الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وتجوز
الوصية للحمل
وبالحمل إذا وضع لأقل من ستة أشهر من وقت الوصية. أما الأول فلأن الوصية استخلاف من وجه؛ لأنه يجعله خليفة في بعض ماله، والجنين صلح خليفة في الإرث، فكذا في الوصية إذ هي أخته، إلا أنه يرتد بالرد لما فيه من معنى التمليك. بخلاف الهبة لأنها تمليك محض ولا ولاية لأحد عليه ليملكه شيئا. وأما الثاني: فلأنه بعرض الوجود إذ الكلام فيما إذا علم وجوده وقت الوصية، وبابها
ــ
[البناية]
[الوصية للحمل]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وتجوز الوصية للحمل) ش: مثل أن يقول: أوصيت بثلث مالي لما في بطن فلانة م: (وبالحمل) ش: كما إذا أوصى بما في بطن جاريته ولم يكن من المولى م: (إذا وضع لأقل من ستة أشهر من وقت الوصية) ش: أراد أنه إذا علم أنه ثابت موجود في البطن وقت الوصية له أو به، ومعرفة ذلك بأن جاءت لأقل من ستة أشهر من وقت الوصية على ما ذكره الطحاوي واختاره المصنف وصححه الأسبيجابي في " شرح الكافي " من وقت موت الموصي على ما ذهب إليه الفقيه أبو الليث - رحمة الله عليهم -، واختاره " صاحب النهاية ".
م: (أما الأول) ش: وهو الوصية للحمل م: (فلأن الوصية استخلاف من وجه) ش: دون وجه م: (لأنه يجعله خليفة في بعض ماله) ش: بعد موته إلا أنه يملكه في الحال م: (والجنين صلح خليفة في الإرث، فكذا في الوصية إذ هي أخته) ش: أي لأن الوصية أخت الإرث إلا أنه جواب عما يقال: لو كانا أختين لما جاز ردها كما لم يجز رده، وتقرير الجواب هو قوله: م: (إلا أنه) ش: أي أن فعل عقد الوصية أو الإيصاء م: (يرتد بالرد لما فيه من معنى التمليك) ش: دون الميراث تقدم ذلك فيه. م: (بخلاف الهبة) ش: متصل بقوله: وتجوز الوصية بالحمل، يعني: أن الهبة بالحمل لا تصح م: (لأنها) ش: أي لأن الهبة م: (تمليك محض) ش: والجنين ليس بصالح لذلك م: (ولا ولاية لأحد عليه) ش: أي على الجنين م: (ليملكه شيئا) ش: لأنه لا حاجة له قبل الانفصال.
م: (وأما الثاني) ش: وهو الوصية به م: (فلأنه) ش: أي الحمل م: (بعرض الوجود) ش: أي بعرضية الوجود م: (إذ الكلام فيما إذا علم وجوده وقت الوصية) ش: فإن وضع المسألة فيما إذا وضعت لأقل من ستة أشهر من وقت الوصية أو الموت، وبذلك يعلم وجوده وقت الوصية لا محالة، ولقائل أن يقول: في كلام المصنف تناقض ظاهر؛ لأنه لا يعلم وجود شيء إلا بعد أن يصير موجودا، وإذا كان موجودا، لا يكون بعرض الوجود.
والجواب: أن معنى قوله "بعرض الوجود": بعرض وجود يصلح الورود القبض عليه، ومعنى قوله: إذا علم وجوده حقيقة، وكونه في بطن الأم فاندفع التناقض م:(وبابها) ش: أي
أوسع لحاجة الميت وعجزه، ولهذا تصح في غير الموجود كالثمرة، فلأن تصح في الموجود أولى. قال: ومن أوصى بجارية إلا حملها صحت الوصية والاستثناء؛ لأن اسم الجارية لا يتناول الحمل لفظا ولكنه يستحق بالإطلاق تبعا، فإذا أفرد الأم بالوصية صح إفرادها. ولأنه يصح إفراد الحمل بالوصية فجاز استثناؤه، وهذا هو الأصل: أن ما يصح إفراده بالعقد يصح استثناؤه منه، إذ لا فرق بينهما، وما لا يصح إفراده بالعقد لا يصح استثناؤه منه وقد مر في البيوع.
ــ
[البناية]
باب الوصية م: (أوسع لحاجة الميت وعجزه، ولهذا) ش: أي ولأجل ذلك م: (تصح) ش: أي الوصية م: (في غير الموجود كالثمرة، فلأن تصح في الموجود أولى) ش: إيضاح ذلك فيما قاله الكرخي في "مختصره " في رجل أوصى له بثمرة بستان وهو يخرج من الثلث ثم مات، فإن أبا حنيفة قال في ذلك: إن كان فيه ثمرة فليس له إلا تلك الثمرة، وإن لم يكن فيه ثمرة [
…
] ثمرته أبدا من الثلث.
إن أوصى بغلته فله غلته أبدا من الثلث؛ لأن الغلة على الأبد والثمرة على القائمة بعينها ليس له غيرها. وإن كان البستان ليس له مال غيره وأوصى بغلته لرجل أبدا وفيه ثمرة أو ليس له فيه ثمرة فهو سواء، له ثلث الثمرة التي فيه، وثلث ما يستقبل من ثمره.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ومن أوصى بجارية إلا حملها صحت الوصية والاستثناء) ش: يعني تكون الجارية للموصى له بها، ويكون الحمل للورثة م:(لأن اسم الجارية لا يتناول الحمل لفظا) ش: أي من حيث اللفظ، ومن حيث اللغة؛ لأنه لا يفهم منها فإذا كان كذلك صح إقرار الأم بالإيصاء باستثناء الحمل م:(ولكنه يستحق بالإطلاق تبعا) ش: هذا جواب عما يقال: لا نسلم أن اسم الجارية لا يتناول الحمل، فإنه لو لم يبين استحقه للوصي له. ولو لم يتناول لما استحقه كغيره من أمواله.
وتقرير الجواب بأنه يستحق الحمل بالإطلاق، يعني لم يتناول بالعموم، بل يستحق إذا أطلق الموصي عن قيد الإفراد.
م: (فإذا أفرد الأم بالوصية صح إفرادها) ش: يعني إذا أفرد الأم لم يبق مطلقا بل تقيدت الأم بالإفراد فصحت الوصية بها لا مفردة م: (ولأنه يصح إفراد الحمل بالوصية فجاز استثناؤه، وهذا هو الأصل: أن ما يصح إفراده بالعقد يصح استثناؤه منه) ش: ولهذا لو قال: لفلان علي ألف درهم إلا قفيز حنطة صح الاستثناء وإن كان صدر الكلام لا يتناولها م: (إذ لا فرق بينهما) ش: أي بين صحة إفراد العقد عليه، وبين الاستثناء؛ لأن كل واحد منهما يتعلق بكونه معلوما م:(وما لا يصح إفراده بالعقد لا يصح استثناؤه منه) ش: كما في شراء جارية وإلا حملها م: (وقد مر في البيوع) ش: أي في باب البيع الفاسد.