الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب القصاص فيما دون النفس
قال: ومن
قطع يد غيره عمدا من المفصل
قطعت يده، وإن كانت يده أكبر من اليد المقطوعة لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] وهو ينبئ عن المماثلة، فكل ما أمكن رعايتها فيه يجب فيه القصاص، وما لا فلا.
ــ
[البناية]
[باب القصاص فيما دون النفس]
[قطع يد غيره عمدا من المفصل]
م: (باب القصاص فيما دون النفس) ش: أي: هذا باب في بيان أحكام القصاص فيما دون النفس وهو الأطراف لأنه لما ذكر أحكام النفس أعقبها ببيان حكم ما دون النفس، والجزء يتبع الكل.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (ومن قطع يد غيره عمدا من المفصل قطعت يده) ش: هذا كلام القدوري رحمه الله، وقال المصنف: م: (وإن كانت يده أكبر من اليد المقطوعة) ش: أي: وإن كانت يد القاطع أكبر من يد المقطوع، وقال الكرخي في "مختصره": وكل عمد بآلة جارحة من مفصل ففيه القصاص، وما كان من غير المفاصل فلا قصاص فيه. فإذا بان الكف من الزند ومن مفصل الذراع أو القدم من مفصل القدم أو إصبعا في الكف من المفصل، أو مفصلًا من مفاصل الإصبع، ففيه القصاص وسواء كانت الجناية فيما دون النفس بسلاح أو غيره وذلك سواء، وفيه القصاص إذا اعتمد ذلك م: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] ش: وفي " الإيضاح ": وغيره: القصاص فيما دون النفس مشروع بهذه الآية «لحديث ربيع عمة أنس بن مالك: "أنها كسرت سن جارية من الأنصار فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بالقصاص» وهو مشهور وبإجماع الأئمة رضي الله عنهم.
م: (وهو) ش: أي القصاص م: (ينبئ عن المماثلة فكل ما أمكن رعايتها فيه) ش: أي: في رعاية المماثلة فيه م: (يجب فيه القصاص، وما لا فلا) ش: أي: وما لم يكن فيه رعاية المماثلة فلا يجب القصاص كما إذا كسر عظما أو ساعدا أو كسر ضلعا أو ترقوة أو ما أشبه ذلك ففيه حكومة عدل، وإذا أجرى الأطراف مجرى الأموال، اعتبرت المماثلة ولأنهم أجمعوا أن الصحيحة لا تؤخذ بالشلاء ولا بالنشاء قصة الأصابع لعدم المماثلة، وأجمعوا أيضا أن اليمنى لا تؤخذ باليسرى، ولا اليسرى باليمنى، ولا يؤخذ شيء من الأعضاء إلا بمثله من القاطع، الإبهام بالإبهام، والسبابة بالسبابة، والوسطى بالوسطى، والخنصر بالخنصر، والبنصر بالبنصر. وكذلك الأسنان: الثنية بالثنية، والناب بالناب، والضرس بالضرس. ولا يؤخذ الأعلى بالأسفل، ولا الأسفل بالأعلى.
وكذلك الشجاج والجراحات لا تقتضي فيما يجب القصاص منه إلا في موضع الشجة والجراحة في المشجوج والمجروح.
وقد أمكن في القطع من المفصل فاعتبر ولا معتبر بكبر اليد وصغرها؛ لأن منفعة اليد لا تختلف بذلك، وكذلك الرجل ومارن الأنف والأذن لإمكان رعاية المماثلة. قال: ومن ضرب عين رجل فقلعها لا قصاص عليه لامتناع المماثلة في القلع، وإن كانت قائمة فذهب ضوؤها فعليه القصاص لإمكان المماثلة على ما قال في الكتاب: تحمى له المرآة ويجعل على وجهه قطن رطب وتقابل عينه بالمرآة فيذهب ضوؤها، وهو مأثور عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم.
ــ
[البناية]
م: (وقد أمكن في القطع) ش: أي في قطع اليد م: (من المفصل فاعتبر) ش: لإمكان م: (ولا معتبر بكبر اليد وصغرها؛ لأن منفعة اليد لا تختلف بذلك) ش: أي: بكونها صغيرة أو كبيرة لأن منفعة اليد وهو البطش لا يختلف بالصغر والكبر، ولا يعلم فيه خلاف.
قال القدوري م: (وكذلك الرجل) ش: أي: وكذلك يجب القصاص إذا قطع رجل إنسان عمدا من مفصل م: (ومارن الأنف) ش: وهو ما لان منه م: (والأذن لإمكان رعاية المماثلة) ش: وإنما قيد بالمارن لأنه إذا قطع قصبة الأنف لا يجب القصاص لأنها عظم، ولا قصاص في العظم سوى السن، وأما الأذن إذا قطع كلها وجب القصاص لإمكان المماثلة، وإن قطع بعضها. والقطع: حد يعرف أمكنه المماثلة فيجب القصاص " وإن لم يكن يعرف سقط القصاص كذا ذكره القدوري في "شرحه ".
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله م: (ومن ضرب عين رجل فقلعها لا قصاص عليه لامتناع المماثلة في القلع، وإن كانت قائمة فذهب ضوؤها فعليه القصاص لإمكان المماثلة على ما قال في الكتاب) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (تحمى له المرآة ويجعل على وجهه قطن رطب وتقابل عينه بالمرآة فيذهب ضوؤها، وهو مأثور عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم) ش: هذا الحكم بهذه الصورة نقلت عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم.
قال القدوري رحمه الله في "شرحه ": روي أن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حكم بذلك بحضرة الصحابة من غير خلاف لأن هذا حدث في زمن عثمان - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " فسأل عنه الصحابة رضي الله عنهم فلم يكن عندهم فيه شيء حتى جاء علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فقضى بذلك، وعمل عليه عثمان - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.
وروى عبد الرزاق في "مصنفه ": أخبرنا معمر عن رجل، عن الحكم ابن علية، قال لهم رجل رجلًا فذهب بصره وعينه قائمة، فأرادوا أن يقيدوا منه ما عليه وعليهم وعلى الناس كيف يقيدونه، وجعلوا لا يدرون كيف يصنعون، فأتاهم علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فأمر أن يجعل على عينه كرسف، ثم استقبل به الشمس وأدنى من عينه مرآة، فقطع بصره وعينه قائمة.