الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعين الرهن أمانة عندنا، فلا يجوز تمليكه منه بغير رضاه؛ ولأن جعل الرهن بالدين حكم جاهلي وأنه منسوخ، بخلاف البيع لأن الخيار فيه حكمه الفسخ، وهو مشروع، وبخلاف الغصب؛ لأن تملكه بأداء الضمان مشروع، ولو كان العبد تراجع سعره حتى صار يساوي مائة ثم قتله عبد يساوي مائة فدفع به فهو على هذا الخلاف.
وإذا
قتل العبد الرهن قتيلا خطأ
فضمان الجناية على المرتهن وليس له أن يدفع؛ لأنه لا يملك التمليك. قال: ولو فدى طهر المحل فبقي الدين على حاله، ولا يرجع على الراهن بشيء
ــ
[البناية]
قائما وتراجع سعره لم يكن له خيار كذلك هنا م: (وعين الرهن أمانة عندنا) ش: كما مر في أول كتاب الرهن، م:(فلا يجوز تمليكه منه بغير رضاه) ش: أي بغير رضا المرتهن.
م: (ولأن جعل الرهن بالدين حكم جاهلي) ش: رواه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله «لا يغلق الرهن» م: (وأنه منسوخ) ش: أي الشرع نسخ ذلك، فلا يجوز المصير إليه م:(بخلاف البيع) ش: هذا جواب عن قياس محمد بالبيع، بيانه: أن القياس بالبيع في الخيار لا يصح م: (لأن الخيار فيه حكمه الفسخ، وهو مشروع، وبخلاف الغصب؛ لأن تملكه بأداء الضمان مشروع) ش: بخلاف ما نحن فيه.
م: (ولو كان العبد تراجع سعره حتى صار يساوي مائة ثم قتله عبد يساوي مائة فدفع به فهو على هذا الخلاف) ش: وقال الأترازي: هذا تكرار لا محالة؛ لأن وضع المسألة في الفصل الثالث، وهو قوله فإن قتله عبد قيمته مائة فدفع مكانه أفتكه بجميع الدين، فلا حاجة بعد ذلك بعينه فهو على الخلاف. وقال الأكمل رحمه الله: قيل في بعض الشروح: هذا تكرار لا محالة.
قلت: أراد به الأترازي، ثم ذكر قوله لما ذكرنا إلى قوله فهو على الخلاف، ثم قال: وكذلك قال صاحب " النهاية " جعل الصورة الثالثة فيما إذا تراجع السعر، لكنه لم يتعرض لوقوع التكرار، وهو لازم عليه أيضا، وفي ذلك سوء ظن بمثل صاحب " الهداية " الذي جاز قصبات السبق في التحقيق، وإنما الصورة الثالثة: في غير تراجع السعر كما ذكرنا، وهذه المسألة في صورة التراجع ولا تكرار به.
[قتل العبد الرهن قتيلا خطأ]
م: (وإذا قتل العبد الرهن قتيلا خطأ فضمان الجناية على المرتهن) ش: لأن العبد كله في ضمانه ودينه مستغرق لرقبته؛ لأن المسألة فيما إذا كانت قيمته والدين سواء لأن قيمته لو كانت أكثر من الدين بعدها م: (وليس له أن يدفع) ش: أي وليس للمرتهن دفع العبد م: (لأنه) ش: أي لأن الرهن م: (لا يملك التمليك) ش: لأن الدفع تمليك الرقبة وهو لا يملك تمليكها.
م: (قال: ولو فدى) ش: أي لو فدى المرتهن م: (طهر المحل) ش: بالطاء المهملة، أي طهر العبد عن الجناية م:(فبقي الدين) ش: في الرهن م: (على حاله، ولا يرجع على الراهن بشيء من
من الفداء؛ لأن الجناية حصلت في ضمانه، فكان عليه إصلاحها. قال: ولو أبى المرتهن أن يفدي قيل للراهن ادفع العبد أو افده بالدية؛ لأن الملك في الرقبة قائم له، وإنما أبى المرتهن الفداء لقيام حقه. قال: فإذا امتنع عن الفداء يطالب الراهن بحكم الجناية، ومن حكمها التخيير بين الدفع والفداء. فإن اختار الدفع سقط الدين؛ لأنه استحق المعنى في ضمان المرتهن، فصار كالهلاك. قال: وكذلك إن فدى لأن العبد كالحاصل له بعوض كان على المرتهن وهو الفداء. بخلاف ولد الرهن إذا قتل إنسانا أو استهلك مالا حيث يخاطب الراهن بالدفع أو الفداء في الابتداء؛ لأنه غير مضمون على المرتهن، فإن دفع خرج من الرهن ولم يسقط شيء من الدين، كما لو هلك في الابتداء، وإن فدى فهو رهن مع أمه على حالهما. قال: ولو استهلك العبد المرهون مالا يستغرق رقبته، فإذا أدى المرتهن الدين الذي لزم العبد فديته على حاله كما في الفداء، وإن أبى قيل للراهن: بعه في الدين إلا أن يختار أن يؤدى عنه،
ــ
[البناية]
الفداء؛ لأن الجناية حصلت في ضمانه، فكان عليه إصلاحها. قال: ولو أبى المرتهن أن يفدي، قيل للراهن ادفع العبد أو افده بالدية؛ لأن الملك في الرقبة قائم له) ش: أي للراهن م: (وإنما أبى المرتهن الفداء لقيام حقه. قال: فإذا امتنع عن الفداء يطالب الراهن بحكم الجناية ومن حكمها) ش: أي من حكم الجناية م: (التخيير بين الدفع والفداء. قال: فإن اختار الدفع سقط الدين؛ لأنه) ش: أي لأن العبد م: (استحق المعنى) ش: وهو الجناية م: (في ضمان المرتهن، فصار كالهلاك) ش: أي كهلاك العبد، والجامع زوال ملك الراهن عن الرهن في ضمان المرتهن.
م: (قال: وكذلك إن فدى) ش: أي وكذلك يقسط الدين إن فدى م: (لأن العبد كالحاصل له بعوض كان على المرتهن وهو الفداء) ش: يعني إذا كان على المرتهن دين وقد أداه الراهن وجب على المرتهن مثل ما أدى إلى ولي الجناية، وللمرتهن على الراهن دين فالتقيا قصاصا فيسلم الرهن للراهن. ولا يكون متبرعا في أداء الفداء، لا أنه يسعى في تخليص ملكه كعير الرهن.
م: (بخلاف ولد الرهن إذا قتل إنسانا أو استهلك مالا حيث يخاطب الراهن بالدفع أو الفداء في الابتداء) ش: أي في أول الأمر م: (لأنه غير مضمون على المرتهن، فإن دفع) ش: أي الراهن إلى المرتهن م: (خرج من الرهن ولم يسقط شيء من الدين، كما لو هلك في الابتداء) ش: أي في أول الأمر هلك بدون الجناية يخرج من الرهن ولم يسقط شيء من الدين م: (وإن فدى) ش: أي الراهن م: (فهو) ش: أي الابن م: (رهن مع أمه على حالهما) ش: تبعا لها.
م: (قال: ولو استهلك العبد المرهون مالا يستغرق رقبته، فإذا أدى المرتهن الدين الذي لزم العبد فديته على حاله كما في الفداء) ش: أي كما ينبغي الدين على حاله إذا فداه م: (وإن أبى) ش: أي المرتهن م: (قيل للراهن بعه) ش: أي العبد م: (في الدين إلا أن يختار أن يؤدى عنه) ش: الدين م:
فإن أدى بطل دين المرتهن كما ذكرنا في الفداء. قال: وإن لم يؤد وبيع العبد فيه يأخذ صاحب دين العبد دينه؛ لأن دين العبد مقدم على دين المرتهن وحق ولي الجناية لتقدمه على حق المولى.
ــ
[البناية]
(فإن أدى بطل دين المرتهن) ش: على الراهن م: (كما ذكرنا في الفداء) ش: وهو قوله: وكذلك إن فدى.
م: (قال: وإن لم يؤد) ش: أي الراهن م: (وبيع العبد فيه) ش: أي في الدين م: (يأخذ صاحب دين العبد دينه؛ لأن دين العبد مقدم على دين المرتهن وحق ولي الجناية) ش: وعلى حق ولي الجناية أيضا، حتى لو جنى وعليه دين يدفع إلى ولي الجناية، ولفظه: وحق الجناية مجرور؛ لأنه عطف على دين المرتهن.
وحاصل المعنى: دين العبد مقدم على حق ولي الجناية أيضا، حتى لو جنى وعليه دين يدفع إلى ولي الجناية ثم يباع للغرماء على ما يأتي في جناية المملوك في الديات، قاله الكاكي. وكذا قاله الأكمل وتاج الشريعة.
وقال الأترازي: قوله: " وحق ولي الجناية " بالنصب أو بالرفع عطفا على لفظ " للدين ومحله "، معناه: أن دين العبد مقدم على دين المرتهن. وكذلك حق ولي الجناية أيضا مقدم على دين المرتهن؛ لأن كل واحد منهما مقدم على حق الولي فلأنه مقدم على حق المرتهن أولى. لأن حق المالك أقوى.
ثم قال: وقال بعضهم في شرحه: قوله: " وحق ولي الجناية "، بالجر، أي دين العبد مقدم على دين المرتهن، ويقدم أيضا على حق ولي الجناية، حتى لو جنى وعليه دين يدفع إلى ولي الجناية. ثم يباع للغرماء فالقول هذا في غاية الضعف. لأن المسألة التي استشهد بها يدفع كلامه؛ لأنه قال: دين العبد مقدم على حق ولي الجناية وفي المسألة قدم حق ولي الجناية ثم رتب عليه حق الغرماء. فإنه مناقضة لا محالة. قلت أراد بقوله: " وقال وبعضهم " في " شرح الكاكي ": كما ذكر كلامه في إعراب وحق غير موجه يعرف بالتأمل. وأما اعتراضه عليه في المسألة المستشهد بها فلا وجه لأنه يجيء.
م: (لتقدمه على حق المولى) ش: أي لتقدم كل واحد منها من دين العبد ومن حق ولي الجناية على حق المولى، كذا فسره الأترازي، وقال الكاكي: أي لتقدم حق العبد على حق المولى يكون مقدما على حق من يقوم مقامه وهو المرتهن وولي الجناية؛ لأن المرتهن يقوم مقام الولي في المالية وولي الجناية مقام الولي في ملك العين. وكذا فسره الأكمل رحمه الله، والفرق بين التفسيرين بحسب تفسيرهم قوله:" وحق الجناية ".
قال: فإن فضل شيء ودين غريم العبد مثل دين المرتهن أو أكثر فالفضل للراهن وبطل دين المرتهن لأن الرقبة استحقت لمعنى هو في ضمان المرتهن فأشبه الهلاك. قال: وإن كان دين العبد أقل سقط من دين المرتهن بقدر دين العبد وما فضل من دين العبد يبقى رهنا كما كان. ثم إن كان دين المرتهن قد حل أخذه به لأنه من جنس حقه. وإن كان لم يحل أمسكه حتى يحل. وإن كان ثمن العبد لا يفي بدين الغريم أخذ الثمن ولم يرجع بما بقي على أحد حتى يعتق العبد؛ لأن الحق في دين الاستهلاك يتعلق برقبته، وقد استوفيت فيتأخر إلى ما بعد العتق. قال: ثم إذا أدى بعده لا يرجع على أحد؛ لأنه وجب عليه بفعله. قال: وإن كانت قيمة العبد ألفين وهو رهن بألف وقد جنى العبد، يقال لهما: افدياه: لأن النصف منه مضمون، والنصف أمانة، والفداء في المضمون على المرتهن. وفي الأمانة على الراهن،
ــ
[البناية]
م: (قال: فإن فضل شيء) ش: أي من ثمن العبد الذي بيع م: (ودين غريم العبد) ش: الواو فيه للحال م: (مثل دين المرتهن أو أكثر فالفضل للراهن وبطل دين المرتهن؛ لأن الرقبة استحقت لمعنى هو في ضمان المرتهن فأشبه الهلاك) ش: أي هلاك العبد حيث يبطل دين المرتهن به.
م: (قال: وإن كان دين العبد أقل) ش: من دين المرتهن م: (سقط من دين المرتهن بقدر دين العبد) ش: لأن ذلك استحق بسبب كان في يد المرتهن م: (وما فضل من دين العبد يبقى رهنا كما كان) ش: رهنا أو لا.
م: (ثم إن كان دين المرتهن قد حل أخذه به) ش: أي بدينه م: (لأنه من جنس حقه) ش: فلا معنى لحسن الدرهم بالدرهم فيستوفيه م: (قال: وإن كان) ش: أي دينه م: (لم يحل أمسكه) ش: أي أمسك الباقي م: (حتى يحل) ش: دينه م: (وإن كان ثمن العبد لا يفي بدين الغريم أخذ الثمن ولم يرجع بما بقي) ش: من دينه م: (على أحد حتى يعتق العبد) ش: فإذا أعتق رجع عليه م: (لأن الحق في دين الاستهلاك يتعلق برقبته وقد استوفيت) ش: أي الرقبة قد استحقت بسبب كان في يده م: (فيتأخر) ش: أي الدين الباقي م: (إلى ما بعد العتق. قال: ثم إذا أدى بعده) ش: أي ثم إذا أدى العبد الباقي بعد العتق م: (ولا يرجع) ش: أي العبد م: (على أحد) ش: بما أدى م: (لأنه وجب عليه بفعله) ش: لأن الباقي وجب عليه بفعل نفسه.
م: (قال: وإن كان قيمة العبد ألفين وهو) ش: أي العبد م: (رهن بألف وقد جنى العبد) ش: جناية على النفس م: (يقال لهما) ش: أي للراهن والمرتهن م: (افدياه؛ لأن النصف منه مضمون، والنصف أمانة، والفداء في المضمون على المرتهن. وفي الأمانة على الراهن) ش: لأن النصف الجناية في الأمانة يلزم المالك للرقبة كما يلزم المودع وحكمها في المضمون يتعلق بالراهن، فلذلك قيل لهما: افديا فديا.
فإن أجمعا على الدفع دفعاه وبطل دين المرتهن والدفع لا يجوز في الحقيقة من المرتهن لما بينا، وإنما منه الرضا به. قال: فإن تشاحا فالقول لمن قال: أنا أفدي راهنا كان أو مرتهنا. أما المرتهن فلأنه ليس في الفداء إبطال حق الراهن، وفي الدفع الذي يختاره الراهن إبطال حق المرتهن، وكذا في جناية ولد الرهن إذا قال المرتهن: أنا أفدي له ذلك وإن كان المالك يختار الدفع؛ لأنه إن لم يكن مضمونا فهو محبوس بدينه وله في الفداء غرض صحيح ولا ضرر على الراهن، فكان له أن يفدي. وأما الراهن فلأنه ليس للمرتهن ولاية الدفع لما بينا، فكيف يختاره. قال: ويكون المرتهن في الفداء متطوعا في حصة الأمانة، حتى لا يرجع على الراهن؛ لأنه يمكنه أن لا يختاره فيخاطب الراهن
ــ
[البناية]
م: (فإن أجمعا على الدفع دفعاه) ش: ولفظ " دفعاه " يجوز؛ لأنه لدفع تمليك لا بملك المرتهن ذلك، وإنما معنى أن المرتهن رضي بالدفع حين امتنع من الفداء فدفع إلى الراهن وأضاف الدفع إليهما؛ لأنه تم باختيارهما، وإن لم يقم بفعله كذا ذكر القدوري في " شرحه "، م:(وبطل دين المرتهن والدفع لا يجور في الحقيقة من المرتهن لما بينا) ش: إشارة إلى قوله لأنه يملك التمليك. وفي بعض النسخ: لما ذكرنا م: (وإنما منه الرضا به) ش: أي من المرتهن الرضا بالدفع وقد ذكرنا هذا من شرح القدوري آنفا.
م: (قال: فإن تشاحا) ش: أي الراهن والمرتهن فقال المرتهن أنا أفدي، وقال الراهن أنا أدفع م:(فالقول لمن قال أنا أفدي راهنا كان أو مرتهنا. أما المرتهن فلأنه ليس في الفداء إبطال حق الراهن، وفي الدفع الذي يختاره الراهن إبطال حق المرتهن، وكذا في جناية ولد الرهن) ش: أي وكذا الحكم في جناية ولد الرهن م: (إذا قال المرتهن: أنا أفدي له ذلك وإن كان المالك يختار الدفع) ش: كلمة " إن " واصلة بما قبلها م: (لأنه) ش: أي لأن الولد م: (إن لم يكن مضمونا فهو محبوس بدينه) ش: أي بدين المرتهن، أي وللمرتهن م:(وله في الفداء غرض صحيح) ش: وهو أن يكون الولد رهنا كأصله، وكذا قاله شيخي العلاء.
وقال تاج الشريعة: عوض صحيح، أي حبس الرقبة لجانب الاستيفاء.
م: (ولا ضرر على الراهن) ش: لأن المرتهن لم يرجع عليه بشيء م: (فكان له أن يفدي. وأما الراهن فلأنه ليس للمرتهن ولاية الدفع لما بينا) ش: يعني به أن الرقبة ليست له، فكيف يملكها من غيره وهو معنى قوله م:(فكيف يختاره. قال: ويكون المرتهن في الفداء متطوعا في حصة الأمانة حتى لا يرجع على الراهن) ش: يعني إن كان الذي يختار الفداء هو المرتهن كان متطوعا في حصة الأمانة؛ لأن اختار مع تمكينه من الامتناع لحصول الراهن، فكان كالأجنبي م:(لأنه) ش: أي لأن المرتهن م: (يمكنه أن لا يختاره) ش: أي الفداء م: (فيخاطب الراهن) ش: لأنه بعدما التزم
فلما التزمه والحالة هذه كان متبرعا، وهذا على ما روي عن أبي حنيفة رحمه الله: أنه لا يرجع مع الحضور، وسنبين القولين إن شاء الله تعالى. قال: ولو أبى المرتهن أن يفدي وفداه الراهن، فإنه يجب على المرتهن نصف الفداء من دينه؛ لأن سقوط الدين أمر لازم فدى أو دفع فلم يجعل الراهن في الفداء متطوعا، ثم ينظر إن كان نصف الفداء مثل الدين أو أكثر بطل الدين، وإن كان أقل سقط من الدين بقدر نصف الفداء، وكان العبد رهنا بما بقي؛ لأن الفداء في النصف كان عليه، فإذا أداه الراهن وهو ليس بمتطوع كان له الرجوع عليه، فيصير قصاصا بدينه كأنه أوفى نصفه، فيبقى العبد رهنا بما بقي. قال: ولو كان المرتهن فدى والراهن حاضر فهو متطوع، وإن كان غائبا لم يكن متطوعا، وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله. وقال أبو يوسف ومحمد والحسن وزفر رحمهم الله: المرتهن متطوع في الوجهين؛ لأنه فدى ملك غيره بغير أمره، فأشبه الأجنبي.
ــ
[البناية]
المرتهن الفداء لا يتمكن الراهن من الدفع، فتغير الفداء يخاطب به م:(فلما التزمه والحالة هذه كان متبرعا) ش: أي فلما التزم الفداء المرتهن مع تمكينه الفداء يكون متبرعا.
م: (وهذا) ش: أي المذكور م: (على ما روي عن أبي حنيفة رحمه الله: أنه) ش: أي أن المرتهن م: (لا يرجع مع الحضور) ش: أي مع حضور الراهن أو كان غائبا م: (وسنبين القولين إن شاء الله تعالى) ش: والقولان وهما قول أبي حنيفة وقول مخالفيه؛ لأنه المذكور بعد هذا، فافهم، أي بعد هذا بخطوط عند قوله م:(قال: ولو أبى المرتهن أن يفدي وفداه الراهن) ش: حاضر، ولو أبى المرتهن أن يفدي وفداه الراهن م:(فإنه يجب المرتهن نصف الفداء من دينه؛ لأن سقوط الدين أمر لازم فدى أو دفع فلم يجعل الراهن في الفداء متطوعا، ثم ينظر إن كان نصف الفداء مثل الدين أو أكثر بطل الدين) ش: يعني أن موجب الجناية الدفع أو الفداء أو على التقديرين.
م: (وإن كان أقل سقط من الدين بقدر نصف الفداء، وكان العبد رهنا بما بقي؛ لأن الفداء في النصف كان عليه، فإذا أداه الراهن وهو ليس بمتطوع كان له الرجوع عليه، فيصير قصاصا بدينه كأنه أوفى نصفه، فيبقى العبد رهنا بما بقي. قال: ولو كان المرتهن فدى والراهن حاضر فهو متطوع، وإن كان غائبا) ش: أي غيبته منقطعة، ذكره في " الأسرار " م:(لم يكن متطوعا، وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله. وقال أبو يوسف ومحمد والحسن وزفر رحمهم الله: المرتهن متطوع في الوجهين) ش: أي الحضور والغيبة. وبه قالت الأئمة الثلاثة.
وروي عن أبي حنيفة عكس هذا، وهو: الراهن إذا كان حاضرا لا يكون متطوعا، وإن كان غائبا يكون متطوعا م:(لأنه فدى ملك غيره بغير أمره فأشبه الأجنبي) .
وله: أنه إذا كان الراهن حاضرا أمكنه مخاطبته، فإذا أفداه المرتهن فقد تبرع كالأجنبي، فأما إذا كان الراهن غائبا تعذر مخاطبته، والمرتهن يحتاج إلى إصلاح المضمون، ولا يمكنه ذلك إلا بإصلاح الأمانة فلا يكون متبرعا. قال: وإذا مات الراهن باع وصية الرهن وقضى الدين؛ لأن الوصي قائم مقامه. ولو تولى الموصي حيا بنفسه كان له ولاية البيع بإذن المرتهن، فكذا الوصية. قال: وإن لم يكن له وصي نصب القاضي له وصيا وأمره ببيعه؛ لأن القاضي نصب ناظرا لحقوق المسلمين إذا عجزوا عن النظر لأنفسهم، والنظر في نصب الوصي ليؤدي ما عليه لغيره ويستوفي ماله من غيره.
قال: وإن كان على الميت دين فرهن الوصي بعض التركة عند غريم من غرمائه لم يجز وللآخرين أن يردوه؛ لأنه آثر بعض الغرماء بالإيفاء الحكمي
ــ
[البناية]
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة: م: (أنه إذا كان الراهن حاضرا أمكنه مخاطبته، فإذا أفداه المرتهن فقد تبرع كالأجنبي، فأما إذا كان الراهن غائبا تعذر مخاطبته، والمرتهن يحتاج إلى إصلاح المضمون) ش: وهو تظهير الرهن عند الجناية م: (ولا يمكنه ذلك إلا بإصلاح الأمانة) ش: لأن الفداء للمرتهن لا يجزئ لكونه غائبا م: (فلا يكون متبرعا) .
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وإذا مات الراهن باع وصية الرهن وقضى الدين؛ لأن الوصي قائم مقامه. ولو تولى الموصي حيا) ش: أي حال كونه حيا م: (بنفسه كان له ولاية البيع بإذن المرتهن، فكذا الوصية) ش: أي البيع بإذن المرتهن وبلا إذنه لا يجوز؛ لأنه ولاء للوصي.
م: (قال: وإن لم يكن له) ش: أي للراهن الميت م: (وصي نصب القاضي له وصيا وأمره ببيعه؛ لأن القاضي نصب ناظرا لحقوق المسلمين إذا عجزوا عن النظر لأنفسهم، والنظر في نصب الوصي ليؤدي ما عليه لغيره ويستوفي ماله من غيره. قال: وإن كان على الميت دين فرهن الوصي بعض التركة عند غريم من غرمائه لم يجز للآخرين) ش: أي ولبقية الغرماء م: (أن يردوه؛ لأنه) ش: أي لأن الولي م: (آثر) ش: أي اختار م: (بعض الغرماء بالإيفاء الحكمي) ش: يعني أن موجب عقد الرهن ثبوت يد الاستيفاء للمرتهن.
وليس للوصي أن يخص بعض الغرماء بذلك، كذا قال تاج الشريعة.
وقال الحاكم الشهيد في " الكافي ": لأن في الرهن معنى إيفاء الدين من وجه على وجه طلب الحقيقة عند الهلاك، والوصي لا يكون بحل من إيفاء حق بعض الغرماء دون البعض لتعلق حقهم على السواء في التركة، إلا إذا قضى ديونهم قبل أن يردوه كما في الإيفاء الحقيقي.
فأشبه الإيثار بالإيفاء الحقيقي. قال: فإن قضى دينهم قبل أن يردوه جاز؛ لزوال المانع بوصول حقهم إليهم. قال: ولو لم يكن للميت غريم آخر جاز الرهن اعتبارا بالإيفاء الحقيقي. قال: وبيع في دينه؛ لأنه يباع فيه قبل الرهن فكذا بعده. قال: وإذا ارتهن الوصي بدين الميت على رجل جاز؛ لأنه استيفاء وهو يملكه، قال رضي الله عنه: وفي رهن الوصي تفصيلات نذكرها في كتاب الوصايا إن شاء الله تعالى.
ــ
[البناية]
وهذا الشرح لكلام المصنف قوله: م: (فأشبه الإيثار بالإيفاء الحقيقي) ش: فلا يجوز.
م: (قال: فإن قضى) ش: أي الوصي م: (دينهم) ش: أي دين الغرماء م: (قبل أن يردوه جاز لزوال المانع) ش: وهو إيثارهم بالإيفاء الحكمي م: (بوصول حقهم إليهم. قال: ولو لم يكن للميت غريم آخر) ش: غير الغرماء المذكورين م: (جاز الرهن اعتبارا بالإيفاء الحقيقي. قال: وبيع في دينه؛ لأنه يباع فيه قبل الرهن فكذا بعده) ش: لأنه لا مزاحم له.
م: (قال: وإذا ارتهن الوصي بدين للميت على رجل جاز؛ لأنه استيفاء) ش: أي لأن ارتهان الوصي من باب استيفاء الحقوق م: (وهو يملكه) ش: أي الوصي بملك الاستيفاء؛ لأنه نصب لاستيفاء الحقوق وإيفائها.
م: (قال رضي الله عنه) ش: أي المصنف: م: (في رهن الوصي تفصيلات، نذكرها في كتاب الوصايا إن شاء الله تعالى) ش: قال الأترازي: هذه حوالة غير رائجة؛ لأن رهن الوصي لم يذكره في كتاب الوصايا فضلا عن تفصيلاته، ثم طول الكلام فيه، وملخصه: أن الورثة إذا كانوا كلهم كبارا حضورا لا يجوز، وإن كانوا صغارا وكبارا إن كان الكبار حضورا ملك بدين على الميت في قول أبي حنيفة، وعندهما: لا يصح وإن كان بدين استدانه عليهم أو على الصغار: لم يصح في حق الكل بالإجماع، سواء كان الكبار حضورا أو غيبا. وإن كان بدين على الميت فلا يكون النظر واقعا للميت، بل يقع للوارث فلا يستقيم إثبات الولاية على غيره بتقدير النظر في حقه، ولو كان الرهن بدين استدانه في بقية الرقيق فالجواب فيه كالجواب فيما إذا كان الرهن بدين على الميت.