الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في شهادة الوصي
قال: وإذا شهد الوصيان أن الميت أوصى إلى فلان معهما فالشهادة باطلة؛ لأنهما متهمان فيهما لإثباتهما معينا لأنفسهما. قال: إلا أن يدعيها المشهود له، وهذا استحسان، وهو في القياس كالأول لما بينا من التهمة، وجه الاستحسان أن للقاضي ولاية نصب الوصي ابتداء أو ضم آخر إليهما برضاه بدون شهادتهما، فيسقط بشهادتهما مؤنة التعيين عنه، أما الوصاية فتثبت بنصب القاضي.
ــ
[البناية]
[فصل في شهادة الوصي]
م: (فصل في شهادة الوصي) ش: أي هذا فصل في بيان أحكام شهادة الوصي، وإنما أخر هذه لكونها عارضة فيها غير أصلية، والأصل عدم العارض.
م: (قال: وإذا شهد الوصيان أن الميت أوصى إلى فلان معهما) ش: أي مع الوصيين م: (فالشهادة باطلة لأنهما متهمان فيها) ش: أي في هذه الشهادة م: (لإثباتهما معينا لأنفسهما) ش: قال عليه السلام: «لا شهادة لمتهم» وهذا لا نعلم فيه خلافا.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع ": م: (إلا أن يدعيها المشهود له) ش: ولفظه في " الجامع " محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنه في الوصيين يشهدان: أن الميت أوصى إلى هذا معهما قال: إن ادعى ذلك فشهادتهما باطلة، وكذلك الوارثان يشهدان بذلك، قالوا في شرح " الجامع الصغير ": م: (وهذا استحسان) ش: وأخذ المصنف هذا وقال هذا، وأشار به إلى قوله: إلا أن يدعيهما المشهود استحسانا م: (وهو في القياس كالأول) ش: أي كالوجه الأول، وهو البطلان. وذكر وجه القياس بقوله: م: (لما بينا من التهمة) ش: لأنها شهادتان للشاهد أو لأبيه.
م: (وجه الاستحسان: أن للقاضي ولاية نصب الوصي ابتداء أو ضم آخر إليهما) ش: أي إلى الوصيين م: (برضاه) ش: أي برضى الآخر م: (بدون شهادتهما) ش: لأن الولاية للقاضي لا تكون بهذه الشهادة، فإذا كان كذلك م:(فيسقط بشهادتهما مؤنة التعيين عنه) ش: أي عن القاضي. مثاله أن القرعة ليست بحجة، ويجوز استعمالها في تعيين الإيصاء لدفع التهمة عن القاضي فصلحت دامغة لا حجة، فكذلك هذه الشهادة تدفع عنه مؤنة التعيين.
م: (أما الوصاية فتثبت بنصب القاضي) ش: فلا يحتاج إلى الشهادة؛ لأن الشاهدين لو سألا القاضي بأن يجعل هذا الرجل وصيا وهو راغب فيه أجابهما إلى ذلك بخلاف الوكالة، فإنهما لو سألاه أن يوكل هذا الرجل عن أيهما لا يفعل؛ لأنه ليس له ولاية في مال أبيهما.
قال: وكذلك الابنان، معناه: إذا شهدا أن الميت أوصى إلى رجل وهو ينكر؛ لأنهما يجران إلى أنفسهما نفعا بنصب حافظ للتركة. ولو شهدا، يعني الوصيين، لوارث صغير بشيء من مال الميت أو غيره فشهادتهما باطلة؛ لأنهما يظهران ولاية التصرف لأنفسهما في المشهود به. قال: وإن شهدا لوارث كبير في مال الميت لم يجز. وإن كان في غير مال الميت جاز، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله. وقالا: إن شهدا لوارث كبير تجوز في الوجهين؛ لأنه لا يثبت لهما ولاية التصرف في التركة إذا كانت الورثة كبارا فعريت عن التهمة، وله: أنه يثبت لهما ولاية الحفظ وولاية بيع المنقول عند غيبة الوارث وتحققت التهمة. بخلاف شهادتهما في غير التركة لانقطاع ولاية وصي الأب عنه؛ لأن الميت أقامه مقام نفسه في تركته لا في غيرها. قال: وإذا شهد رجلان لرجلين على ميت بدين ألف درهم وشهد الآخران للأولين بمثل ذلك جازت شهادتهما، فإن كانت شهادة كل فريق للآخر بوصية ألف درهم لم تجز، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله -. وقال أبو يوسف رحمه الله:
ــ
[البناية]
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع ": م: (وكذلك الابنان) ش: هذا لفظ محمد رحمه الله، وهو معطوف على المستثنى منه، وهو قوله: فالشهادة باطلة وقال المصنف: م: (معناه) ش: أي معنى قول محمد رحمه الله وكذلك الابنان م: (إذا شهدا أن الميت أوصى إلى رجل وهو ينكر؛ لأنهما يجران إلى أنفسهما نفعا بنصب حافظ للتركة) ش: وفيه تهمة فلا تقبل.
م: (ولو شهدا، يعني الوصيين، لوارث صغير بشيء من مال الميت أو غيره) ش: أي أو غير مال الميت م: (فشهادتهما باطلة؛ لأنهما يظهران ولاية التصرف لأنفسهما في المشهود به، قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (وإن شهدا لوارث كبير في مال الميت لم يجز وإن كان في غير مال الميت جاز، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله) .
م: (وقالا: إن شهدا لوارث كبير تجوز في الوجهين) ش: لوارث كبير في مال الميت وفي غيره مال الميت م: (لأنه لا يثبت لهما ولاية التصرف في التركة إذا كانت الورثة كبارا فعريت) ش: أي الشهادة م: (عن التهمة وله) ش: ولأبي حنيفة رحمه الله: م: (أنه يثبت لهما) ش: الضمير في " أنه " للشأن، وهي لهما - الوصيان - م:(ولاية الحفظ وولاية بيع المنقول عند غيبة الوارث وتحققت التهمة. بخلاف شهادتهما في غير التركة لانقطاع ولاية وصي الأب عنه؛ لأن الميت أقامه مقام نفسه في تركته لا في غيرها) .
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع ": م: (وإذا شهد رجلان لرجلين على ميت بدين ألف درهم، وشهد الآخران للأولين بمثل ذلك جازت شهادتهما، وإن كانت شهادة كل فريق للآخرين بوصية ألف درهم لم يجز، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله -. وقال أبو يوسف رحمه الله:
لا تقبل في الدين أيضا، وأبو حنيفة رحمه الله فيما ذكر الخصاف مع أبي يوسف رحمه الله. وعن أبي يوسف رحمه الله مثل قول محمد رحمه الله وجه القبول: أن الدين يجب في الذمة وهي قابلة لحقوق شتى فلا شركة، ولهذا لو تبرع أجنبي بقضاء دين أحدهما ليس للآخر حق المشاركة. وجه الرد: أن الدين بالموت يتعلق بالتركة، إذ الذمة خربت بالموت، ولهذا لو استوفى أحدهما حقه من التركة، يشاركه الآخر فيه، فكانت الشهادة مثبتة حق الشركة، فتحققت التهمة. بخلاف حال حياة المديون؛ لأنه في الذمة لبقائها لا في المال فلا تتحقق الشركة. قال: ولو شهدا أنه أوصى لهذين الرجلين بجاريته،
ــ
[البناية]
لا تقبل) ش: الشهادة عند أبي حنيفة رحمه الله م: (في الدين أيضا، وأبو حنيفة رحمه الله فيما ذكر الخصاف مع أبي يوسف رحمه الله) ش: كما قال أبو يوسف رحمه الله، ولفظ الخصاف في كتاب " أدب القاضي " لو أن رجلا مات بدين ألف درهم وترك لورثته مالا فشهد رجلان لرجلين على الميت بدين ألف درهم، فإن أبا حنيفة وابن أبي ليلى وأبا يوسف رحمهم الله قالوا: الشهادة باطلة من قبل أنهم يشتركون فيما قبض كل واحد منهم وروى محمد بن الحسن في " الجامع الصغير " عن أبي حنيفة رحمه الله: أن الشهادة جائزة، وروى الحسن بن أبي زياد عن أبي حنيفة رحمه الله أنهم إن جاءوا جميعا فالشهادة باطلة.
م: (وعن أبي يوسف رحمه الله مثل قول محمد رحمه الله) ش: أي تجوز شهادة كل فريق في حق الدين ولا تجوز في الوصية. قال الكاكي: وإنما خص قول محمد هنا مع أنه قيل: هذا قول أبي حنيفة ومحمد؛ لتقرر قول محمد في ذلك واضطراب قول أبي حنيفة رحمه الله فصار عن أبي حنيفة روايتان، وعن أبي يوسف كذلك، وعن محمد رواية واحدة.
م: (وجه القبول: أن الدين يجب في الذمة وهي) ش: أي الذمة م: (قابلة لحقوق شتى) ش: أي كثيرة متفرقة م: (فلا شركة) ش: أي في ذلك فلا تهمة.
م: (ولهذا) ش: أي ولأجل عدم الشركة م: (لو تبرع أجنبي بقضاء دين أحدهما ليس للآخر حق المشاركة، وجه الرد أن الدين بالموت يتعلق بالتركة، إذ الذمة خربت بالموت، ولهذا لو استوفى أحدهما حقه من التركة يشاركه الآخر فيه) ش: أي في الذي استوفاه م: (فكانت الشهادة مثبتة حق الشركة فتحققت التهمة) ش: فلا تقبل الشهادة.
م: (بخلاف حال حياة المديون؛ لأنه) ش: أي لأن الدين م: (في الذمة لبقائها لا في المال) ش: أي لبقاء الذمة، ولهذا يأخذه الآخر لا يكون للآخر فيه أن يشاركه فيه، فإذا كان كذلك م:(فلا تتحقق الشركة) .
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع ": م: (ولو شهدا أنه أوصى لهذين الرجلين بجاريته؛
وشهد الشهود لهما أن الميت أوصى للشاهدين بعبده جازت الشهادة بالاتفاق؛ لأنه لا شركة فلا تهمة قال: ولو شهدا أنه أوصى لهذين الرجلين بثلث ماله وشهد المشهود لهما: أنه أوصى للشاهدين بثلث ماله فالشهادة باطلة. وكذا إذا شهد الأولان أن الميت أوصى لهذين الرجلين بعبد وشهد المشهود لهما أنه أوصى للأولين بثلث ماله فهي باطلة؛ لأن الشهادة في هذه الصورة مثبتة للشركة.
ــ
[البناية]
وشهد الشهود لهما أن الميت أوصى للشاهدين بعبده جازت الشهادة بالاتفاق؛ لأنه لا شركة فلا تهمة. قال) ش: أي محمد م: (ولو شهدا أنه أوصى لهذين الرجلين بثلث ماله وشهد المشهود لهما أنه أوصى للشاهدين بثلث ماله فالشهادة باطلة. وكذا إذا شهد الأولان أن الميت أوصى لهذين الرجلين بعبد وشهد المشهود لهما أنه أوصى للأولين بثلث ماله فهي باطلة؛ لأن الشهادة في هذه الصورة مثبتة للشركة) ش: وذلك لأنهم يشتركون في ثلث العبد.