الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن أصلنا أن العام الذي موجبه ثبوت الحكم على سبيل الإحاطة بمنزلة الخاص فقد اجتمع في الفص وصيتان وكل منهما وصية بإيجاب على حدة، فيجعل الفص بينهما نصفين، ولا يكون إيجاب الوصية فيه للثاني رجوعا عن الأول، كما إذا أوصى للثاني بالخاتم بخلاف الخدمة مع الرقبة؛ لأن اسم الرقبة لا يتناول الخدمة، وإنما يستخدمه الموصى له بحكم أن المنفعة حصلت على ملكه، فإذا أوجب الخدمة لغيره لا يبقى للموصى له فيه حق بخلاف ما إذا كان الكلام موصولا؛ لأن ذلك دليل التخصيص والاستثناء، فتبين أنه أوجب لصاحب الخاتم الحلقة خاصة دون الفص.
قال: ومن
أوصى لآخر بثمرة بستانه ثم مات وفيه ثمرة
فله هذه الثمرة وحدها.
ــ
[البناية]
م: (ومن أصلنا أن العام الذي موجبه ثبوت الحكم على سبيل الإحاطة بمنزلة الخاص) ش: في أنه يوجب الحكم فيما يتناوله على وجه القطع، فإذا كان كذلك م:(فقد اجتمع في الفص وصيتان، وكل منهما وصية بإيجاب على حدة، فيجعل الفص بينهما نصفين، ولا يكون إيجاب الوصية فيه للثاني رجوعا عن الأول، كما إذا أوصى للثاني بالخاتم) ش: لا يكون ذلك رجوعا عن الأول بل يكون الفص بينهما.
م: (بخلاف الخدمة مع الرقبة) ش: بأن أوصى برقبة العبد لإنسان وبرقبته لآخر يكون ذلك كما أوصى، ولا تكون الخدمة مشتركة بينهما م:(لأن اسم الرقبة لا يتناول الخدمة، وإنما يستخدمه الموصى له) ش: بالرقبة م: (بحكم أن المنفعة حصلت على ملكه) ش: ولا حق للغير فيه م: (فإذا أوجب الخدمة لغيره) ش: أي إذا أوصى بالخدمة لغيره م: (لا يبقى للموصى له فيه حق) ش: في الخدمة، فكان الموصى له أخص بالخدمة.
م: (بخلاف ما إذا كان الكلام موصولا؛ لأن ذلك دليل التخصيص والاستثناء) ش: ذلك بيان تغير، فيصح بشرط الوصي م:(فتبين أنه أوجب لصاحب الخاتم الحلقة خاصة دون الفص) .
فإن قيل: الذي أوصى له بالخاتم فقد أوصى له بالفص أيضا فلم لا يكون الفص بينهما؟.
أجيب بأن وصية صاحب الفص أقوى؛ لأنه مقصود إليه، ووصيته للآخر على وجه التبع، فصار وصية صاحب الفص أولى وأقوى؛ لأنه مقصود إليه، فوجب أن يكون أولى؛ لأن في الوصايا يعتبر الأقوى فالأقوى، ولهذا كان العتق في المرض أقوى من سائر الوصايا.
[أوصى لآخر بثمرة بستانه ثم مات وفيه ثمرة]
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (ومن أوصى لآخر بثمرة بستانه ثم مات وفيه ثمرة فله هذه الثمرة وحدها) ش: أي في الثمرة الموجودة وقت الموت، وإنما قيد بقوله وفيه ثمرة لأنه إذا لم يكن فيها ثمرة والمسألة بحالها، فمسألة الثمرة كمسألة الغلة في أنه يتناول المعدوم ما عاش، ذكره في " المبسوط "، ثم سقى البستان وخراجه وما فيه صلاحه على
وإن قال: له ثمرة بستاني أبدا فله هذه الثمرة وثمرته فيما يستقبل ما عاش. وإن أوصى له بغلة بستانه فله الغلة القائمة وغلته فيما يستقبل، والفرق: أن الثمرة اسم للموجود عرفا، فلا يتناول المعدوم إلا بدلالة زائدة مثل التنصيص على الأبد؛ لأنه لا يتأبد إلا بتناول المعدوم، والمعدوم مذكور وإن لم يكن شيئا. أما الغلة فتنتظم الموجود وما يكون بعرض الوجود مرة أخرى عرفا، يقال: فلان يأكل من غلة بستانه ومن غلة أرضه وداره، فإذا أطلقته يتناولهما عرفا غير موقوف على دلالة أخرى، أما الثمرة إذا أطلقت لا يراد بها إلا الموجود، فلهذا يفتقر الانصراف إلى دليل زائد. قال: ومن أوصى لرجل بصوف غنمه أبدا أو بأولادها أو بلبنها ثم مات فله ما في بطونها من الولد وما في ضروعها من اللبن وما على ظهورها من الصوف يوم يموت الموصي سواء قال
ــ
[البناية]
صاحب الغلة؛ لأنه هو المنتفع به كما في النفقة. والخلاف فيه كالخلاف في النفقة.
م: (وإن قال له ثمرة بستاني أبدا فله هذه الثمرة وثمرته فيما يستقبل ما عاش، وإن أوصى له بغلة بستانه فله الغلة القائمة وغلته فيما يستقبل، والفرق) ش: بين الغلة والثمرة م: (أن الثمرة اسم للموجود عرفا) ش: وفي " المبسوط " الثمرة اسم للموجود حقيقة م: (فلا يتناول المعدوم إلا بدلالة زائدة مثل التنصيص على الأبد؛ لأنه لا يتأبد إلا بتناول المعدوم والمعدوم مذكور وإن لم يكن شيئا) ش: يعني إذا نص على الأبد تدخل الثمار الموجودة باعتبار أنه مذكور لا باعتبار أن المعدوم شيء، كما إذا أوصى بثلث ماله لزيد ولا مال له ثم اكتسب مالا عند الموت يستحق ثلثه باعتبار أن المعدوم مذكور، لا باعتبار أن المعدوم شيء، وهذا بقي كقول المعتزلة واستدلالهم لهذه المسألة على أن المعدوم شيء.
م: (أما الغلة فتنتظر الموجود وما يكون بعرض الوجود مرة أخرى عرفا، يقال: فلان يأكل من غلة بستانه ومن غلة أرضه وداره، فإذا أطلقت) ش: أي الغلة م: (يتناولهما عرفا) ش: أي الموجود والحادث م: (غير موقوف على دلالة أخرى، أما الثمرة إذا أطلقت لا يراد بها إلا الموجود، فلهذا يفتقر الانصراف إلى دليل زائد) ش: مثل ما إذا قال: أبدا، وما عاش، علمنا أنه أراد به الموجود والحادث جميعا، فيصرف إليهما وإن لم يكن في البستان ثمرة وقت الموت فإن في القياس لا شيء له. وفي الاستحسان لو لم يدخل فيه ثمرة البستان [....] كلام الموصى، ولو دخل فيه صح كلامه، والكلام إذا احتمل الصحة والفساد حمل على الصحة كما قالوا فيمن أوصى لولد فلان وليس له ولد جاز منه الوصية لولد ولده، فكذا هذا.
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": م: (ومن أوصى لرجل بصوف غنمه أبدا أو بأولادها أو بلبنها ثم مات فله) ش: أي فللرجل الذي أوصى له م: (ما في بطونها من الولد وما في ضروعها من اللبن وما على ظهورها من الصوف يوم يموت الموصي سواء قال
أبدا أو لم يقل؛ لأنه إيجاب عند الموت، فيعتبر قيام هذه الأشياء يومئذ، وهذا بخلاف ما تقدم. والفرق: أن القياس يأبى تمليك المعدوم؛ لأنه لا يقبل الملك إلا أن في الثمرة والغلة المعدومة جاء الشرع بورود العقد عليها كالمعاملة والإجارة فاقتضى ذلك جوازه في الوصية بالطريق الأولى؛ لأن بابها أوسع، أما الولد المعدوم وأختاه فلا يجوز إيراد العقد عليها أصلا ولا تستحق بعقد ما، فكذلك لا يدخل تحت الوصية بخلاف الموجود منها لأنه يجوز استحقاقها بعقد البيع تبعا، وبعقد الخلع مقصودا، فكذا بالوصية، والله أعلم بالصواب
ــ
[البناية]
أبدا أو لم يقل؛ لأنه إيجاب عند الموت فيعتبر قيام هذه الأشياء يومئذ، وهذا) ش: أي الإيصاء بصوف الغنم على ظهورها أو نحوه م: (بخلاف ما تقدم) ش: من المذكور من الوصية بثمرة البستان والوصية بالغلة.
م: (والفرق) ش: بين هذا وبين ما تقدم م: (أن القياس يأبى تمليك المعدوم) ش: من هذه الأشياء م: (لأنه) ش: المعدوم م: (لا يقبل الملك) ش: والحادث فيها متولد من أصل مملوك للوارث م: (إلا أن في الثمرة) ش: أي إلا أن في استحقاق الثمرة م: (والغلة المعدومة) ش: أي في استحقاق الغلة المعدومة م: (جاء الشرع بورود العقد عليها كالمعاملة والإجارة) ش: وفي بعض النسخ: كالإجارة والمعاملة م: (فاقتضى ذلك) ش: أي ورود الشرع فيما ذكر م: (جوازه) ش: أي جواز العقد م: (في الوصية بالطريق الأولى؛ لأن بابها أوسع) ش: لأن باب الوصية أوسع من غيرها.
م: (أما الولد المعدوم وأختاه) ش: أي أختا الولد المعدوم، وهما الصوف المعدوم واللبن المعدوم م:(فلا يجوز إيراد العقد عليها أصلا ولا تستحق بعقد ما) ش: أي لا يصح استحقاقها أصلا بعقد من العقود م: (فكذلك لا يدخل تحت الوصية) ش: ولا يصح استحقاقها بعقد الوصية أيضا.
م: (بخلاف الموجود منها) ش: أي من الأشياء المذكورة م: (لأنه يجوز استحقاقها بعقد البيع تبعا) ش: حيث يدخل الصوف في بيع الغنم واللبن لذلك م: (وبعقد الخلع) ش: أي يدخل بعقد الخلع م: (مقصودا) ش: صورته: قالت لزوجها خالعني على ما في بطن جاريتي أو غنمي صح وله ما في بطنها وإن لم يكن في البطن شيء له فلا شيء له وما حدث بعده للمرأة؛ لأن ما في البطن قد يكون له قيمة وقد لا يكون، فلم تغرم، حتى لو قالت: على حمل جاريتي وليس في بطنها حمل يرد المهر، كذا قال في التعامل م:(فكذا بالوصية) ش: أي فكذا تجوز بها م: (والله أعلم بالصواب) .