الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القبض ألفا والدين ألفا، يقسم الدين أثلاثا في الزيادة ثلث الدين. وفي الأصل ثلثا الدين اعتبارا بقيمتهما في وقتي الاعتبار، وهذا لأن الضمان في كل واحد منهما يثبت بالقبض، فتعتبر قيمة كل واحد منهما وقت القبض. وإذا ولدت المرهونة ولدا ثم إن الراهن زاد مع الولد عبدا وقيمة كل واحد ألف، فالعبد رهن مع الولد خاصة يقسم ما في الولد عليه، وعلى العبد الزيادة؛ لأنه جعله زيادة مع الولد دون الأم. ولو كانت الزيادة مع الأم يقسم الدين على قيمة الأم يوم العقد، وعلى قيمة الزيادة يوم القبض، فما أصاب الأم قسم عليها وعلى ولدها؛ لأن الزيادة دخلت على الأم.
قال: فإن
رهن عبدا يساوي ألفا بألف، ثم أعطاه عبدا آخر قيمته ألف رهنا مكان الأول
، فالأول رهن حتى يرده إلى الراهن والمرتهن في الآخر، أمين حتى يجعله مكان الأول لأن الأول إنما دخل في ضمانه بالقبض والدين، وهما باقيان فلا
ــ
[البناية]
القبض، وعلى قيمة الزيادة يوم قبضت، حتى لو كانت قيمة الزيادة يوم قبضها خمسمائة، وقيمة الأول يوم القبض ألفا والدين ألفا، يقسم الدين أثلاثا في الزيادة ثلث الدين وفي الأصل ثلثا الدين اعتبارا بقيمتهما في وقتي الاعتبار) ش: وهما وقت القبض.
م: (وهذا) ش: توضيح لما قبله م: (لأن الضمان في كل واحد منهما يثبت بالقبض، فتعتبر قيمة كل واحد منهما وقت القبض) ش: ثم ذكر على سبيل التفريع. قوله م: (وإذا ولدت المرهونة ولدا ثم إن الراهن زاد مع الولد عبدا وقيمة كل واحد ألف، فالعبد رهن مع الولد خاصة يقسم ما في الولد عليه، وعلى العبد الزيادة؛ لأنه جعله زيادة مع الولد دون الأم. ولو كانت الزيادة مع الأم) ش: بأن قال: رهنتك هذا العبد مع الأم م: (يقسم الدين على قيمة الأم يوم العقد، وعلى قيمة الزيادة يوم القبض، فما أصاب الأم قسم عليها وعلى ولدها؛ لأن الزيادة دخلت على الأم) ش: قال الكرخي: ولم يزد الغلام مع الأم وزاده مع ولده هذه زيادة في الولد نماء في عتق الولد من الرهن، ثم زاد الولد حتى صار يساوي ألفين كان هو والغلام رهنا بثلثي الألف. فإن مات الولد صار الغلام رهنا بغير شيء ورده على الراهن.
ولو ماتت الأم وبقي ولدها وقيمته ألف مثل قيمة الأم فإن الأم تذهب بمائتين وخمسين، وبذلك لأن الدين انقسم فيها، وفي الزيادة نصفين فأصابها خمسمائة فانقسمت فيها وفي ولدها نصفين. ولو زادت قيمة الأم ثم يعتبر ما في الزيادة ولم ينقص ذلك ولم يزد.
[رهن عبدا يساوي ألفا بألف ثم أعطاه عبدا آخر قيمته ألف رهنا مكان الأول]
م: (قال) ش: أي قال محمد رحمه الله في " الجامع الصغير " م: (فإن رهن عبدا يساوي ألفا بألف، ثم أعطاه عبدا آخر قيمته ألف رهنا مكان الأول فالأول رهن حتى يرده إلى الراهن والمرتهن في الآخر أمين حتى يجعله مكان الأول؛ لأن الأول إنما دخل في ضمانه بالقبض والدين، وهما باقيان فلا
يخرج عن الضمان إلا بنقض القبض ما دام الدين باقيا، وإذا بقي الأول في ضمانه لا يدخل الثاني في ضمانه؛ لأنهما رضيا بدخول أحدهما فيه لا بدخولهما، فإذا رد الأول دخل الثاني في ضمانه، ثم قيل: يشترط تجديد القبض؛ لأن يد المرتهن على الثاني يد أمانة، ويد الرهن يد استيفاء وضمان، فلا ينوب عنه، كمن له على آخر جياد فاستوفى زيوفا ظنها جيادا ثم علم بالزيافة وطالبه بالجياد وأخذها، فإن الجياد أمانة في يده ما لم يرد الزيوف ويجدد القبض، وقيل: لا يشترط؛ لأن الرهن تبرع كالهبة على ما بيناه من قبل. وقبض الأمانة ينوب عن قبض الهبة، ولأن الرهن عينه أمانة، والقبض يرد على العين فينوب قبض الأمانة عن قبض العين ولو أبرأ المرتهن الراهن عن الدين أو وهبه منه ثم هلك الرهن في المرتهن يهلك بغير شيء استحسانا خلافا لزفر: لأن الرهن مضمون بالدين أو بجهته عند توهم الوجود كما في الدين الموعود. ولم يبق الدين بالإبراء أو الهبة ولا جهة
ــ
[البناية]
يخرج عن الضمان، إلا بنقض القبض) ش: وهذا احتراز عن الإبراء على ما يجيء، فإن الإبراء يرتفع الضمان، وإن لم ينقض القبض بالرد إلى الراهن م:(ما دام الدين باقيا، وإذا بقي الأول في ضمانه لا يدخل الثاني في ضمانه؛ لأنهما رضيا بدخول أحدهما فيه لا بدخولهما، فإذا رد الأول دخل الثاني في ضمانه) .
م: (ثم قيل: يشترط تجديد القبض؛ لأن يد المرتهن على الثاني يد أمانة، ويد الرهن يد استيفاء وضمان، فلا ينوب عنه، كمن له على آخر جياد فاستوفى زيوفا ظنها جيادا ثم علم بالزيافة وطالبه بالجياد وأخذها، فإن الجياد أمانة في يده ما لم يرد الزيوف ويجدد القبض، وقيل: لا يشترط) ش: أي تجديد القبض م: (لأن الرهن تبرع كالهبة على ما بيناه من قبل) ش: أي في صدر الكتاب م: (وقبض الأمانة ينوب عن قبض الهبة؛ ولأن الرهن عينه أمانة، والقبض يرد على العين) أي قصدا، وعلى المالية ضمنا م:(فينوب قبض الأمانة عن قبض العين) .
وقوله: م: (ولو أبرأ المرتهن الراهن) ش: إلى آخر كتاب الرهن، ذكرت على سبيل التفريع م:(عن الدين أو وهبه منه ثم هلك الرهن في يد المرتهن يهلك بغير شيء استحسانا خلافا لزفر) ش: هو القياس؛ لأن الضمان في باب الرهن إنما يجب باعتبار القبض وهو قائم، فكان بعد الإبراء وقبله سواء، ولهذا كان مضمونا بعد الاستيفاء. وإن لم يبق الدين بعد قوله: م: (لأن الرهن مضمون بالدين) ش: دليل أصحابنا وبه قالت الأئمة الثلاثة، بيانه أنه لما كان مضمونا بالدين فات بالإبراء.
م: (أو بجهته) ش: دليل آخر، أي أو الرهن مضمون بحصة الدين م:(عند توهم الوجود كما في الدين الموعود) ش: أي عند وجود الدين، كما إذا قبض الرهن ليفرضه فهلك قبل الإقراض هلك مضمونا م:(ولم يبق الدين بالإبراء أو الهبة) ش: أي بسببها م: (ولا جهة) ش: أي في جهة
لسقوطه، إلا إذا أحدث منعا؛ لأنه يصير به غاصبا إذ لم يبق له ولاية المنع. وكذا إذا ارتهنت المرأة رهنا بالصداق فأبرأته أو وهبته أو ارتدت والعياذ بالله قبل الدخول، أو اختلعت منه على صداقها ثم هلك الرهن في يدها يهلك بغير شيء في هذا كله ولم تضمن شيئا لسقوط الدين كما في الإبراء. ولو استوفى المرتهن الدين بإيفاء الراهن أو بإيفاء متطوع ثم هلك الرهن في يده يهلك بالدين ويجب عليه رد ما استوفى إلى ما استوفى منه، وهو من عليه أو المتطوع، بخلاف الإبراء ووجه الفرق: أن بالإبراء يسقط الدين أصلا كما ذكرنا، وبالاستيفاء لا يسقط لقيام الموجب، إلا أنه يتعذر الاستيفاء لعدم الفائدة؛ لأنه يعقب مطالبة مثله، فأما هو في نفسه فقائم، فإذا هلك يتقرر الاستيفاء الأول فانتقض الاستيفاء الثاني.
ــ
[البناية]
الدين م: (لسقوطه) ش: أي لسقوط الدين، قيد به لأن الدين بالاستيفاء ينتهي ولا يسقط كما يجيء.
م: (إلا إذا أحدث) ش: جواب عما يقال سقوط الدين لا يوجب سقوط الضمان، فإنه إذا طالبه الراهن ومنع المرتهن بعد الإبراء فإنه يضمن وقد سقط الدين، وبيان الجواب بقوله إلا إذا أحدث م:(منعا؛ لأنه يصير به غاصبا إذ لم يبق ولاية المنع، وكذا) ش: أي الحكم م: (إذا ارتهنت المرأة رهنا بالصداق فأبرأته أو وهبته أو ارتدت والعياذ بالله قبل الدخول، أو اختلعت منه على صداقها ثم هلك الرهن في يدها يهلك بغير شيء في هذا كله) ش: أي في هذا المذكور كله م: (ولم تضمن) ش: أي المرأة م: (شيئا لسقوط الدين كما في الإبراء) ش: أي كما لا تضمن في الإبراء.
م: (ولو استوفى المرتهن الدين بإيفاء الراهن أو بإيفاء متطوع ثم هلك الرهن في يده يهلك بالدين، ويجب عليه) ش: أي على المرتهن م: (رد ما استوفى إلى ما استوفى منه، وهو من عليه أو المتطوع) ش: وقال زفر رحمه الله والأئمة الثلاثة: لا يجب عليه ذلك؛ لأن الرهن بعد الاستيفاء أمانة في يده م: (بخلاف الإبراء) ش: يعني في صورة الإبراء يهلك بغير شيء.
م: (ووجه الفرق) ش: أي بين هلاك الرهن بعد استيفاء الدين حيث يهلك بالدين، وبين هلاكه بعد الإبراء حيث يهلك بغير شيء: م: (أن بالإبراء يسقط الدين أصلا كما ذكرنا، وبالاستيفاء لا يسقط لقيام الموجب) ش: للضمان، وهو قبض الرهن م:(إلا أنه) ش: أي غير أنه م: (يتعذر الاستيفاء) ش: أي الاستيفاء المرتهن م: (لعدم الفائدة) ش: لأنه لما استوفى ثانيا يطالبه الراهن بمثله، وهو معنى قوله: م: (لأنه يعقب مطالبة مثله، فأما هو) ش: يعني تعدد الاستيفاء م: (في نفسه فقائم، فإذا هلك) ش: يعني الرهن م: (يتقرر الاستيفاء الأول) ش: وهو الاستيفاء الحكمي، فأما هو، أي الدين باستيفاء حكم الاستيفاء إلى وقت قبض الرهن، م:(فانتقض الاستيفاء الثاني) ش: وهو الاستيفاء الحقيقي لئلا يتكرر الاستيفاء.
وكذا إذا اشترى بالدين عينا أو صالح عنه على عين لأنه استيفاء. وكذلك إذا أحال الراهن المرتهن بالدين على غيره، ثم هلك الرهن بطلت الحوالة ويهلك بالدين لأنه في معنى البراءة بطريق الأداء؛ لأنه يزول به عن ملك المحيل مثل ما كان له على المحتال عليه، أو ما يرجع عليه به إن لم يكن للمحيل على المحتال عليه دين؛ لأنه بمنزلة الوكيل. وكذا لو تصادقا على أن لا دين ثم هلك الرهن يهلك بالدين لتوهم وجوب الدين بالتصادق على قيامه فتكون الجهة باقية، بخلاف الإبراء، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.
ــ
[البناية]
م: (وكذا إذا اشترى بالدين عينا أو صالح عنه على عين) ش: هذا معطوف على قوله ولو استوفى المرتهن الدين، إلى قوله ويجب عليه رد ما استوفى، يعني إذا اشترى المرتهن بالدين عينا من الراهن سقط الدين عن المرتهن بطريق المقاصة، ويجب على المرتهن رد الرهن على الراهن، فلو هلك قبل أن يرده يجب عليه رد قيمته، وكذا إذا صالح المرتهن مع الراهن عن الدين على عين يجب عليه رد الرهن إن كان قائما وقيمته إن هلك بعد الصلح، م:(لأنه) ش: أي لأن الصلح عن الدين على العين م: (استيفاء) ش: للدين.
م: (وكذلك إذا أحال الراهن المرتهن بالدين على غيره، ثم هلك الرهن بطلت الحوالة ويهلك بالدين؛ لأنه في معنى البراءة) ش: أي لأن الحوالة على تأويل عقد الحوالة، وإنما قال في معنى الإبراء إشارة إلى الجواب عما يقال في ذمة المحيل تبرأ بالحوالة عما عليه، فكان ينبغي أن يكون معنى الإبراء فيهلك أمانة.
ووجه ذلك: ما أشار إليه أن الحوالة وإن كانت إبراء لكنها م: (بطريق الأداء) ش: دون الإسقاط م: (لأنه يزول به) ش: أي بعقد الحوالة م: (عن ملك المحيل مثل ما كان له على المحتال عليه أو ما يرجع عليه) ش: أي أو يزول ما يرجع، أي المحتال م:(به إن لم يكن للمحيل على المحتال عليه دين) ش: أي على المحيل في المال م: (لأنه) ش: أي لأن المحتال عليه م: (بمنزلة الوكيل) ش: بقضاء الدين عن المحيل.
م: (وكذا لو تصادقا على أن لا دين ثم هلك الرهن يهلك بالدين لتوهم وجوب الدين بالتصادق على قيامه) ش: يعني بعد التصادق على عدمه بجواز أن يتذاكرا، ووجوبه بعد التصادق على انتفائه م:(فتكون الجهة باقية) ش: وضمان الرهن يتحقق بتوهم الوجوب م: (بخلاف الإبراء، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب) ش: هذا راجع إلى قوله ولو استوفى في ذلك؛ لأنه من ثمة إلى هاهنا بعوض على جواب الاستحسان في صورة الإبراء، والأولى أن يرجع إلى قوله فتكون الجهة باقية.
وقال الأترازي: قوله: بخلاف الإبراء يتصل بقوله: يهلك بالدين. يعني أن المرتهن إذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
أبرأ الراهن عن الدين ثم هلك الرهن في يده هلك بغير شيء.
فروع: اختلفا في قيمة الرهن بعد الهلاك فالقول للمرتهن، وبه قالت الأئمة الثلاثة في صورة ضمان الرهن أن يفدي المرتهن في الرهن. ولو اختلفا في قدر الدين بأن يقول الراهن رهن بألف، ويقول المرتهن بألفين فالقول للراهن. وبه قال الشافعي وأحمد وأبو ثور والنخعي والثوري والبستي رحمهم الله.
وقال مالك رحمه الله: القول للراهن ما لم يجاوز الثمن الرهن أو قيمته، وبه قال الحسن وقتادة. ولو اختلفا في قدر الرهن بأن يقول المرتهن الرهن بهذين العبدين، وقال الراهن أحدهما بعينه فالقول للراهن. ولا نعلم فيه خلافا.
وكذلك لو اختلفا في رد الرهن فالقول للمرتهن بلا خلاف؛ لأنه ينكر. والقول له مع اليمين. ولو أعتق الراهن المرهون وادعى أنه أعتقه بإذن المرتهن، والراهن ينكر، فالقول للمرتهن ولو قال الراهن رهن بالدين المؤجل وقال المرتهن بل للحال فالقول للراهن، كما لو أنكر أصل الدين. ولو كان لأحدهما بينة حكم بها بلا خلاف في جميع هذه المسائل.