الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فينتصب أحد الورثة خصما عن الباقين، وله: أن القصاص طريقه طريق الخلافة دون الوراثة، ألا ترى أن ملك القصاص يثبت بعد الموت، والميت ليس من أهله بخلاف الدين والدية: لأنه من أهل الملك في الأموال، كما إذا نصب شبكة فتعلق بها صيد بعد موته فإنه يملكه. وإذا كان طريقه الإثبات ابتداء لا ينتصب أحدهم خصما عن الباقين فيعيد البينة بعد حضوره. فإن كان أقام القاتل البينة أن الغائب قد عفا فالشاهد خصم ويسقط القصاص، لأنه ادعى على الحاضر سقوط حقه في القصاص إلى مال ولا يمكنه إثباته إلا بإثبات العفو من الغائب، فينتصب الحاضر خصما عن الغائب. وكذلك عبد بين رجلين قتل عمدا وأحد الرجلين غائب فهو على هذا لما بيناه.
قال: فإن كان
الأولياء ثلاثة فشهد اثنان منهم على الآخر أنه قد عفا
ــ
[البناية]
فإذا كان كذلك م: (فينتصب أحد الورثة خصمًا عن الباقين) ش: لأنهم كالوكلاء عن الميت فينفر كل منهم بإثبات حقوقه.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة رحمه الله: م: (أن القصاص طريقه طريق الخلافة دون الوراثة) ش: وهو أن يثبت الملك ابتداء للوارث دون المورث لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: 33] ثم أوضح ذلك بقوله: م: (ألا ترى أن ملك القصاص يثبت بعد الموت، والميت ليس من أهله) ش: أي من أهل القصاص، لأنه شرع للتشفي ودرك الثأر كالعبد إذا نصب فإنه يثبت الملك للمولى ابتداء بطريق الخلافة لأن العبد ليس بأهل للملك.
م: (بخلاف الدين والدية) ش: هذا جواب عن قولهما "كالدين " م: (لأنه) ش: أي لأن الميت م: (من أهل الملك في الأموال، كما إذا نصب شبكة فتعلق بها صيد بعد موته فإنه يملكه وإذا كان طريقه الإثبات ابتداء لا ينتصب أحدهم خصما عن الباقين فيعيد) ش: أي الغائب م: (البينة بعد حضوره، فإن كان أقام القاتل البينة أن الغائب قد عفا فالشاهد خصم) ش: أي الحاضر خصم في ذلك.
م: (ويسقط القصاص؛ لأنه ادعى على الحاضر سقوط حقه في القصاص إلى مال ولا يمكنه إثباته إلا بإثبات العفو من الغائب، فينتصب الحاضر خصمًا عن الغائب، وكذلك عبد بين رجلين قتل عمدا وأحد الرجلين غائب فهو على هذا) ش: الحكم المذكور م: (لما بيناه) ش: وهو: أن القود مشترك بينهما، فالقاتل يدعي بطلان حق الحاضر واتباعًا له، ولا يمكنه إثبات ذلك إلا بإثبات العفو عن الغائب، فصار الغائب مقضيا عليه، ويحتمل أن يكون قوله:"على ما بيناه" من أن ملك القود يثبت عندهما بطريق الوراثة؛ لأن العفو تبقى في حق الدم على أصل الحرية وعنده بطريق الخلافة.
[الأولياء ثلاثة فشهد اثنان منهم على الآخر أنه قد عفا]
م: (قال) ش: أي محمد رحمه الله في الجامع الصغير م: (فإن كان الأولياء ثلاثة) ش: أي وإن كان أولياء المقتول عمدًا ثلاثة النفس. م: (فشهد اثنان منهم على الآخر أنه قد عفا) ش: أي عن
فشهادتهما باطلة وهو عفو منهما لأنهما يجران بشهادتهما إلى أنفسهما مغنما، وهو انقلاب القود مالا فإن صدقهما القاتل فالدية بينهم أثلاثا. معناه إذا صدقهما وحده، لأنه لما صدقهما فقد أقر بثلثي الدية لهما فصح إقراره، إلا أنه يدعى سقوط حق المشهود عليه، وهو ينكر فلا يصدق ويغرم نصيبه، وإن كذبهما فلا شيء لهما وللآخر ثلث الدية ومعناه إذا كذبهما القاتل أيضا، وهذا لأنهما أقرا على أنفسهما بسقوط القصاص فقبل وادعيا انقلاب نصيبهما مالا فلا يقبل إلا بحجة، وينقلب نصيب المشهود عليه مالا لأن دعواهما العفو عليه وهو ينكر بمنزلة ابتداء العفو منهما في حق المشهود عليه؛ لأن سقوط القود مضاف إليهما، وإن صدقهما المشهود عليه وحده غرم القاتل ثلث الدية للمشهود عليه لإقراره له
ــ
[البناية]
القصاص م: (فشهادتهما باطلة وهو عفو) ش: لأنهما زعما أن القود قد سقط وزعمهما معتبر فيه.
م: (منهما لأنهما يجران) ش: هذا تعليل لقوله (فشهادتهما باطلة) ولم يذكر تعليل قوله: وزعمهما معتبر في حقهما، ونحن ذكرناه الآن: أن الوليين من الأولياء الثلاثة يجران م: (بشهادتهما إلى أنفسهما مغنما وهو انقلاب القود مالا فإن صدقهما القاتل فالدية بينهم أثلاثا) ش: هذا لفظ محمد رحمه الله في " الجامع الصغير " أن جميع الدية للأولياء الثلاثة أثلاثًا وتتأتى فيه القسمة الفعلية؛ لأنه إما أن يصدقهم القاتل، والمشهود عليه جميعا أو يكذبهما أو يصدقهما القاتل دون المشهود عليه أو بالعكس، والمذكور في الكتاب أولا: أن يصدقهما القاتل وحده وفيه الدية بينهم أثلاثًا.
وقال المصنف رحمه الله م: (معناه: إذا صدقهما وحده) ش: يعني إذا صدق القاتل الشاهدين وحده ولم يصدق المشهود عليه بل كذبهما قيد به لأنه إذا صدق المشهود عليه مع القاتل أيضًا سقط حقه في الدية لإقراره بالعفو. م: (لأنه لما صدقهما فقد أقر بثلثي الدية لهما فصح إقراره، إلا أنه يدعي سقوط حق المشهود عليه، وهو ينكر فلا يصدق ويغرم نصيبه. وإن كذبهما) ش: أي وإن كذبهما القاتل م: (فلا شيء لهما) ش: أي للشاهدين م: (وللآخر) ش: وهو المشهود عليه م: (ثلث الدية، ومعناه إذا كذبهما القاتل) ش: والمشهود عليه م: (أيضا) .
ش: وفي بعض النسخ: معناه: إذا كذبهما القاتل أيضًا، فعلى تلك النسخة يكون تقدير قوله:"وإن كذبهما " أي المشهود عليه والأول أصح.
م: (وهذا) ش: توضيح لما قبله م: (لأنهما أقرا على أنفسهما بسقوط القصاص فقبل وادعيا انقلاب نصيبهما مالًا فلا يقبل إلا بحجة، وينقلب نصيب المشهود عليه مالًا لأن دعواهما العفو عليه وهو ينكر بمنزلة ابتداء العفو منهما في حق المشهود عليه، لأن سقوط القود مضاف إليهما وإن صدقهما المشهود عليه وحده) ش: يعني وكذبهما القاتل م: (غرم القاتل ثلث الدية للمشهود عليه لإقراره له بذلك) ش: