السنة أيضًا م: (وهو قول النبي عليه الصلاة السلام: «إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم في آخر أعماركم زيادة في أعمالكم تضعونها حيث شئتم، أو قال: حيث أحببتم» ش: قد ذكرنا عن قريب أن هذا الحديث رواه أبو هريرة وأخرجه الطحاوي وأخرجه ابن ماجه أيضًا ولفظه: «تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم» .
وروى الدارقطني بإسناده إلى أبي أمامة عن معاذ بن جبل - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عن النبي صلى الله عليه وسلم: «قال إن الله تعالى تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في حسناتكم ليجعلها لكم زيادة في أعمالكم» .
وروى أحمد في " مسنده " عن أبي الدرداء - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم» .
وروى ابن عدي والعقيلي في كتابيهما عن مكحول عن الصنابحي أنه سمع أبا بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله عز وجل قد تصدق عليكم بثلث أموالكم عند موتكم زيادة في أعمالكم» ، وإسناده ضعيف.
وروى الطبراني في " معجمه " بإسناده إلى خالد بن عبيد السلمي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله عز وجل أعطاكم عند وفاتكم ثلث أموالكم زيادة في